محمد الوشيحي

من البزران والشيبان نأخذ ونعطي…

    كما ذكرتُ قبل أكثر من قرنين من الزمان في هذا العمود أو في عمود آخر في صحيفة أخرى، لم أعد أتذكر: "الصحف ونشرات الأخبار الرسمية لا تنقل إلا ما يبرز على السطح فقط". قلت هذا وما زلت أردده. واليوم أقول: "دع عنك تحليلات المحللين وتعليقات المعلقين، وتخلّص من تنظيرات المنظرين، وسلط مجهرك على أسئلة الأطفال وخيالهم وكلمات كبار السن إذا أردت معرفة ما تكنه القلوب، وقياس مستوى الغضب والرضى في صدور الشعوب".
وإذا كانت أسئلة الطفل في السابق عن السيارة والطائرة، أيهما أقوى، وإذا كانت أحاديثه في السابق وقصصه عن الشياطين وعن طرزان الذي هو أسرع من النمر وأقوى من الأسد وما شابهها من القصص، فإن حديثه اليوم سياسي من دون أن يعرف، وأسئلته أمنية من دون أن يدرك، وكلها تدور حول ما يحدث اليوم، حول مسلم البراك والشرطة، وكيف فعل وكيف فعلوا، وعن شقيقه الأكبر، شقيق الطفل، المشارك في المسيرات، الذي عاد إلى البيت بإصابته، وعن ابن عمه الذي تم القبض عليه، ووو…، وكلها خيالية، لكنها عن الوضع السياسي والأمني، فهو ما يسيطر على عقله واهتمامه اليوم.
كذلك الحال بالنسبة إلى شيباننا من الجنسين، الرجال والنساء، الذين بانت على وجوههم آثار أقدام السنين، بعد حل وترحال. كانت مصطلحاتهم: "الله لا يغير علينا" و"الحمد لله نعيش في أمان وطمان"، يقصدون "اطمئنان"، فدُفنت اليوم مصطلحات الرضى والسكينة تلك، واستُبدلت بمصطلحات الغضب والتذمر والدعاء على كل فاسد ووو… والأهم، الشعور بالغبن والقهر لغياب العدالة.
ولو كنتُ قريباً من دائرة القرار، لصرخت بالخط العريض: "الغضب الشعبي يزداد"، فإن لم يسمع صوتي أحد، حملت مزودتي على ظهري، وهاجرت إلى أميركا اللاتينية، إلى أبعد نقطة في هذا الكوكب.
ولأنني بعيد عن القرار ودوائره ومثلثاته، أقول دون تفكير في أميركا اللاتينية: "إذا كانت رعاية البعض لجويهل في السابق قد أنتجت لنا جيلاً من الشبان الحانقين، فإن ما يحدث الآن سيجعل من تماسك من الشبان سابقاً يسارع إلى قافلة الحنق، وتزاحمه أجيال من البزران والشيبان".
لا تزرعوا الحنق في بساتيننا… لا تزرعوا الحنق.

سامي النصف

من شيَّش الشيشان؟!

في عام 1870 انضمت الشيشان لحكم القياصرة الروس وأصبحوا الأكثر ولاء لهم، ابان الحرب الكونية الثانية اتهم الشيشان بالاتصال بالجيش النازي الغازي، فتم نفي مئات الآلاف منهم الى سيبيريا وجمهوريات القوقاز، ولم يسمح لهم بالعودة إلا عام 1957، وجمهورية الشيشان هي الأكثر تشابها مع الكويت بالمساحة (16 ألف كم2) والسكان (1.2 مليون) وكانت عاصمتها غروزني من أجمل مدن الاتحاد السوفييتي كما كانت جمهوريتها هي احد أغنى الجمهوريات بسبب النشاط الرسمي المتعلق بالنفط وتكريره وغير الرسمي المتصل بتهريب المخدرات والسلاح كما كان الشيشان يحتلون رغم صغر عددهم مواقع رئيسية في إدارة روسيا والاتحاد السوفييتي.

