آآآخ كم كان بيل كلينتون يتمنى لو أنه رئيس عربي "يُحاكِم ولا يُحاكَم"، و"يَسأل ولا يُسأل"، و"يُحاسِب ولا يُحاسَب"، لكنه لسوء حظه لم يكن رئيساً عربياً بل رئيس أميركا، لذلك حاكموه وهزأوه وظهر في شاشات الفضائيات أحقر من لص المواسير المقبوض عليه متلبساً.
كلينتون كان يتمنى لو أنه يمتلك أراضي الدولة، فيعطي هذا الشاعر أرضاً هنا، ويعطي نديمه أرضاً هناك، ويمنح مستشاره المنافق حق احتكار هذا النشاط التجاري، ويهب رؤساء التحرير العطايا المذهلة، ويتكفل بهم وبذرياتهم، ويجلس الماس عند ركبته، ويخطب الواعظ خطبة عن وجوب طاعة كلينتون، ولو ضرب ظهر الأميركي وأخذ ماله، فيحصل مقابل ذلك على صرة من المال العام، وهي صرة حلال بالمناسبة، ووو…
وكم كانت المستشارة الألمانية ميركل تتمنى لو اجتمعت النساء عندها في حوش البيت، هذه تقبل يدها، وتلك تقبل كتفها، وثالثة تنافقها وتمتدح تسريحتها التي لا تليق إلا بها، ورابعة ترفع حاجبيها ذهولاً لجمال المستشارة وحسن قوامها، وخامسة وسادسة وسابعة…، فميركل من الغواني، والغواني يغرهن الثناء، ويجعلهن يعطين بلا حساب.
وياه كيف سيكون شعور الرئيس فرانسوا هولاند، والرئيس السابق ساركوزي، والأسبق جاك شيراك، والأسبق فرانسوا ميتران، لو أنهم كانوا "ولاة أمر فرنسا" لا رؤساءها… ما كان شيراك ليخرج من المنصب وهو لا يملك شقة تضمه وأسرته، أو ما كان ليخرج من المنصب أساساً، وما كان لجهاز المحاسبة المركزية أن يحمّله قيمة العشاء الإضافي للوفود الإفريقية على حسابه الشخصي، ويرفض تبريراته.
هؤلاء كلهم، رؤساء فرنسا ومستشارو ألمانيا ورؤساء وزراء اليابان وكل قياديي النرويج وفنلندا وهولندا ووو، يتمنون لو أنهم بقوا على كراسيهم إلى أن يموتوا، فتخلفهم ذريتهم، ويتقاسم أبناؤهم الوزارات والمناصب، ولا يجرؤ سياسي ولا صحافي على انتقادهم كي لا يخرج من الملة. لكنهم لو فعلوا ذلك لسحبتهم شعوبهم الجاحدة لأفضالهم من قفاهم الكريم إلى المحاكم، فما كل شعب كالشعب العربي الرائع، وليس أجمل من العرب (لم أقل أجبن) ولا أحلى ولا أزهى… وحنا العرب يا مدعين ال ال ال الكاني ماني، وسلامتها أم شيراك.