حسن العيسى

الأخ العبيط يراقبك

"على واجهة المنزل المقابل كانت تنتصب واحدة من تلك الصور المكتوب عليها بأحرف بارزة "الأخ الكبير يراقبك"… أما وزارة "الحقيقة"، وهي عمارة عالية تلامس السحاب، فقد كان "باستطاعة ونستون أن يقرأ على الحائط الأبيض كتابة ذات أحرف كبيرة بارزة، هي شعار الحزب المؤلف من جمل ثلاث: الحرب هي السلام. الحرية هي العبودية، الجهل هو القوة…".
وزارة الحقيقة في رواية ١٩٨٤ لجورج أورويل هي وزارة الإعلام، ولم يكن العملاق أورويل يكتب فقط عن عالم خيالي في إنكلترا قبل ستين عاماً، بل كان يفكك طبيعة النظام الشمولي الاستبدادي، مثاله روسيا الستالينية ذلك الزمن، فهل استطال خيال أورويل ليقرر واقعنا الكويتي اليوم بعد مشروع قانون الإعلام الذي يحمل عنوان "الجهل هو القوة"؟ هو جهل المشروع الحكومي حين يتصور أن حكومة "الأخ الكبير" ستنهي كل صور المعارضة الفكرية بمثل هذا المشروع الجاهل!
"استعباط" عقول البشر يتجلى، أولاً، في مشروع القانون، وفي مقولة وزير إعلام وزارة الحقيقة الكويتية، ثانياً، في أن المشروع يهدف إلى تقرير الحريات في الدولة نقرأها ببجاحة المادة الثالثة من المشروع "… بأن حرية الصحافة والطباعة مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها هذا القانون…"، ثم تأتي تلك الشروط والأوضاع في ما بعد لتهزأ بكم وتضحك بكل صفاقة بأنه لا حرية ولا بطيخ في إمبراطورية شيوخنا، الله يحفظهم، فالمطبوع يشمل كل جملة مفيدة أو ضارة، وكل كلمة، وكل حرف "… وكل كتابة أو رسم أو صورة أو قول، سواء كان مجرداً أو مصاحباً لموسيقى أو غير ذلك من وسائل التعبير…!" (الفصل الأول) ماذا بقي يا ترى من وسائل التعبير لم يجرمها المشروع، حتى التجشؤ سهواً يشمله قانون حكومة الأخ الكبير.
لن أناقش في مقال محدود المكان مواد المشروع، التي يجب أن تفرز لها دراسة قانونية مستقلة، لكن لاحظوا أن مشروع الأخ الكبير، الذي يعرف ما لا نعرفه، ويرى ما لا نراه، ويدرك مصالحنا بأكثر منا، فهو "البابا والماما وكل حاجة بحياتي"، بعبارة فيروز الصغيرة في فصل درامي مع أنور وجدي، ليس في النهاية إلا معلماً من معالم العتمة المرعبة التي انتهجتها السلطة في تعاملها مع المعارضين، فقراءة هذا المشروع لا يجوز أن تتم بمعزل عما يدور اليوم من ملاحقات للمغردين ونواب سابقين، فضحوا بشجاعة مؤسسات الفساد في الدولة، ووقفوا ضد استفراد السلطة بتهميش إرادة الشعب.
مشروع قانون الإعلام الموحد ليس موجهاً للقنوات والصحف المشاغبة دون غيرها، ولا يهدف فقط إلى تكميم أفواه الشباب المغردين، مع فتح مكبرات الصوت إلى أعلاها للعجائز المطبلين الانتهازيين، وإنما يراد به ضرب كل يد صفقت لمسلم البراك وفيصل المسلم وأحمد السعدون، وغيرهم من رموز المعارضة، تريد حكومة الأخ الكبير أن تكمل وصايتها وهيمنتها على أفكار البشر، وهي تدرك أن غريمها اللدود هو الكلمة الحرة، هي تعلم أن خصمها العنيد هو حرية الضمير… ماذا يريد الأخ الكبير في النهاية بعد أن أضحت الدولة مثلثاً من الخواء والقمع؟! هل سيصمت الكويتيون على مهزلة مشروع قانون الإعلام، مكتفين بالندوات والمقالات، ولا شيء بعد ذلك… حتى يأتي اليوم الذي تجز فيه رقابهم على مذبح الأخ الكبير، لأن الحرية هي العبودية، ولأن الجهل هو القوة عند الأخ الكبير الذي يراقبنا بعين مشروع الإعلام، وهو الأخ العبيط الذي يقمع الأحلام.

