سامي النصف

المجلس الأكثر نصرة لـ «الكويتية»

التهنئة لكل من الشيخ علي الجراح والشيخ خالد العبدالله والسفير احمد الفهد والمالي عبدالعزيز اسحاق والاعلامي يوسف الرومي على استحقاقهم وسام الكويت ذا الوشاح من الدرجة الاولى الذي قلدهم اياه صاحب السمو الامير، حفظه الله، مبروك وتستاهلون.

****

مقترح تسمية الدائري الخامس باسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هو اقل ما يمكن عمله للراحل الكبير وللاحبة الاوفياء من شعب الامارات الذين لم يكتفوا بالوقوف معنا ابان محنتنا الكبرى عام 1990، بل بقوا على ودهم وحبهم للكويت وشعبها والذي يترجمونه كل يوم بألف طريقة وطريقة.

****

للحقيقة والتاريخ: مجلس الامة الحالي هو الاكثر نصرة ودعما وتأييدا لـ «الكويتية» التي تعرضت عام 2007 لامر لم يحدث قط في تاريخ برلمانات العالم او شركات طيرانها، وهو تدخل بعض النواب آنذاك لالغاء خطة تحديث اسطولها، وهو امر مازالت الكويت و«الكويتية» تدفع ثمنه حتى يومنا هذا عبر خسائر تشغيل الاسطول القديم، وهو تكرار لتدخلهم السالب لا الداعم آنذاك لمشاريع تخصصية كبرى مثل حقول الشمال و«الداو» وخور الكويت الذي كان من المفترض ان يدخل مياه الخليج لقلب المدينة ويجعلها اكثر «طراوة» في الصيف وجمالا في الشتاء.

****

من حسنات مجلس الصوت الواحد تسببه في توقف عمليات التناحر الفئوي والطائفي التي سادت كثيرا من مجالس الاربعة اصوات السابقة والتي اوصلتنا في بعض الاحيان لحدود الحرب الاهلية، وهذه الايام ننتظر ان يطبق بحزم وقوة قانون الوحدة الوطنية على من يطعن في عقائد الآخرين كي لا يصبح ذلك التشريع الخيّر حبرا على ورق.. ويشتعل البلد!

****

آخر محطة:

1 ـ الشكر الجزيل لاعضاء اللجنة المالية في مجلس الامة على دعمهم اللامحدود لـ «الكويتية»، واكثر الله من امثالهم.

2 ـ الكويت بمواطنيها ومقيميها، و«الكويتية» بموظفيها وتاريخها المشرف، حين حلقت بعلم الكويت عاليا وبلدها محتل، يستاهلون ما هو افضل من اسطول طائرات قديم لبلد شديد الثراء، وللعلم توسيع شبكة خطوط «الكويتية» وتحديث اسطولها وتحولها للربحية يخدم مشروع المركز المالي ويحفظ اموال البلد في البلد بدلا من ارسال الاموال للخارج عبر شراء التذاكر من شركات الطيران غير الكويتية. مرة اخرى هل يمكن تصور دبي وقطر وابوظبي وسنغافورة دون شركات طيرانها؟! ومن اين سيأتي عائد مئات المليارات التي ستدفع على خطط التنمية اذا لم تكن هناك وسيلة نقل مباشر بين الدول الكبرى في العالم والكويت؟! وهل العقول المبهرة التي خلقت وتدير المراكز المالية الناجحة في المنطقة لا تعلم ما تعمل؟!

