سامي النصف

كوريا وأكل البشر وزيارة ناصر لإسرائيل

يجب ألا يأخذ أحد تهديدات كوريا الشمالية على محمل الجد إطلاقا، ففي كل منطقة بالعالم هناك جهة تتحرك كي تمنع بعض الشعوب من الهرب والابتعاد عن الراعي الصالح، ومن ثم الإضرار بأنفسها، واسألوا شعوبنا العربية التي اختارت بأنفسها دعم وعشق الحكام الطغاة والقمعيين في المنطقة والعالم أمثال ستالين وهتلر وصدام والقذافي ومن لف لفهم، والمحاربة الشديدة لدول العالم الحر المؤمنة والمبشرة بالديموقراطيات والحريات وحقوق الإنسان، وكيف لشعوب قاصرة أن تترك لحالها؟!

منذ عام 1910 حتى 1945 كانت شبه الجزيرة الكورية مستعمرة من قبل اليابان، ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية قسمت كوريا إلى شمالية ثرية تزيد مساحتها على 120 ألف كلم2 وعدد سكان لا يزيد على 9 ملايين، وجنوبية فقيرة مساحتها 100 ألف كم2 و21 مليونا من السكان، وخلال عقود قليلة من الزمن انقلب الحال بسبب نوعية نظام الحكم حيث تحول الجنوب الرأسمالي إلى بلد فاحش الثراء يزيد دخله القومي على 1.6 تريليون دولار لخمسين مليونا من السكان، و تحول الشمال الشيوعي الديكتاتوري الى بلد مدقع الفقر لا يزيد دخله القومي على 40 مليار دولار لـ 24 مليونا من السكان البائسين الجائعين هذه الأيام.

في يناير 1950 أدركت الولايات المتحدة أنها قد تجر لحرب ضد الشمال الكوري، لذا أعلنت عن قيادة عسكرية موحدة لدول الشرق الأقصى لم تنضم لها كوريا الجنوبية مما مهد لغزوها من جارتها الشمالية وسقوط عاصمتها سيئول خلال ساعات قليلة، ويصدر مجلس الأمن قرارا تحت البند السابع من الميثاق لتحرير الجنوب وينسحب المندوب السوفييتي بدلا من استخدام حق النقض (الفيتو) ويتم تشكيل تحالف من 16 دولة بقيادة الولايات المتحدة، يدخل الحرب مع الشمال المدعوم من الاتحاد السوفييتي والصين، والطريف ان قوات الشمال الغازية كانت بقيادة الكولونيل الروسي دولغين، وقوات الأمم المتحدة المدافعة بقيادة الجنرال الروسي فاسليف حتى قيل إنها «الحرب التي لا أسرار بها»، وحتى إن مندوب «الأهرام» في الحرب المدعو محمد حسنين هيكل نشر في جريدته بتاريخ 13/ 9/ 1950 يتنبأ بموعد الهجوم «المفاجئ» لقوات الحلفاء في «انتشون» قبل حدوثه بيومين، أما الغريب فهو عزل القيصر دوغلاس ماك ارثر من قبل الرئيس ترومان بعد أن رفض الرئيس خطته للإنهاء السريع للحرب عبر تدمير الجسور التي تربط كوريا الشمالية مع الصين وإرسال نصف مليون جندي تايواني يعبرون بحر الصين ويستولون على العاصمة بكين التي استولى عليها الزعيم ماوتسي تونغ قبل أشهر قليلة.

آخر محطة:

(1) استمعت ليلة امس من إذاعة «BBC» الإنجليزية إلى لقاءات مع كوريين شماليين فارين تحدثوا خلالها عن ظاهرة أكل لحوم البشر التي انتشرت في بلدهم إبان مجاعات أعوام 1994 ـ 1998 والتي توفي خلالها ما يزيد على 3.5 ملايين كوري شمالي في كوارث شبيهة بما حدث في الاتحاد السوفييتي في الثلاثينيات، حيث تسببت الشيوعية التي تعشقها شعوبنا العربية في وفاة 20 مليون روسي، وفي الصين في أواخر الخمسينيات في موت 35 مليون صيني، وفي كمبوديا في السبعينيات توفي نصف السكان على يد الشيوعيين من الخمير الحمر.

