يجب ألا يأخذ أحد تهديدات كوريا الشمالية على محمل الجد إطلاقا، ففي كل منطقة بالعالم هناك جهة تتحرك كي تمنع بعض الشعوب من الهرب والابتعاد عن الراعي الصالح، ومن ثم الإضرار بأنفسها، واسألوا شعوبنا العربية التي اختارت بأنفسها دعم وعشق الحكام الطغاة والقمعيين في المنطقة والعالم أمثال ستالين وهتلر وصدام والقذافي ومن لف لفهم، والمحاربة الشديدة لدول العالم الحر المؤمنة والمبشرة بالديموقراطيات والحريات وحقوق الإنسان، وكيف لشعوب قاصرة أن تترك لحالها؟!
منذ عام 1910 حتى 1945 كانت شبه الجزيرة الكورية مستعمرة من قبل اليابان، ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية قسمت كوريا إلى شمالية ثرية تزيد مساحتها على 120 ألف كلم2 وعدد سكان لا يزيد على 9 ملايين، وجنوبية فقيرة مساحتها 100 ألف كم2 و21 مليونا من السكان، وخلال عقود قليلة من الزمن انقلب الحال بسبب نوعية نظام الحكم حيث تحول الجنوب الرأسمالي إلى بلد فاحش الثراء يزيد دخله القومي على 1.6 تريليون دولار لخمسين مليونا من السكان، و تحول الشمال الشيوعي الديكتاتوري الى بلد مدقع الفقر لا يزيد دخله القومي على 40 مليار دولار لـ 24 مليونا من السكان البائسين الجائعين هذه الأيام.
في يناير 1950 أدركت الولايات المتحدة أنها قد تجر لحرب ضد الشمال الكوري، لذا أعلنت عن قيادة عسكرية موحدة لدول الشرق الأقصى لم تنضم لها كوريا الجنوبية مما مهد لغزوها من جارتها الشمالية وسقوط عاصمتها سيئول خلال ساعات قليلة، ويصدر مجلس الأمن قرارا تحت البند السابع من الميثاق لتحرير الجنوب وينسحب المندوب السوفييتي بدلا من استخدام حق النقض (الفيتو) ويتم تشكيل تحالف من 16 دولة بقيادة الولايات المتحدة، يدخل الحرب مع الشمال المدعوم من الاتحاد السوفييتي والصين، والطريف ان قوات الشمال الغازية كانت بقيادة الكولونيل الروسي دولغين، وقوات الأمم المتحدة المدافعة بقيادة الجنرال الروسي فاسليف حتى قيل إنها «الحرب التي لا أسرار بها»، وحتى إن مندوب «الأهرام» في الحرب المدعو محمد حسنين هيكل نشر في جريدته بتاريخ 13/ 9/ 1950 يتنبأ بموعد الهجوم «المفاجئ» لقوات الحلفاء في «انتشون» قبل حدوثه بيومين، أما الغريب فهو عزل القيصر دوغلاس ماك ارثر من قبل الرئيس ترومان بعد أن رفض الرئيس خطته للإنهاء السريع للحرب عبر تدمير الجسور التي تربط كوريا الشمالية مع الصين وإرسال نصف مليون جندي تايواني يعبرون بحر الصين ويستولون على العاصمة بكين التي استولى عليها الزعيم ماوتسي تونغ قبل أشهر قليلة.
آخر محطة:
(1) استمعت ليلة امس من إذاعة «BBC» الإنجليزية إلى لقاءات مع كوريين شماليين فارين تحدثوا خلالها عن ظاهرة أكل لحوم البشر التي انتشرت في بلدهم إبان مجاعات أعوام 1994 ـ 1998 والتي توفي خلالها ما يزيد على 3.5 ملايين كوري شمالي في كوارث شبيهة بما حدث في الاتحاد السوفييتي في الثلاثينيات، حيث تسببت الشيوعية التي تعشقها شعوبنا العربية في وفاة 20 مليون روسي، وفي الصين في أواخر الخمسينيات في موت 35 مليون صيني، وفي كمبوديا في السبعينيات توفي نصف السكان على يد الشيوعيين من الخمير الحمر.
(2) نشرت جريدة الأخبار المصرية واسعة الانتشار على صدر صفحتها الأولى في عدد الخميس الماضي وثائق إسرائيلية تاريخية سرية قالت إنها ذكرت أن الرئيس عبدالناصر زار إسرائيل في السر عام 1954 والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك موسى شاريت واتفق معه على كثير من القضايا.. وأمجاد يا عرب أمجاد!