احمد الصراف

أين ضاعت المليارات؟

في مقارنة سريعة بيننا وبين الإمارات نجد أن حدودها أطول من حدودنا بكثير، كما أن مساحتها تزيد علينا بما يقارب الـ5 مرات! وسكانها الـ8 ملايين أكثر من ضعفي سكان الكويت، وجيشها يمتلك عدداً أكبر من الأسلحة، وفوق هذا تقع على الإمارة الأكبر، أبوظبي، مسؤولية مساعدة بقية الإمارات الأصغر بمبالغ ضخمة! وفوق هذا، فإن إنتاج الإمارات النفطي بدأ بعد الكويت بـ16عاماً، كما كانت كميته متواضعة لسنوات طويلة قبل أن يتزايد في السنوات الـ20 الأخيرة ليتجاوز إنتاج الكويت.  كما أن أعباء توفير الرفاهية المطلقة لأفراد الأسرة الحاكمة في دولة الإمارات، وأبوظبي بالذات، على موازنة الدولة أكبر بكثير من أعباء الأسرة الحاكمة في الكويت! إضافة إلى ذلك يتمتع الإماراتي بمستوى معيشة أعلى. وليس هناك ما يجبر حكومة أبوظبي على الاحتفاظ بجزء من ثروتها في صندوق سيادي، بعكس الكويت التي بها قانون يلزم الدولة بذلك، كما أن الكويت سبقت أبوظبي في صندوقها بعقود. ومن المهم أن نعرف أن في الكويت دستوراً واضحاً وقوانين وأنظمة تحكم العلاقة بين مختلف السلطات، وهناك جهات رقابية ومحاسبية وقانونية كمجلس الأمة وديوان المحاسبة ولجنة المناقصات، إضافة إلى أن الثروة النفطية ملك الأمة، ولكن في الإمارات يختلف الوضع، فثروتهم النفطية ملك الحاكم.
ولو أخذنا كل هذه العوامل في الحسبان، وعلماً بأن رصيد الصندوق السيادي لأبوظبي بالرغم من كل أعبائها الأمنية والاجتماعية ومصاريف «الأسرة» الضخمة ومستوى المعيشة المرتفع للفرد الإماراتي وغياب الحافز القانوني وضعف هياكل المحاسبة والمراقبة، وحداثة تاريخه نسبياً، فإن ما لديها من احتياطيات يقدر بـ700 مليار دولار، والذي تجمع لديها طوعاً يزيد بكثير على ما لدى الكويت، التي بدأت بالاستثمار الخارجي منذ بداية خمسينات القرن الماضي، والذي لا يزيد، حتى بعد إضافة رصيد صندوق الأجيال له، على 400 مليار، فتخيّل ما كان سيصبح عليه وضعنا لو لم تكن لدينا أجهزة رقابة وتدقيق ومحاسبة وقانون يفرض على الحكومة الاحتفاظ بجزء من دخل الدولة دون الفسفسة فيها وصرفه. ولو حاولنا البحث في سبب نجاح أبوظبي، بالرغم من كل معوقاتها وسلبياتها، في تجميع احتياطيات خارجية أكثر من الكويت بكثير، لوجدنا أن الأمر يعود إلى أربعة أسباب رئيسية، أولاً: ارتفاع الدخل النفطي لأبوظبي الذي بلغ أخيراً 390 ملياراً مقارنة بـ210 مليارات للكويت. ثانياً: توقف إنتاج الكويت لأكثر من عام خلال الاحتلال العراقي مع ما تكلفته الدولة من أعباء تحرير باهظة، وهو الظرف الذي لم تمر به الإمارات. ثالثاً: الزيادات الهائلة التي تتكلفها الكويت في دعم علاج وطعام ووقود المواطن والوافد، وحتى في أعلافهم! رابعاً: التكلفة المخيفة التي تتحملها الدولة في بند الرواتب، والتي حذّر منها جميع الخبراء. خامساً: السرقات الكبرى التي تعرضت إليها استثمارات الكويت، خصوصاً أثناء فترة الاحتلال! أما عن الفساد المالي، فهو شائع، ربما في البلدين، وبعد كل ذلك تسعى النخبة السياسية جاهدة إلى إسقاط القروض، ليفتخر أصحابها بكويتيتهم وبغبائنا، نحن المعترضين!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

