الأفكار ليست من الأسمنت والخرسانة. الأفكار تتغير بتغير المعلومات ومستوى العقل وعوامل أخرى. وكنت ممن ينادون بحل مشاكل الأغلبية (البرلمانية السابقة) داخل بيت الأغلبية، بل في الصالة الداخلية تحديداً، كي لا يسمع الجيران ضجيج أعضاء الأغلبية وخناقهم ومعاركهم، ليخرج بعدها أعضاء الأغلبية أمام وسائل الإعلام وكأنهم في مسابقة أجمل ابتسامة.
وكما تغيرت قناعتي في "الحكومة البرلمانية" فكتبت قبل نحو سنة تأييدي لهذا الشعار بعد رفضي إياه، كذلك تغيرت قناعتي بخصوص احتواء مشاكل الأغلبية، وحصر الخناق داخل الصالة، بعد أن اكتشفت أن العملية أصبحت كـ"كنس الوسخ والتراب تحت السجاد" لإخفائه عن الضيوف والزوار، حتى تراكم التراب وشيدت الجراثيم بناها التحتية ومدنها السكنية وأقامت مشاريعها وأوامرها التغييرية تحت السجاد، وأضحى ما تحت السجاد مدينة قائمة بشوارعها وجسورها ومرافقها العامة…
وإذا كان السياسيون يلعبون في "استاد فن الممكن" فإن الإعلاميين يلعبون في "استاد كشف المستور"… السياسيون، في الغالب، يراعون مشاعر بائع البرتقال، طمعاً في صوته الانتخابي، أو في أصوات أقربائه، ويمتدحون طعم برتقاله رغم شعورهم بالقرف لفساد البرتقال، ويطلق الواحد منهم آهات اللذة وهو يتلمظ بالبرتقال العفن، أما الإعلاميون الصادقون فيرمون البرتقال العفن جانباً، ويضيئون كشافاتهم ويصرخون "البرتقال فاسد، والبائع فاسد".
إجمالاً، الإعلامي أقوى من السياسي، وأسرع منه، يسبقه بخطوات، فالأحمال على كاهل الإعلامي أخف، والحسابات عنده أقل، ومراعاة مشاعر الأطفال تكاد تكون ممسوحة من قاموسه، ووو…
وعليه أقول: السرطان بدأ يستشري في جسد الأغلبية، والتجاعيد انتشرت في وجهها، وجسدها ترهل، وتراجع مركزها بين فرق الدوري، وتكدس التراب بكميات لا تطاق تحت سجادها، وليس من حل إلا بالعلاج الكيماوي وبتر الجزء الفاسد من الجسد وكنس التراب إلى الشارع وغسل السجادة، ومصارحة الناس، ونقل الحديث من الصالة الداخلية للمنزل إلى الساحات العامة، والقبض على بائع البرتقال الفاسد. وما لم تفعل الأغلبية ذلك من تلقاء نفسها فسنسلط عليها الأضواء ونصرخ "برتقالهم فاسد و… هم فاسدون" ونتركهم هم وبرتقالهم يعمهون. نقطة. انتهى.