***

في 1991/12/25 وابان انشغالنا بالغزو سقط الحلم القمعي الاحمر في موسكو عبر نظرية البيريسترويكا (إعادة البناء) القائمة هذه الايام على قدم وساق في دول ربيع الخراب العربي، وتفكك الاتحاد السوفييتي الى 15 جمهورية مستقلة على أسس عرقية ودينية منها 3 جمهوريات سلافية و4 جمهوريات تركية و3 جمهوريات بلطيق و3 جمهوريات قوقاز وواحدة للرومانيين وجمهورية للطاجيك، وكانت روسيا حتى ذاك الوقت دولة علمانية وملحدة بعد أن تمت محاربة الدين والتدين لمدة 80 عاما وكان بإمكان الشيشان لو أحسنوا العمل أن يلعبوا دور الحضارمة في اندونيسيا ويحولوا جزءا معتبرا من روسيا الى الاسلام عبر الدعوة للدين بالحكمة والموعظة الحسنة.

***

بدلا من ذلك قام متطرفو الاسلام وكعادتهم التي لا تنقطع بالإضرار بالاسلام بتحريض وتأجيج وتشييش الشيشان الذين أعلنوا الاستقلال والعصيان العسكري والقيام بسلسلة عمليات ارهابية كبرى في موسكو والجمهوريات المجاورة، ولا أعلم شخصيا ما الفائدة الكبرى التي كان سيجنيها الاسلام والمسلمون من اضافة دولة صغيرة جدا لدولهم الخمس والخمسين، وقد قامت الولايات المتحدة بالضغط على القيادة الروسية آنذاك للقبول بالتفاوض وإعطاء الاستقلال الذاتي للشيشان كما ساهموا بإعادة إعمار ما دمر واستقبال اللاجئين الشيشان في مدنهم وجامعاتهم الذين كافأوها بتفجيرات بوسطن ومن ثم ساهموا بإعادة الكراهية للمسلمين التي كادت أن تنسى بعد مجزرة 2001/9/11 وبعد أن جعلونا نخسر قبل ذلك دعم وتأييد الروس الذين كانوا تاريخيا أقرب الشعوب للعرب والمسلمين.. الاسلام يعاني ممن يدعون حبه ومودته بأكثر كثيرا ممن يدعون عداءه وكراهيته.

***

آخر محطة (1): بدأت منذ الثواني الاولى نظرية التآمر تطفو على السطح والتي أول من روجها والدا الارهابيين حيث لم يكفهما أنهما قابلا احسان الأميركان بالنكران، بل حاولا أن يبرئا أبناءهما واتهام الدولة المضيفة لهما كما رجوا ألا يموت الارهابي الثاني كي لا يستمر الترويج لتلك النظرية القميئة.

(2) رغم ادعاء والدهما وعمهما البراءة والطهارة، إلا أن من الامور التي تثير الريبة والشك سفر والدهما قبل مدة طويلة للشيشان بحجة العلاج (!) رغم أن بوسطن تضم أرقى المستشفيات العلاجية في العالم، وكذلك عدم تقدم عمهما للسلطات للإبلاغ عنهما بعد نشر صورهما في كل وسائل الإعلام لعدة أيام، لعلمهم ان نظرية المؤامرة سلاح ذو حدين!

(3) تصدرت مناشيتات الصحف ومنتديات التواصل الاجتماعي في الصين الام وتايوان خبر مقتل الطالبة الصينية «لو لنغزي» ذات الوجه الملائكي والطفولي في العملية الإرهابية، فأضاف إرهابيو الدماء باسم الاسلام مليارا ونصف المليار صيني الى قائمة الأعداء الى جانب الأميركان والروس.. ومن كان هؤلاء الأغبياء أصدقاءه فلا يحتاج للأعداء أبدا!

(4) إن كانت المنظمات الارهابية في جنوب الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا.. إلخ، تدعو للانفصال وهو مطلب يمكن تصور تحققه فما مقصد منظمة القاعدة الارهابية من عملياتها الاجرامية بالعالم؟! أي هل يمكن تصور أن شعوب العالم ستعلن إسلامها لأن هناك من يملأ شوارعها ومبانيها ومحطات قطاراتها وباصاتها بالقنابل التي تقتل الابرياء من نساء وأطفال ثم يقوم على الهواء بقطع أعناق رجالها؟! سؤال يحتاج الى إجابة!