تجربة الإسلاميين في مصر 2-1

في مطلع عام 2011 ثار الشعب المصري على نظام حسني مبارك، الذي اتسم بالظلم والاستبداد وقهر الناس، ووصل الفساد خلاله إلى مستويات غير مسبوقة، وتمكّن خلال أسابيع قليلة من إسقاط النظام، وتسلّم العسكر بعده الحكم مؤقتا، لتسيير شؤون البلاد لحين إجراء انتخابات برلمانية شاملة. وأثناء حكم العسكر رفع المتظاهرون شعارات محددة، أهمها: الإسراع في إجراء انتخابات برلمانية نزيهة، وتطهير القضاء، وإعادة محاكمة حسني مبارك، بعد أن ثبت تورّط النائب العام الذي لم يقدّم أدلة كافية إلى المحكمة تدين الرئيس المخلوع، وأخيرا المطالبة بإنهاء حكم العسكر وتسليم السلطة إلى رئيس مدني يأتي بالانتخاب الحر المباشر!
وفعلاً تم انتخاب رئيس مدني بانتخابات شهدت بنزاهتها مؤسسات المجتمع المدني الدولية والمحلية التي راقبتها، وقام هذا الرئيس بتحقيق بقية مطالب الثورة، وخطا خطوة جريئة بإنهاء حكم العسكر، وتسلم السلطة التنفيذية كاملة، وأعاد محاكمة الرئيس المخلوع، بعد أن شاب الحكم الصادر كثيرا من العوار، وشكّل اللجنة التأسيسية لإعداد مسودة الدستور الجديد، وكل ذلك لم يكن ليتم إلا بإصدار إعلانات دستورية رئاسية، وهذا ما حصل. وبعد أن اعترض البعض على طبيعة بعض هذه الإعلانات، ألقى الرئيس خطابا أوضح فيه أنها إعلانات مؤقتة، تنتهي بإعلان الدستور الجديد، اي ان مدتها أسابيع معدودة فقط، ومع هذا عدل وألغى في بعض هذه الإعلانات لتهدئة الناس، وبالذات في موضوع تشكيل اللجنة التأسيسية.
طبعا أول من انزعج من قوة الرئيس الجديد وجرأته في التغيير هم بعض رجال القضاء! فأثاروا المشاكل والقلاقل، وأصدروا قرارات جائرة قضت بحل البرلمان المنتخَب، وكادوا أن يعلنوا بطلان انتخاب الرئيس، لولا أن الإعلان الدستوري أجهض مخططاتهم، وحرصوا على إشغال الرئيس بنفسه بدلا من ان ينشغل بإصلاح البلد، وتحريك التنمية، والانتقال إلى عهد الدولة الحديثة، خصوصاً أنهم علموا أن الرئيس بدأ باجتثاث رموز الفساد في العهد البائد، وكان واضحا من توجهات قنوات إخبارية تملكها بعض دول المنطقة أنها تنفذ مخططا لتغيير الرأي العام وتوجيهه ضد الرئيس وتشويه جماعة الإخوان المسلمين، وهذا أصبح ملحوظا لكل مراقب، حتى أصبح الناس يتندرون من تحميل الإخوان مسؤولية كل مشكلة تحدث في العالم! وقد حدّثني سائق التاكسي، وهو يمر بي على ميدان التحرير أنه يتسلم مبلغ 200 جنيه كل جمعة للتواجد في الميدان والهتاف ضد الرئيس والمرشد!
التيار الليبرالي في مصر، وبعد أن شكّل مع الفلول جبهة الإنقاذ، كما يسمونها، بدأ منذ اليوم الأول بحرب إعلامية تعتمد على الكذب لتشويه الخصم، وهذا الإجراء ذكّرني بخطاب للرئيس عبدالناصر أمام مجلس الشعب بعد حادث المنشية المفبرَك، كي يبرر ضرب تنظيم الإخوان والزج بهم في السجون، قال: «طلب مني المرشد العام أن أفرض الطرحة (الحجاب) على بنات الجامعة، فقلت له ولماذا لا تلزم بنتك أنت بلبسها قبل أن تطلب مني فرضها على الآخرين؟!». فضحك الناس! هكذا من دون حياء يكذبون على الناس، لأن الإعلام بيدهم، ومع الأسف يصدّ.قهم الناس المغرَّر بهم طوال هذه السنوات. وفي أيامنا هذه يعيد التاريخ نفسه، فهاهم يستخدمون الكذب والتشويه نفسيهما لتمرير أفكارهم، حيث قالوا إن الرئيس يريد أخونة الدولة! وضربوا أمثلة بتشكيل الحكومة واختيار المحافظين وتعيين رؤساء تحرير الصحف، ونظرة سريعة ومنصفة إلى هذه الأسماء تجد أنها ادعاءات باطلة، حيث إن تواجد الإخوان هو في الحد الأدنى في كل هذه التشكيلات، مع أنه في كل دول العالم يختار الرئيس الفريق الذي ينسجم معه ومع أفكاره، وعادة يختار الحزب الحاكم كل أعضاء حكومته من حزبه، ما لم يكن مضطرا للائتلاف مع حزب آخر، ومع كل ما سبق حرص الرئيس مرسي على أن يكون الإخوان أقلية في كل هذه المؤسسات، وقد حرصت على قراءة «الأهرام» و«الأخبار» و«الجمهورية»، وهي من الصحف التي تم تعيين رؤسائها، فوجدت أغلب المقالات تنتقد مرسي بالحق وبالباطل.
الحديث يطول في هذا المجال، وفي المقال المقبل سأتحدث -بإذن الله- عن أكذوبة التشيع في مصر، والإصلاحات، التي تمت في عهد رئيس لم تمض عليه ثمانية أشهر في الحكم! ولعلها كانت كافية كي يستعجل خصوم مصر محاربته ومحاولة إيقافها.

