غسان حامد عمر

‏حوار مع صديقي غير الملحد

* «أول شيء خلقه الله كان الرحلة، بعد ذلك الشك، ثم الحنين».
من فيلم «تحديقة عوليس» للمخرج اليوناني ثيودور أنجيلوبولوس.
بينما كنتُ أتحدث مع صديق في أحد المقاهي، لاحظت اهتمام الشاب الجالس بجوارنا بحوارنا المحتدم، وما إن تبسّمت له مُرحِّباً لأرفع عنه الحرج، حتى دنا منّا وسأل -بأدبٍ جم- عن إن كنتُ قد قرأتُ الكتاب الذي أمامنا للدكتور «مصطفى محمود» بعنوان: «حوار مع صديقي الملحد»، وعن كيفية التعامل مع من ألحد.
كنتُ دوماً أعجب من طبع البشر؛ حين يظنّون أن مشكلاتهم تقتصر عليهم وحدهم، ولو تأمَّل أحد الآباء الناقمين على أطفاله في سلوك الأطفال الآخرين، لعَلِمَ أن سلوك أبنائه «الشيطاني» هو مجرد عبثٍ طفولي، يشترك فيه ملايين الأطفال حول العالم، وكذلك تشترك الأسر في مشكلاتها العائلية، إلا أن البيوت أسرار كما قيل، والحقيقة أن الشاب مثل كثيرين هذه الأيام مِن مَن التبس عليهم الأمر وسط هذه الفوضى الفكرية والتغيُّرات السريعة والفتن المحيطة التي «تدع الحليم حيران»، وسط غياب تام لتفسيرات النُّخَب وانهيار القدوات وسقوط الأقنعة.
متابعة قراءة ‏حوار مع صديقي غير الملحد

غسان حامد عمر

مطارات حول العالم

سألني أحد الأصدقاء سؤالًا لم أفكر بإجابته من قبل: «أي المطارات إليك أحب!؟»
والحقيقة أنه سؤال صعب لكثرة الخيارات! فلقد تغيّر مفهوم المطار في السنوات الخمسين الأخيرة، منذ أن كانت الطائرات تحط في العراء؛ وعبر مبانٍ بسيطة تخلو من الخدمات، وصولًا إلى الصالات الحديثة في العقدين الماضيين، والتي تحيط جدرانها بالمسافرين الذين يدخلون من صالة المغادرة وعبر الجسر إلى الطائرات، ويخرجون من صالة الوصول وهم لم يروا طائرةً واحدة!
متابعة قراءة مطارات حول العالم

غسان حامد عمر

De Humanization

De Humanization لطالما تساءلت عن سبب توحُّش الإنسان تجاه أخيه الإنسان، خصوصاً عندما يخبرنا علماء الطبيعة أنه أكثر المخلوقات قتلاً لبني جنسه، وهو من المفترض أن يكون أعقلها، ولعل حيرتي هي التي جعلتني أتجرأ على مجال أساتذتنا المختصين في علم النفس والسلوك بكتابة هذه السطور.
لكل منتهى بداية، وبداية السفك والوحشية خطوات، أولها (عملية نزع الطابع الإنساني de Humanization)
عبر صبغ الطرف الآخر بصبغة الخطر: يحاول زعزعة دينك، أفكاره هدامة، كافر…. الخ.
لو افترضنا أننا كُنَّا نسبح في بركة ماء، وصرخت فجأة وبخوف: «اقتلوا تلك البعوضة الماصة للدماء، ستنقل لكم الأمراض القاتلة» لن يتوانى الأصدقاء عن البطش بها فوراً، دون معرفة أنها ليست سوى فراشة صغيرة.
ثانياً: (الاستعداء بناءً على المسؤولية الجماعية)، فبعد قيام الآلات الإعلامية المغرضة بصبغ الآخر بصبغة الخطر، يقوم أفراد جهلة بمحاولة الانتقام من أي شخص من الطرف الآخر، حتى لو كان امرأة أو طفلاً.
ثالثاً: (الانتماء الأقوى من الحقيقة)، وهو عنوان شارحُُ لنفسه، ويذكرني بقول دريد بن الصمة: (وما أنا إلا من غزية.. إن غزت غزوت.. وإن ترشد غزية أرشد).
وينتشر هذا الداء في الأوساط التي تطغى فيها القبيلة على الدولة و المرجع الديني على ولي الأمر.
رابعاً: مع جميع العوامل السابقة يحل أخطر أمر على النفس البشرية وهو ‘الكراهية’ والتي تعمي الإنسان عن رؤية مايسمى (mirror neurons) وهي ظاهرة تحدث للإنسان عندما يرى أخاه الإنسان في موقف بائس فيرتد ذلك على خلاياه العصبية المرآتية فيحس بألمه ويحزن له ، لذلك تطلب بعض الجيوش من فرق قناصتها عدم النظر في عيني الهدف.
خامساً: كثرة مناظر الدم والقتل واعتياد النفوس عليها ، كان أحد الرؤساء اللبنانيين أثناء حرب لبنان يمنع بث صور القتلى في وسائل الإعلام قائلاً إنه لا يريد أن يتعوَّد اللبنانيون على مشاهد الدم ، فالرحمة الرحمة ياوسائل الإعلام و أصدقاء «الواتساب».