حسن العيسى

حكم دولة البطيخ «الباصج»

صور بعض أفراد أقارب مسلم البراك وهم مقيدون من الخلف، وملقى بهم على أرض حديقة الديوان لا تشي بدولة حكم القانون، ولا تجعلنا نتعاطف أو نفهم مواعظ وبكائيات افتتاحية صحيفة محلية أضحت "شبه رسمية" تعظ وتعلمنا بسطحية السذج عن "دولة القانون أو الفوضى والمجهول"، فليست فوضى ولا مجهولاً عندما يخرج متظاهرون للشارع العام برد فعل غاضب عبروا فيه عن رفضهم لأسلوب الملاحقات السياسية، بعد أن ارتدت تلك الملاحقات القفازات الناعمة لضرب مسلم البراك، وغير مسلم من نواب سابقين وناشطين سياسيين، رفضوا ما يجري في الدولة من محاصرة وتضييق لحق التعبير بحجة الأمن والأمان والوحدة الوطنية، وغيرها من "الكليشهات" المملة التي يمضغها كبار المسؤولين في الدولة.
حكم القانون يعني بداية المساواة في تطبيق القاعدة القانونية دون تحيز لفرد أو طبقة أو مجموعة، وحكم القانون يعني هيمنة وسمو القانون العادي على أي ممارسات عشوائية لأي سلطة من سلطات الدولة، وحكم القانون يعني أن نفهم أن الدستور ليس مصدراً لحقوقنا وإنما نتيجة لتلك الحقوق، تلك الشروط الثلاثة وضعها "دايسي" لمفهوم حكم القانون، ولا ينطبق أي منها على ممارسات السلطة التي فصلت التشريعات لعزل واستبعاد أي صوت معارض لها، سواء كانت تلك المعارضة نابعة من المجلس السابق، أو تتمثل في حق الأفراد الثابت في التعبير عن رأيهم ونقد السلطات العامة. فهل كان من صفات دولة القانون أن يتم تفصيل المجلس النيابي على مقاس السلطة الحاكمة؟! وهل من حكم القانون أن تتم ملاحقة الرافضين لسلوك السلطة الاستبدادي بالعصي والهراوات والقنابل الدخانية؟! وهل من حكم القانون غياب التناسب بين التهم السياسية والعقوبة، فتوقع أقسى العقوبات وبالحد الأقصى في تهم جرائم الرأي، بينما لم تشهد "دولة حكم القانون" المزعومة حالة إدانة واحدة لسرقات وتكسب من الأموال العامة وتجاوزات لقوانين الدولة تمت في وضح النهار؟!
وهل من حكم القانون أن يجري التسابق بين الحكومة ونواب "الغم" بهذا المجلس لمصادرة الرأي الآخر، وقمع حرية الضمير بالصورة القبيحة التي يعبر عنها مشروع قانون الإعلام الموحد، أو تظهر لنا بتصريحات هتلرية وفاشية من أفواه عدد من نواب الغم…؟! أي دولة حكم القانون وأي بطيخ تتحدث عنه صحف بارونات النفط، سأقف عند هذا الحد، فأنا أخشى أن يلاحقني القانون في إمبراطورية حكم القانون السمحة.