احمد الصراف

سنوات حكومية مبعثرة

سأل الإعلامي عمرو أديب الصحافي جهاد الخازن، في برنامج تلفزيوني، عن أفضل دولة عربية يختار العيش فيها، فقال، بعد تفكير لم يطل: الكويت! وهنا يمكن الافتراض أن هذا الرجل مجامل، أو أننا لا نعرف قيمة وطننا، أو الاثنان معا، وهو الأمر الأكثر رجحاناً! فالقيادة الحكومية للكويت كان بإمكانها، ولا تزال، جعل الكويت أفضل مكان يمكن العمل فيه وتربية أسرة، والانتقال منه في أي وقت لقضاء إجازة ممتعة! ولكن يبدو أن جهة أو جهات ما قررت، عمدا، او جهلا، تخريب هذا الحلم، وسوقنا قسرا الى الإيمان بما يعتقدون، ولم يكن امام السلطة غير قبول ذلك، ربما لاعتقادها أن هذا سيصب في مصلحتها في نهاية الأمر!
في تقرير احتل صفحتين من القبس نشر قبل شهر تقريبا، أوردت القبس مجموعة من الخطط المستقبلية ذات المردود المادي والاجتماعي الضخم، والتي سبق ان تطرق لها الوزير السابق بدر الحميدي في أكثر من مناسبة، والتي لم يبت فيها حتى اليوم، بالرغم من مرور اكثر من ثلاثة عقود على البت في المباشرة بها، وليس فقط التفكير فيها، ومنها مشروع بناء مدينة الصبية لكي تستوعب 250 ألف نسمة مع عام 2000! وهو مشروع تم اعتماد مخططاته عام 1987! وهناك مشروع تطوير الجزر، الذي لا يزال حبيس الأدراج والجزر حبيسة الخراب! كما وضعت خطط في عام 1985 لتعديل التركيبة السكانية، وإحداث توازن إيجابي بين أعداد المواطنين والمقيمين خلال 15 عاماً، أي في سنة 2000! ولكن بعد 30 عاماً تقريبا، نجد أن الخلل استمر في الاستفحال، ولم ينخفض إلا عنوة، أو مصادفة أثناء فترة الاحتلال، ليعود بعد التحرير ويستمر في تصاعده!
ومنذ نصف قرن ونحن لا نزال نسمع بالخطط والبرامج الخاصة بتطوير البلدية وتنظيفها من الفساد والمفسدين، وتطوير جهاز الدولة الإداري والمترهل، والتحول إلى الحكومة الالكترونية، ولكن، وأيضا بعد عقود عدة لا تزال الخطط تقتل بحثا!
والغريب ان مشاريع كثيرة تم التفكير فيها واعتمادها، ثم تأخر تنفيذها لسنوات، واكتشفنا بعد أن انجزت انها أصبحت قديمة وغير عملية، ومنها المطار ومباني الجامعة وبرج التحرير، الذي يقف كالفيل الأبيض لا تعرف الحكومة كيف تستفيد منه. وقد بدأت الحكومة بالحديث قبل سنوات عن توسعة المطار، وسيستمر الحديث فيه وعنه لسنوات، وما ان يبدأ تنفيذه فستطوله يد التأخير والتخريب ليصبح عند انتهائه غير صالح لمواكبة التوسع العمراني والسكاني الذي حدث خلال فترة التأخير. والشيء ذاته ينطبق على مشاريع حالية كثيرة تنفذ حاليا، هذا إذا انتهى العمل بها!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الحوار بين السنة والشيعة

عندما نختصر الحراك السياسي في علاقة مسلم البراك بعبيد الوسمي فاننا نكون قد ظلمنا العمل السياسي للمعارضة، والشيء نفسه يقال فيمن يعتقد ان رأي اطراف في هذا الحراك في وليد الطبطبائي يحدد قوة الحراك وتماسكه فانه اعتقاد فاسد وجائر! التحرك الشعبي اكبر من مسلم وعبيد، وعمل المعارضة السياسية أشمل من علاقة وليد بجمعان او فيصل! لذلك من كان يحصر الحراك في تلك العلاقات فانه يتحدث عن فشل الحراك وضعف تأثيره، ومن ير ان العمل السياسي أشمل وأعم من الافراد وعلاقاتهم فانه يرى ان الحراك ما زال يتنفس وما زال مؤثرا في هذا المجتمع الصغير، ولعل بيانات الاغلبية الاخيرة تؤكد هذه الحقيقة، حيث الاجماع على الاولويات والاتفاق على رؤية موحدة مع اختلاف التشكيلات التي يتحركون من خلالها مما يعطي الامل لكل المحبين للحراك والمتابعين له بتجاوز الخلافات الفردية وضعف تأثيرها على المسيرة.
•••
• التقيت في احد دواوين مشرف بنخبة من شباب الشيعة المثقف، ودار بيننا حديث لا تنقصه الصراحة، وخرجت من الديوان بعدة انطباعات لا يسعني المجال الا لتسجيل القليل منها لعل في تعميمها للقارئ ما يفيد:
ــــ تبين لي ان بعض الشيعة يؤمن بان بعض السنة او غالبيتهم يعتقدون بان قتل الشيعي يدخل السني الجنة ويجمعه مع الحور العين!! ولذلك يفسرون ما يحدث في تفجيرات كربلاء وبغداد وغيرهما من المزارات الشيعية! وهذا طبعا خطأ وغير صحيح، فعقيدة اهل السنة والجماعة تحرم قتل المسلم «لا يحل دم امرئ مسلم الا في ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والخارج عن الدين المفارق للجماعة» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى قتل هؤلاء لا يجوز الا بأمر من ولي الامر وهو الحاكم المسلم الذي يطبق شرع الله في الدولة الاسلامية، ولو ترك تنفيذ الحدود لمن هب ودب لاصبحت شوارعنا هذه الايام أنهرا من الدماء!
ــــ يعتقد بعض هذه النخبة المثقفة ان الذي يدعم الجيش السوري الحر هو الذي يتسبب في زيادة معاناة الشعب السوري، لان ذلك يطيل من امد المعركة ويقلل من فرص الحل السلمي!!
(لا تعليق)
ــــ اعتقد ان المطلوب في موضوع العلاقة بين السنة والشيعة ليس الحوار من اجل التقارب، لا… فالمذاهب التي عاشت مختلفة مئات السنين لن ينفع الحوار في تقاربها ولو طال امده، لكننا محتاجون الى الحوار بصراحة وشفافية كي يفهم بعضنا بعضا على حقيقته، فإما نزيل اللبس والمفاهيم الخاطئة ان وجدت، وما ينتج عنها من خوف تجاه الطرف الاخر، او نؤكد الانطباعات العالقة! وهذا بحد ذاته يساهم في ترشيد العلاقة بين الطرفين، بمعنى اخر لا نريد حوار جمعية الاخاء التي تسعى الى تقارب المذاهب، فهذا جهد كالسراب لا مجال للحصول عليه، بل نريد حوارا اولا لمعرفة كل منا الاخر بشكل صحيح من دون رتوش، وثانيا لازالة الخوف الموجود في النفوس من نوايا كل طرف تجاه الطرف الاخر، وهنا فقط نقول مرحبا بالحوار.