غسان حامد عمر

دويستوفسكي.. جارسيا وآخرون 1-2

كلما توقف القارئ أمام جمال أعمال كتاب كبار تساءل: كيف ظل هذا الكاتب وذاك مجهولين طوال هذه العقود؟!

عبر التاريخ كان التميز وبالا على صاحبه أيا كان، خاصة لو حاول التغريد خارج السرب.

لم يكن «دويستوفسكي» يوما كاتب الثورة كما كان «ماكسيم جوركي»، لذلك تأخر الاعتراف به وتكريمه، فقد ولد «دويستوفسكي» عام 1881، ولم تُكرّمه روسيا إلا عام 1956م.
متابعة قراءة دويستوفسكي.. جارسيا وآخرون 1-2

غسان حامد عمر

أَمِن العَدْل؟!

ضمن أجواء ما سُمّي بالحرب الباردة بين قطبي القرن العشرين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، برزت أزمة “الصواريخ الكوبية” التي اكتشفتها طائرة التجسس الأمريكية U2 في أكتوبر عام 64 لتؤكد المعلومات الاستخباراتية بوجود صواريخ باليستية متوسطة المدى في الأراضي الكوبية وعلى بعد 90 كيلومتراً فقط من ولاية فلوريدا الأمريكية.

وطوال الثلاثة عشر يوماً التي تلت الرابع عشر من أكتوبر اهتز العالم الذي بات على شفير حربٍ نووية وضغطت الولايات المتحدة سياسياً بالمفاوضات وعسكرياً حين رفعت مستوى التأهب وأعطت لنفسها حق فرض حظر بحري وجوي باعتراض أي سفينة أو طائرة تشتبه في قدومها من الاتحاد السوفيتي أو حملها أي أسلحة في منطقة الأطلسي.

يقول المنظر العسكري الجنرال كارل فون كلاوزفيتز:
“الحرب امتدادٌ آخر للسياسة”، حقيقةً لم تكن الحرب يوماً نزهةً أو موقفاً يدعو للفرح، لكن الظروف تفرض على كثير من الأوطان الآمنة “عمليات موضعية” سريعة حتى لا يستفحل الداء وينتقل لأجزاء الجسد السليم.

قال شاعر النيل حافظ إبراهيم:
أمن العدل أنهم يردون الماء صفوا وأن يكدر وردي؟
أمن الحق أنهم يطلقون الأسد منهم وأن تقيد أسدي؟
نحن نجتاز موقفاً تعثر الآراء فيه وعثرة الرأي تردي
فقفوا فيه وقفة الحزم وارسوا جانبيه بعزمة المستعد

* (قد نختلف مع أي نظام لكننا لا نختلف مع الوطن، ونصيحة أخ لا تقف مع «ميليشيا» ضد وطنك، حتى لو كان الوطن مجرد مكان ننام على رصيفه ليلاً).. (جلال عامر).