سامي النصف

أيها السادة… الاستثمار البشري هو الفيصل الحقيقي

أعلن وزير التعليم البريطاني قبل أيام أن قدرة بريطانيا على البقاء والمنافسة وتفادي مستقبل كارثي مماثل لما تعرضت له اليونان يمر عبر ردم الهوة التعليمية القائمة بين بريطانيا ودول شرق آسيا معلنا خططه لإطالة اليوم الدراسي البريطاني وتقليص مدة الإجازة الصيفية البالغة 6 أسابيع (قارن الحال بالكويت) التي ذكر أنها من مخلفات القرن التاسع عشر عندما كان الطلبة يساعدون في حصد الغلة الزراعية بالصيف قبل تحول بريطانيا من دولة زراعية إلى دولة صناعية (عقبال العزيزة مصر بعد أن يتقلد رئاسة وزرائها الصديق الحالم نيوتن).

* * *

الكاتب الأميركي الشهير فريد زكريا طرح في مقاله الأسبوعي الأخير بمجلة التايم الأميركية إشكالية التعليم الجامعي في أميركا حيث رأى أن مستقبل أميركا ورفاهها مرتبط به، ذاكرا أنه يعاني من ضعف مخرجات التعليم الأولي والثانوي، ومن حاجة بعض الجامعات لأبناء الأثرياء قد لا يكونون الأفضل أكاديميا إلا أنهم الأكثر قدرة على دفع الرسوم وتقديم التبرعات، ومن المشاكل التي ذكرها زكريا استخدام مقاييس غير أكاديمية كالمقابلات الشخصية لإبعاد والحدّ من نوابغ من أديان وأعراق أخرى كاليهود وذوي الأصول الآسيوية وبالمقابل القبول بمستويات أكاديمية متدنية للبارزين رياضيا.

* * *

وفي رسالة مشتركة لخبيرين كبيرين في الاقتصاد والتنمية البشرية نشرتها جريدة الشرق الأوسط الدولية في عدد الجمعة الماضي بعنوان «آن الأوان لكي يستثمر العالم العربي في موارده البشرية بدلا من تقديم الدعم المالي» طلبا في نهاية المقال القيم البدء في الرفع التدريجي لدعم أسعار الوقود والمحروقات على أن يتلوه الرفع التدريجي لدعم أسعار المواد الغذائية والتأكد أن الدعم إن وجد بحدوده الدنيا يذهب للفقراء والمحتاجين لا للأثرياء كما هو الحال القائم.

* * *

وتتسع الهوة بين الكويت وجاراتها الخليجيات مع كل يوم يمر بسبب عنايتهم الشديدة بالتعليم الابتدائي والثانوي والجامعي وتشجيعهم للمدارس والجامعات الخاصة ذات التميز العلمي ومحاربتنا الشديدة لها، كما نعاني من تدني مستوى «بعض» المعلمين وأساتذة الجامعة بعد أن ملأنا جيوبهم بالأموال دون أن نطلب منهم المقابل ودون أن نحرص على حصر إرسال البعثات الخارجية على الدول المتقدمة لا المتخلفة وخلق مركز يفحص الشهادات ويقيم الاختبارات لتصديقها.

* * *

إن الحل الأمثل لإشكالية التعليم في الكويت هو في التدريب المستمر للمعلمين والأساتذة، وفي دفع الدولة لجزء من كلفة إدخال الطالب الكويتي للمدارس الخاصة المتميزة ثنائية اللغة، وخلق نظام تعليم مشترك تساهم به الدولة بالمباني ودفع رواتب الأساتذة الأجانب والمناهج المتقدمة القريبة مما هو موجود في المدارس الأجنبية وكذلك ولي الأمر بجزء من الكلفة حيث لا يمكن أن تعتمد الدولة في مستقبلها وتطورها على العدد القليل جدا من خريجي المدارس الخاصة بينما بالكاد يفك خريج التعليم العام الخط ويعاني الأمرين عند كتابة رسالة.