احمد الصراف

دور الثقة في بناء الشخصية

من أهم عوامل بناء الثقة بالنفس عند الطفل، وحتى البالغ، هو إعطاؤه أكبر مساحة من الحرية، ومن ثم محاسبته على تصرفاته، Trust and verify، والقاعدة القانونية في أغلب دساتير العالم تشدد على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، إلا أن العكس هو المطبق في أغلب دولنا، فالشخص متهم حتى يثبت العكس، وعليه أن ينال نصيبه من الركل والشتم قبل أن يتضح أنه بريء! مشروع القانون الحكومي المتعلق بالرقابة على وسائل الإعلام، والشهير بمشروع «خنق الحريات» هو قانون يفترض من كتبه أن جميع مستخدمي وسائل الاتصال الاجتماعية والكتّاب، هم سيئو النية ومتهمون، وهذا افتراض لا يمكن أن يخلق جيلا واعيا مدركا لمسؤولياته، أو ربما هذا ما يريده من صاغ مواد ذلك القانون. وبالتالي كانت ردود الفعل السلبية عليه من كل أطياف المجتمع ومكوناته أمرا طبيعيا، ودليلا على سوء نية من اقترحه، واعتباره جوابا غير عقلاني على ما يعانيه الوضع السياسي من احتقان، لما يفرضه من رقابة مسبقة على حرية الرأي، التي «كرّسها» الدستور. ويبدو أن جهات في الحكومة، ربما يمثلها وزير الإعلام، الدمث الخلق اجتماعيا، وغير ذلك إداريا، تود استخدام مواد هذا القانون القاسية للسيطرة على تدفق المعلومات والحد من حرية التعبير، كما ورد في بيان لمنظمة «مراسلون بلا حدود» العالمية، وقولها إن القانون لن يؤدي حتما لتعزيز الحريات، كما زعم الوزير المعني، بل سيشكّل تهديدا لحرية الإعلام، إن أقره مجلس الأمة بصورته الحالية، وسيؤدي إلى تكميم الأفواه، وهذا ربما ما تسعى إليه وزارة الإعلام، في تعارض واضح مع تصريحات سابقة للوزير لقناة «بي بي سي»! كما أن من المضحك قوله إن القانون يهدف إلى حماية الإعلاميين والمجتمع! فمنذ متى كان الحد من تدفق المعلومات وحرية القول والنشر ضروريا لصحة المجتمع وعقل أفراده، وفيه حماية للإعلاميين؟ ومن هم هؤلاء الذين يهدف القانون إلى حمايتهم، وهم المهددون، من خلال مواده، لتوقع أشد العقوبات بحقهم، إن هم حاولوا كشف أوجه الخلل والفساد في الأجهزة الحكومية، أو الدعوة إلى تصحيحها؟ ويكفي للاستدلال على الطبخة الخبيثة وراء الرغبة في إقرار هذا القانون، ما ورد على لسان إحدى النائبات في مجلس الأمة، من أنها لم تقرأ القانون، ولكن اطلعت على بعض منه، وهذا كان كافيا لكي تؤيد إقراره، لأن البعض، حسب قولها، أساء لحرية الرأي وشتم وضرب وطعن في ذمم وشرف الآخرين دون أدنى مسؤولية! وطبعا هذا كلام أجوف، ويخلو من الجدية تماما.
أما قولها إن القانون تعارضه غرفة التجارة، وصحف ثلاث تمثل رأي الغرفة، فهذا إن صح، فإنه شرف للغرفة وللصحف الثلاث، وأعتقد شخصياً أن هذا القانون لو أُقر بصيغته الحالية، فستنتفي عنا صفة «دولة ديموقراطية»، ونصبح جميعا مكممي الأفواه، وهذه بداية الدكتاتورية، وستزيد من تفشي الفساد والمفسدين! أما غير المستغرب، والمستهجن جدا، فهو موقف بعض المعنيين الذين يتصرّفون وكأن الأمر لا يعنيهم! وهذا موقف مخجل آخر!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الفصل الأخير من المسرحية