(2) نشرت جريدة الأخبار المصرية واسعة الانتشار على صدر صفحتها الأولى في عدد الخميس الماضي وثائق إسرائيلية تاريخية سرية قالت إنها ذكرت أن الرئيس عبدالناصر زار إسرائيل في السر عام 1954 والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك موسى شاريت واتفق معه على كثير من القضايا.. وأمجاد يا عرب أمجاد!

حسن العيسى

الأخ العبيط يراقبك

"على واجهة المنزل المقابل كانت تنتصب واحدة من تلك الصور المكتوب عليها بأحرف بارزة "الأخ الكبير يراقبك"… أما وزارة "الحقيقة"، وهي عمارة عالية تلامس السحاب، فقد كان "باستطاعة ونستون أن يقرأ على الحائط الأبيض كتابة ذات أحرف كبيرة بارزة، هي شعار الحزب المؤلف من جمل ثلاث: الحرب هي السلام. الحرية هي العبودية، الجهل هو القوة…".
وزارة الحقيقة في رواية ١٩٨٤ لجورج أورويل هي وزارة الإعلام، ولم يكن العملاق أورويل يكتب فقط عن عالم خيالي في إنكلترا قبل ستين عاماً، بل كان يفكك طبيعة النظام الشمولي الاستبدادي، مثاله روسيا الستالينية ذلك الزمن، فهل استطال خيال أورويل ليقرر واقعنا الكويتي اليوم بعد مشروع قانون الإعلام الذي يحمل عنوان "الجهل هو القوة"؟ هو جهل المشروع الحكومي حين يتصور أن حكومة "الأخ الكبير" ستنهي كل صور المعارضة الفكرية بمثل هذا المشروع الجاهل!
"استعباط" عقول البشر يتجلى، أولاً، في مشروع القانون، وفي مقولة وزير إعلام وزارة الحقيقة الكويتية، ثانياً، في أن المشروع يهدف إلى تقرير الحريات في الدولة نقرأها ببجاحة المادة الثالثة من المشروع "… بأن حرية الصحافة والطباعة مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها هذا القانون…"، ثم تأتي تلك الشروط والأوضاع في ما بعد لتهزأ بكم وتضحك بكل صفاقة بأنه لا حرية ولا بطيخ في إمبراطورية شيوخنا، الله يحفظهم، فالمطبوع يشمل كل جملة مفيدة أو ضارة، وكل كلمة، وكل حرف "… وكل كتابة أو رسم أو صورة أو قول، سواء كان مجرداً أو مصاحباً لموسيقى أو غير ذلك من وسائل التعبير…!" (الفصل الأول) ماذا بقي يا ترى من وسائل التعبير لم يجرمها المشروع، حتى التجشؤ سهواً يشمله قانون حكومة الأخ الكبير.
لن أناقش في مقال محدود المكان مواد المشروع، التي يجب أن تفرز لها دراسة قانونية مستقلة، لكن لاحظوا أن مشروع الأخ الكبير، الذي يعرف ما لا نعرفه، ويرى ما لا نراه، ويدرك مصالحنا بأكثر منا، فهو "البابا والماما وكل حاجة بحياتي"، بعبارة فيروز الصغيرة في فصل درامي مع أنور وجدي، ليس في النهاية إلا معلماً من معالم العتمة المرعبة التي انتهجتها السلطة في تعاملها مع المعارضين، فقراءة هذا المشروع لا يجوز أن تتم بمعزل عما يدور اليوم من ملاحقات للمغردين ونواب سابقين، فضحوا بشجاعة مؤسسات الفساد في الدولة، ووقفوا ضد استفراد السلطة بتهميش إرادة الشعب.
مشروع قانون الإعلام الموحد ليس موجهاً للقنوات والصحف المشاغبة دون غيرها، ولا يهدف فقط إلى تكميم أفواه الشباب المغردين، مع فتح مكبرات الصوت إلى أعلاها للعجائز المطبلين الانتهازيين، وإنما يراد به ضرب كل يد صفقت لمسلم البراك وفيصل المسلم وأحمد السعدون، وغيرهم من رموز المعارضة، تريد حكومة الأخ الكبير أن تكمل وصايتها وهيمنتها على أفكار البشر، وهي تدرك أن غريمها اللدود هو الكلمة الحرة، هي تعلم أن خصمها العنيد هو حرية الضمير… ماذا يريد الأخ الكبير في النهاية بعد أن أضحت الدولة مثلثاً من الخواء والقمع؟! هل سيصمت الكويتيون على مهزلة مشروع قانون الإعلام، مكتفين بالندوات والمقالات، ولا شيء بعد ذلك… حتى يأتي اليوم الذي تجز فيه رقابهم على مذبح الأخ الكبير، لأن الحرية هي العبودية، ولأن الجهل هو القوة عند الأخ الكبير الذي يراقبنا بعين مشروع الإعلام، وهو الأخ العبيط الذي يقمع الأحلام.

