علي محمود خاجه

«بعبع وهمي»

منذ التصديق على الدستور إلى يومنا هذا هل كان هناك حالة واحدة جادة، وأقول واحدة فقط، للانقلاب على نظام الحكم أو تغيير الأسرة الحاكمة من الشعب الكويتي؟
رغم تعدد الأحداث التي أدت إلى خلاف شديد في وجهات النظر بين الأسرة الحاكمة والحكومات من جهة، والمعارضة الكويتية بمختلف أشكالها من جهة أخرى، بدءاً من تزوير ١٩٦٧، والتعدي على الدستور، وإلغاء مجلس ١٩٧٥ لمدة خمس سنوات، والتعدي على الدستور مجدداً وإلغاء مجلس ١٩٨٥، واستحداث مجلس من خارج رحم الدستور قبل الغزو، وأزمة المناخ والتعدي على الحريات رغم كل ذلك، والتعدي على الميثاق الذي يجمع كل الكويتيين بمناسبات مختلفة، وعلى مر الأجيال لم تشهد الكويت حالة واحدة تهدد بالانقلاب على نظام الحكم أو تغيير الأسرة الحاكمة.
كل تلك الأحداث تجعلنا أمام واقع لا يقبل التشكيك، وهو تمسك الشعب الكويتي بنظام الحكم الحالي وبأسرته، مهما بلغ الخلاف في سبل تسيير شؤون الدولة، وهو ما يعني بوضوح تمسك الشعب الكويتي بنظامه الثابت منذ أكثر من ثلاثة قرون، والمرسخ بدستور الدولة.
إذن فنحن أمام "بعبع وهمي" يحاول البعض أن يتعاطى معه كحقيقة بهدف تقسيم المجتمع وتخويفه من المستقبل دون وجود أي معطيات تثبت حقيقة وجود هذا "البعبع".
خلافنا اليوم إداري بحت ولا علاقة له أبداً بأسرة الحكم، بل بأسلوب تعاطي الحكومات المهيمنة على مؤسسات الدولة مع واقعنا كدولة انطلقت عجلة تراجعها بعد رحيل المغفور له عبدالله السالم، واتضحت نتائج هذا التراجع اليوم بأوضح صورها، خصوصاً مع التقدم والتطور الطبيعي في معظم الدول المحيطة، لقد تمكن الراحل عبدالله السالم ومن معه من رجالات الكويت من تكوين كيان يتعاون فيه الجميع من أجل بناء وطنهم، وإبعاد كل من لا يرتضي العمل وفق قانون الجماعة دون تمييز أو تفضيل لأحد على الآخر، وما إن رحل عبدالله السالم حتى شرعوا باستبدال هذا النموذج الذي كان له الفضل في كل ما شهدته الكويت من ازدهار في الستينيات والسبعينيات إلى نموذج يجعل من مؤسسات الدولة حكراً على فئة معينة، ومن يواليها بالصواب والخطأ إدارياً، وما زلنا نعيش هذا النموذج السيئ إلى اليوم.
لقد أثبتت كل الأعوام الماضية أن طريقة إدارة الدولة في ظل نهج الحكومات المتعاقبة غير المتغيرة إلى اليوم بأن هذا النموذج الإداري هو أسرع نماذج الانحدار الممكنة، وكل الأمور في كل القطاعات تثبت ذلك، وإن محاولة التمسك بهذا النموذج وتصوير معارضيه بأنهم ضد الحكم وأسرة الحكم هو فقط بسبب الحرص على أن يستمر هذا النموذج، وتستمر الهيمنة غير المبررة على مؤسسات الدولة بحجة حفظ النظام.
مجدداً لقد أثبتت كل الأعوام الماضية تمسك الشعب الكويتي بنظامه رغم تردي الحال وحدّة الخلافات، وهو ما يطمئن كل نفس خائفة بأن ما لم يتغير في أسوأ الظروف لن يتغير في ظروف أفضل، فلا تحتكروا الإدارة وأعيدوا نموذج عبدالله السالم كي ننهض من جديد.

خارج نطاق التغطية:

الفكرة لا تسجن، والقانون لا ينتهك في سبيل تحقيق سيادته، وإن لم أكن معك فأنا لست ضدك بل أختلف معك فقط، رسائل لا بد أن يستوعبها المختلفون اليوم.

سامي النصف

مبارك الذيلا يعرفه أحد!

