أسهل وظيفة في الكويت هي وظيفة وزير، ولا أسهل منها إلا وظيفة رئيس وزراء… كل ما عليك فعله هو تصريح يفجر قنابل نووية: "سنقضي على مشكلة الإسكان في غضون ست وسبعين ساعة وأربعين دقيقة وعشرين ثانية"، و"سيتم حل مشكلة البدون خلال عطلة الويكند، وقبل مباراة يوفنتوس ومانشستر سيتي"، "اجتمع الوزراء بعد العودة من عرس أبو خلف، واتفقوا على إنهاء ملف مترو الأنفاق" ووو…
وتصريحات الوزراء في الكويت مثل "هرنات" سيارات التاكسي في مصر، كثيرة ومزعجة ومجانية. وهي عادة قديمة، توارثها الوزراء بعضهم من بعض، فمدينة الحرير "قرر مجلس الوزراء افتتاحها في عام ٢٠٠٥"، وراح ٢٠٠٥ وراح شقيقه ٢٠٠٦ و٢٠٠٧، وراحت أعوام بعدها، واختفت آثار أقدامها، ذرتها الرياح… و"استاد جابر سيتم افتتاحه عام ٢٠١٠" و"الحكومة الإلكترونية سيتم إنجازها عام ٢٠٠٨"، وها هي المواقع الإلكترونية للوزارات صفراء شاحب لونها، وغير ذلك من التصريحات التي تنطلق من الشرفة بوجود عصير الجزر المفيد للظهر.
ولأن أصوات الأعضاء الأحرار بحت وهي تحتج وترتج بسبب تأخر المشاريع، ولأن هذا البرلمان يُكتب ولا يُنطق، وقدرته كقدرة العجوز الكسيحة، ولأن الحكومة لا تحاسب وزراءها، ولأن الوزراء أهلكونا بكثرة وعودهم الهوائية، ولأن ولأن ولأن… لا أجد حلاً أفضل من أن يقسم الوزير قبل كل تصريح بالتالي: "علي الطلاق من أم فلان أن يتم الانتهاء من المشروع الفلاني قبل تاريخ كذا، وإذا لم يحدث فإن أم فلان تصبح مثل أختي وأمي"، بشرط حضور زوجته في المؤتمر الصحافي، وحضور أشقائها، فإذا كان لا يخشى هذا البرلمان، ولا يحترم الناس والإعلام ولا يستحي، فإنه على الأقل سيجد من يذكّره بالمشروع في كل يوم، حتى في غرفة نومه. وبدلاً من أن يخشى نواب البرلمان سيخشى أنسباءه أخوال عياله.
جربوها لعل وعسى، فإما أن تنهض الكويت وإما أن يطلق الوزراء زوجاتهم ويتفرغوا لقضايا النفقة. إلا إذا كان بعضهم يبحث عن عذر لتطليق زوجته فيرسم خطته، ويحرص على أن يتم توزيره، ويكون تصريحه الأول: "علي الطلاق من أم فلان الجالسة بجواري الآن، حفظها الله، أن أجعل الكويت أكثر ديمقراطية من النرويج قبل يوم الثلاثاء المقبل، وإذا لم يحدث فإن هذه الجالسة إلى جواري حرام علي، وهي طالق بالثلاث، والله الموفق".