سامي النصف

الأسد الغارق في مياه بالي!

نشرت «الأنباء» في عدد أمس على صفحتها الأخيرة صورة طائرة ليون «الأسد» الإندونيسية في رحلتها من باندونغ إلى بالي وقد تخطت المدرج ونزلت للبحر على سواحل الجزيرة الساحرة، وفي هذا السياق تقوم بعض شركات الطائرات بالاتفاق المسبق مع شركات مقاولات للقيام برش طلاء سريع على طائراتها التي تتعرض للحوادث كي لا تحتفظ ولا تنشر ذاكرة الصحف والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي بصورة «لوغو» الشركة على طائرة محطمة.

* * *

ومعروف أن هذا الحادث السابع للشركة المعنية والتي تم القبض خلال عام على 5 من طياريها بتهم تتعلق بالمخدرات كما أوقفت سلطات السلامة الإندونيسية في 19 /7/ 2011، 13 من طائراتها الحديثة لعدم القيام بعمليات صيانة دورية لها، كما أن الشركة ممنوعة من السفر إلى أوروبا لتلك الأسباب علما بأنها شركة جديدة أنشئت عام 2000 وعقدت عام 2011 أكبر صفقة في تاريخ البوينغ عندما اشترت 230 طائرة، وعام 2012 أكبر صفقة في تاريخ الإيرباص عبر شراء 234 طائرة، والطائرة التي خرجت من الممر إلى البحر للعلم جديدة جدا وقد تم تسلمها الشهر الماضي.

* * *

وقد وقع الحادث الساعة الثالثة ظهر يوم السبت 13 /4 وسط أمطار موسمية معتادة وقد يكون سبب الحادث أحد ثلاثة أمور، الأول خطأ من الكابتن «غزولي» أو مساعده جعله لا ينزل في أول المدرج كما يفترض ومن ثم لم تكف المسافة المتبقية لإيقاف الطائرة المنكوبة، الثاني تغير مفاجئ في اتجاه الريح (WIND SHEAR) من مضادة لاتجاه الطائرة كما ينبغي إلى رياح ذيلية مما يزيد سرعتها الأرضية ويصعب من عملية توقفها، والثالث هو كون المدرج مغطى بالمياه بسبب الأمطار يصاحب ذلك هبوط سلس و«ناعم» للطائرة مما يجعل عجلاتها لا تخترق طبقة المياه تحتها مما يؤثر على كفاءة الكوابح فلا تتوقف الطائرة ضمن المسافة المقررة ، مع احتمال رابع ضعيف هو حدوث خطأ فني في نظام الكوابح.

* * *

وقد سبق لي أن عملت لسنوات عدة وبشكل متقطع مع شركة الطيران الإندونيسية كقائد لطائرة الجامبو 747 العملاقة المستأجرة من «الكويتية» في رحلات من مطار دينبسار في بالي إلى مطار ناريتا في طوكيو ومن طرائف تلك الفترة أن وفدا إماراتيا رفيع المستوى كان يحضّر لزيارة المغفور له الشيخ زايد بن نهيان لليابان وإندونيسيا، استقل طائراتنا من طوكيو وهي مصبوغة بصبغ الإندونيسية ولها مسمى رحلة «غارودا» وأطقم ضيافتها من الإندونيسيين وقد فوجئ رئيس الوفد بأن التحليق فوق بحر الصين عندما سمع طاقم قيادة الطائرة الإندونيسية وهم يتكلمون العربية وبـ «اللهجة الخليجية»!

* * *

آخر محطة:

1 ـ عندما تعرضت بعض الشركات الأميركية والأوروبية والآسيوية «الخاصة» للأزمات عام 2008 رفعت دولها شعار أن تلك الشركات «TOO BIG TO FAIL» وضخوا تريليونات الدولارات في ميزانياتها ولم يقولوا لها.. اذهبوا واقترضوا من البنوك.