احمد الصراف

سنوات حكومية مبعثرة

سأل الإعلامي عمرو أديب الصحافي جهاد الخازن، في برنامج تلفزيوني، عن أفضل دولة عربية يختار العيش فيها، فقال، بعد تفكير لم يطل: الكويت! وهنا يمكن الافتراض أن هذا الرجل مجامل، أو أننا لا نعرف قيمة وطننا، أو الاثنان معا، وهو الأمر الأكثر رجحاناً! فالقيادة الحكومية للكويت كان بإمكانها، ولا تزال، جعل الكويت أفضل مكان يمكن العمل فيه وتربية أسرة، والانتقال منه في أي وقت لقضاء إجازة ممتعة! ولكن يبدو أن جهة أو جهات ما قررت، عمدا، او جهلا، تخريب هذا الحلم، وسوقنا قسرا الى الإيمان بما يعتقدون، ولم يكن امام السلطة غير قبول ذلك، ربما لاعتقادها أن هذا سيصب في مصلحتها في نهاية الأمر!
في تقرير احتل صفحتين من القبس نشر قبل شهر تقريبا، أوردت القبس مجموعة من الخطط المستقبلية ذات المردود المادي والاجتماعي الضخم، والتي سبق ان تطرق لها الوزير السابق بدر الحميدي في أكثر من مناسبة، والتي لم يبت فيها حتى اليوم، بالرغم من مرور اكثر من ثلاثة عقود على البت في المباشرة بها، وليس فقط التفكير فيها، ومنها مشروع بناء مدينة الصبية لكي تستوعب 250 ألف نسمة مع عام 2000! وهو مشروع تم اعتماد مخططاته عام 1987! وهناك مشروع تطوير الجزر، الذي لا يزال حبيس الأدراج والجزر حبيسة الخراب! كما وضعت خطط في عام 1985 لتعديل التركيبة السكانية، وإحداث توازن إيجابي بين أعداد المواطنين والمقيمين خلال 15 عاماً، أي في سنة 2000! ولكن بعد 30 عاماً تقريبا، نجد أن الخلل استمر في الاستفحال، ولم ينخفض إلا عنوة، أو مصادفة أثناء فترة الاحتلال، ليعود بعد التحرير ويستمر في تصاعده!
ومنذ نصف قرن ونحن لا نزال نسمع بالخطط والبرامج الخاصة بتطوير البلدية وتنظيفها من الفساد والمفسدين، وتطوير جهاز الدولة الإداري والمترهل، والتحول إلى الحكومة الالكترونية، ولكن، وأيضا بعد عقود عدة لا تزال الخطط تقتل بحثا!
والغريب ان مشاريع كثيرة تم التفكير فيها واعتمادها، ثم تأخر تنفيذها لسنوات، واكتشفنا بعد أن انجزت انها أصبحت قديمة وغير عملية، ومنها المطار ومباني الجامعة وبرج التحرير، الذي يقف كالفيل الأبيض لا تعرف الحكومة كيف تستفيد منه. وقد بدأت الحكومة بالحديث قبل سنوات عن توسعة المطار، وسيستمر الحديث فيه وعنه لسنوات، وما ان يبدأ تنفيذه فستطوله يد التأخير والتخريب ليصبح عند انتهائه غير صالح لمواكبة التوسع العمراني والسكاني الذي حدث خلال فترة التأخير. والشيء ذاته ينطبق على مشاريع حالية كثيرة تنفذ حاليا، هذا إذا انتهى العمل بها!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الحوار بين السنة والشيعة

