في مقارنة سريعة بيننا وبين الإمارات نجد أن حدودها أطول من حدودنا بكثير، كما أن مساحتها تزيد علينا بما يقارب الـ5 مرات! وسكانها الـ8 ملايين أكثر من ضعفي سكان الكويت، وجيشها يمتلك عدداً أكبر من الأسلحة، وفوق هذا تقع على الإمارة الأكبر، أبوظبي، مسؤولية مساعدة بقية الإمارات الأصغر بمبالغ ضخمة! وفوق هذا، فإن إنتاج الإمارات النفطي بدأ بعد الكويت بـ16عاماً، كما كانت كميته متواضعة لسنوات طويلة قبل أن يتزايد في السنوات الـ20 الأخيرة ليتجاوز إنتاج الكويت. كما أن أعباء توفير الرفاهية المطلقة لأفراد الأسرة الحاكمة في دولة الإمارات، وأبوظبي بالذات، على موازنة الدولة أكبر بكثير من أعباء الأسرة الحاكمة في الكويت! إضافة إلى ذلك يتمتع الإماراتي بمستوى معيشة أعلى. وليس هناك ما يجبر حكومة أبوظبي على الاحتفاظ بجزء من ثروتها في صندوق سيادي، بعكس الكويت التي بها قانون يلزم الدولة بذلك، كما أن الكويت سبقت أبوظبي في صندوقها بعقود. ومن المهم أن نعرف أن في الكويت دستوراً واضحاً وقوانين وأنظمة تحكم العلاقة بين مختلف السلطات، وهناك جهات رقابية ومحاسبية وقانونية كمجلس الأمة وديوان المحاسبة ولجنة المناقصات، إضافة إلى أن الثروة النفطية ملك الأمة، ولكن في الإمارات يختلف الوضع، فثروتهم النفطية ملك الحاكم.
ولو أخذنا كل هذه العوامل في الحسبان، وعلماً بأن رصيد الصندوق السيادي لأبوظبي بالرغم من كل أعبائها الأمنية والاجتماعية ومصاريف «الأسرة» الضخمة ومستوى المعيشة المرتفع للفرد الإماراتي وغياب الحافز القانوني وضعف هياكل المحاسبة والمراقبة، وحداثة تاريخه نسبياً، فإن ما لديها من احتياطيات يقدر بـ700 مليار دولار، والذي تجمع لديها طوعاً يزيد بكثير على ما لدى الكويت، التي بدأت بالاستثمار الخارجي منذ بداية خمسينات القرن الماضي، والذي لا يزيد، حتى بعد إضافة رصيد صندوق الأجيال له، على 400 مليار، فتخيّل ما كان سيصبح عليه وضعنا لو لم تكن لدينا أجهزة رقابة وتدقيق ومحاسبة وقانون يفرض على الحكومة الاحتفاظ بجزء من دخل الدولة دون الفسفسة فيها وصرفه. ولو حاولنا البحث في سبب نجاح أبوظبي، بالرغم من كل معوقاتها وسلبياتها، في تجميع احتياطيات خارجية أكثر من الكويت بكثير، لوجدنا أن الأمر يعود إلى أربعة أسباب رئيسية، أولاً: ارتفاع الدخل النفطي لأبوظبي الذي بلغ أخيراً 390 ملياراً مقارنة بـ210 مليارات للكويت. ثانياً: توقف إنتاج الكويت لأكثر من عام خلال الاحتلال العراقي مع ما تكلفته الدولة من أعباء تحرير باهظة، وهو الظرف الذي لم تمر به الإمارات. ثالثاً: الزيادات الهائلة التي تتكلفها الكويت في دعم علاج وطعام ووقود المواطن والوافد، وحتى في أعلافهم! رابعاً: التكلفة المخيفة التي تتحملها الدولة في بند الرواتب، والتي حذّر منها جميع الخبراء. خامساً: السرقات الكبرى التي تعرضت إليها استثمارات الكويت، خصوصاً أثناء فترة الاحتلال! أما عن الفساد المالي، فهو شائع، ربما في البلدين، وبعد كل ذلك تسعى النخبة السياسية جاهدة إلى إسقاط القروض، ليفتخر أصحابها بكويتيتهم وبغبائنا، نحن المعترضين!
أحمد الصراف