عبقرية الرئيس مبارك انه أنجز الكثير في قيادته لسلاح الطيران قبل أن يحقق إنجازه الكبير عندما تسلم مقاليد قيادة أرض الكنانة فجعلها- حقيقة لا شعارا -الدولة الرئيسية في المنطقة ولم يعرضها للهزائم العسكرية أو فقدان أراضيها كما حدث مع من جاء قبله، وجعل من مصر ورشة عمل وإعمار حتى نجح القطاع الخاص في بناء أكثر من 40 مدينة جديدة هي آية في الجمال، حيث الأشجار والمياه وملاعب الغولف، واهتم مبارك بالسياحة والاستثمار فجعل من شرم الشيخ إحدى عواصم السياحة في العالم ولم ينجز أحد في مصر قط ما أنجزه الرئيس مبارك.

* * *

في حرب 1973 أحسن مبارك استخدام الطائرات الروسية التي لا تقارن قدراتها بالطائرات الأميركية التي تملكها إسرائيل، مما جعل الطائرات الإسرائيلية تتساقط كالذباب، وفيما بعد استطاع ان يحصل على أفضل الطائرات والمعدات من الولايات المتحدة وأوروبا، مما جعل مصر تتحول من قوة عسكرية فاشلة إلى قوة عسكرية فائزة لا تستطيع أي دولة ان تتحرش بها بعدما تجرأ عليها في السابق حتى الشاويش القذافي، وشارك جيشه بقوة واقتدار ضمن التحالف الدولي المنتصر الذي عمل على تحرير الكويت ،وبذا استبدل الرهان المعتاد على الأحصنة الخاسرة بالرهان على الأحصنة الرابحة، وأسس لعلاقات جيدة مع كل الدول بعد ان كانت علاقة مصر مع أغلب الدول العربية في حالة قطيعة تامة إبان عهد سلفيه السادات وعبدالناصر.

* * *

وفي الدول المتقدمة يحضر للمحكمة من قتل بيده العشرات لابسا بدلة أنيقة (زرقاء في الأغلب) ويجلس كشخص محترم مع محاميه دون قيود، فهل يخشى أحد على الرئيس مبارك من الهرب جريا على قدميه من المحكمة، لذا يتم حجزه بشكل مهين في قفص حديدي لا يتناسب مع حقيقة انه كان رئيس مصر

لـ 3 عقود ذهبية؟! ان الانتقام والتشفي من رئيس قارب التسعين من العمر لا يعطي سمعة طيبة لمصر، مستذكرين كيف عفت أمم لا حضارة لها عن المسيئين، كما حدث في تشيلي مع الجنرال بنوشيه وجنوب افريقيا مع الحكام البيض العنصريين.

* * *

ويطالب البعض هذه الأيام في مصر بان يتنحى الرئيس محمد مرسي ، وكيف للرئيس مرسي أو أي رئيس قادم لمصر ان يتنحى طواعية وهو يرى بعينيه ما يحصل للرئيس مبارك وعائلته بعد ان تنحى عن الحكم طواعية؟! وما الذي سيمنع حجز ومحاكمة الرئيس مرسي وعائلته حال تنحيه وكيل التهم له ولرفاقه في سدنة الحكم هذه الأيام؟! ان ما يفعل بالرئيس مبارك وعائلته هو وصمة في تاريخ العزيزة مصر ما لم يتم تصحيحها سريعا بإطلاق سراحه او إعلان العفو الرئاسي عنه، وكم – بحق – عمر الغضب والانتقام؟!

* * *

آخر محطة: (1) «مبارك الذي لا يعرفه أحد» كتاب صدر قبل شهرين للمؤلف طاهر شلبي جاء في تعريفه انه يروي أسرار وخبايا 30 عاما من حكمه، وكلمة «أسرار» هي الطعم الذي يجذب القراء ، علما ان الكتاب لا يحوي سرا واحدا من أسرار حقبة مبارك!

(2) كذلك يذكر المؤلف الشاطر ان كتابه أتى بصورة محايدة، لذا لم يظهر مبارك بصورة «ملاك بريء» أو «شيطان رجيم»، والحقيقة ان الكتاب أبعد ما يكون عن الحيدة العلمية المطلوبة، والكاتب والكتاب أقرب للمثل العامي القائل «إن سقط الجمل كثرت سكاكينه»!