سعيد محمد سعيد

حسناً… اسمع «ويش يقولون»!

 

لست أذهب هنا إلى تصحيح قائمة من المفردات والمصطلحات والتسميات التي انتشرت في المجتمع البحريني منذ اشتعال الأزمة، ذلك أن معانيها معروفة مشهورة لكل من ينطق العربية، ولست اتجه إلى المقارنة بين المعنى الأصلي والمعنى «المستخدم» خلاف الأصلي، فكل مفردات لغات العالم يستخدمها صاحب الخلق في مكانها، ويتلاعب بها الفاسد كيف شاء، إنما هي مفردات، أراها تستحق التأمل… هنا نماذج منها:

* الخونة: من السهل أن تصف الآخرين بالخيانة! ومن اليسير أن تلصق تهمةً كبيرةً كهذه بمن تختلف معهم، لكن من أعقد المصاعب أن تثبتها، فكلمة الخونة أصبحت في بلادنا تستخدم ضد قوى المعارضة الوطنية وضد شريحة كبيرة من المواطنين، وفي الوقت ذاته، لا يمكن لأحد أن يوزع مفردة «الشرفاء» على من يشاء. في البحرين، وهذه وجهة نظري، ليس فيها خائن للوطن وفق أهواء فلان وعلان.

* أذناب إيران: ويستمد منها أيضاً الطابور الخامس والسادس والعاشر والألف، ولربما وجد البعض راحة وسعادة وهو يصف مكوناً وطنياً، وفقاً للانتماء المذهبي والعقائدي، بأنه تابع وموال وخادم لإيران، تسهيلاً لسلب حقوقه واستهدافه، لكن ذلك ما لا يمكن لأي دولة قانون أن تقبله، وإن قبلته فهي الراعية لنشره وترسيخه، وإن فعلت فإنها هي من تعبث بالسلم الاجتماعي والنسيج الوطني. ويحضرني هنا المقال الذي انتشر في الأيام الماضية للكاتب والأكاديمي السعودي عبدالرحمن الوايل في صفحته على الفيسبوك، الذي أشار فيه إلى حوار مع أحد الشباب الذي تأسّف على أن يكون 70 في المئة من العاملين في صرح طبي هم من الشيعة! فسأله: «وما مؤاخذتك على الشيعة الذين يعملون معك في هذا الصرح الطبي الوطني، أليسوا هم من مواطني المملكة، ويعملون في صرح وطني؟ فأجابني بكل ثقة غبية: بلى؛ ولكن ولاء الشيعة ليس للوطن. فسألته: إذا لم يكن ولاؤهم للوطن، فلمن يكون إذاً؟ فأجابني بكل تأكيد أحمق: بأن ولاءهم لإيران. فسألته وكيف توصّلت إلى هذه الحقيقة، هل شققت عن قلوبهم، وتأكدت أن ولاءهم هو لإيران وليس لوطنهم؟ فأجاب كالعارف والمتمكن من ظواهر الأمور وبواطنها: بأنهم يؤمنون بولاية الفقيه؛ أي ان ولاءهم لخامنئي، أي لإيران! وقبل أن أدخل في تفكيك هذه الأطروحة الحمقى واللاوطنية، أريد أن أورد قصة، علها توضح أهمية جمع الولاءات الوطنية لا إهدارها».

* المجوس: لها ذات الارتباط بالعقول الطائفية والنفسيات المدمرة، وليس القصد أن هناك في هذا الكون مجوساً لا يعبدون الله سبحانه وتعالى، بل تستخدم لإخراج (مسلم ينطق الشهادتين) من ملة الإسلام ونسبته إلى ملةٍ أخرى، وبهوس الإذعان الشيطاني، يطيب لأولاد إبليس استخدامها بتلذذ.

* صفويون: هي تعبير كبير عن الجهل المذهل لمن لا يعرف الصفوية ولا نشأتها ولا نسبها ولا دولتها! وإلا لو كان من يستخدمها يعرف جيداً معناها لربما وجد أنها (تعنيه هو لا غيره!)، وتسري أيضاً هذه الكلمة في خطب (مشالخ فتنة) وأصحاب أقلام مدادها كريه، يتفننون في الحديث عن النسيج الوطني والوحدة والتماسك والأسرة الواحدة.

* تطهير: لك أن تفهمها بعدة معان، لكن أبرزها بحسب من ينشرها في المجتمع البحريني والخليج والوطن العربي تعني: أن تصب جام غضبك على من يخالفك في المذهب أو يعارض الدولة أو يطالب بحقوقه أو يعبر عن رأيه، فلذلك هو يستحق «التطهير» من كل الحقوق الإنسانية والشرعية والوطنية.

* الانقلابيون: كالطلقة الهائجة، يطلقها بلا مهارة في التصويب والتسديد، من يتغنى بالوطنية والإخلاص للوطن بشكل زائف، ليجد لنفسه مكاناً من الأعطيات والمصالح الشخصية، ولينفث ما لديه من سموم.

* أهل الدوار: مكوّن من الوطن اختاروا دوار اللؤلؤة أو دوار مجلس التعاون الخليجي (تقاطع الفاروق حالياً)، يمثلون شريحة المعارضة بمطالبها التي لا تخفى على أحد، والوصف اليوم يستخدم ليختصر كل المفردات أعلاه: خونة، انقلابيون، مجوس، أولاد متعة، أذناب إيران، أعداء الوطن…

والحال أن من حق المواطن أن يكون معارضاً، لا ضير في ذلك.

* خيمة نمبر 6: مرفق من مرافق الدوار لا وجود له إلا في عقول الفتنة والطائفية والادعاء الكاذب بالوطنية. لم يكن في الدوار خيامٌ مرقمة. كانت الأشجار والنخيل هي التي تحمل أرقاماً، ومع ذلك يستمتع باستخدامها من يدّعون أنهم (أولياء الله الصالحون).

