كتب الزميل العراقي عبدالقادر حسين مقالا تضمن عرضا لكتاب «إغلاق عقل المسلم»، الذي صدر عام 2011، وذلك بمناسبة لقائه قبل فترة بمؤلف الكتاب روبرت رايلي! ويقول في مقدمة مقاله إن اهتمام الغرب بالإسلام وقضاياه زاد بصورة كبيرة في أعقاب جريمة 11 سبتمبر، لمعرفة الأسباب التي دفعت 19 شاباً عربياً مسلماً متعلماً وميسور الحال، لارتكاب جريمة إنسانية رهيبة! وكيف أن الغرب خصص موارد كبيرة لدراسة الظاهرة، إن لحماية شعوبهم وحضارتهم من شرور الإرهاب الذي يُرتَكب باسم الله والإسلام، أو لمعرفة الإسلام كدين، أو حتى لماذا وصل الأمر بالبعض للقيام بمثل هذه الأعمال الإرهابية؟ وأين يكمن الخطأ؟ إضافة إلى رغبة هذه الجهات في معرفة السبب الذي أصبحت فيه عقيدة هؤلاء تدفعهم لاحتقار الحياة وتمجيد الموت، والتضحية بالنفس وقتل الآخر لمجرد أنه يختلف عنهم في الدين والمذهب! ويقول الكاتب إن رايلي يرى أن سبب الإرهاب اليوم ليس بجديد، ولا علاقة له بأسباب اجتماعية كالفقر، وإنما يعود لخلل أصاب فكر المسلم نتيجة سلسلة من التطورات، التي بدأت في القرن الـ 9 الميلادي! وأن ما هم عليه الآن هو نتيجة حتمية لتلك العقلية. فقد بدا الانعطاف التاريخي مع بدايات ظهور الإسلام، مع التركيز على التطورات الفكرية في العصر العباسي، عندما بدأ تعامل فقهاء السلف مع العقل، والفكر اليوناني، يأخذ منحى دمويا في عهد الخليفة العباسي، المأمون، عندما بدأت في عهده عملية «تلقيح» الثقافة الإسلامية بالفلسفة اليونانية «الهيلينية» القديمة. ويقارن المؤلف بين الحضارتين الغربية والإسلامية، فيؤكد الفكرة السائدة أن «الغربية» نشأت من أربعة مصادر: الديانتان المسيحية واليهودية والفلسفة اليونانية والقانون الروماني، وأن هذه الحضارة ازدهرت، ثم تفسخت في القرون الوسطى، لتنهض من جديد في عصر النهضة والنور إلى أن بلغت المستوى المتفوق علميا وتقنيا وفلسفيا الذي عليه اليوم، إضافة لاهتمامها بحقوق الإنسان والحرية والديموقراطية. ويرى أن ما كان لهذا التفوق أن يحصل لولا اهتمام فلاسفة الغرب بالعقل والعقلانية. أما الإسلام الذي بدأ في القرن السابع الميلادي في الجزيرة العربية، وبالرغم مما حققه من انتشار سريع، فإن «حضارته» انهارت في القرن الثاني عشر ليغوص عالمه في ظلام دامس، لم تنجح في الخروج منه، كما نجحت أوروبا! وإلى مقال الغد.
أحمد الصراف