علي محمود خاجه

«ما نخلص»

راشد وصقر وحمد ومسلم وأحمد و و و و و، ستستمر القائمة ولن تنتهي، وسيأتي اليوم الذي لن يكفي "تويت" واحد لتغطية أسمائهم مصحوبة بكلمة حرية، وسيظل البعض يصرخ رافضاً حبس هذا لقربه منه ومتجاهلاً حبس آخر لاختلافه معه. فنجدهم يكتبون الحرية لسعد لأنه انتقد أو شتم من يختلفون معه وعوقب بالحبس بناء على ذلك، ويصمتون عن فهد ويتجاهلونه لأنه انتقد أو شتم من يحبون وعوقب بالحبس بناء على ذلك، ولنا في تجاهل حمد النقي مثال صارخ على ازدواجية المعايير لدى الأغلبية. وستستمر المعضلة وسيحبس الكثيرون بناء على ما كتبوا أو قالوا أو استخدموا أي وسيلة تعبير بشكلها السليم أو الخاطئ، ولن تنتهي المشكلة إلا بطريقتين:  أن تتوقف الكويت كل الكويت بشعبها  وقاطنيها وحكوماتها عن مقاضاة كل من يعبر عن رأيه أو يشتم أو يقذف، وهو أمر لن يتحقق طبعاً، وحتى إن تحقق ليوم أو سنة فسيظل مرتبطا بأمزجة الناس المتغيرة والمناهج والسلوكيات المتعددة.  أما الطريقة الأخرى فهي ببساطة ألا تخرج قضايا التعبير كلها دون استثناء عن إطار الدعاوى المدنية دون الولوج إلى أي باب آخر جزائي أو جنائي أو أمن دولة، وحينها لن تكون هناك حاجة للمطالبة بحرية أحد عبر "تويتر" أو اعتصام أو مسيرة؛ لأن عقوبة التعبير لن تتخطى إطارها المنطقي والمعقول المتمثل بالغرامة المالية مع ضرورة إضافة الخدمات الاجتماعية إلى بند العقوبات على المدانين في قضايا التعبير بمختلف أشكالها. شخصياً، أنا لا أطالب بالحرية لأي مسجون في قضايا التعبير لأنني أعلم أن هناك نصاً قانونياً قائماً جاء من مجلس منتخب أو حكومة، يتيح للقاضي حبس المتهم، وبالتالي فإن مطالبتي بحريته اليوم تعني إما مخاطبة واستجداء القضاء للرأفة به أو مطالبتي بخرق القانون القائم، ولا أحب أن أستجدي أحداً ولا أرضى بكسر القانون وإن اختلفت معه. لذلك لا بد من تعديل كل النصوص القانونية التي تحبس الفكرة والتعبير، وأن تضعها في محيطها الطبيعي وهو الغرامة المالية والخدمات الاجتماعية الإلزامية، كالعمل دون مقابل لفترة معينة في أحد قطاعات الدولة، وإن لم نتجه إلى هذا الخيار فإننا سنظل أسرى المزاج الشعبي والحكومي إلى الأبد، فاليوم يلاحق من يعبر عن رأيه في اتجاه معين، وغداً يلاحق من يعبر في اتجاه آخر، وتتكرر الأسطوانة وإن اختلفت الأسماء والأفكار. لا أعلم إن كان ما أطرحه يعد حلاً متكاملاً أو تشوبه بعض الشوائب، لكن ما أعرفه جيداً هو أن الفكرة لا تموت بالسجن أبدا، ولنا في أحداث الأيام الأخيرة دليل واضح على ذلك، فلن يخرج راشد أو صقر بفكر آخر بعد حبسهم، بل إن احتمالية ازدياد شراسة فكرتهم أكبر وأعظم، ولا بد من تشريع يلغي الحبس في كل قضايا التعبير، وهو ما يجب أن نتحرك باتجاهه بدلاً من التركيز على حالات فردية تحبس، وقد لا تسعنا قوانا في وقت قريب عن الدفاع عنها جميعها. خارج نطاق التغطية: خبر تم تداوله يوم الاثنين بأن نائبة طلبت الدور في الحديث من نائب مقابل قبلة منها، لم يزعجني الخبر بقدر ما أزعجني انتشاره بين الناس دون أن يتحقق أحد من مصداقيته، بل ردده كثيرون لمجرد اختلافهم مع هذا المجلس، وهو يترجم بشكل واضح حجم المشكلة الأخلاقية التي نعيشها.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *