أنا الموقع أدناه محمد الوشيحي، الليبرالي المدعوم من الإخوان في مصر والسودان، والمسنود من قطر وأوزباكستان، أقر بتأييدي لمطلب النائب السابق محمد هايف، والداعية الفاضل سالم الطويل، وغيرهما، بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية بكل تفاصيلها وحذافيرها.
امسكوا علي الفقرة السابقة واعتبروها وصل أمانة، تلوحون به في وجهي أمام محاكم الرأي العام في القادم من الأيام، لكن أرجوكم لا تنسوا شرطي الوحيد. أكرر: شرطي الوحيد، وهو أن يتفق السلفيون الكويتيون أنفسهم على مفهوم واحد، أو تفسير واحد للشريعة الإسلامية.
قلت "السلفيون الكويتيون"، لم أشمل معهم بقية السلفيين المسلمين في أصقاع هذا الكوكب، بدءاً من السلفيين في الشقيقة المملكة العربية السعودية وليس انتهاء بسلفيي طشقند، فأنا لا أسعى إلى تعجيزهم… قلت "السلفيون الكويتيون"، لم أقل: المسلمون الكويتيون بشيعتهم وسنتهم، فقد يتفق القمر والشمس على موعد واحد للشروق قبل أن يتفق السنة والشيعة على أركان الإسلام… قلت "بشرط أن يتفق السلفيون الكويتيون"، لم أقل بشرط أن يتفق الكويتيون السنة بـ"إخوانهم المسلمين" و"الصوفيين" وبقية ألوان الطيف الإسلامي السني… أنا حصرت الشرط في أضيق نطاق ممكن، "السلفيون الكويتيون" لتسهيل المهمة.
وهذا عهد مني ووعد أن أمشي في الشوارع رافعاً شعار الدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية، إذا اتفق أحمد باقر مع محمد هايف، وكلاهما سلفي، على تفسير واحد للشريعة، وشاركهم الاتفاق بقية السلفيين، مثل د. وليد الطبطبائي ود. علي العمير ود. شافي العجمي وسالم الطويل وفهيد الهيلم ود. فهد الخنة وخالد العدوة وغيرهم وغيرهم وغيرهم…
يميناً بالله لأرفعن الشعار حتى على منزلي وعلى سيارتي، إذا اتفق هؤلاء على بعض المسائل المهمة في حياة الناس، وأجمعوا على تفسير واحد لمصطلح "ولاة الأمر"، على سبيل المثال، وبينوا لنا هل المقصود بـ"ولاة الأمر" رئيس الدولة سمو أمير البلاد فقط أم رئيس الدولة وولي عهده؟ أم يشمل المصطلح كل الشيوخ الوزراء؟ أم كل أبناء الأسرة الحاكمة وبناتها؟ أم يقتصر فقط على الأبناء دون البنات؟ أم كل ذي سلطة ولي أمر، أي أن الوزراء كلهم ولاة أمر؟ طيب وماذا عن الوكلاء والوكلاء المساعدين؟ وماذا عن مديري الهيئات بدرجة وكلاء؟ وماذا عن المستشارين بدرجة وزراء؟ وماذا عن وعن وعن…؟
لا نريد منهم أدلة يبينون لنا فيها إلى أي آية أو حديث استندوا في تفسيرهم، فقط نحتاج إلى أن يتفقوا على تفسير واحد وسنوافقهم. ثم يتفقون على تفسير واحد للخروج في المسيرات الرافضة للفساد، هل هو حرام أم حلال أم مكروه، وهل هو خروج على ولاة الأمر أم هو جهاد أم عمل خير يدخل في باب تغيير المنكر باليد ورفض الفساد؟ أيضاً لا نحتاج إلى أدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية، نحتاج فقط إلى إجماعهم على تفسير واحد أو فتوى واحدة.
أما قبل ذلك، أي قبل اتفاقكم أيها السلف وإجماعكم على رأي واحد في ما يهم الناس وحياة الناس – دعوا عنكم الكماليات – فأرجوكم ألا تزاحمونا على المايكروفونات وتطالبونا بتطبيق الشريعة، فنوافقكم "على بياض"، ثم نختلف بعد ذلك على بعض التفاصيل فتبادل التكفير، وتدعي كل فرقة منا بأنها الفرقة الناجية وبقية الفرق على ضلال مبين، فأجد نفسي فجأة بعد اختلافي مع أحدكم خارج الملة، في العراء الطلق والعياذ بالله.
