الله على الأغلبية البرلمانية المبطلة، الله على عزفها الرائع، يا سيدي ولا الفرقة الماسية بقيادة المايسترو المرحوم أحمد فؤاد حسن، الذي يقف بجاكيته الطويل من الخلف، وبابيونة بيضاء فاقع لونها تسر الناظرين، وفي يده عصا لا يهش بها على غنمه، وليس له فيها إلا مأرب واحد "ضبط التناغم بين العازفين".
ويخرج النائب السابق الصيفي مبارك الصيفي، بمصارحة مؤلمة لكنها مطلوبة، ليكشف لنا عن أن ١٧ نائباً ممن تعدون من نواب الأغلبية الأربعة والثلاثين ضد الشعار الأكبر الذي رفعته الأغلبية، الحكومة المنتخبة، أي أن نصف المعلنين عن تبني مشروع الحكومة المنتخبة غير مقتنعين بمشروعهم الذي تبنوه! ولك أن تضع ما تشاء من علامات التعجب والاستفهام والذهول وفغر الأفواه على مصاريعها المباركة.
وقبله قال لي زميله أسامة المناور، في برنامجي التلفزيوني، إنه أحد معارضي الحكومة المنتخبة، وقبلهما أعلن واحد من هنا، وآخر من هناك، وثالث من هنالك، رفضهم هذا المشروع المرفوع على أسنة البيانات التي تعقب اجتماعات الأغلبية البرلمانية المبطلة.
السؤال: إذا كان من حق المؤيد إعلان تأييده ومن حق الرافض إعلان رفضه، فلماذا لا نعرف أسماء المؤيدين للحكومة المنتخبة والرافضين لها؟ لماذا لا تكون هناك شفافية كما طالب الصيفي، ونحن لمطلبه هذا من المؤيدين؟
هل المطلوب منا، كناخبين ومحللين وإعلاميين، أن نلعب لعبة "التخمين"؟ عن نفسي أنا من عشاق هذه اللعبة. أحب التفرس في وجوه الآخرين وقراءة عيونهم وملامحهم وتخيُّل حالتهم النفسية، بل أغوص أحياناً في تخيل حياتهم الأسرية والعملية وأوضاعهم النفسية والاقتصادية. متعة صدقوني. جربوها لكن احذروا أن تتحول إلى إدمان كما هي حالتي، إذ يغني الفنان على المسرح، ورؤوس الناس تتمايل طرباً، بينما تتجه عيناي إلى أعضاء الفرقة الموسيقية، لأقرأ أحوالهم، وأتخيل نفسياتهم وأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية ووو…
تعالوا نراجع مقاطع بيانات الأغلبية، ونتفرس في وجوه أعضائها أثناء قراءة البيانات، ونخمن من منهم الموافق على تبني مشروع الحكومة المنتخبة ومن منهم الرافض له، وخذوا هذه النصيحة، ركزوا على القزحية في داخل عين كل منهم أثناء تلاوة البيان، فمن ثبتت قزحيته فموقفه ثابت، ومن تحولت قزحيته إلى جرسون، رايح جاي، فهذا متردد، أما من تراقصت قزحيته وقضى وقته يهرش حنكه ويداعب شعيرات شنبه فهذا رافض أصيل عصرة أولى، لكنهم أجبروه فانصاع لهم، أو قل أحرجه الشارع فانصاع وخضع.
اتركوا بيانات الأغلبية وركزوا على قزحيات عيون أعضائها، بعد أن شهد ١٧ نائباً من أهلها باختلافهم حول الشعار الأكبر. و"من قزحيته… كشفت الناس نيته".