* * *

آخر محطة: في لقاء خاص مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ضمنا وجمعا من الإعلاميين الكويتيين استمر لثلاث ساعات أوضح كيفية عنايتهم بالمدارس والجامعات واستقدامهم لأفضل المقررات في العالم واختيارهم لأفضل الطلاب الإماراتيين في الرياضيات والفيزياء ثم إرسالهم لأرقى الجامعات كي يتخرجوا ويتسلموا إدارة محطات الطاقة النووية المشتراة والتي ستقلل على الدولة حرق نفطها الذي لا يعوض (كحالنا) لتزويد البيوت والمصانع والأسواق بالطاقة.

احمد الصراف

عيد النوروز

مرت علينا قبل فترة مناسبة عيد النوروز، الذي تبلغ نسبة المحتفلين به من الشعوب المسلمة السنية أضعاف تلك الشيعية. وعندما قبض آية الله الخميني على الحكم في إيران وتخلص من خصومه، أجرى مجموعة من التغييرات الجذرية في المجتمع الإيراني، ومنها منع الاحتفال بـ«عيد النوروز»، لاعتقاده -ربما- بوثنية العيد ولطقوسه الأقرب إلى المجوسية، الزرادشتية. كما منعه لتضمنه احتفالات فرح وموسيقى ورقص في البيوت والشوارع والحدائق، وهي أمور لم يكن الخميني يحبّذها! ولكن ما إن انحسر التأثير الطاغي لزعيم الثورة بوفاته حتى عاد الإيرانيون، وبقوة، للاحتفال بالمناسبة، فهو العيد الوحيد الذي يعني لهم الكثير. ويتضمن الاحتفال به إصرارا على التمسّك بالحياة والتمتع بمباهجها! يبدأ النوروز مع بداية السنة الفارسية، الشمسية الهجرية، وهو يوم الاعتدال الربيعي، حيث تُعطل فيه كل الجهات الحكومية والأهلية في إيران ودول عديدة أخرى، أعمالها، وتتوقف الدراسة اعتباراً من اليوم السابق لبداية السنة، ويستمر العيد 13 يوماً، وتسميته في الفارسية تعني: اليوم الجديد، وهو اليوم الأول من شهر «فرردين»، أو الحمل، ويصادف 21 مارس، وبدايته تكون في الدقيقة التي تتم فيها الأرض دورتها السنوية حول الشمس وتبدأ دورة جديدة، وتبلغ احتفالات العيد ذروتها في اليوم الثالث عشر والأخير منه، «سيزده بدر»، عندما يخرج كل قادر من بيته للتمتع بالطبيعة في الحدائق والأماكن الخلوية، وليلقوا بنباتات الحبوب التي زرعوها في اليوم الأول من العيد، والتي سبق أن زيّنوا بها صينية الـ«هفت سين»، بأحد الأنهار أو الجداول، لتحمل أحلامهم وأمنياتهم بحياة جديدة أكثر خصوبة ورخاء، وأقل عداوة وحقدا على الغير.
يعتبر التقويم الفارسي الشمسي دقيقاً جداً، ويتكون من 365 يوماً في السنة البسيطة و366 يوماً في الكبيسة، وقد أشرف على وضعه الشاعر والفلكي عمر الخيام بمعاونة سبعة من علماء الفلك، وتتبع التقويم أفغانستان، ويختلف عن الغربي في أن أشهره الستة الأولى تتكون من 31 يوماً والأشهر الخمسة التالية 30 يوماً، أما الشهر الأخير فيتكون من 29 يوماً في السنة البسيطة و30 يوماً في السنة الكبيسة، وبالتالي قد يقع العيد في 21 من مارس أو قبله أو بعده بيوم، اعتماداً على اللحظة التي تكمل فيها الأرض دورتها السنوية حول الشمس، ووفق تطور السنة الكبيسة، وعلى الرغم من عدم وجود أي دليل يربط العيد بالفرس، لاهتمام الشعوب الكردية والتركمانية في كل جمهوريات آسيا الوسطى، كأذربيجان وتركمانستان وطاجيكستان وغيرها بالاحتفال به بالقدر والأهمية نفسهما، إلا أن المظاهر والتسميات الفارسية لمراحله تطغى عليه.

أحمد الصراف