* الطبالة: ليسوا أعضاء في فرقة موسيقية يقرعون الطبول، وليسوا بالقطع مواطنين موالين للحكومة ويعبرون عن ولائهم المطلق فهذا حقهم. إنما هم جوقة من البشر المتمصلحين الذين يقرعون الطبول مدحاً وثناءً ونفاقاً لينالوا ما يملأ جيوبهم، ولا مكان أصلاً للولاء للوطن في ثقافتهم.

* أهل الفاتح: مكوّن من الوطن اختار مركز الفاتح الإسلامي ليعبر عن ولائه ودعمه للحكومة، ولربما لرفضه لجزء من مطالب أهل الدوار أو كلها. هذا حقهم المشروع دون شك، لكن، ولأن هذا موقفهم، فهم ليسوا بالضرورة طبالة أو طائفيين أو كما سيأتي أدناه… (موب رياييل، ريموت كونترول، منافقون)، إطلاقاً، بل هم مكوّنٌ وطنيٌ لا يمكن عزله.

* موب رياييل: وصف لا يختلف عليه اثنان يشير إلى نماذج لا تريد خدمة الوطن وفق مسئوليتهم الدينية والوطنية والتشريعية، بل لأنهم اختاروا طريقاً واحداً… لا يهمنا الوطن ولا المواطن ولا حاضره ولا مستقبله، يهمنا فقط جيبنا وحسب!

* ريموت كونترول: ليس جهازاً للتحكم عن بعد، إنما حين يختارها أحد بني آدم ليصف به نفسه بكل سرور وفخر، فإنه في الحقيقة يتحوّل من الإنسانية إلى التشيؤ (أي التحول إلى شيء… مجرد شيء)، لا يمكن أن يخدم وطناً طموح شعبه كبير.

هناك من المفردات والمصطلحات والشتائم ما لا يليق المقام لذكرها لوقاحتها ودونيتها أكثر مما ذُكر أعلاه، لكن لو قُدّر لنا أن ندرج وصايا الدين الإسلامي ونصوص القرآن الكريم وأحاديث السنة النبوية المطهرة في شأن الكلام الطيب وجمال القول، لما نفع ذلك في نفوس من جُبل على سيئ القول وبذاءة اللسان، إنما من العار أن يكون المجتمع البحريني، مصدراً لمفردات صالت وجالت على ألسنة الكثيرين، وهي مما لا يُشرف البحرين وأهلها، وإنما جاءت مندفعةً من أقوام هم للتباغض والتناحر والعداوة قادة، وهم للشقاق والنفاق والخصومة والطائفية رواد… زادهم الإعلام السيئ وخطاباته الدنيئة انتشاراً وكأنهم أعلام التقى وجهابذة اللغة ليسيئوا إلى البحرين وأهلها إساءةً كبيرة.

هناك مفردات سيئة للغاية، يفرح بها من يفرح كونه جزءًا منها، ويستاء منها من يستاء كونه لا يرتضيها، بدينه وحسن خلقه ووطنيته، لا لنفسه ولا لغيره من أبناء الوطن.

سامي النصف

حوار مع الحالم نيوتن!

ضمَّني في الكويت قبل يومين حفل عشاء صغير مع الحالم نيوتن أشهر كاتب في مصر هذه الأيام، حيث تجد مقالاته في جريدة «المصري اليوم» وهي الصحيفة الأكثر انتشارا في بلد النيل، أصداء واسعة كما انه أحد الملاك الرئيسيين للجريدة، ونيوتن أقرب في عمله وسيرته الذاتية للشهيد رفيق الحريري من حيث توسع أعماله الاقتصادية وتعدد علاقاته السياسية حتى بات كثيرون يرون انه أمل مصر الوحيد حال تقلده رئاسة الوزارة كي يصلح الدمار الاقتصادي القائم ويقرب بين التوجهات السياسية المتناحرة والمتنافرة ، كما قام بذلك الشهيد رفيق الحريري الذي لولاه لما توقفت الحرب ولما تعمرت لبنان.

* * *

وللصديق الحالم نيوتن نظريات اقتصادية تستحق ان ينظر فيها ساسة مصر وقادتها فهو ، على سبيل المثال ضد النظرية المتوارثة القائلة بالمطلق إن «مصر بلد زراعي» وهو أمر ان صح في الماضي فهو قطعا غير صالح للمستقبل، حيث يظهر واقعها انها بلد صحراوي شحيح الأمطار، بها نهر تتناقص مياهه مع كل يوم يمر بسبب السدود المتزايدة لدول المنبع وآخرها سد النهضة في الحبشة، متصاحبا مع انفجارات سكانية مستمرة بينما ينطبق تعريف «البلد الزراعي» على الدول الوافرة الأنهار والأمطار المتساقطة طوال العام على جل مساحتها الخضراء لا الصفراء كحال دولة جنوب السودان التي يمكن لمصر أن تخلق معها مشاريع أمن غذائي مشتركة ويصبح حال أرض الكنانة كحال الدول الصناعية الوافرة الثراء التي لا تعتبر دولا زراعية.

* * *

نظرية نيوتن الاقتصادية لها مكاسب سياسية سريعة حيث ستوفر فرص عمل واسعة للشباب وتحول مصر من الفقر الى الغنى وتمر عبر التحول بأرض النيل الى الصناعة، فالأرض الزراعية التي بالكاد تكفي عائلة واحدة يمكن لها لو تحولت الى ارض صناعية وبمتطلبات مياه أقل ان تمنح فرص عمل للآلاف وتقوم بالتصدير بالملايين بعد اعادة تأهيل شباب وشابات مصر الى العمل الصناعي ذي التقنية العالية لا الوظيفي او الزراعي كما حدث في الصين خلال سنوات قليلة عندما حولت المزارعين الى عمال مصانع.