ولكم مني وعد أن أتكفل بديوانية منزلي الذي استأجرته حديثاً (هو في الحقيقة دور أرضي فقط، لكن مثلكم يجد لي العذر لزهدكم في زخرف الحياة الدنيا طمعاً في ما عند الله)، وسأتكفل بالشاي والقهوة والتمر والبخور والعشاء الطيب، وسأضمن لكم عدم اقتحام أحد من الليبراليين، عليهم من الله ما يستحقون، خلوتكم المباركة، حتى تنتهوا من نقاشكم وتخرجوا إلينا بما اتفقتم عليه، لنبدأ جميعاً بعد ذلك حملة المطالبة بتطبيق الشريعة.
اتفقوا أيها السلف الكويتيون المطالبون بتطبيق الشريعة وسنصطف خلفكم، على بركة الله، فإذا لم تفعلوا فستلتهمنا الشكوك في مصداقيتكم وجديتكم، وستنتفخ رؤوسنا بالسيئ من الظن في أهدافكم. جزاكم الله خيراً.
اليوم: 9 أبريل، 2013
أشعر بقلق
أشعر بقلق لأن أسعار البترول مهددة بالانخفاض بعد أن زادت دول النفط من إنتاجها، إضافة إلى احتمال ارتفاع إنتاج النفط الصخري (مقال كامل العوضي بالآن)، وبعدها ستقول لنا أميركا والصين وغيرهما من الدول المستهلكة: "اشربوا نفطكم تصحوا، وإلا استعملوه بدل الخل في (بساتيق) الطرشي".
أشعر بالقلق لأن حكوماتنا لا بالعير ولا بالنفير، تسير على البركة، وهي بركة ترتدي جلباباً منقوشاً عليه شعار "خل القرعة ترعى" يعني اليوم لي بالصرف والهدر و"البقششة" السياسية "وليغور الغد غداً بستين داهية"… يعني أننا الذين ليس لدينا الملايين في مصارف سويسرا كضمان لبرجوازية أنجالنا سنكون بستين داهية…!
أشعر بالقلق لأن الكثير من الطائفيين من المفكرين والمنظرين ليس لهم من حديث غير الصفوية ومؤامرات الصفويين على دولتنا ودولنا، وكأن ثلث أهل الكويت من المواطنين الشيعة تنتهي أسماء عائلاتهم بالصفوي، فهذا جعفر الصفوي، وذاك عبدالرضا الصفوي الرافضي، وفلان من الناس جاء إلى الكويت بالبحر عن طريق التهريب… والحساب عليكم!
أشعر بالقلق، لأن معظم أخبارنا اليومية صارت مكبّلة بالأصفاد ومحروسة بالزنازين، فبين يوم وآخر أقرأ حكماً بحبس مغرد، أو خبراً آخر عن زيادة العقوبة عليه، أو محاكمة جزائية لنائب سابق تحدث بقوة وفضح القليل من جبل الفساد العائم في خليجنا الملوث.
أشعر بالقلق، لأن الكثيرين من شعبنا ومن فريج "يارب لا تغير علينا… ومو ناقصنا شي… والكويت فيها كل شي" لا يقلقون، ولا يجزعون من الغد، ليس عندهم غم ولا هم غير المعارضة ووجودها وخلافاتها وحلمهم المريض بنهايتها، ينامون على وسائد ناعمة من اليقين والراحة النفسية… هو يقين وراحة، فـ "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله … وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم"، رحم الله المتنبي… فهم أهل الجهالة وأبناء الكسالى.
أشعر بالقلق لأن أم الدنيا، وأقدم دولة في العالم مصر تحيا على كف عفريت، فالمصريون المتسامحون بالعادة، لم يعد كثير منهم متسامحاً. نقلنا لهم عدوى التعصب الديني مع معونات النفط، فالأقباط صاروا عقدة الأمة المصرية الإسلامية، والاعتداء على الكنائس أصبح جهاداً دينياً مفروضاً.
أشعر بالقلق من الدماء التي تسيل كالأنهار بسورية، أشعر بالقلق بعد أن تحوّلت معركة الحرية ضد نظام طاغٍ إلى معركة الطوائف وذبح على الهوية، وأضحى الوطن السوري لبناناً كبيراً، وقد تُنقل حرب المذاهب لدولنا. فلدينا أطنان ثقيلة من العقول المغلقة، ليس بها حتى نقطة صغيرة من فضيلة التسامح. أشعر بالقلق من العراق، الذي لم يعد عراقاً واحداً بل عراقات، وأرضاً للتفجيرات الانتحارية، وحكومة بإدارة غارقة في الفساد والممارسة الطائفية.
أشعر بالقلق من حال الحريات بدول خليجنا وتطلعات شعوبها إلى المشاركة السياسية، فهي تمعن اليوم في مصادرة الرأي الآخر، وتحبس وتقمع الناشطين السياسيين، وتظلم أغلبيات مقهورة من الفقر والبؤس.