محمد الوشيحي

الأغلبية… بقزحياتكم تُعرفون

الله على الأغلبية البرلمانية المبطلة، الله على عزفها الرائع، يا سيدي ولا الفرقة الماسية بقيادة المايسترو المرحوم أحمد فؤاد حسن، الذي يقف بجاكيته الطويل من الخلف، وبابيونة بيضاء فاقع لونها تسر الناظرين، وفي يده عصا لا يهش بها على غنمه، وليس له فيها إلا مأرب واحد "ضبط التناغم بين العازفين".
ويخرج النائب السابق الصيفي مبارك الصيفي، بمصارحة مؤلمة لكنها مطلوبة، ليكشف لنا عن أن ١٧ نائباً ممن تعدون من نواب الأغلبية الأربعة والثلاثين ضد الشعار الأكبر الذي رفعته الأغلبية، الحكومة المنتخبة، أي أن نصف المعلنين عن تبني مشروع الحكومة المنتخبة غير مقتنعين بمشروعهم الذي تبنوه! ولك أن تضع ما تشاء من علامات التعجب والاستفهام والذهول وفغر الأفواه على مصاريعها المباركة.
وقبله قال لي زميله أسامة المناور، في برنامجي التلفزيوني، إنه أحد معارضي الحكومة المنتخبة، وقبلهما أعلن واحد من هنا، وآخر من هناك، وثالث من هنالك، رفضهم هذا المشروع المرفوع على أسنة البيانات التي تعقب اجتماعات الأغلبية البرلمانية المبطلة.
السؤال: إذا كان من حق المؤيد إعلان تأييده ومن حق الرافض إعلان رفضه، فلماذا لا نعرف أسماء المؤيدين للحكومة المنتخبة والرافضين لها؟ لماذا لا تكون هناك شفافية كما طالب الصيفي، ونحن لمطلبه هذا من المؤيدين؟
هل المطلوب منا، كناخبين ومحللين وإعلاميين، أن نلعب لعبة "التخمين"؟ عن نفسي أنا من عشاق هذه اللعبة. أحب التفرس في وجوه الآخرين وقراءة عيونهم وملامحهم وتخيُّل حالتهم النفسية، بل أغوص أحياناً في تخيل حياتهم الأسرية والعملية وأوضاعهم النفسية والاقتصادية. متعة صدقوني. جربوها لكن احذروا أن تتحول إلى إدمان كما هي حالتي، إذ يغني الفنان على المسرح، ورؤوس الناس تتمايل طرباً، بينما تتجه عيناي إلى أعضاء الفرقة الموسيقية، لأقرأ أحوالهم، وأتخيل نفسياتهم وأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية ووو…
تعالوا نراجع مقاطع بيانات الأغلبية، ونتفرس في وجوه أعضائها أثناء قراءة البيانات، ونخمن من منهم الموافق على تبني مشروع الحكومة المنتخبة ومن منهم الرافض له، وخذوا هذه النصيحة، ركزوا على القزحية في داخل عين كل منهم أثناء تلاوة البيان، فمن ثبتت قزحيته فموقفه ثابت، ومن تحولت قزحيته إلى جرسون، رايح جاي، فهذا متردد، أما من تراقصت قزحيته وقضى وقته يهرش حنكه ويداعب شعيرات شنبه فهذا رافض أصيل عصرة أولى، لكنهم أجبروه فانصاع لهم، أو قل أحرجه الشارع فانصاع وخضع.
اتركوا بيانات الأغلبية وركزوا على قزحيات عيون أعضائها، بعد أن شهد ١٧ نائباً من أهلها باختلافهم حول الشعار الأكبر. و"من قزحيته… كشفت الناس نيته".

