محمد الوشيحي

أقسموا بالطلاق…

أسهل وظيفة في الكويت هي وظيفة وزير، ولا أسهل منها إلا وظيفة رئيس وزراء… كل ما عليك فعله هو تصريح يفجر قنابل نووية: "سنقضي على مشكلة الإسكان في غضون ست وسبعين ساعة وأربعين دقيقة وعشرين ثانية"، و"سيتم حل مشكلة البدون خلال عطلة الويكند، وقبل مباراة يوفنتوس ومانشستر سيتي"، "اجتمع الوزراء بعد العودة من عرس أبو خلف، واتفقوا على إنهاء ملف مترو الأنفاق" ووو…
وتصريحات الوزراء في الكويت مثل "هرنات" سيارات التاكسي في مصر، كثيرة ومزعجة ومجانية. وهي عادة قديمة، توارثها الوزراء بعضهم من بعض، فمدينة الحرير "قرر مجلس الوزراء افتتاحها في عام ٢٠٠٥"، وراح ٢٠٠٥ وراح شقيقه ٢٠٠٦ و٢٠٠٧، وراحت أعوام بعدها، واختفت آثار أقدامها، ذرتها الرياح… و"استاد جابر سيتم افتتاحه عام ٢٠١٠" و"الحكومة الإلكترونية سيتم إنجازها عام ٢٠٠٨"، وها هي المواقع الإلكترونية للوزارات صفراء شاحب لونها، وغير ذلك من التصريحات التي تنطلق من الشرفة بوجود عصير الجزر المفيد للظهر.
ولأن أصوات الأعضاء الأحرار بحت وهي تحتج وترتج بسبب تأخر المشاريع، ولأن هذا البرلمان يُكتب ولا يُنطق، وقدرته كقدرة العجوز الكسيحة، ولأن الحكومة لا تحاسب وزراءها، ولأن الوزراء أهلكونا بكثرة وعودهم الهوائية، ولأن ولأن ولأن… لا أجد حلاً أفضل من أن يقسم الوزير قبل كل تصريح بالتالي: "علي الطلاق من أم فلان أن يتم الانتهاء من المشروع الفلاني قبل تاريخ كذا، وإذا لم يحدث فإن أم فلان تصبح مثل أختي وأمي"، بشرط حضور زوجته في المؤتمر الصحافي، وحضور أشقائها، فإذا كان لا يخشى هذا البرلمان، ولا يحترم الناس والإعلام ولا يستحي، فإنه على الأقل سيجد من يذكّره بالمشروع في كل يوم، حتى في غرفة نومه. وبدلاً من أن يخشى نواب البرلمان سيخشى أنسباءه أخوال عياله.
جربوها لعل وعسى، فإما أن تنهض الكويت وإما أن يطلق الوزراء زوجاتهم ويتفرغوا لقضايا النفقة. إلا إذا كان بعضهم يبحث عن عذر لتطليق زوجته فيرسم خطته، ويحرص على أن يتم توزيره، ويكون تصريحه الأول: "علي الطلاق من أم فلان الجالسة بجواري الآن، حفظها الله، أن أجعل الكويت أكثر ديمقراطية من النرويج قبل يوم الثلاثاء المقبل، وإذا لم يحدث فإن هذه الجالسة إلى جواري حرام علي، وهي طالق بالثلاث، والله الموفق".