* * *

على مستوى شخصي فالحالم نيوتن شخصية فريدة فرغم انجازاته ومشاريعه الاقتصادية الضخمة في مصر وخارجها الا انه يتميز بالتواضع الجم ودماثة الخلق والكرم والتواضع الشديد والوطنية المصرية الحقة، وفي هذا السياق أبديت ملاحظة صغيرة حول استخدامه مسمى «نيوتن» في مقالاته الشهيرة، حيث إن الأسماء المستعارة بنظري المتواضع لا تبقى في ذاكرة الناس طويلا حال توقف الكاتب عن الكتابة بعكس الأسماء الحقيقية، ضاربا المثل بالأستاذين مصطفى أمين ود.أحمد الربعي فلو كانا يكتبان بأسماء مستعارة لما بقي منهما شيء هذه الأيام (لو قام الأستاذ نيوتن بالكتابة باسمه الحقيقي لما تجرأ د.غزلان عضو مكتب الارشاد باتهامه بأن نهجه وتوجهه بالكتابة يقصد منه.. زيادة راتبه الشهري ككاتب!).

* * *

آخر محطة: (1) لا أفهم سبب ظاهرة الهجوم غير المبرر في مصر على قطر هذه الأيام خاصة أنها احد الداعمين الرئيسيين للاقتصاد المصري، من يدعي ان سبب هجومه هو ان تلك الاموال تذهب للإخوان مخطئ حتى النخاع، حيث إن تلك الموارد تذهب للخزينة العامة المصرية وتساهم وهذا الأهم في منع العملة المصرية من الانهيار، حيث لا يوجد جنيه مصري اخوان وجنيه مصري معارضة، العزيزة مصر في حاجة لكسب المزيد من الأصدقاء لا خلق الأعداء.

(2) الدعم القطري والخليجي والعربي والدولي لا قيمة له ما لم يهجر الشعب المصري على الفور الساحات والميادين ويتوجه سريعا الى المصانع والمزارع والمدارس والجامعات ومعاهد التدريب، ويتوقف على الفور الانفلات الامني والاضرابات المدمرة ولن يساعد احد في نهاية الامر من لا يريد مساعدة نفسه ،وقديما قيل ان تتعلم صيد السمك خير من ..انتظار من يهديه إليك!

احمد الصراف

العزة في الكبر

يعتقد الكثيرون، وكنت منهم، أن الكبر في السن، كما نقول في لهجتنا، «شين»! ولكني اكتشفت اخيرا أن هذا ليس دقيقا دائما. فلو آمنا بأن الحياة ما هي إلا مراحل نمر بها، فعلينا أن نستمتع بكل مرحلة بالطريقة المناسبة. وبالتالي للتقدم في العمر فوائده ورونقه، وكل ما نحتاج إليه هنا هو القليل من التفكير وبعض الفلسفة، فالحياة ستنتهي يوما، فلمَ لا نستلذ برحيق كل مرحلة منها؟ يقولون إننا ما ان نكبر حتى نصبح أكثر رحمة بأنفسنا، وأقل انتقادا وعنادا لها، فللشعر أن ينمو أين يشاء وكيف يشاء، وله أن يتبدّل وينحسر دون أن نقلق، ولنا أن نصدر ما نشاء من أصوات، تجبرنا الطبيعة عليها، دون أن نكترث أو نعبأ بما يقوله الآخرون فينا وعنا. ومع التقدم في العمر تكبر معنا مساحة الحرية، بحيث تصبح محاسبتنا عن أي تصرّف أمراً صعباً، فلنا حق السهر لأي ساعة نشاء. وإن أوقفتنا الشرطة على حاجز فلن نكترث، فالتجاعيد ولون الشعر هما هويتا مرورنا دون سؤال! كما أنه ليس لأحد الحق في سؤالنا إن تأخرنا في الاستيقاظ صباحا، أو استغرقنا في النوم حتى ما بعد الظهر. ولنا حق استرجاع ذكرياتنا، وهذه متعة لا يعرفها من هم أصغر سنّاً منا، وأن نتذكر حبا حطّم قلوبنا أو علاقة غرامية حطّمنا فيها قلوب غيرنا، وأن نستمتع بأغاني الستينات والسبعينات، وحتى ما قبلهما، مع ولع بأغاني اليوم وغيرها.
نعم لقد مررنا بلحظات حزن كثيرة، ربما أكثر ممن هم أصغر منا، فقد شاهدنا أعزاء من حولنا يغادرون دنيانا الواحدة، والواحد تلو الآخر، وكنا نذرف دمعة هنا ونمسح واحدة أخرى على خد من نحب، ولكن كل ذلك جعلنا أكثر قوة ومقاومة ورغبة في أن نستمر في هذه الحياة، ونعيش كل لحظة منها، فقد رحل عنا كثيرون قبل أن يروا تحوّل شعرهم للرمادي والأبيض تاليا، ورحل آخرون مبكرين جدا قبل أن تعرف التجاعيد طريقها إلى وجوههم وأيديهم وأكتافهم وسيقانهم، وبالتالي نحن ممتنون، ليس لأننا كبرنا، بل لأننا بلغنا عمرا لم يبلغه الملايين من سيئي الحظ غيرنا، فلمَ نشكو أصلا ونحن لا نزال نتنفس ونسير ونضحك ونشارك أحبتنا أفراحهم ولحظات حزنهم؟ ولمَ لا نعشق الشخص الذي أصبحنا عليه؟ ولمَ يسوؤنا أن نكون بكل هذا الكبر والتقدّم في العمر، وهو أمر لا مفر منه، ولا نستمتع بالأمر بدلا من الشكوى منه؟ فلا شيء سيتغير، اشتكينا أم بكينا، فلمَ لا نستمتع ونمتع غيرنا بتوقفنا عن الشكوى والأنين، وننشرح؟ فلن يكون بمقدورنا أن نعيش إلى الأبد، وطالما أننا على قيد الحياة، فلا داعي للرثاء والندم على ما فات، بل علينا أن نركل المتاعب ونقوم من الفراش صباح كل يوم ونفرغ كل فضلات وسموم أجسادنا، ونفرد أذرعنا ونستنشق هواء جديدا غيره، وليذهب للجحيم من لا تعجبه تصرفاتنا.. نحن الكبار في السن.