عندما نختصر الحراك السياسي في علاقة مسلم البراك بعبيد الوسمي فاننا نكون قد ظلمنا العمل السياسي للمعارضة، والشيء نفسه يقال فيمن يعتقد ان رأي اطراف في هذا الحراك في وليد الطبطبائي يحدد قوة الحراك وتماسكه فانه اعتقاد فاسد وجائر! التحرك الشعبي اكبر من مسلم وعبيد، وعمل المعارضة السياسية أشمل من علاقة وليد بجمعان او فيصل! لذلك من كان يحصر الحراك في تلك العلاقات فانه يتحدث عن فشل الحراك وضعف تأثيره، ومن ير ان العمل السياسي أشمل وأعم من الافراد وعلاقاتهم فانه يرى ان الحراك ما زال يتنفس وما زال مؤثرا في هذا المجتمع الصغير، ولعل بيانات الاغلبية الاخيرة تؤكد هذه الحقيقة، حيث الاجماع على الاولويات والاتفاق على رؤية موحدة مع اختلاف التشكيلات التي يتحركون من خلالها مما يعطي الامل لكل المحبين للحراك والمتابعين له بتجاوز الخلافات الفردية وضعف تأثيرها على المسيرة.
•••
• التقيت في احد دواوين مشرف بنخبة من شباب الشيعة المثقف، ودار بيننا حديث لا تنقصه الصراحة، وخرجت من الديوان بعدة انطباعات لا يسعني المجال الا لتسجيل القليل منها لعل في تعميمها للقارئ ما يفيد:
ــــ تبين لي ان بعض الشيعة يؤمن بان بعض السنة او غالبيتهم يعتقدون بان قتل الشيعي يدخل السني الجنة ويجمعه مع الحور العين!! ولذلك يفسرون ما يحدث في تفجيرات كربلاء وبغداد وغيرهما من المزارات الشيعية! وهذا طبعا خطأ وغير صحيح، فعقيدة اهل السنة والجماعة تحرم قتل المسلم «لا يحل دم امرئ مسلم الا في ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والخارج عن الدين المفارق للجماعة» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى قتل هؤلاء لا يجوز الا بأمر من ولي الامر وهو الحاكم المسلم الذي يطبق شرع الله في الدولة الاسلامية، ولو ترك تنفيذ الحدود لمن هب ودب لاصبحت شوارعنا هذه الايام أنهرا من الدماء!
ــــ يعتقد بعض هذه النخبة المثقفة ان الذي يدعم الجيش السوري الحر هو الذي يتسبب في زيادة معاناة الشعب السوري، لان ذلك يطيل من امد المعركة ويقلل من فرص الحل السلمي!!
(لا تعليق)
ــــ اعتقد ان المطلوب في موضوع العلاقة بين السنة والشيعة ليس الحوار من اجل التقارب، لا… فالمذاهب التي عاشت مختلفة مئات السنين لن ينفع الحوار في تقاربها ولو طال امده، لكننا محتاجون الى الحوار بصراحة وشفافية كي يفهم بعضنا بعضا على حقيقته، فإما نزيل اللبس والمفاهيم الخاطئة ان وجدت، وما ينتج عنها من خوف تجاه الطرف الاخر، او نؤكد الانطباعات العالقة! وهذا بحد ذاته يساهم في ترشيد العلاقة بين الطرفين، بمعنى اخر لا نريد حوار جمعية الاخاء التي تسعى الى تقارب المذاهب، فهذا جهد كالسراب لا مجال للحصول عليه، بل نريد حوارا اولا لمعرفة كل منا الاخر بشكل صحيح من دون رتوش، وثانيا لازالة الخوف الموجود في النفوس من نوايا كل طرف تجاه الطرف الاخر، وهنا فقط نقول مرحبا بالحوار.

سعيد محمد سعيد

حسناً… اسمع «ويش يقولون»!

