قرأت كثيرا في الفلسفة السياسية وفي مواضيع كالديموقراطية والنظام السياسي والانتخابات والأحزاب وعموم الأفكار السياسية وفلسفاتها.
استوقفني كثيرا ما أورده الفيلسوف أرسطو في كتابه «السياسة» حيث كان له موقف سلبي من الديموقراطية والتي تعني حكم الشعب حيث ديمو تعني الشعب وقراطيا تعني الحكم بلغة اليونانيين، فأرسطو يصنف الديموقراطية كأسوأ الأنظمة السياسية لأنها ببساطة ستؤدي إلى حكم الأكثرية الفقراء غير المؤهلين للحكم.
وبالمصادفة يتفق أفلاطون مع أرسطو ضد الديموقراطية رغم اختلافهما بكل شيء، حيث يقول أفلاطون في كتابه الجمهورية ان «الديموقراطية هي نظام سياسي يحكمه الحمقى».
ما عنيته أن اليونانيين الذين ابتلونا باكتشافهم للديمقراطية هم أول من لعنها لأنهم ببساطة لا يريدون أن يحكمهم الدهماء.
وبالرغم من أن الديموقراطية المعاصرة تختلف كثيرا عن الديموقراطية اليونانية المباشرة حيث كان يحضر كل المواطنين اليونانيين إلى البرلمان ليقرروا ما يتفقون عليه.
لقد أصبحت الانتخابات والتمثيل النيابي بديلا عن الديموقراطية اليونانية المباشرة البدائية، فلقد اخترعت الديموقراطية الغربية الحديثة (الأحزاب السياسية) التي تتبنى بدورها مشاريعها وأفكارها الخاصة وتطرحها للمجتمع – وهو الذي يختار من يريد أن يحكمه أو بالأصح مالذي يفضله من الخطط السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطروحة.
حيث لم تعد الأحزاب في الدول الغربية ترفع أفكارا وأيديولوجيات سياسية، لأن المجتمعات الغربية قد أنهت خلافاتها الطاحنة وتناقضاتها منذ زمن بعيد، حتى استقروا فكريا وسياسيا ودستوريا، وأصبحت المنافسة بين الأحزاب السياسية محصورة بمن يقدم حلولا افضل للمشاكل الاقتصادية والمعيشية للمواطنين.
ونحن في الكويت ما زلنا نمارس الديموقراطية بطريقتنا الخاصة والتي لم يعرفها اليونانيون القدماء ولا الغربيون المعاصرون، حيث نذهب لنصوت لأشخاص ربما يخذلوننا أو لا يملكون الأغلبية التي تمكنهم من تحقيق ما انتخبناهم من أجله
لا تتفاءلوا كثيرا فحتى لو بدأنا بالتحديث السياسي اليوم، وأقررنا قانون الأحزاب السياسية والحكومة البرلمانية، فسيكون أمامنا طريق سياسي طويل جدا ومليء بالصراعات بين الأحزاب الجديدة حول المبادئ الأساسية للحكم أي شكل الدستور وصلاحية السلطات الثلاث ونوعية الحريات العامة، وإذا نجحنا بحسم الخلافات سريعا، واستقرت أوضاعنا الدستورية فعندئذ نكون قد وصلنا إلى حالة مشابهة للديموقراطية الغربية حيث سيتنافس السياسيون على من يستطيع أن يحقق الرفاهية للمجتمع.