أحمد الصراف

عادل عبدالله المطيري

المعارضة المزيفة

في كل مرة أذهب فيها للإدلاء بصوتي في الانتخابات ينتابني شعور مربك جدا، حيث تختلط بذهني المفاهيم وتتضارب القيم في وجداني، فهل أنتخب على أساس عرقي وقبلي وعلى طريقة (الأقربون أولى بالمعروف)، أم يجب عليّ أن أدفع بمرشحي الصحوة الدينية وأستبرأ لديني، أم ربما أكون اكثر وطنية وأقوم بدعم مرشحي التجمعات السياسية المعارضة التي ترفع شعارات محاربة الفساد؟ جربت الخيار القبلي ولم ينفع المعروف بالاقربين، والخيار الاسلامي لم يجد، حيث كان اغلب البرلمانيين الاسلاميين السابقين اشد بعدا عن قضايانا الشرعية، كما اتضح لي ان الخيار الثالث كان اكثر الخيارات فشلا، وهو دعم مرشحي التجمعات السياسية المعارضة، الذين كانوا في الحقيقة يقتاتون على شعار مكافحة الفساد، وربما اكثر من الفاسدين انفسهم، ولذلك تجدهم لا يسعون أبدا للقضاء على الفساد، بل كان هدفهم الرئيسي هو تسليط الضوء على بعض الممارسات الحكومية الخاطئة فقط، ليبدأ بعدها فصل جديد من فصول مسرحية مكافحة الفساد والإصلاح، والتي يستعرضون فيها «بكل ما أوتوا من قوة» أمام السلطة والمجتمع معا، من اجل أن يبتزوا الأولى ويكسبوا تأييد الثانية.

القبليون والطائفيون والمعارضون جميعهم اشتركوا في هذا العمل السياسي المحترف، والذين خدعوا فيه المجتمع لسنين عدة، لم تكن لديهم رؤية للإصلاح السياسي، بل ربما لم يريدوا أصلا تغيير قواعد اللعبة السياسية لأنهم في النهاية مستفيدون من بقائها عندما كانوا «قبليين» كان من الشرف الاشتراك في الانتخابات الفرعية، وعندما اصبحوا معارضة قدحوا بالقبلية وفرعيتها.

أما الطائفيون، وبغض النظر عن نواياهم، فقد رفعوا شعار الدفاع عن الطائفة وفشلوا فيه، وكان من نتائج سلوكهم تقوية الطوائف الأخرى وارتفاع حالة الاحتقان المذهبي في المجتمع.

أما من حمل لواء المعارضة السياسية، فكانوا ولسنوات عديدة يتبعون المثل الشعبي «اضرب المربوط يخاف المنفلت»، حيث كانوا يستجوبون بعض الوزراء غير الأساسيين، وعلى خلفية بعض الأخطاء البسيطة، لكي يرغموا باقي الحكومة على تمرير مصالحهم.

ما الذي تغير؟ هذه حكومتنا وهذه ممارستها العتيقة، وهذه معارضتنا القديمة بشخوصها وتياراتها، كانوا وما زالوا في العمل البرلماني والسياسي منذ سنين طوال، لم يسبق لهم أن رفعوا شعارات الإصلاح السياسي الحقيقي كالحكومة المنتخبة وقانون الأحزاب واستقلال القضاء، ما الذي تغير إذن؟ من المؤكد ان المعارضة السياسية لم تتغير كثيرا لا من ناحية الأشخاص ولا الأفكار، من تغير هو المجتمع الكويتي وخاصة فئة الشباب الذين تعلموا وتثقفوا وشاهدوا تجارب الدول المتقدمة في الإصلاح وإدارة الدولة، وعرفوا أن ما كانت تقوم به المعارضة الكويتية في السابق يعد خطأ وربما كان متعمدا، ولذلك رفع بعض الشباب في الحراك مطالبهم الإصلاحية وبكل رقي وحضارية ولأول مرة، بينما كانت المعارضة السياسية آنذاك لا تهتم إلا برحيل حكومة سمو الشيخ ناصر المحمد، واستمر الشباب بمطالبه الإصلاحية في عهد حكومة سمو الشيخ جابر المبارك، والتي احتوت المعارضة السياسية عندما كانت اغلبية برلمانية، حتى بعد صدور مرسوم الصوت الواحد، استمر الشباب بمطالبهم الإصلاحية، بينما كان كل هم المعارضة التقليدية هو عودة الأصوات الانتخابية الأربعة، والآن بعد ان اصبح الطلاق بائنا بين الحكومة والمعارضة التقليدية، تبنت الأخيرة مطالب الحراك الشبابي للاستقواء بهم في مواجهة السلطة.

أخيرا، أتمنى على السلطة الكويتية التي قطعت الطريق في العام 1962على المعارضة وتبنت الإصلاح السياسي والذي حول الكويت من امارة تقليدية إلى إمارة دستورية، ان تعيد الكرّة مرة أخرى فتقر قوانين الإصلاح السياسي كتنظيم الحياة الحزبية والتي ستقضي حتما على الطائفية والقبلية والمرتزقة السياسيين، وان تعيد النظر في تنظيم المناطق السكنية على عشر دوائر انتخابية مع صوتين انتخابيين، على ان تشكل الحكومة من الأغلبية البرلمانية، وان يعطى للسلطة القضائية المزيد من الاستقلالية.

بذلك تكون السلطة الكويتية قد واكبت موجة الإصلاح التي تجتاح إقليمنا الملتهب، وكذلك تخلصت من الابتزاز الدائم لها من المعارضة.