 

لست أذهب هنا إلى تصحيح قائمة من المفردات والمصطلحات والتسميات التي انتشرت في المجتمع البحريني منذ اشتعال الأزمة، ذلك أن معانيها معروفة مشهورة لكل من ينطق العربية، ولست اتجه إلى المقارنة بين المعنى الأصلي والمعنى «المستخدم» خلاف الأصلي، فكل مفردات لغات العالم يستخدمها صاحب الخلق في مكانها، ويتلاعب بها الفاسد كيف شاء، إنما هي مفردات، أراها تستحق التأمل… هنا نماذج منها:

* الخونة: من السهل أن تصف الآخرين بالخيانة! ومن اليسير أن تلصق تهمةً كبيرةً كهذه بمن تختلف معهم، لكن من أعقد المصاعب أن تثبتها، فكلمة الخونة أصبحت في بلادنا تستخدم ضد قوى المعارضة الوطنية وضد شريحة كبيرة من المواطنين، وفي الوقت ذاته، لا يمكن لأحد أن يوزع مفردة «الشرفاء» على من يشاء. في البحرين، وهذه وجهة نظري، ليس فيها خائن للوطن وفق أهواء فلان وعلان.

* أذناب إيران: ويستمد منها أيضاً الطابور الخامس والسادس والعاشر والألف، ولربما وجد البعض راحة وسعادة وهو يصف مكوناً وطنياً، وفقاً للانتماء المذهبي والعقائدي، بأنه تابع وموال وخادم لإيران، تسهيلاً لسلب حقوقه واستهدافه، لكن ذلك ما لا يمكن لأي دولة قانون أن تقبله، وإن قبلته فهي الراعية لنشره وترسيخه، وإن فعلت فإنها هي من تعبث بالسلم الاجتماعي والنسيج الوطني. ويحضرني هنا المقال الذي انتشر في الأيام الماضية للكاتب والأكاديمي السعودي عبدالرحمن الوايل في صفحته على الفيسبوك، الذي أشار فيه إلى حوار مع أحد الشباب الذي تأسّف على أن يكون 70 في المئة من العاملين في صرح طبي هم من الشيعة! فسأله: «وما مؤاخذتك على الشيعة الذين يعملون معك في هذا الصرح الطبي الوطني، أليسوا هم من مواطني المملكة، ويعملون في صرح وطني؟ فأجابني بكل ثقة غبية: بلى؛ ولكن ولاء الشيعة ليس للوطن. فسألته: إذا لم يكن ولاؤهم للوطن، فلمن يكون إذاً؟ فأجابني بكل تأكيد أحمق: بأن ولاءهم لإيران. فسألته وكيف توصّلت إلى هذه الحقيقة، هل شققت عن قلوبهم، وتأكدت أن ولاءهم هو لإيران وليس لوطنهم؟ فأجاب كالعارف والمتمكن من ظواهر الأمور وبواطنها: بأنهم يؤمنون بولاية الفقيه؛ أي ان ولاءهم لخامنئي، أي لإيران! وقبل أن أدخل في تفكيك هذه الأطروحة الحمقى واللاوطنية، أريد أن أورد قصة، علها توضح أهمية جمع الولاءات الوطنية لا إهدارها».

* المجوس: لها ذات الارتباط بالعقول الطائفية والنفسيات المدمرة، وليس القصد أن هناك في هذا الكون مجوساً لا يعبدون الله سبحانه وتعالى، بل تستخدم لإخراج (مسلم ينطق الشهادتين) من ملة الإسلام ونسبته إلى ملةٍ أخرى، وبهوس الإذعان الشيطاني، يطيب لأولاد إبليس استخدامها بتلذذ.

* صفويون: هي تعبير كبير عن الجهل المذهل لمن لا يعرف الصفوية ولا نشأتها ولا نسبها ولا دولتها! وإلا لو كان من يستخدمها يعرف جيداً معناها لربما وجد أنها (تعنيه هو لا غيره!)، وتسري أيضاً هذه الكلمة في خطب (مشالخ فتنة) وأصحاب أقلام مدادها كريه، يتفننون في الحديث عن النسيج الوطني والوحدة والتماسك والأسرة الواحدة.

* تطهير: لك أن تفهمها بعدة معان، لكن أبرزها بحسب من ينشرها في المجتمع البحريني والخليج والوطن العربي تعني: أن تصب جام غضبك على من يخالفك في المذهب أو يعارض الدولة أو يطالب بحقوقه أو يعبر عن رأيه، فلذلك هو يستحق «التطهير» من كل الحقوق الإنسانية والشرعية والوطنية.

