سامي النصف

داعش تحكم العالم!

رغم عشرات الكتب التي صدرت عن داعش وأهمها كتاب الصحافي الأميركي جوبي ورك الحائز مرتين جائزة بوليتزر للصحافة والمسمى BLACK FLAGS فإن أحدا لا يعلم على وجه التحديد من فكر في إنشاء التنظيم ودعمه وتمويله ومساعدته في التخطيط لأعماله الإرهابية ومعاركه العسكرية، إلا ان الاكيد بعد متابعة تأثير تنظيم داعش على العالم اجمع، هو ان العقل العربي البسيط لا يستطيع خلق وحش مركب كحال داعش ينتج عنه ذلك التأثير المدمر على مجريات الامور ومسار التاريخ.
***

فبعد ان اشعل تنظيم داعش الحروب المعقدة في منطقة الشرق الاوسط التي يصعب الوصول لحلول لها وتسببه في تقسيم وتجزئة دول وشعوب المنطقة، امتد تأثيرالتنظيم الى اوروبا واميركا، ففي بريطانيا حدث انفصام حاد بين منطق العقل الذي تمثله العقول السياسية الحكيمة المطالبة بالبقاء ضمن الاتحاد الاوروبي وعلى رأسهم كاميرون، ومنطق العاطفة والخوف من الارهاب وقدوم المهاجرين الذين دفعتهم حروب داعش للهجرة والذي يمثله الزعيم السياسي البريطاني نايجل فراج الذي حصد حزبه كرسيا واحدا في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، ولانتصار العاطفة لدى الشعوب اسباب، كتب عنها المفكر والمؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه الشهير «سيكولوجية الجماهير»، حيث ذكر ان الجماهير لا تعقل فهي تقبل الافكار او ترفضها دون تدقيق او حكمة بل يغلب على قراراتها تحكيم الغرائز والعواطف على حساب المصالح الاستراتيجية بعيدة المدى، وهذا تماما ما حصل في بريطانيا، ولو عزلت داعش وأعمالها من المعادلة لما حصل الخروج من الاتحاد الأوروبي.

***

واذا كان تنظيم داعش قد سيطر بطريقة شيطانية على عقول الشباب ودفعهم للقيام بعمليات انتحارية وقتل جماعي، فإن التنظيم سيطر في الوقت ذاته وعبر دغدغة غريزة الخوف على مشاعر وعواطف الشعوب الأوروبية والأميركية ودفعهم لدعم التوجهات اليمينية المتطرفة كونها تعدهم بحمايتهم والشدة مع التنظيم ومن ذلك الدعم الكبير الذي يحصل عليه المرشح ترامب بالولايات المتحدة رغم انعدام الخبرة وكثرة الاخطاء والزلات، والتي تزداد مع كل عملية ارهابية تنسب حقا او زورا لتنظيم داعش، وما زال في الوقت متسعا لعملية ارهابية كبرى قد تصيب الابرياء في الولايات المتحدة في الاشهر الممتدة لنوفمبر القادم.

***

آخر محطة: في بدايات القرن الماضي تآمر الأوروبيان سايكس وبيكو على تقسيم وتجزئة العالم العربي، هذه الايام ومع بدايات هذا القرن يتآمر القائمون على تنظيم داعش على وحدة الاتحاد الاوروبي، حيث ان خروج بريطانيا من الاتحاد يمهد لخروج دول اخرى باتت قياداتها اليمينية المتشددة المعادية للمهاجرين تطالب بقيام استفتاءات بها، اضافة الى ان قيادات اسكتلندا وايرلندا الشمالية اعلنت رغبتها في البقاء ضمن الاتحاد الاوروبي مما يلمح لرغبتها في الانفصال خاصة ان خروج بريطانيا يسهل هذه المهمة والتي تتطلب موافقة «جميع» دول الاتحاد الاوروبي للانضمام وهو امر مستحيل بوجود بريطانيا.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *