سامي النصف

أيهما أشد إيلاماً.. السجن أم الغرامة؟

للإعلام الحر كالحال في الكويت دور خيّر في أي بلد، حيث يمنع الظلم ويحد من التجاوزات والسرقات ويشرك الناس في معرفة ما يدور في وطنهم كما يعرّف المسؤولين بما يدور في أذهان الشعوب، من ناحية أخرى يمكن للإعلام وخاصة الاجتماعي منه الذي يديره مواطنون عاديون غير مهنيين وغير مطلعين على قوانين الجزاء، ان يكون له دور سالب خاصة عندما يستهدف الوحدة الوطنية والطعن في الأشخاص أو العقائد وهنا تأتي الحاجة للتوعية وللنظام الذي يمنع الإسفاف ويرتقي بالأداء.

***

وبعكس ما يروجه ويردده كثير من الإعلاميين دون تفكير، بأن كل العقوبات مقبولة عدا سجن الإعلامي الذي قد يكون تعدى على الوحدة الوطنية أو مس بعقائد أو سمعة الآخرين، أرى شخصيا ان العقوبات المالية الباهظة هي الأكثر ظلما وأذى على الإعلام والإعلاميين من غيرها من عقوبات كعقوبة السجن التي يتعرض لها جميع المواطنين الآخرين من الوزير الى الخفير متى ما أخطأوا خاصة في حالة المكوث لمدد قصيرة في سجون الكويت المرفهة التي لا تعذيب ولا قتل فيها بل أصبح السجن المرفه الطريق الأسهل لإحراز المراكز الأولى في الانتخابات النيابية لمن تكرر إخفاقهم فيها وكم من ملسون أصبح نلسون.. مانديلا!

***

وإشكالية العقوبات المالية الباهظة التي لا يتكلم عنها أحد انها تضر بكل العاملين في المؤسسة الإعلامية المعنية ولا تقتصر العقوبة على الفاعل، حيث ان المؤسسة الإعلامية قد تتعرض للإفلاس والإغلاق أو تقليص اعداد ومزايا العاملين الآخرين فيها بسبب تلك الغرامات الباهظة التي قد تضطر الإعلامي المعني لبيع بيته ومن ثم الإضرار بأهله وعائلته دون ذنب اقترفوه، بل انك لو سألت بعض أقارب أحد الإعلاميين الذي أعرفه جيدا لفضلوا ربما ان يسجن كي يرتاحوا منه ومن حنته ورنته وأوامره اليومية التي هي أقرب لأوامر.. جوزيف ستالين أو صدام حسين!

***

آخر محطة: في الكويت حصدت الحكومة إعجاب وتصفيق رجال الإعلام الخاص وهي سابقة لم تحدث قط في تاريخ الكويت بعد سحبها لمشروع الإعلام الموحد.. برافو رئيس الحكومة وبرافو وزير الإعلام النشط.

 

احمد الصراف

القضية رقم 12

ذكرنا في مقال نُشر في 2011/12/1، ونقلا عن «أخبار اليوم» المصرية، أن وزارة العدل في مصر شكّلت لجنة تحقيق للنظر في الاتهامات التي طالت بعض جمعيات النفع العام، التي كان لها دور في ثورة 25 يناير، التي أدت إلى الإطاحة بحكم مبارك، بأنها ربما قد تكون تلقت أموالا من مصادر أجنبية! وأن الجمعية السلفية (أنصار السنة) حصلت من مصدرين خليجيين على مبلغ 296 مليون جنيه (50 مليون دولار)، جاء أكثر من ثلثها من الكويت! ولم تنكر الجمعية السلفية «التهم» حتى اليوم. وقلنا في المقال إنه تبين لاحقا أن تلك الأموال، التي كانوا ينكرون باستمرار تلقيهم لها من الخارج، هي التي مكّنتهم، ومكّنت جماعة «قارض الثورات الأكبر» في قطر، من خطف ثورة الشباب وتجييرها لحسابهم. كما ورد في الصحافة الكويتية أن مبالغ التحويلات المليونية هذه خرجت من حسابات «جمعية إحياء التراث السلفية» لحساب الحزب السلفي الأكبر والأكثر تطرفا في مصر! وحدث ذلك أمام سمع وبصر الحكومة الكويتية، وربما بعلمها – إن ثبت صحة ذلك – فهو إثبات دامغ على تدخّلنا في شؤون الدول الأخرى. فلا يُعقل أن تتمكن جمعية نفع عام، تخضع لرقابة الدولة الصارمة، من تحويل مثل هذه المبالغ دون علمها. وتساءلنا في المقال: من أين لجمعية كإحياء التراث مثل هذه الأموال الضخمة لتصرفها على حزب سياسي مصري متطرف يسعى للوصول إلى الحكم؟ ولماذا لا تنفق هذه الجمعية أموالها في الكويت، بوجود عشرات آلاف المحتاجين من المواطنين، وشبه المعدمين من «البدون»؟ أسئلة كثيرة ستبقى بلا جواب وتعزز سابق شكوكنا بدور بعض الأحزاب الدينية في تمويل الإرهاب خارج الكويت، وربما داخلها. – انتهى!
لم يُعجب هذا الكلام في حينه السيد طارق سامي السلطان، رئيس جمعية سلف الكويت، فقام برفع دعوى قضائية علينا، هي الثانية عشرة في تاريخنا الصحفي القصير، وقضت محكمة أول درجة بعدها ببطلان ادعاء الجمعية بحقنا. ولكن الجمعية التراثية السلفية، أو العكس، لم تكتف. بذلك، بل قامت باستئناف الحكم، وهنا أيضا قررت محكمة الاستئناف بطلان الادعاء، وقضت ببراءتنا ورئيس التحرير من تهمة الإساءة إلى الجمعية ورئيسها! والعجيب أن هؤلاء بدلا من أن يقوموا بعقد مؤتمر صحفي والرد على ما ورد في الصحف المصرية من اتهامات بحقهم، وكونهم من ممولي جماعات سلفية متطرفة في مصر وغيرها، قاموا برفع قضية علينا، مطالبين بمبلغ 5001 دينار كتعويض.
وبالمناسبة، لا يزال محاسب جمعية رعاية المرضى (!)، السلفية الإخوانية، الذي نهش من صندوقها، على مدى 4 سنوات، مبلغ 14 مليون دولار، دون أن ينتبه أحد من مسؤوليها الى السرقة، لا يزال محبوسا في قطر، دون أن تتمكن الكويت من استعادته لمحاكمته! وسبق أن ذكرنا قبل شهرين أن جهات عدة لا تودّ رؤية وجه هذا المختلس في الكويت لكي لا يتسبب في فضح دورها المريب في عملية الاختلاس التي استغرقت 1400 يوم دون أن «ينتبه» أي من مجلس إدارة الجمعية إليه!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