* الانقلابيون: كالطلقة الهائجة، يطلقها بلا مهارة في التصويب والتسديد، من يتغنى بالوطنية والإخلاص للوطن بشكل زائف، ليجد لنفسه مكاناً من الأعطيات والمصالح الشخصية، ولينفث ما لديه من سموم.

* أهل الدوار: مكوّن من الوطن اختاروا دوار اللؤلؤة أو دوار مجلس التعاون الخليجي (تقاطع الفاروق حالياً)، يمثلون شريحة المعارضة بمطالبها التي لا تخفى على أحد، والوصف اليوم يستخدم ليختصر كل المفردات أعلاه: خونة، انقلابيون، مجوس، أولاد متعة، أذناب إيران، أعداء الوطن…

والحال أن من حق المواطن أن يكون معارضاً، لا ضير في ذلك.

* خيمة نمبر 6: مرفق من مرافق الدوار لا وجود له إلا في عقول الفتنة والطائفية والادعاء الكاذب بالوطنية. لم يكن في الدوار خيامٌ مرقمة. كانت الأشجار والنخيل هي التي تحمل أرقاماً، ومع ذلك يستمتع باستخدامها من يدّعون أنهم (أولياء الله الصالحون).

* الطبالة: ليسوا أعضاء في فرقة موسيقية يقرعون الطبول، وليسوا بالقطع مواطنين موالين للحكومة ويعبرون عن ولائهم المطلق فهذا حقهم. إنما هم جوقة من البشر المتمصلحين الذين يقرعون الطبول مدحاً وثناءً ونفاقاً لينالوا ما يملأ جيوبهم، ولا مكان أصلاً للولاء للوطن في ثقافتهم.

* أهل الفاتح: مكوّن من الوطن اختار مركز الفاتح الإسلامي ليعبر عن ولائه ودعمه للحكومة، ولربما لرفضه لجزء من مطالب أهل الدوار أو كلها. هذا حقهم المشروع دون شك، لكن، ولأن هذا موقفهم، فهم ليسوا بالضرورة طبالة أو طائفيين أو كما سيأتي أدناه… (موب رياييل، ريموت كونترول، منافقون)، إطلاقاً، بل هم مكوّنٌ وطنيٌ لا يمكن عزله.

* موب رياييل: وصف لا يختلف عليه اثنان يشير إلى نماذج لا تريد خدمة الوطن وفق مسئوليتهم الدينية والوطنية والتشريعية، بل لأنهم اختاروا طريقاً واحداً… لا يهمنا الوطن ولا المواطن ولا حاضره ولا مستقبله، يهمنا فقط جيبنا وحسب!

* ريموت كونترول: ليس جهازاً للتحكم عن بعد، إنما حين يختارها أحد بني آدم ليصف به نفسه بكل سرور وفخر، فإنه في الحقيقة يتحوّل من الإنسانية إلى التشيؤ (أي التحول إلى شيء… مجرد شيء)، لا يمكن أن يخدم وطناً طموح شعبه كبير.

هناك من المفردات والمصطلحات والشتائم ما لا يليق المقام لذكرها لوقاحتها ودونيتها أكثر مما ذُكر أعلاه، لكن لو قُدّر لنا أن ندرج وصايا الدين الإسلامي ونصوص القرآن الكريم وأحاديث السنة النبوية المطهرة في شأن الكلام الطيب وجمال القول، لما نفع ذلك في نفوس من جُبل على سيئ القول وبذاءة اللسان، إنما من العار أن يكون المجتمع البحريني، مصدراً لمفردات صالت وجالت على ألسنة الكثيرين، وهي مما لا يُشرف البحرين وأهلها، وإنما جاءت مندفعةً من أقوام هم للتباغض والتناحر والعداوة قادة، وهم للشقاق والنفاق والخصومة والطائفية رواد… زادهم الإعلام السيئ وخطاباته الدنيئة انتشاراً وكأنهم أعلام التقى وجهابذة اللغة ليسيئوا إلى البحرين وأهلها إساءةً كبيرة.

هناك مفردات سيئة للغاية، يفرح بها من يفرح كونه جزءًا منها، ويستاء منها من يستاء كونه لا يرتضيها، بدينه وحسن خلقه ووطنيته، لا لنفسه ولا لغيره من أبناء الوطن.