حسن العيسى

محنة المعارضة

ضمرت الأغلبية المعارضة، وضاعت في تشتت مواقف رموزها، فما بين مطلب الحكومة البرلمانية وتعديل المادة الثانية من الدستور أو أسلمة القوانين كشرط مسبق قبل الحكومة البرلمانية ضاعت الطاسة، وبين تكتيك "حدس" بمضمون أن الحكومة البرلمانية هي التي ستقر القوانين الإسلامية وتشدد حنبلية محمد هايف في أسلمة التشريعات بداية ونهاية، غرقت أحلام التقدميين في صفوف  المعارضة وانكمشوا على أنفسهم، ونأى الكثير منهم عنها منذ بداية تشكيلها، حين تصوروا أنها معارضة بلحية كثة وعصا طويلة ستلهب ظهورهم غداً، ولهم في ذلك بعض الحق وليس كله.
انتهت الأغلبية المعارضة، لأن عدداً من رجالها وضعوا أعينهم على صناديق الانتخابات ولم يَدُر في وجدانهم وضع برنامج سياسي وتصور كامل للحراك المعارض، كما شخص الزميل محمد الجاسم، فصناديق الأصوات أولى من وضع خطة إصلاح سياسي واقتصادي متكاملة تنهي وتضع حداً لدوران عجلة الفساد المالي والإداري التي تسحق مستقبل الدولة، وتبدد مقدراتها من أجل إشباع نهم الاستهلاك وشراء الولاءات السياسية.
بنظرة- ربما- أشمل يمكن أن نفهم ضمور المعارضة اليوم للأسباب السابقة، ولأسباب أشمل تكمن في واقع الدولة الريعي، حين تهيمن السلطة السياسية الواحدة على المقدرات الاقتصادية للدولة كلها، تهب وتسلب، تعطي وتأخذ، كما تريد وكيفما تشاء… تنفخ جيوب البعض وتسلب حريات الكثيرين، تفتح صنابير المال على الناس، وتحقن أوردتهم بأفيون عطايا دون مناسبة وتغيّب وعيهم عن مستقبل محفوف بمخاطر تمس وجود الدولة، حتى أضحت الكويت مجرد مشاريع من شاكلة أطول عمارة، وأكبر مستشفى، وأضخم مدرج رياضي، وبها كلها تنبض بالحياة كتل ضخمة من الفساد والتسيب، بينما هناك واقع مزرٍ للخدمات الصحية والتعليمية وأزمة مرور خانقة، وإدارات حكومية مكتظة بالموظفين الجالسين بلا عمل ولا إنتاج، وشباب يجوبون الشوارع بسيارات فخمة بلا هدف غير قتل حالة الملل والفراغ الروحي.
في تلك الدولة الريعية المتسلطة، هراوات الأمن تصبح قاسية على المعارضين، وقفازات القانون تتحرك بسرعة للكم مَن يتجرأ على النقد ويمارس حق التعبير، هي قفازات أدمت الكثير من الشباب القابعين اليوم في السجون… لأنهم تكلموا وعبروا عن حلمهم، ربما أساؤوا وسيلة التعبير، لكنهم لم يهددوا الدولة، ولم ينقلبوا على النظام، لكن الرد يأتي سريعاً، بأن هذا هو القانون، الذي لم يحترم، ولا يهم إن كانت القوانين قاسية أو متعجرفة، فالمهم أن تحترم هذا القانون فقط وما على شاكلته، أما بقية القوانين التي تحاسب على النهب المبرمج وجرائم الرشوة الكبرى والمحسوبيات فقد رُكنت جانباً في خزائن النسيان.
المعارضة، ضعفت وتشتتت، ويا فرحة جماعات المطبلين والمهرجين المداحين المتنعمين بخير المكرمات والعطايا، ويبقى السؤال قائماً، هل ستنهض المعارضة من جديد وتأخذ في حسابها أن منهج الإقصاء والتخوين لشرائح من المجتمع لم يعد مجدياً، وأن تدرك يقيناً أنه مادامت أسعار  النفط عالية فستكون مهمتها أصعب وأقسى؟