العدو الحقيقي للخليج

في الوقت الذي تنطلق فيه عجلة التطور التنموي واحترام الحريات الى الامام بكل قوة في معظم دول العالم، نجد التطور عندنا في الخليج ينطلق الى الوراء! حتى دول الربيع العربي انفتحت على شعوبها وحاورتهم وسمحت لهم بهامش كبير من حرية التعبير عن الرأي، ونجد هامش الحريات لدينا يتراجع بشكل كبير حتى أصبح بعض دولنا سجنا كبيرا لمثقفيها وسياسييها! ولعلنا لا نبالغ ان قلنا اننا في الكويت نعيش في دولة نصف شعبها يكاد يكون محالاً الى النيابة بسبب آرائه السياسية!
قد أكون مبالغاً شيئاً ما، وقد اكون متجنياً على دولنا الخليجية التي ينعم شعبها بالعيش الرغيد كما يقال، ولكن الحقيقة التي يدركها الجميع ان هامش الحريات قلّ كثيرا والتحول الى النمط البوليسي في الحياة العامة اصبح اكثر وضوحاً. ولعل التفسير المنطقي لهذه الظاهرة هو ان بعض الانظمة الحاكمة تخاف من وصول رياح الربيع العربي اليها فبادرت بضربة استباقية للتيارات السياسية الاسلامية بالذات حتى تقطع الطريق على اي احتمال لوصول رياح التغيير اليها.
الذي لا تريد هذه الانظمة ان تستوعبه هو ان جميع التيارات السياسية في الخليج، من دون استثناء، تدرك جيدا وتؤمن ان وجود الأسر الحاكمة اليوم امر حتمي للاستقرار في هذه الدول، وانه لا يوجد تيار سياسي واحد يفكر ولو للحظة باستبدال النظام الحاكم اليوم بنظام آخر، وان كل ما تطالب به هذه التيارات هو تطوير النظام السياسي بحيث يضمن مزيداً من المشاركة الشعبية ومزيداً من الحريات العامة، وان هذا التطوير المنشود يتم من خلال القنوات الشرعية المعمول بها من دون اللجوء الى وسائل غير مشروعة ومن دون الاستعانة باطراف وادوات خارجية. ان ما يحدث اليوم في بعض دول الخليج هو تراجع شديد في احترام حقوق الانسان وتقهقر للوراء في مستوى الحريات العامة، في الوقت الذي تتفاخر فيه الدول المتقدمة بريادتها في هذا المجال وتسعى الامم المتحدة والمنظمات الدولية الى اصدار التشريعات التي تعاقب الدول التي تنتهك هذه الحقوق ولا تحترمها!
لقد وصل الامر الى ان يتم الاعتقال وفقا للهوية والتوجه الفكري او السياسي! فان كنت تؤيد رياح الربيع العربي مثلا فانت ارهابي، وان كان لديك تواصل مع اي من التيارات الاسلامية التي بدأت تحكم دول الربيع العربي فانت تسعى للانقضاض على الحكم حتى ان تبين انك ارسلت مبلغا من المال لاسرة معتقل بعد ان انقطع بها السبيل باعتقال معيلها فان اسمك في قائمة المطلوبين في المطارات!
الذي يحز بالنفس ان التيارات العلمانية والليبرالية بدلا من ان تقف في وجه هذا التوجه الخطير وتخفف من الانحدار السريع في مجال حقوق الانسان نجدها تدعم الحكومات وتؤجج الشرر لمزيد من التضييق على الاسلاميين، متناسية مبادئها التي تنادي بها طوال سني كفاحها ونضالها! وكلنا يعلم انها ستؤكل كما أُكل الثور الابيض!
كلمة اخيرة لاخواننا في دول الخليج: العدو الحقيقي لكم ولدولكم ليس التيارات الاسلامية وليس التيارات السياسية، ان العدو الحقيقي هو الطائفية البغيضة التي تحكم ايران والعراق، والتي لن تتردد لحظة في الالتفات اليكم بعد ان تهدأ الامور عندها وترتب اوراقها مع أميركا وتعالج المشاكل العالقة والمسببة لتأجيل التوافق الأميركي – الإيراني. هذا هو الخطر الحقيقي، اما التيارات الاسلامية فهي السند الحقيقي والداعم للجبهة الداخلية وتوحيدها، فلا تفرطوا في الخل الوفي من اجل عدوّ جليّ.
ان غاية مطالب التيارات الاسلامية والقوى السياسية هي الحكم بالعدل وتطبيق القانون واحترام الحريات وحقوق الانسان ورعاية ثوابت الدين وعاداته وتقاليده، وهذه كلها تصب لمصلحة الحكم، حيث سينشأ مقابل ذلك حب النظام والمحافظة عليه والذود عنه، انها المعادلة الكونية البسيطة: احترمني احترمك… حافظ على كرامتي أحافظ على وجودك.