احمد الصراف

قطة سعاد وكلب سعود

يعتبر البعض ان الاهتمام بالحيوانات، وخاصة الأليفة، نوع من الترف، أو حتى السخف، وأن من الأفضل الاهتمام بحاجات المعوزين والمرضى بدلا من الحيوانات، وهذا صحيح إلى حد ما، ولكن ليس بالمطلق، فمن الصعب أن يكون الإنسان رحيما بالبشر، إن كان قاسي القلب مع الكائنات الأخرى، التي لا تستطيع حماية نفسها وتتعرض يوميا لمختلف أنواع سوء المعاملة، فكيف يمكن أن يرأف قلب أحد على إنسان إن كان يصعب عليه إطعام قطة أو إيواء كلب مشرد يشكو من مختلف العلل؟
تقول القارئة سعاد انها فوجئت يوما، عند عودتها للبيت بوجود قطة جريحة على باب منزلها، وكان جرحها قديما لصدور رائحة كريهة منه، وأنها حاولت أن تطعمها ولكنها كانت أعجز من أن تأكل شيئا، وهنا قامت بالاتصال برقم الطوارئ 112، ولكنهم رفضوا فعل شيء. بحثت هنا وهناك عمن يمكن ان يقدم المساعدة، وبحثت حتى في غوغل، ولم تجد غير رقم لمستشفى بيطري في الوفرة وآخر في العبدلي! وطلبوا منها الحضور مع القطة لعلاجها، لأنهم لا يقومون بزيارات منزلية، وقالت انها شعرت بعجزها عن فعل شيء، فحاولت أكثر وحصلت على رقم هاتف طبيب بيطري من صديقة لها، ولكن هذا كان مشغولا، وهنا دلّوها على دلال الرشيد، وهي فتاة كويتية رائعة تطوعت بكل وقتها للعناية بالحيوانات الأليفة، وأنها حضرت لبيتها بالفعل خلال ربع ساعة ولكن بعد فوات الأوان، فقد ماتت القطة متأثرة بجراحها، وتبين لدلال أن سيارة قد صدمتها. وأخبرتها دلال انها تطوعت قبل سنوات للقيام بهذا العمال مجانا، وأنها تهدف لحماية الحيوانات من سوء الاستخدام والتعامل! والسؤال هنا: لماذا لا يوجد لدى الطوارئ ولو رقم طبيب بيطري واحد؟ ولماذا رفضوا مساعدة سعاد؟ ولماذا لا توجد جهة تتبع هيئة الزراعة مثلا تهتم بالحالات الطارئة؟ ولماذا يقسو مجتمعنا على هذه الحيوانات اللطيفة وغير المؤذية؟ وتتساءل سعاد: هل السبب أننا نشكو من قصور في إنسانيتنا؟ وأسئلة كثيرة اخرى لم أجد لها جوابا! وتقول سعاد في نهاية رسالتها ان على الجهات المعنية توفير معاملة افضل للحيوانات. وأن من يريد عناية أكثر لها فعليه مراجعة الموقع الإلكتروني: www.kspath.org أو الكتابة لدلال على عنوانها الإيميل [email protected] او إرسال فاكس 22443859 لطلب المساعدة.
أما سعود فيقول انه أسس عام 2005، مع مجموعة من المتطوعين، وغالبيتهم كالعادة من مواطنين ومقيمين من اصول غربية، الذين نسميهم بـ «الأجانب»، جمعية للرفق بالحيوانات. وأن الجمعية قامت منذ تأسيسها بإنقاذ آلاف الحيوانات الأليفة من التشرد والجوع والموت. ويقول ان أحد الخيرين قام قبل سنوات بإعطائهم أرضا في كبد لاستخدامها كمأوى، ولكنه مضطر الآن لاسترجاعها لحاجته اليها! ويقول ان عشرات الحيوانات اللطيفة والبريئة ستصبح قريبا من غير مأوى يقيها شرور البشر، وأن الحكومة، كالعادة، رفضت المساعدة!
وهنا نناشد الأخ جاسم حبيب رئيس هيئة الزراعة مساعدة هؤلاء في عملهم الإنساني. ونتمنى من أصحاب القلوب الرحيمة تقديم المساعدة المادية وغيرها لهذه الجمعية، أو التكفل بالعناية بأحد حيواناتها اللطيفة، وعنوان الجمعية على النت هو [email protected] كما يمكنكم الاتصال برقم 9064229 في حال وجود اي استفسار.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

هيا بنا… «تشليخ تايم»!

 

قبل عدة سنوات، عاش كاتب عمود يومي في أبواب أحد المنتديات الإلكترونية المليئة بالأسماء المستعارة، وصارت أبواب ذلك المنتدى وكأنها رافده الرئيسي الذي يستقي منه المعلومات والأفكار والمناقشات والمباحثات! فلا يكاد يمر أسبوع إلا واحتوت مقالاته على إشارات مذهلة لموضوعات أكثر إذهالاً يستقيها من ذلك المنتدى ويبني عليها… كان بالفعل كمن يحارب طواحين الهواء.

الغريب في الأمر هو: كيف أكل ذلك الكاتب الطعم الذي كانت تلقيه له مجموعة من الشباب المشاكسين بأسماء مستعارة، فيملأون رأسه بها ويحرقون أعصابه ويشتد وطيسه! فلا هو يناقش كاتباً معروفاً، ولا مؤرخاً ضليعاً ولا عالم دين له مكانة علمية واجتماعية! والأنكى من ذلك، كيف كان يصدّق ما يطرحه (الضاحكون عليه) دون استناد على أدلة أو قرائن وخصوصاً فيما يتعلق بالقضايا الفقهية الخلافية والموضوعات السياسية التي كانت تفرض نفسها على الساحة؟

الطريف، أنه بعد صولات وجولات، امتدت لشهرين أو ثلاثة، كتب شابٌ من أعضاء ذلك المنتدى باسمه المستعار كالعادة موضوعاً جعل ذلك الكاتب يتوقف! لا أتذكر النص تحديداً لكن مفاده هو أن ذلك الشاب قال بما معناه: «عجيب هذا الكاتب الفريد… كنت ألقي له الشلخة تلو الشلخة والمعلومة المغلوطة تلو أختها وكان يأكل الطعم بسهولة! مسكين حتى ما يرجع إلى المصادر الوهمية التي أقدمها لكي يتأكد… كنت أتسلى عليه وخصوصاً حين أقرأ مقاله بعد أيام وقد أكل الطعم بغباء».