احمد الصراف

المخدرات والفريق غازي

بسبب منع تناول المشروبات الروحية، وارتفاع مستوى معيشة الفرد نتيجة الزيادة غير المعقولة في رواتب موظفي الدولة، وحالة الكبت والفراغ التي تلف البلاد، فبالتالي لم يكن غريبا انتشار المخدرات وزيادة ضحاياها يوما عن يوم، هذا بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الإدارة العامة لمكافحة تعاطيها وإدارة الجمارك، إلا أن تجار ومهربي هذه السموم، وفي كل العالم، يسبقون رجال الأمن بخطوة، وبالتالي ينحصر طموح أي جهاز مكافحة في تقليل شرورهم، وليس القضاء عليهم، وهذا يمكن أن يتم من خلال تطوير ورفع مستوى خبرة العاملين في مكافحة المخدرات، وتوعية الفئة المستهدفة من خطر الوقوع في فخ هذه السموم! ولكن الواقع يختلف عن التنظير، فما يتم رصده لجهود المكافحة شيء لا يذكر، مقارنة بإمكانات الدولة. كما أن أنشطة المكافحة وتدريب افرادها غالبا ما تكون بجهود محلية فردية، ولا أعتقد أن لهم نشاطا أو علاقات بالمسؤولين الأمنيين في الدول العريقة في المكافحة، أو التي تجلب منها المخدرات، وهي معروفة. كما أن سبل الوقاية الاجتماعية والتعليمية من هذه السموم شبه غائبة، فغالبية «المربين» التقليديين يفضلون عدم التطرق للمخدرات في المناهج، لتجنب لفت النظر إليها، وهؤلاء لا يزالون يعيشون في غير زمنهم! ولا أزال أذكر ما اخبرني به مسؤول قبل أكثر من 30 سنة من أنهم اكتشفوا بطريق المصادفة أنه كلما أغلقت الحدود بين الكويت والعراق، لسبب او لآخر، كانت اسعار المخدرات تقفز لأرقام خيالية، وهذا كشف أن ما يدخل البلاد من مخدرات بالطرق الرسمية أكبر مما يردها من الطرق الأخرى! وأعتقد أن الوضع لا يزال كما هو. كما لفت مسؤول آخر نظري إلى أن غالبية المهربين الذين يقبض عليهم هم عادة من الشباب قليلي التجربة والباحثين عن الثراء السريع، ومنهم من لم يسمع بما سيتعرضون له من احكام مميتة في حال القبض عليهم! وهذا يبين قصورا في توعية القادمين للكويت من دول محددة، فلو عرف بعض المهربين ما ينتظرهم من عقاب لما هربوها، أو لربما تخلصوا منها في الطريق!
***
وفي سابقة شجاعة شن وكيل وزارة الداخلية الفريق غازي العمر هجوما على من اسماهم منتقدي الوزارة! والقول إن مشكلة هؤلاء انهم ينطلقون في هجومهم من نظريات، وكأن وزارة الداخلية مسؤولة عن كل ما يحدث في البلاد، متناسين ان الوزارة تقوم بمهام تزيد بنسبة %60 تقريبا عما تقوم به الشرطة في الدول المتحضرة! وأضاف في تعقيب على مداخلة في ندوة خاصة أن وزارة الداخلية في الكويت طلب منها، اضافة الى دورها الأمني، القيام بحماية المنشآت الرياضية والمجمعات التجارية! كما طالت اتهاماته جهات حكومية تساهم في انتشار الجريمة، فبيوت جليب الشيوخ التي استملكتها الدولة منذ سنوات لا تزال بعهدة ملاكها السابقين الذين يقومون (في دولة كويتي وأفتخر) بتأجيرها على عشرات آلاف العمال العزاب! ووصف ذلك بالتقاعس الحكومي الذي ادى لانتشار الجريمة. وقال إنه لا يتنصل من مسؤولياته وواجباته، ولكن من الظلم تحميل وزارة الداخلية كل شيء. كما انتقد العمر نقص الامكانات، وكيف أن غالبية مباني الوزارة الداخلية مؤجرة من الغير!
والآن ألا يكفي كلام هذا المسؤول الأمني الكبير، لأن يجعلنا جميعا نشعر بالخجل؟ فكيف يمكن قبول أن دولة بكل هذا الثراء وكل البطالة السافرة والمقنعة بين شبابنا، حيث بلغ العدد الرسمي للباحثين عن عمل 22 ألف مواطن، ومع هذا يشكو أكبر مسؤول امني من مثل هذه العلل؟ ألا يدعو هذا حقا للرثاء؟