 

محمد الوشيحي

زمن عبّود… امممم أووو يييي

كما تفاخر مدينة فلورانس الإيطالية بمبدعيها، تفاخر مدينة الصباحية الكويتية بعظمائها وعباقرتها. أحد عظمائها، لم أقل آخرهم، هو النائب في المجلس الحالي ناصر الشمري، وهو نائب خارق، والخارق كما يقول الحكماء “هو من يخرق قوانين الطبيعة ولا يتصرف كسائر البشر”، والنائب ناصر خرق قوانين الطبيعة وقام بالتوقيع على مقترح من دون أن يقرأه، حفظه الله.
عظيم آخر هو “عبّود”، وهو اسم الدلع لأحد عظماء الصباحية قطعة واحد وعلمائها، كان فاشلاً بامتياز في المدرسة، وكان لا يعرف من اللغة الإنكليزية إلا “يس” و”نو” والأعداد من الرقم صفر إلى الرقم عشرة، ومع ذا كان لا يعوقه عائق في الترجمة، ولعظمة موهبته تولى الترجمة للشباب أثناء السفر، وكان من عشاق شرق آسيا، وكان ذا نخوة وذا نزعة قومية عربية، وعلى استعداد للاستيقاظ من نومه لمساعدة أي عربي علق مع أحد الشرق آسيويين ودخل معه في حيص بيص لغوي.
“يس” و”نو” والأعداد وأصابع اليدين ورموش العينين وبعض التأوهات مثل امممم آآآ يوووه بااااه، هي كل ما يحمله عبود في مزودته من “عدة الشغل”، فإذا ذهب إلى فندق بقصد حجز غرفة لمدة ثلاثة أيام، أطلق لتأوهاته العنان: “اممممم ثري اوووو” ثم يغمض عينيه دلالة النوم، ويفرك إبهامه بسبابته للاستفسار عن المبلغ، ولا تنتهي المهمة قبل ترديد كلمة نوووو نوووو وضم الكفين أمام الوجه على الطريقة الهندية لتخفيض المبلغ.
الغريب أن “لغته” يفهمها الجميع بلمح البصر، في حين يدوخ بقية الشباب مع التايلنديين السبع دوخات، وغالباً ما تفشل مهامهم. وبعد ذيوع صيته وانتشار شهرته، استدعيناه، نحن الذين لم نسافر معه، للاستفسار منه عن طريقته، فطلب منا إعطاءه أي جملة نختارها ليتولى ترجمتها لإقناعنا بقوة لغته، فأعطيناه عدداً من الجمل فشرحها بلغته الخاصة وبلمح البصر فإذا هي واضحة سهلة المفردات.
كبر عبود، وخبأته الدنيا عنا تحت عباءتها، ولا أدري إن كان قد تزوج “وصار عنده أولاد” كما تغني فيروز أم بقي على حاله يتنقل بين المواخير والحانات، لكنني سأبحث عنه لمساعدتي في توصيل أفكاري في المقالات وفي البرامج من دون أن أتعرض للسجن والغرامات الخيالية التي يفرضها قانون الإعلام الموحد.
تداركنا يا عبود يرحمك الله، تداركنا أيها العروبي الصبحاوي الشهم، وافتح معهداً لتعليم لغتك العبقرية كي لا نقع في شَرَك هذا القانون الإممممممم يوووه ييييي.
إنه زمن عبود يا صاحبي.

حسن العيسى

أشعر بالقرف

 «شوف وجه العنز واحلب لبن»، قفز بذهني هذا المثل الكويتي بعد أن قرأت ملاحظات بعض أعضاء اللجنة التعليمية بمجلس «تابعه قفه» التشريعي، حول مشروع قانون الإعلام الجديد المقدم من حكومة «لا صوت يعلو فوق صوت السلطة»، وأيقنت أن الإعلام الكويتي سيحلب «لبن السلطة المعفن»، وستوارى تحت الثرى مرة واحدة وللأبد بقايا «نثريات» الحريات الإعلامية، وستصبح صحفنا وقنوات التلفزيون والمواقع الإعلامية مرايا مظلمة عاكسة لإعلام «… وصل… واستقبل… وودع» الرسمي. أما المغردون الشباب فيصبحون غرباناً ينعقون مأساتهم حين يختم نواب «تابعه قفه» مصدقين على قانون سواد الوجه الإعلامي.
لم تكتف هذه السلطة التي تدير الدولة وكأنها «ياخور» غنم في حيازتها بقوانين الجزاء بجميع أشكالها الإرهابية، ولا بالعقوبات التي نص عليها قانون المطبوعات والنشر الساري، فتقدمت بهذا المشروع الذي سيقطع أصابع الكتاب، ويخصي عقول الناس، حتى يكتمل مشهد البشر القطيع في حظائر أولي الأمر الرعاة، الولاة، الآباء.
مشروع «دراكو» الإعلامي، لم يكتف بالعقوبات المالية التي تصل إلى مئات آلاف الدنانير، وتفلس كل من يتجرأ على قول كلمة «لا» لسلطة «الكمال» الأوحد، بل إنه يزيد «الجيلة» فوقها بالعقوبات المصادرة للحرية، ليس فقط في نصوص مشروع وحش فرانكشتين ذاته، بل بالإحالة على قوانين القمع السارية بعبارة مثل «… مع عدم الإخلال بأي عقوبة ينص عليها قانون آخر، يعاقب كل من…» ويمضي نص المادة 84 لتعداد الحالات الموجبة للعقاب، وهو يكاد ألا يستثني أحداً من أهل الإعلام، فأضحى الحظر والقهر هما القاعدة، والحرية هي الاستثناء.
كان أولى بالسيد وزير الإعلام، الشيخ ابن الشيخ، أن يصمت ولا يعلق أبداً، على مشروع أهله وعشيرته ومستشاريهم من ترزية الاستبداد، ومن فصيل شعار “قول… عاوز إيه، وأنا اعمله وافصله على المقاس….”، لكن نسي نفسه وأخذ يردد بلا معنى أن القانون لا يفرض عقوبات بدون حكم القضاء! “يحليلك يا شيخ وينك في”، فكل العقوبات لا تصدر بدون أحكام القضاء، فالمحاكم تُعمل القانون، ولا تخلق القانون في مثل نظامنا القانوني، وهي لا تملك من أمرها شيئاً، بالعادة، عندما يكون القانون  جائراً وظالماً…
يبقى هناك كلمة أخيرة لكل مسؤولي وسائل الإعلام الخاصة، فلن يكون مجدياً مانشيتات ومقالات نقد موسمية لمثل هذا الإرهاب الإعلامي وتنسى فيما بعد بوعد عقد مالي أو تهديد سلطوي، فمنذ متى أصبحت السلطة تسمع كلمة العقل، وتنصت لصوت الحرية، فكروا في وسائل أخرى كإضراب الصحف والقنوات وبقية وسائل الإعلام الضحايا القادمة، أو إخراج صفحات بيضاء في حال الإصرار على مشروع القانون… تحركوا، انهضوا، اعتصموا، ضحوا قليلاً، اصرخوا بصوت عال ليسمع  العالم عن ملهاة الحرية في دولة بني نفط، قولوا بنبرات اليقين: إن الصحافة الحرة هي ضمير الأحرار وليست أثواب رياء وتدبيج آيات نفاق مزركشة لأهل الحكم… عل وعسى أن تحصلوا على بركاتهم وعطاياهم.
كم أشعر الآن بالغثيان في وطني، أشعر بحزمة ثقيلة من القرف تجثم فوق صدري.
ملاحظة على مقال أمس الأول: اسم الكاتب المحلل لاقتصاديات النفط  بموقع “الآن”  الصحيح هو الزميل والصديق كامل حرمي، أخطأت سهواً وسميته كامل العوضي… عذراً.