أشعر بالقلق والحيرة، لأني لا أستطيع الكتابة في أمور كثيرة، فهناك القوانين التافهة التي تحاسب على كل صغيرة وكبيرة تجول في الرأس، وهناك الأسوأ من تلك القوانين الرسمية، المتمثلة بالقوانين الاجتماعية "وطابو" المحرمات والمنكرات… كلها زرعت الرقيب الذاتي في رأسي.
أشعر بالقلق، من هذا الربيع المغبر، وأقلق أكثر منتظراً ربيع الأزهار… متى يأتي لصحارينا الجرداء…؟ في يوم في شهر في سنة… "أين حليمو وسأكمل" في عقد… في عقدين… في قرن… في قرنين… لا نهاية للزمن!
الولد للفراش ولها الحجر
تذكرت، وأنا أقرأ خبر تبرع أمانة الأوقاف بمائة ألف دينار لدعم مشروع البصمة الوراثية، ما كان يردده القس الجنوب أفريقي دزموند توتو، في قمة تمسك الأقلية البيضاء في جنوب افريقيا بالحكم، من أسف على كل من مات وسيموت من ضحايا الفصل العنصري، لأن الحق سيعود لأصحابه من الغالبية السوداء، وأن من الأفضل للبيض الاعتراف بالواقع وإنقاذ كل تلك الأرواح الغالية من الموت دون داع! ذكرتني مقولة القس توتو وتبرع الأمانة بالقاعدة الفقهية الإسلامية في حكم ثمرة أي علاقة غير شرعية بين رجل وامرأة بأن «الولد للفراش وللعاهر الحجر»! ويعني ذلك أنه لا يحق للأم أن تطالب بوليدها من أي علاقة محرمة، بل يعود النسب للأب فقط، أما المرأة، وهي هنا «العاهر»، فليس لها شيء! وهذا يعني أيضا أن أي «رجل» يمكن أن يتقدم ويدعي انه الأب، ولا يحق للمرأة «الأم» أو العاهر أن تعترض، أو تنكر نسب ابنها أو ابنتها له! ومن هذا المنطلق اتت معارضة بعض الجهات والقوى الدينية، من سلف وإخوان، لأي محاولة حكومية لتطبيق البصمة الوراثية والاستعانة بها في تحديد النسب، بدلا من تطبيق القاعدة الفقهية، ليس فقط لخلفيتها الدينية، بل وأيضا بسبب التخوف من أن أي تطبيق موسع للبصمة الوراثية سيؤدي الى كشف النسب الحقيقي للكثيرين، وربما منهم من «وصلوا»! وأن بعضهم ليسوا ابناء أو آباء من يدعون الانتساب اليهم، وفهمكم هنا كاف!
وقد توقفت معارضة هؤلاء «الغلاة، او الذين على رأسهم ريشة» للبصمة الوراثية مع إقرار السعودية لها، وسيكونون خلال فترة قصيرة، كالعادة، ليس فقط من مؤيدي تطبيقها، بل وفي مقدمتهم! فقد سبق ان حرم هؤلاء مثلا المشاركة في الانتخابات النيابية، وفجأة تغير «مزاجهم الفقهي» ولم يكتفوا بتحليلها بل وحرصوا على أن يكونوا في مقدمة المشاركين فيها. والدليل على ذلك أن المعارضين السابقين للبصمة لم يكتفوا بالتزام الصمت، بعد القرار السعودي، بل قاموا بالإيحاء للأمانة العامة للوقف، من منطلق «ميانتهم» عليها، لصرف مبلغ مائة ألف دينار من صندوق الصدقات لدعم مشروع فحص البصمة الوراثية للمقيمين بصورة غير قانونية، أو «البدون».
ونحن إذ نثمن قرار الأمانة العامة للوقف، ومساهمتها في مشروع علمي وإنساني، إلا أننا نتساءل، من دون اي خبث، كيف أصبح «حرام الأمس» حلال اليوم؟ وإن كان بالإمكان وقف العمل بقاعدة فقهية بجرة قلم، فلم لا نمتلك الشجاعة لوضع تفسيرات مرنة وعصرية للكثير من القواعد الفقهية الأخرى؟ علما بأن البصمة الوراثية لو طبقت منذ عشر سنوات مثلا لخففت عبئا كبيرا على جهات عدة، مثل الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية، والإدارة العامة للأدلة الجنائية ولجنة دعاوى النسب وغيرها، علما بأن البعض منها بدأ «بسكوت» بالاستفادة من البصمة الوراثية. كما يذكر أن عدد الذين استفادوا من تبرع الأمانة بلغ 9580 فردا حتى الآن، بكلفة زادت على 814 ألف دينار، وبالتالي مطلوب قيام جهات اخرى بالتبرع لهذا المشروع الإنساني والحيوي، فكلفة الفحص الواحد تبلغ 85 دينارا.
أحمد الصراف