ما المبرر لهذا الهجوم غير المسبوق على الحركة الدستورية الاسلامية او ما يسمى بتيار الاخوان المسلمين بالكويت؟!
لماذا هذا التشويه المتعمد بالحق والباطل لهذه الحركة التي يشهد القاصي والداني على ادائها ونقاء منهجها وصفاء مسلكها؟!
لماذا هذا الفجور في الخصومة من قبل مجموعة يعرف الجميع عداءها للدين ورفضها لمظاهره؟!
كيف نفسر انتفاضة هذه المجاميع في وقت واحد ولهدف واحد وهو تشويه صورة التيار الاسلامي في الكويت؟!
نحن لم يعد يهمنا ردحهم وزيفهم كل يوم، فالناس لاحظوا كيف انهم خرجوا من طورهم واختل توازنهم عندما لم يجدوا من يصدق خزعبلاتهم حتى وصل بهم الخرف الى اتهام الحركة الدستورية الاسلامية او الاخوان المسلمين كما يحبون ان يسمونهم بالتخطيط للانقلاب على الحكم؟! وضربوا مثالا على سبب هذا الاستنباط الفهلوي ما حدث بعد صدور الحكم بسجن النائب مسلم البراك!! حيث ادعوا ان الاخوان المسلمين وراء كل ما جرى وانهم من خططوا له.
اذا كان مسلم البراك هو من صدر عليه الحكم! ومسلم البراك هو من ألقى خطابا ثوريا في الجماهير الحاشدة، واذا كانت كتلة الاغلبية هي من اعادت الخطاب، والجماهير في صباح الناصر والاندلس هم من ساروا في التظاهرات واحتك بعضهم برجال الامن! اذا كان كل هذا حدث امام اعين العالم كله فلماذا يتهمون «حدس» بانها وراء كل ما حدث؟!
حدث العاقل بما لا يعقل فان صدق فلا عقل له! لكن من هذا الذي يتهم «حدس» والاخوان بعدم الولاء للوطن ويتهمهم بإحداث البلبلة والفوضى؟! انهم مجموعة من داخل المجلس وخارجه، اما النواب فاحدهم متهم بسوء السمعة في عدة قضايا متعلقة بالامانة والسلوك وعندما صدر عليه حكم بالسجن هرب الى لندن ثم هو اليوم يطالب مسلم البراك بتطبيق العدالة! واما الاخر فمعروف بانه حصل على جنسيته بغير وجه حق ثم هو يقدم اقتراحا لحصر حق الترشح بالكويتي بالتأسيس!! وثالثة الاثافي نائبة اشتهرت بعدم المصداقية جهارا ونهارا مع الشعب الذي تمثل جزءا منه او عليه لا فرق، وتوقع الكثير ان تقدم استقالتها بعد انكشاف امرها احتراما لمن صوت لها، لكنها لم تفعل وطبعا لن تفعل، لانها كما قالت الفاضلة خولة العتيقي ماهقت على الله توصل علشان تستقيل!! وها هي منذ ان ترشحت لهذا المجلس وهي تتهم قطاعا كبيرا من هذا المجتمع بعدم الولاء وبانه يسعى للاطاحة بالحكم!! وتطالب بتطبيق القانون! ولعلها تقصد قانون الوحدة الوطنية الذي اهدرته بتحريضها للحكومة ضد فئة من المجتمع وتصريحاتها الكثيرة والداعية الى شق الصف الداخلي!!
اننا في الحركة الدستورية الاسلامية نرى ان تطبيق القوانين هو كل لا يتجزأ، ومبدأ غير قابل للاجتهاد، فتطبيق احكام المحكمة واجب، لكن الاولى ان تبادر الحكومة بتطبيق كل الاحكام من دون استثناء، ولتبدأ بابناء الاسرة ان كانت عليهم احكام قضائية واجبة التنفيذ! ان ظاهرة التمرد على الاحكام القضائية بدأت اول ما بدأت من تمرد بعض ابناء الاسرة عليها مرورا بتراخي الحكومة في تطبيق بعض القوانين على بعض المتنفذين! والامثلة كثيرة تتحدث بها الدواوين وتمتلئ منها صفحات «تويتر» و«الفيسبوك» والغريب ان اغلب نواب المجلس «بوصوت» لا يرون الا تطبيق القانون على مسلم البراك!! حتى ان واحدة من نوائب الدهر وصفت وزير الداخلية وصفاً غير لائق!! ولم يعاقبها احد بل ولم يوبخها احد!!
ان ما يجري على الساحة المحلية هذه الايام ما هو الا مسرحية، خطط لها وكتب السيناريو في مكان آخر وابطالها كل نطيحة ومتردية في مجتمعنا الصغير واخرجها لهم اكرم العرب!! ونحن اليوم نعيش فصولها الاخيرة، لكنها بفضل الله فشلت قبل ان تنتهي حيث كان يفترض ان يتم الاعلان عن تورط بعض ابناء البلد المخلصين بقضايا امنية، مهدت لها بادعاء ان ذخيرة تمت سرقتها من مخازن الوزارة وتحميل هذه الشريحة مسؤولية تهييج الشارع ضد السلطة، لكن نسوا ان الله بالمرصاد، وانه ما يصح الا الصحيح، وان منخل الفساد والدجل لا يحجب شمس الحقيقة «وَاللَّهُ غَال.بٌ عَلَى أَمْر.ه. وَلَك.نَّ أَكْثَرَ النَّاس. لَا يَعْلَمُونَ».