2 ـ شركة الخطوط الجوية الكويتية التي هي ملكية «عامة» للشعب الكويتي بنسبة 100% يجب أن تعتبر شركة «أكبر من ان تسقط» وأن تضخ الأموال الحكومية اللازمة لبقائها وديمومتها كي تخدم الشعب الكويتي ومشروع المركز المالي للعشرين سنة القادمة على الأقل.

3 ـ للمعلومة.. لم تُدعم «الكويتية» حتى هذه اللحظة بفلس أحمر ،كما لم تعلن البنوك ـ وبعكس ما يشاع ـ أن أموالها رهن لطلبها تأمر فتجاب.. أي لم تكف المحاربة الشديدة بل أضيف لها عدم قول الحقيقة للاسف!.

 

احمد الصراف

الأسباب التاريخية لتخلفنا كعرب ومسلمين (2-1)

كتب الزميل العراقي عبدالقادر حسين مقالا تضمن عرضا لكتاب «إغلاق عقل المسلم»، الذي صدر عام 2011، وذلك بمناسبة لقائه قبل فترة بمؤلف الكتاب روبرت رايلي! ويقول في مقدمة مقاله إن اهتمام الغرب بالإسلام وقضاياه زاد بصورة كبيرة في أعقاب جريمة 11 سبتمبر، لمعرفة الأسباب التي دفعت 19 شاباً عربياً مسلماً متعلماً وميسور الحال، لارتكاب جريمة إنسانية رهيبة! وكيف أن الغرب خصص موارد كبيرة لدراسة الظاهرة، إن لحماية شعوبهم وحضارتهم من شرور الإرهاب الذي يُرتَكب باسم الله والإسلام، أو لمعرفة الإسلام كدين، أو حتى لماذا وصل الأمر بالبعض للقيام بمثل هذه الأعمال الإرهابية؟ وأين يكمن الخطأ؟ إضافة إلى رغبة هذه الجهات في معرفة السبب الذي أصبحت فيه عقيدة هؤلاء تدفعهم لاحتقار الحياة وتمجيد الموت، والتضحية بالنفس وقتل الآخر لمجرد أنه يختلف عنهم في الدين والمذهب! ويقول الكاتب إن رايلي يرى أن سبب الإرهاب اليوم ليس بجديد، ولا علاقة له بأسباب اجتماعية كالفقر، وإنما يعود لخلل أصاب فكر المسلم نتيجة سلسلة من التطورات، التي بدأت في القرن الـ 9 الميلادي! وأن ما هم عليه الآن هو نتيجة حتمية لتلك العقلية. فقد بدا الانعطاف التاريخي مع بدايات ظهور الإسلام، مع التركيز على التطورات الفكرية في العصر العباسي، عندما بدأ تعامل فقهاء السلف مع العقل، والفكر اليوناني، يأخذ منحى دمويا في عهد الخليفة العباسي، المأمون، عندما بدأت في عهده عملية «تلقيح» الثقافة الإسلامية بالفلسفة اليونانية «الهيلينية» القديمة. ويقارن المؤلف بين الحضارتين الغربية والإسلامية، فيؤكد الفكرة السائدة أن «الغربية» نشأت من أربعة مصادر: الديانتان المسيحية واليهودية والفلسفة اليونانية والقانون الروماني، وأن هذه الحضارة ازدهرت، ثم تفسخت في القرون الوسطى، لتنهض من جديد في عصر النهضة والنور إلى أن بلغت المستوى المتفوق علميا وتقنيا وفلسفيا الذي عليه اليوم، إضافة لاهتمامها بحقوق الإنسان والحرية والديموقراطية. ويرى أن ما كان لهذا التفوق أن يحصل لولا اهتمام فلاسفة الغرب بالعقل والعقلانية. أما الإسلام الذي بدأ في القرن السابع الميلادي في الجزيرة العربية، وبالرغم مما حققه من انتشار سريع، فإن «حضارته» انهارت في القرن الثاني عشر ليغوص عالمه في ظلام دامس، لم تنجح في الخروج منه، كما نجحت أوروبا! وإلى مقال الغد.

أحمد الصراف