من أطرف أبيات الشعر ما قاله المصري إسماعيل صبري:
طرقت الباب حتى «كلّ» متني
ولما كلّ «متني» كلمتني
فقالت يا إسماعيل صبراً
فقلت يا اسما «عيل» صبري!
والحقيقة أن صبرنا عيل، وكلّ متننا وبحّ صوتنا ونحن نطالب الدولة بدعم التعليم بمثل ما تدعم العلف، فقد صرفت الملايين على تخفيض أسعار العلف وتربية وتعليم الماشية، هذا غير تضييع أضعاف ذلك ثمناً لملايين أمتار الأراضي الجيدة المستخدمة كزرائب، ومع هذا لم تستفد الدولة يوماً، ولا المواطن، منها شيئاً.
يقول فوزي، وهو ليس ابن عمي الذي لم التق به، على مدى أربعين عاماً لأكثر من ثلاث مرات، ومصادفة، انه يائس من وضع الكويت، وان الوطن بحاجة إلى نقلة نوعية وثورة إدارية شاملة و«نفضة» كاملة للقوانين والأنظمة والتشريعات، وهذه تتطلب حيوية ورغبة في التغيير لدى الجهات المعنية، وان مثال دبي حي أمامنا! فقلت له إن وضع دبي لا يمكن أن يقارن بوضعنا، لاختلاف أساسي، حيث تبقى دولة المؤسسات، وإن كانت ضعيفة، أفضل بكثير من دولة الأشخاص! كما لا يمكن التكهن بما سيكون عليه وضع دبي مثلاً في حال رحيل صاحب نهضتها الحديثة الشيخ محمد بن راشد. والأهم من كل ذلك أن الرجل، بالرغم من إنجازاته، فإنه لم يهتم بالبشر قدر اهتمامه بالحجر، فما زال التعليم في تلك الإمارة يحبو بينما الحجر يجري، كما أن التطورات الاجتماعية في الإمارة بطيئة ولم تلامس غير الأطراف دون أي عمق. فقال فوزي إن الرجل، مع كل هذا، يستحق التقدير، حيث تحسب له أشياء كثيرة، فقد استطاع تحقيق ما عجزت عن تحقيقه بلدان متخمة بالثروات. كما نجح في ترسيخ احترام القانون، ووضع دبي على الخارطة السياحية، وهي التي لا تمتلك من مقومات السياحة إلا اللظى، مقارنة بدول تمتلك كنوزاً سياحية هائلة، كمصر وشمال العراق ومناطق عديدة من سوريا، والتي لا تزال أجزاء منها تعيش في الماضي! فقلت له، وأنا أعيد وأكرر، إن الاهتمام يجب أن ينصب على التعليم، فبغير خلق جيل متعلم سيذهب كل ما بني هباء، فقد انهارت بيوتات تجارية كبيرة لأن من كانوا وراءها لم يتركوا كفاءات لإدارتها فتبددت وضاعت. وحيث إن الحكومة الكويتية، المهيمنة على كل نشاط، غير قادرة على إحداث التغيير المطلوب والمتمثل في ثورة تعليمية، فلم تمنع الغير، ممن لديهم الرغبة والإخلاص والدراية والمال، من تأسيس صروح تهتم بالتنمية البشرية من خلال التعليم المميز، فهذا العمل الضخم يحتاج إلى جهود كبيرة، والحكومة، كما يبدو، عاجزة عن توفيرها، وهذا يتمثل في تأسيس ما يشبه البنوك التعليمية التي يمكن أن يكون للصندوق الكويتي للتنمية وأمانة الوقف والتقدم العلمي دور في رأسماله، إضافة إلى الشركات المساهمة وما يدفع للدولة سنوياً من زكاة على أرباحها، وتكون مهمة مثل هذه البنوك تمويل احتياجات الطلبة المميزين من خريجي التعليم العام، غير القادرين مادياً على إكمال دراستهم الجامعية والماجستير والدكتوراه، من خلال قروض بفوائد ميسرة يتم دفعها بعد تخرجهم. وفكرة هذا البنك ليست جديدة بل معمول بها في دول عدة، ولا يحتاج الأمر لغير قرار حكومي يقول لنا: تفضلوا!
***
• ملاحظة: ورد خطأ غير مقصود في مقال أمس، حيث إن الكاتب هو الأستاذ عبدالخالق حسين، وليس عبدالقادر حسين، والرابط التالي يتضمن مقابلة مع مؤلف كتاب «إغلاق عقل المسلم»
http://m.youtube.com/watch?v=0arVjAQDIGY&desktop_uri=%2Fwatch%3Fv%3D0arVjAQDIGY.
أحمد الصراف