سعيد محمد سعيد

شغل «عيال إبليس»… الباطل!

 

أتذكر أنني وأصحابي في القرية، عندما كنا في عمر السابعة والثامنة من العمر في فترة السبعينات (نتلصق) في منازل الجيران الذين لديهم جهاز تلفزيون! لقد كان القليل من الجيران لديهم ذلك الجهاز الساحر آنذاك، لهذا، فلا مانع لدينا أبداً من الالتزام بالشروط (الصعبة) لجارنا صاحب المنزل الذي يشترط علينا ألا ندخل مجلسه إلا بعد أن نستحم جيداً ونلبس ثياباً نظيفة ونلتزم الصمت! هنا، يضطر حتى «الأجلح الأملح» منا أن (يتسبح زين ما زين)… فجلسة مشاهدة التلفاز لا حد لها من المتعة، ويا ويله ذلك الذي يكتشف صاحب المنزل أنه استحم ولبس ملابس نظيفة لكنه لم يؤد الصلاة.

بالطبع، كان المجلس يضم رجالاً وشباباً وأطفالاً، لكن من المشاهد التي لا أنساها، أنه حين يبث التلفاز أغنية لأحد المطربين وتظهر فيها (راقصة)، فإن اللعنات تتصاعد على المطرب وعلى الراقصة! بل، أكرمكم الله، تتصاعد الصرخات والبصقات معاً وخصوصاً من المتدينين من الجيران: «غيروا المحطة لا بارك الله فيهم». هنا، حتى (اللوفرية) الذين (الود ودهم) أن يشاهدوا الأغنية حتى تنتهي، لا ينبسون ببنت شفة.

ولعلني أطابق اليوم ذلك المشهد بما يحدث في حال مشاهدة القنوات الفضائية الفتنوية التي تثير الطائفية وتنفخ في نار التفرقة! وتسعى بخبث مبرمج ممنهج مدروس لتأليب السنة ضد الشيعة والعكس… هنا، تتشابه المشاهد بين فئة من الناس الذين لا يقبلون بمثل هذه الأعمال الشيطانية البغيضة فيلعنون أولئك الطائفيين المسوخ الذين تظهر وجوههم القبيحة وخطابهم النتن وأفكارهم العفنة. هذا إذا كان من في المجلس أناس لا يرضون لأنفسهم النزول لمشاهدة أفعال (عيال إبليس)… أياً كانت طائفتهم وانتماؤهم! فيما بالطبع، هناك من يشعر بالسرور والراحة والسعادة وهو يشاهد تلك النيران تشتعل، بل ويتمنى أن تزداد وتتضاعف ويحمى وطيسها وهو في الوقت ذاته، يرفع صوته بالتكبير والدعاء والابتهال إلى الله لأن ينصر الله المسلمين على المسلمين!