أحمد الصراف

سامي النصف

«بلاغة شف» تعطل المرور

في الوقت الذي أثبت فيه عالم النقل الجوي كفاءته فلم يقع حادث واحد العام الماضي ولم تدفع البشرية ضحية واحدة رغم السرعات الهائلة للطائرات وتحديد عملها بمسارات جوية محددة وممرات أرضية، الا ان البشرية والكويت من ضمنها مازالت تدفع أنهارا من الدماء ثمنا لحروب الشوارع اضافة الى عشرات المليارات من الدولارات ثمنا للزحمة المرورية.

* * *

ومادمنا في الزحمة المرورية فلماذا لا يقسم دوام الوزارات الى صباحي ومسائي لتخفيف الزحمة ولإعطاء الفرصة للموظفين الجادين للذهاب مساء لتخليص معاملاتهم بدلا من التغيب، اضافة الى استيعاب الأعداد المتزايدة من الموظفين ممن لم يعد هناك مكان لاستيعابهم في الدوام الصباحي، وكذلك لتشجيع السكن في المناطق الجديدة البعيدة التي يصعب على ساكنيها التواجد مبكرا في الصباح وقد يكون أسهل عليهم الأخذ بالدوام الثاني؟

* * *

ومن أسباب الزحمة وقوف السيارات مع لحظة الاصطدام الخفيف انتظارا لوصول سيارة المرور بينما يفترض ان يتجه الاثنان الى أقرب مخفر لتسجيل القضية والحصول على ورقة التأمين. ومن الأسباب الأخرى الخاصة ببلدنا «بلاغة الشف» وأعني الفضوليين والحشريين ممن لا مانع لديهم من اغلاق الطرق السريعة لمتابعة شخص يبدل عجل سيارته على جانب الطريق او من يعتبر السيارة منزله الأول فيمضي جلّ يومه يتنقل بها دون هدى من مكان الى مكان ويشتكي من الزحمة الذي هو أحد أهم أسبابها.

* * *

ولن تخف المشكلة المرورية ولا نقول تحل لأنها لن تحل قط دون تحسين وسائل النقل البديلة وزيادة أعباء تملك السيارة الخاصة والتنقل بها من زيادة أثمان المواقف والبنزين والتأمين وتجديد الرخص كما هو الحال في الدول المتقدمة حيث نرى الوزراء الانجليز على سبيل المثال يصلون الى مجلس الوزراء في 10 داوننغ ستريت بالتاكسي او مشيا من محطة الاندرغراوند القريبة.

* * *

آخر محطة: من الأمور التي تدعو للتفاؤل قرب ولادة هيئة النقل على يد الوزير الشاب الكفؤ م.سالم الأذينة حيث سيختص عملها بإيجاد حلول للمشاكل المرورية.