احمد الصراف

مائة إسرائيل وألف استعمار

لم تتخلف إلا لأن نظامها التعليمي متخلف، ولا أمل في التقدم من الإكثار في العبادات أو بتركها، ولا بالدعوات الصالحات ولا بعكسها، ولا ببذل الخير أو بالبعد عنه، ولا بأي طريقة أخرى خلاف التعليم المميز! فقد هاجمتنا مختلف الأوبئة والأمراض لنقص معرفتنا بوسائل النظافة وطرق الوقاية، وغرقت سفننا لعدم كفاية درايتنا «التعليمية» بفنون الملاحة وتقلبات الجو، وخسرنا تجارتنا لقلة علمنا بعلوم الحساب، وانهزمنا في كل معاركنا لتفوق أعدائنا علينا، بعلومهم! وضاعت منا أشياء كثيرة يوم هجرنا العلم واحتمينا بالتعصّب وآمنا بالخرافات! ولو نظرنا لأكثر الأماكن رهبة وهيبة لوجدناها الأكثر تمسكا بالتقاليد، وبعدا عن العلوم الحديثة، وبالتالي لا مجال لإحداث أي تطور أو تغير نوعي على حياتنا، كتحسين قدرات الأمة ودفعها للعمل الخلاق، بغير معرفة العلوم الصحيحة، فغياب هذه المعرفة مثلا هو الذي سهل موافقة «النخبة السياسية» على قوانين وأنظمة كثيرة متخلفة وخطيرة بتبعاتها كقانون إسقاط فوائد القروض، الذي ستكون له تداعيات سلبية عميقة! فغريب أن يتصرف «أب»، على اعتبار أن النخبة المتمثلة في مجلسي الوزراء والأمة هما أب وأم هذا الشعب، بمثل هذا التهور وقلة الإحساس بالمسؤولية عندما يتعلق الأمر بمصلحة هذا الابن ومستقبله ورفاهية أبنائه من بعده! فلو أدرك هؤلاء الآباء النتائج الخطيرة التي ستترتب مستقبلا على قانون إسقاط فوائد القروض، لما أقروه أساسا، ولكن ما العمل وهم على ما هم عليه من…؟!
تقول قارئة وطبيبة معروفة إنها كانت تقوم بتدريس ابنتها التي تبلغ العاشرة عندما وقع نظرها على صفحة 55 من كتاب اللغة العربية للصف الرابع في موضوع تعلق بحث الأطفال على العطاء والتطوّع! وتقول إنها سعدت لوجود مواد في المنهج تساعد على غرس قيم أخلاقية عالية طالما افتقدناها في مجتمعاتنا، كالتطوع والتبرع بالدم، ولكن سعادتها لم تطل كثيرا، فقد وجدت مدى ما تضمنته المادة من تخريب، بغية تحقيق أغراض «سياسية» محددة! فقد طلب الدرس من التلميذات وضع علامة ( ) أمام أحد الخيارات التالية: إعطاء مال للمتسولين. التطوع في الهلال الأحمر. السفر للخارج بحثا عن المحتاجين. التبرع بالدم لبنك الدم. تقديم المال للمؤسسات الخيرية. وتقول إن ابنتها اختارت التبرع لجمعية خيرية، لأن المدرسة أوحت لهم بأن هذا الخيار هو الوحيد الذي يتيح لهم دخول الجنة! ثم يأتي من يعتقد بأننا، وبمثل هذا المستوى الهابط من التعليم والتربية سنتمكن يوما من هزيمة أعدائنا، ولن أفترض أن إسرائيل بينهم، فهذا حقا أمر «حامض على بوزنا»! إضافة إلى أن أعداء الداخل، وما أكثرهم، أشد فتكا وضررا من مائة إسرائيل وألف استعمار!
* * *
• ملاحظة: تبلغ القيمة السوقية لـ«غوغل» اليوم 249 مليار دولار! علما بأن الشركة لا تمتلك أي أصول صلبة، ولا مناجم ولا مصانع ولا عقارات، بل فقط ما في عقول مديريها من علوم!

أحمد الصراف
[email protected]