بالطبع، مع التطور المذهل في تكنولوجيا الحاسبات الآلية، والتسارع غير المسبوق في منتجات شبكة الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والوسائط التي تصبح قديمة بعد فترة وجيزة من ولادتها نظراً لتسابق الشركات والمبرمجين في إنتاج البرامج، تطورت أيضاً ممارسات الكذب والخداع والتضليل الإعلامي والاجتماعي لدى فئات مختلفة من البشر ممن لا يجدون أي رادع ديني أو أخلاقي يمنعهم من نشر سمومهم. غير أن المسئولية هنا، ومع اتفاقنا على أن ذلك الفعل منكر ومرفوض شرعاً وعرفاً وخلقاً ومهنةً، تقع على المتلقي نفسه!

إن المصفاة (الفلتر) المطلوبة هنا لا يمكن إنتاجها تقنياً لتركيبها في عقول الناس، بل الناس بإمكانهم وبكل سهولة، أن «يفلتروا» ما يقع بين أيديهم من معلومات وأخبار وصور حتى لا يصيبوا قوماً بجهالة؟ كيف؟

«تشليخ تايم»، وفق ما يستخدمه الشباب من تسميات وصفية للحالات التي هم فيها: «أكل تايم… رياضة تايم… يمعة الأهل تايم… الخ»، هي شكل سيئ للغاية من أشكال البذاءة والابتذال والقول الرخيص لدى شريحة كبيرة من صغار العقول والطائفيين والحقودين والكذابين الذين، وطبقاً لنفسياتهم الخبيثة، يستخدمون أحدث برامج التصاميم والتسجيل ليصبوا جام غضبهم على من يخالفهم في الرأي، بل وربما صبوا أحقادهم على بلدٍ بأكمله أو طائفة أو ملة.

وليس التشهير بالشخصيات، رجالاً ونساءً، بمن فيهم علماء دين ومثقفون وناشطون حقوقيون وسياسيون وإعلاميون وغيرهم بغريب، حيث تمتلئ مواقع الكترونية وشبكات تواصل اجتماعي ومنتديات بكم هائل من العمل الخبيث بغية الكيد والتسقيط وتشويه السمعة. وعلى أية حال، فالعمل السيئ يحيق بأهله، ورأينا كيف أن بعض الأسود وأبطال الكيبورد وبضع مغردين (من طراز مخرخشهم) قد عبثوا وشوهوا وأساؤوا إلى الناس… ثم ما لبثوا أن انفضحوا على رؤوس الأشهاد، وفي الساحة ذاتها، ساحة الانتشار التقني عبر الحاسبات والألواح الإلكترونية وأجهزة الهواتف الذكية.

اليوم، نشهد في المجتمع البحريني أشكالاً متعددة من العبث الإعلامي الإلكتروني بدءاً من حسابات تويتر والفيسبوك والانستغرام مروراً بالمنتديات الإلكترونية وليس انتهاءً إلى حد! جماعات شغلت نفسها بتركيب الصور وتغيير محتوياتها للإساءة إلى الصورة الأصلية وأصحابها… جماعات أخرى تتعمد اقتطاع مشاهد متلفزة لتحوّرها على اليوتيوب كذباً وتضليلاً وخداعاً. آخرون شغلهم الشاغل هو بث الأكاذيب عبر نصوص البث (برودكاست) في المجموعات العنكبوتية على الهواتف الذكية. الغريب، أن هناك من الفئات المثقفة والمتعلمة من تستقبل وتقرأ ولا تقتنع بما وصلها لكنها… تعيد الإرسال! ويتلقى إنسان محترم فاهم عاقل الأكذوبة ويقوم بدوره بنشرها، وهكذا يشارك البعض في نشر الخبيث! وليس أصعب من أن تجد كاتباً أو مثقفاً، أو سمهم ما شئت، وقد صدقوا واستندوا وعمموا تلك الأكاذيب وأضافوا إليها من بنات أفكارهم المنحرفة الشيء الكثير المقزز الكريه.

(تشليخ تايم)… موضة دنيئة ابتكرتها نماذج ساقطة من المجتمع لتضليل الناس وخداعهم ونشر القذارات السيئة، لكنهم نجحوا في أن يملأوا رؤوس من استعد لأن يرمي بكل مقاييس الدين والأخلاق والكرامة ليفرح بسقوطه في قذارتهم… بس يا جماعة، الحوبة ما ترحم.