كلمة "ليت" لا تُسقي ولا تشبع ولا تبني البيت، وإلا كنت قلت: "ليتنا كما قال مسلم البراك عنا: (من يقول إن الكويتيين قوم مكاري سأضع أصابعي في عينيه)"، و"قوم مكاري"، لمن لا يتحدث اللهجة، المقصود بها القوم الذين يرفع كلّ منهم شعار "نفسي وبس" ولا يأبه لما يحدث للآخرين.
مسلم البراك قال هذا الكلام وهو واقف بين الجماهير التي احتشدت أمام ديوانه لمنع القبض عليه. وهي مجاميع حرة غاضبة ليقينها أن هناك تعسفاً ضد البراك، وأن من يستحق السجن هم اللصوص والفاسدون لا من يدافع عن الشعب ومصالحه ووو…
وإذا كانت الجماهير المحتشدة محقة، فإن مسلم البراك قد استعجل في حكمه ورأيه، فبعض المحتشدين جاءوا دفاعاً عن مسلم البراك تحديداً، مسلم البراك بنفسه ونهجه ومواقفه، لكننا لم نرَ نصف هذا العدد، ولا حتى ربعه ولا عُشره يجتمع مع غيره من شبان الحراك السياسي، كصقر الحشاش وراشد العنزي وعياد الحربي وحامد الخالدي ومطلق السند وغيرهم، بل إن بعضنا لا يعرف هذه الأسماء ولا يدري إن كانوا في السجن أم مطاردين، مع الأسف. علماً بأن البراك يكرر أسماءهم يومياً ليحفظها المارة وليهتم بهم الناس، ويشارك في الاعتصامات اليومية تضامناً معهم.
صحيح أن عطاء أبي حمود (مسلم البراك) وتاريخه ومواقفه وصلابته وتحمله لحملات الشتائم والتشكيك والافتراء والأشواك التي زُرعت في طريقه وحرارة الرمضاء ووو… صحيح أن كل ذلك يستحق منا كشعب "رد الجميل"، فهو يئن مع كل مريض، ويسعد لسعادة البسطاء من الناس ويبكي لبكائهم، ويشاركهم احتجاجاتهم. لا يجحد ذلك إلا جاحد. ولا نقارن عطاءات بعض الشبان بعطائه على مدى سبع عشرة سنة. لكن يا أبا حمود ماذا عن بقية النواب الذين قدموا التضحيات، كأحمد السعدون مثلاً أو فيصل المسلم أو جمعان الحربش أو حسن جوهر أو غيرهم من ذوي التاريخ؟ هل كانت الناس ستحتشد بهذه الأعداد كما فعلت معك؟
أعلم أن لك رمزية، وأن لك مكانة كبرى في أعين الناس، تستحقها بجدارة (لمن يقرأ هذه المقالة من خارج الكويت أقول: أقيمت الاحتفالات في المنازل ونزلت دموع الفرح من أعين العجائز ووو)، فعلاً تستحقها بجدارة، فأنت لم تتسلمها هدية، ولا حصلت عليها من "كوبون امسح واربح"، ولم تشترِها بمال، ولا غير ذلك، بيد أن هناك من السياسيين مَن أعطى لسنين وسنين، وكان ثابتاً في مواقفه كالطود، ولا أظنه سيحصل على "الحماية الشعبية" التي حصلت عليها.
لا تستعجل أبا حمود في حكمك، يرحمنا ويرحمك الله، فمازلنا نحتاج إلى المزيد من التوعية والتنبيه وشحذ الهمم، قبل أن نصل إلى مرحلة "الجسد الواحد" التي تحرص ونحرص عليها. ويكفيك لتعرف أننا مازلنا في حاجة إلى ذلك، أقصد إلى التوعية وشحذ الهمم، أن تراقب ما تفعله تلك الصحيفة التي تبنت هجوم "الباصق" على بعض فئات المجتمع، وتكتكت لتفريق الناس، وكذّبت وادعت وافترت وتبنت الكاتب/ النائب الشتّام، فقوبلت بهجوم مضاد منا، وأنت من بين المهاجِمين، واتفقنا على مقاطعتها، ومع ذلك مازالت هي الأولى في مبيعاتها، وهي الأكثر انتشاراً وتأثيراً على من؟ على من تهاجمهم ويا للعجب، بل مازال منكم أنتم في الأغلبية السابقة من يتكتك معها ويتبادل معها أطباق "الجريش" في رمضان.
كف أصابعك عن أعيننا أبا حمود، ولا تستعجل في حكمك.