احمد الصراف

كلمة في ما قاله عبدالله

يمكن القول، من واقع متابعة مستمرة منذ 33 عاما، إن الخطط العريضة للسياسة الإيرانية منذ ثورة الخميني وحتى اليوم لم تتغير كثيرا! فإيران 1990 هي، وإلى حد كبير، إيران 2013. كما أن موقفي من نظامها الديني لم يتغير يوما، وكلفني ذلك الكثير. وبالتالي فإن قيام أي شخص بالحديث عن إيران شرا، بعد أن كان يتحدث عنها خيرا، أو العكس، يعني بصورة تلقائية أن مصالحه، أو مواقفه هو قد تغيّرت بسبب مستجدات، وليس لأن حكم الملالي وسياساتهم قد أصبحت أفضل أو أسوأ، وأقول ذلك ردا على الكلمة التي ألقاها السيد عبدالله النفيسي في إحدى الديوانيات، التي كانت لها تداعيات سلبية عدة. فقد عرف عن النفيسي لسنوات طويلة تعاطفه مع إيران، التي زارها مرات وتباحث مع مرشدها الخامنئي إلى آخر وزير خارجية فيها، مروراً برؤساء جمهوريات وبرلمان وتبادل معهم «الجلو كباب» وزار مدنهم، وكانت مواقفه متعاطفة معها أثناء الحرب العراقية – الإيرانية، وبالتالي كان يعرف جيدا، عندما أيد مواقفها أنها كانت أيام الشاه قوة عسكرية تميل للعب دور شرطي الخليج، ولم يأت. الملالي ليخففوا من تلك الفكرة، فمن أحبهم وأعجب بهم في الثمانينات، وهم على ذلك الوضع، يجب ألا يغير اليوم موقفه منهم! كما كانت إيران، حسب قول النفيسي، تحتل منذ 1920 أراضي عربية في الأحواز تبلغ مساحتها 160 ألف كلم2، ولكنه لم يحتجّ عندما كان يضع لقم الكباب في فمه على مآدب المرشد الأعلى، فكيف يأتي الآن ويدين ذلك الاحتلال؟ كما كان النفيسي يعرف أن إسماعيل الصفوي هو الذي أعلن إيران دولة شيعية عام 1501، وليس قبل بضع سنوات عندما كان يزور مدنها ويتجول فيها، فكيف يأتي اليوم، وبعد 522 عاما ليحتج أمام مستمعيه على أفعال الشاه الصفوي؟ كما كان الإيرانيون، حسب قوله، يحتقرون العرب، ويشعرون بغربة ثقافية ومذهبية وحتى دينية في محيطهم، وهنا أيضا لم تكن هذه الأمور خافية عليه عندما كان يزورها ويتسامر مع كبار مسؤوليها، ويفتخر على القنوات الفضائية بصداقاته معهم، فلم ينتقد اليوم مواقفها من هذه الأمور؟ وبالتالي فالإيرانيون لم يتغيروا، حسب علمي، بل من تغير هو النفيسي، أو مواقفه! نقول ذلك ليس في معرض الدفاع عن إيران، فلها من يدافع عنها، وليس لبيان مثالب الرجل وسقطاته «التحليلية والفكرية» التي يعرفها كثيرون، ولكن لكي نبين «حقيقة» الرجل وخطورة ما ألقى من تهم خوّن فيها شريحة كاملة من المجتمع الكويتي، من دون أن يحقق مصلحة لأي طرف غير دغدغة الرخيص من مشاعر بعض الجهلة وأنصاف المتعلمين! لا أتذكر أنني التقيت بالسيد النفيسي، ولكني أعرف ما يكفي من مواقفه المتقلبة والغريبة جدا، من خلال لقاءاته على اليوتيوب، وبالتالي من حقي الاعتراض على النفس الكريه الذي شاب كلمته الأخيرة، والأوصاف التي أطلقها، من دون دليل غالبا، على فئة من المواطنين، الذين ربما تدفع اتهاماته المترددين والمتطرفين منهم للارتماء في أحضان من يعتقدون أنهم سيوفرون لهم حماية أفضل، ونكون هنا قد خلقنا فئة ذات ولاء مزدوج، من دون أن نجني شيئا من كل هذا الكم من الاتهامات. فإن كان لدى النفيسي أو غيره أدلة على «خيانة» البعض وعمالتهم، فما عليه غير اللجوء إلى القضاء، وليس الديوانية، فقد خسرنا جميعا من كلمته ولم يستفد منها غير العنصريين والحاقدين!

أحمد الصراف