نشرت صحيفة «الهيرالدتربيون» الدولية على صدر صفحتها الأولى من عدد الخميس الماضي أخبارا ولقاءات من اليونان تظهر ان حالتهم هذه الأيام أسوأ بكثير من حالتنا ابان الغزو، حيث توافرت لنا بالداخل والخارج مستلزمات الحياة الكريمة حتى في أسوأ وأحلك الظروف ، بينما يظهر التقرير ان الشعب اليوناني صاحب الحضارة العريقة والأرض الخضراء والجزر ذات السواحل البيضاء والمياه الزرقاء أصبح على حافة مجاعات لا تبقي ولا تذر، بعد ان بدأوا يفقدون وظائفهم ويستنفدون مدخراتهم، وبات الأطفال لا يذهبون للمدارس او يذهبون والجوع يقتلهم، كما استُبدل الطعام اليوناني الفاخر بالعدس والمعكرونة المسلوقة بالماء الساخن والخبز «الحاف».
***
والسبب الرئيسي لكارثة اليونان الاقتصادية اسرافهم على أنفسهم وعدم التحسب للسنوات العجاف ، تماما كحالنا هذه الأيام، ومما يزيد الطين بلة ان جميع المنظمات المالية الدولية تطلب منهم ايقاف دعم المواد الأساسية ، وهو ما سيعجل بالانهيار التام للدولة قبل ان يعاد بناؤها على أسس جديدة ان لم تتفتت وتفنَ للأبد كحال كثير من دول وحضارات سادت ثم بادت وأصبحت أثرا بعد عين.
***
ويقول بعض من التقاهم مراسلو الصحيفة الدولية وهم يعيشون دون مال او كهرباء او ماء او غذاء بعد ان كانوا يتمتعون برغد ورفاه العيش: ان ما نراه هو أقسى من أبشع كابوس يمكن لنا تصوره بل ان الكابوس ينتهي بالاستيقاظ، أما كابوسنا فلا نرى نهاية له عدا ان نصبح دولة بائسة فقيرة مقسمة مثل دول البلقان . كل هذا واليونان تحصل على الدعم الأوروبي والأميركي وهو ما قد لا يتوافر لنا في حال انخفاض أسعار النفط في السنوات القادمة وهو أمر محتمل جدا، فاحذروا أيها السادة من المستقبل المظلم الذي نحضّر له هذه الأيام.. مع سبق اصرار وترصد!
***
اننا نسأل من يتسابقون على سفك موارد الدولة في أمور لا عوائد مالية منها: هل فكروا فيما سيحدث للأبناء والأحفاد والأجيال المقبلة؟! ألم يحن الوقت لإيقاف خطة التنمية الفريدة وغير المسبوقة في تاريخ الامم، كونها لا توفر الموارد المالية البديلة للنفط بل تقوم على صرف مئات المليارات على مشاريع الترضية السياسية ثم صرف مئات المليارات الأخرى لتشغيلها عبر الكهرباء والمياه المدعومة دون أي عائد مالي يذكر؟!
***
آخر محطة: لماذا لا نشكل مستودع عقول اقتصاديا من شخصيات وطنية بارزة لا أجندات خاصة لها تبحث في مستقبل أبناء الوطن لا مستقبل أبنائها، ثم نطبق ما يوصون به بدلا من حبسه في الأدراج؟!