على أية حال، فأنا من الناس الذين يؤمنون تماماً بأن الممارسات الطائفية المدمرة للمجتمعات، لا تنشأ وتكبر وتتضخم وتتعقد إلا إذا كانت الدول والحكومات ذاتها تسمح بمثل هذه الخطابات وهذا المد الإعلامي الشيطاني، وتجمد القوانين المجرمة لمثل هذه الأفعال لتصبح هي طرفاً في مخطط تدميري متعدد الأوجه لا يستقيم ولا يستمر إلا باستمرار الإعلام الطائفي! وفي ذلك تطبيق لمقولة «فرّق تسد»، التي لم تعد خاصة بالقوى الاستعمارية، بل تحوّلت إلى منهج واضح تغذيه بعض الدول والحكومات العربية والإسلامية، تسانده في ذلك منظومة إعلامية كبيرة مدعومة بالمال والامكانات، من الدول ذاتها التي تعشق الطائفية، ومن أطراف أخرى أولها الكيان الصهيوني الذي أوصى مؤتمره الثالث عشر (هرتزيليا) الذي انعقد في مارس/ آذار الماضي بضرورة تكريس الصراع السني – الشيعي، وتشكيل محورين من دول المنطقة: سني وشيعي! (أنظر مقال: «هرتزيليا تثمن جهود الطائفيين»، «الوسط»، 7 أبريل 2013).

شغل «عيال إبليس» الباطل ذاك، في تفتيت المجتمعات الإسلامية بالحراب المسمومة لإشعال الصراع الديني والاجتماعي والسياسي بين السنة والشيعة، له روافده من الخارج والداخل، إلا أن ثمة فقرة أود إعادتها نصاً من المقال المذكور وهي: «لكن، كل ذلك المخطط التآمري الخطير المستمر منذ عقود، يمكن أن يسقط بسهولة! فإذا كانت حكومات العالم الإسلامي متيقنة من أن الصهاينة أعداء لهم، فلا يتوجب عليهم احتضان ورعاية وتسمين (حمير الطائفية) ليقوموا بدورهم الخبيث، ويلزم ألا تكتفي تلك الحكومات بالتصريحات الصحافية والإعلامية الاستهلاكية تحت عناوين الأسرة الواحدة والوطن الواحد وحقوق الجميع المتساوية بصيغ مجوفة من ناحية، ثم تترك الحبل على الغارب لرؤوس الطائفية لأن تتآمر ضدهم مع الصهاينة، وهي سعيدة فرحة مسرورة»، (انتهى الاقتباس). مع إضافة يسيرة أطرحها هنا، وهي ان التصدي للأفكار الطائفية الوضيعة، حتى وإن كانت مدعومة من الحكومات، يلزم أن تتشكل كموقف شخصي مني ومنك ومنهم ومنكم ومن أولئك… كل ذلك يعتمد على الفكر المعتدل في الحياة اليومية، والممارسة المستمدة من الخلق الإسلامي في التواد والتآخي، وليست صنيعة عيال إبليس في النزاع والتصارع.

ولهذا، من الصعب أن يشعر (عيال إبليس) بالطمأنينة حين ينتشر – على سبيل المثال – خبر زواج مواطن سني من شيعية، أو زواج سنية من شيعي! وقد علم الكثيرون بقصة تأجير صالة أفراح لزواج مواطن سني من مواطنة شيعية في الفترة الأخيرة، فما كان من أولئك الموتورين بجحيم العمل الشيطاني إلا أن أقاموا القيامة ورفعوا الرماح الطائفية وهدّدوا وتوعدوا، بل تبرع بعضهم وبادر لعمل (هاش تاق) على حساب التغريد تويتر، منزعجاً متذمراً متشيطناً وكأن سيده الشيطان انفجر غيظاً مما حدث.

إن التقارب وتعزيز العلاقات بين المواطنين السنة والشيعة في كل المجتمعات، يسقط عمل (عيال إبليس)! فالثمرة التي ينتظرونها بفعلهم الخبيث هي المزيد من الصدام والصراع والتدمير للسلم الاجتماعي، ولأن المجتمع البحريني، وفي مراحل متعددة من تاريخه، مر بأزمات كثيرة وتعداها، لا بفضل أفكار (حمير الطائفية)، بل لجهود المواطنين الأخيار الأصيلين المعتدلين من أبناء الطائفتين الكريمتين، ممن يضعون الخلق الإسلامي ومصلحة الوطن وسلامة جبهته الداخلية للوطن فوق كل اعتبار. أما شغل (عيال إبليس)، فكلما استمر وتعفن، تعفنت معه عقول وقلوب ونفوس… الأقرب لها (برميل الزبالة)… أعزكم الله.