احمد الصراف

صبر إسماعيل والتعليم

من أطرف أبيات الشعر ما قاله المصري إسماعيل صبري:
طرقت الباب حتى «كلّ» متني
ولما كلّ «متني» كلمتني
فقالت يا إسماعيل صبراً
فقلت يا اسما «عيل» صبري!
والحقيقة أن صبرنا عيل، وكلّ متننا وبحّ صوتنا ونحن نطالب الدولة بدعم التعليم بمثل ما تدعم العلف، فقد صرفت الملايين على تخفيض أسعار العلف وتربية وتعليم الماشية، هذا غير تضييع أضعاف ذلك ثمناً لملايين أمتار الأراضي الجيدة المستخدمة كزرائب، ومع هذا لم تستفد الدولة يوماً، ولا المواطن، منها شيئاً.
يقول فوزي، وهو ليس ابن عمي الذي لم التق به، على مدى أربعين عاماً لأكثر من ثلاث مرات، ومصادفة، انه يائس من وضع الكويت، وان الوطن بحاجة إلى نقلة نوعية وثورة إدارية شاملة و«نفضة» كاملة للقوانين والأنظمة والتشريعات، وهذه تتطلب حيوية ورغبة في التغيير لدى الجهات المعنية، وان مثال دبي حي أمامنا! فقلت له إن وضع دبي لا يمكن أن يقارن بوضعنا، لاختلاف أساسي، حيث تبقى دولة المؤسسات، وإن كانت ضعيفة، أفضل بكثير من دولة الأشخاص! كما لا يمكن التكهن بما سيكون عليه وضع دبي مثلاً في حال رحيل صاحب نهضتها الحديثة الشيخ محمد بن راشد. والأهم من كل ذلك أن الرجل، بالرغم من إنجازاته، فإنه لم يهتم بالبشر قدر اهتمامه بالحجر، فما زال التعليم في تلك الإمارة يحبو بينما الحجر يجري، كما أن التطورات الاجتماعية في الإمارة بطيئة ولم تلامس غير الأطراف دون أي عمق. فقال فوزي إن الرجل، مع كل هذا، يستحق التقدير، حيث تحسب له أشياء كثيرة، فقد استطاع تحقيق ما عجزت عن تحقيقه بلدان متخمة بالثروات. كما نجح في ترسيخ احترام القانون، ووضع دبي على الخارطة السياحية، وهي التي لا تمتلك من مقومات السياحة إلا اللظى، مقارنة بدول تمتلك كنوزاً سياحية هائلة، كمصر وشمال العراق ومناطق عديدة من سوريا، والتي لا تزال أجزاء منها تعيش في الماضي! فقلت له، وأنا أعيد وأكرر، إن الاهتمام يجب أن ينصب على التعليم، فبغير خلق جيل متعلم سيذهب كل ما بني هباء، فقد انهارت بيوتات تجارية كبيرة لأن من كانوا وراءها لم يتركوا كفاءات لإدارتها فتبددت وضاعت. وحيث إن الحكومة الكويتية، المهيمنة على كل نشاط، غير قادرة على إحداث التغيير المطلوب والمتمثل في ثورة تعليمية، فلم تمنع الغير، ممن لديهم الرغبة والإخلاص والدراية والمال، من تأسيس صروح تهتم بالتنمية البشرية من خلال التعليم المميز، فهذا العمل الضخم يحتاج إلى جهود كبيرة، والحكومة، كما يبدو، عاجزة عن توفيرها، وهذا يتمثل في تأسيس ما يشبه البنوك التعليمية التي يمكن أن يكون للصندوق الكويتي للتنمية وأمانة الوقف والتقدم العلمي دور في رأسماله، إضافة إلى الشركات المساهمة وما يدفع للدولة سنوياً من زكاة على أرباحها، وتكون مهمة مثل هذه البنوك تمويل احتياجات الطلبة المميزين من خريجي التعليم العام، غير القادرين مادياً على إكمال دراستهم الجامعية والماجستير والدكتوراه، من خلال قروض بفوائد ميسرة يتم دفعها بعد تخرجهم. وفكرة هذا البنك ليست جديدة بل معمول بها في دول عدة، ولا يحتاج الأمر لغير قرار حكومي يقول لنا: تفضلوا!

***
• ملاحظة: ورد خطأ غير مقصود في مقال أمس، حيث إن الكاتب هو الأستاذ عبدالخالق حسين، وليس عبدالقادر حسين، والرابط التالي يتضمن مقابلة مع مؤلف كتاب «إغلاق عقل المسلم»
http://m.youtube.com/watch?v=0arVjAQDIGY&desktop_uri=%2Fwatch%3Fv%3D0arVjAQDIGY.

أحمد الصراف