حصلت شركة مقاولات غير محلية على عقدين كبيرين يتعلق أحدهما بإنشاء مستشفى جابر، الذي هللت بعض الجهات الرسمية لما أنجز منه حتى الآن، ولكن يبدو أن هناك محاولة ما للتغطية على المشاكل التي تواجه المقاول، ويقال إن هناك معركة بينه وبين المياه الجوفية التي تتدفق بشكل خارج عن قدرة أجهزة السحب لديه، وهي المشكلة نفسها التي سبق أن واجهت مقاول «محطة ضخ مشرف»، لكن هنا المساحة أكبر بكثير! وعلى الرغم من أن الوزارة دفعت للمقاول ثلاثين مليون دينار تقريبا، فإن العمل يسير ببطء مثير للقلق، ومن الواضح افتقاده التكنولوجيا المناسبة. ويقال أيضا ان الوزارة مطالبة تعاقديا بدفع مبلغ 7 ملايين دينار شهريا للمقاول وفق برنامج العمل، وعلى الرغم من مرور 6 أشهر فلا يزال المشروع يراوح مكانه، ولم ينفذ سوى غير شيء يسير! وهنا نتمنى أن يفيدنا طرف ما بحقيقة الوضع، وعدم ورود شيء يعني صحة شكوكنا!
المهم هنا ليس موضوع هذا المقاول أو غيره، بل لكي نبين حجم وجملة المعوقات التي تواجهها خطة التنمية العملاقة، ففشل مثل هذا المقاول، بكل ما يمثله من حجم كبير، في إنجاز مشروع كلاسيكي، على الرغم من ضخامته، يعطي فكرة عن العجز المخيف الذي يعانيه الجهاز الإداري الحكومي، الذي يفتقد أموراً عدة. كما تشكو الدولة من ترهل القوانين المنظمة للمناقصات ولمتابعة المشاريع وأنظمة ملاحقة المخالفين والسراق! فغالبية، إن لم يكن جميع، «موظفي» الدولة الكبار، وبالذات في وزارة الأشغال، الذين نجحوا في سرقة مئات الملايين من أرصدة المشاريع الحكومية بطريقة مباشرة أو غير ذلك، والذين بالإمكان تحديدهم بسهولة، حيث يقوم عدد منهم بإدارة ملايين الكثير من الشركات المساهمة، لم يعاقب أحد منهم بخصم يوم من راتبه، وهذا كاف لتشجيع غيرهم على تكرار السرقة في المشاريع القادمة، و«ما في حد أحسن من حد»، وهم شبه محصنين من المساءلة، نقول هذا على افتراض أن كل المخاوف الهائلة التي تقلق ضمير كل مواطن ومقيم شريف، من احتمالات هبش جزء كبير من المبلغ المرصود، وهذا لا خلاف كبيراً عليه، لا صحة لها، لكن الخوف كل الخوف أن ينتهي الحفل ببضعة مشاريع تصلح لذر الرماد في العيون والسخام في الوجوه! فخطة التنمية، في جانبها الأكبر، لا تكمن في شراء معدات واستيراد أدوات، بل في أعمال بناء وتشييد ضخمة تشمل البنيتين الفوقية والتحتية، فما الجهات التي ستقوم بأعمال التنفيذ وهناك شح في الشركات المميزة، وأين الجهاز الإداري المشرف؟ ومن يملك حق الاعتراض على المخالفات والسرقات ومن سيحاسب المخطئ ويوقفه عند حده؟! عشرات الأسئلة الصعبة التي لا يرغب الكثير من المسؤولين، ليس فقط في الإجابة عنها، بل وحتى التفكير فيها، فالرغبة في الصرف وإعلانه للعالم أجمع من خلال عقود مليونية هما الشيء المهم في هذه المرحلة، وهذا يذكرني بقصة الهيئة الفاشلة العليا لإعادة النظر في القوانين وأسلمتها التي صرفت في بداية تأسيسها مئات آلاف الدنانير على شراء هدايا ثمينة جدا وتوزيعها على كبار موظفي الحكومة وبعض مديري الشركات المساهمة، وكان أحد هؤلاء صديقا يعمل مديرا لقسم الكمبيوتر في أحد المصارف! فما جدوى قيام هيئة دينية بتوزيع هدايا على مدير إدارة كمبيوتر؟ وهل هي بحاجة إلى الدعاية لنفسها وشراء ولاء أو سكوت الآخرين عن «خمالها»؟ ألا تكفي أعمالها، التي لم يتحقق منها شيء طوال 17 عاما، لتدل عليها؟
نقول ذلك بمناسبة ما أشيع عن توقيع الوزير الشيخ أحمد الفهد الصباح عقداً مع شركة علاقات عامة عالمية بمبلغ 6.5 ملايين دينار للترويج لخطة التنمية! وعلى الرغم من أن الوزير أكد أن العقد لم يوقع وسيمر بالقنوات الدستورية، فإنه لم ينف نية التعاقد، وهذا يدفعنا للتساؤل عن جدوى الاستعانة بشركة علاقات عامة للترويج لخطة التنمية؟ ألا يكفي ما سينفذ من أعمال ضخمة كدليل على سلامة النهج، أم أننا بحاجة إلى جهة «ذكية ومتمرسة» للقيام بمهمة تجميل القبيح ودهن الهواء؟!
أحمد الصراف