سامي النصف

إعلاميات

حسناً فعلت وزارة الداخلية باصدارها بيانها الصحافي الذي أزال اللبس وأوضح ان جنح «المرئي والمسموع» يتم التحقيق فيها من قبل وكلاء النيابة كما يعلم بذلك جميع الإعلاميين، وان عدالة أي قضية لا تعني تجاوز القانون بل الالتزام بصحيحه، حتى لا يسحب للمخافر كل صباح عشرات الكتّاب والإعلاميين بناء على ما كتبوه في مقالاتهم وذكروه في لقاءاتهم الإعلامية، والقضاء الكويتي العادل والنزيه كفيل بأن يأخذ كل ذي حق حقه وينصف المظلوم.

قضية أخرى نتمنى ألا تصبح مشروع أزمة جديدة حيث اننا في أمس الحاجة لإغلاق الملفات لا فتحها، فبعد ان تقدم أحد النواب بسؤال عن المجلس الأعلى للبترول وأجاب عنه الوزير المعني، أصبحت الفرصة مواتية كي يوضح إخوة أفاضل موقفهم مما طرح، وهو ما أحسنوا عمله، لذا نرجو ان تتوقف القضية عند حد السؤال والجواب والتعقيب دون الحاجة للذهاب لأروقة المحاكم وتشابكاتها.. والصلح خير ونحن في بداية الشهر الفضيل.

زميل فاضل بدأ الكتابة في إحدى الصحف بمقال اسماه «ميثاق شرف»، تم نشره بداية هذا الشهر، قال فيه انه لا يذكر ان احدا تبنى قبله مشروع «ميثاق الشرف الإعلامي» الذي يقترحه بعد ان انتشر الفجور في الخصومة بين العاملين في الصحافة، حسب رأيه، للمعلومة طالبت في مقال لي في «الأنباء» نشر في العدد 10532 بـ «اقرار ميثاق شرف إعلامي يرفض نشر مبادئ الكراهية والتعصب في المجتمع، كما يمنع الشتم والاسفاف في الصحف».

وفي المقال الثاني للزميل الذي اسماه «الازدواجية والحل المشروط» رأى ان الحل الأمثل للاشكال هو السماح بالازدواجية الخليجية مع شرط عدم الحصول على ازدواجية السكن أو الوظيفة الحكومية، وللمعلومة نشرت في عدد «الأنباء» 12128 بتاريخ 27/12/2008 أي قبل 8 أشهر مقالا اسميته «ازدواجية الجنسية.. المشكلة والحل» ذكرت في الفقرة 6 منه ما نصه: السماح بازدواجية الجنسية مع بعض أو جميع دول مجلس التعاون مع اشتراط عدم الحصول على مزايا وعطايا متشابهة من اكثر من بلد بمعنى منع ازدواجية السكن والتوظيف لعدم عدالة ذلك الأمر.

الازدواجية في غير الدول الخليجية لا يرغب فيها كثيرون كونها تعني ازدواجية الضريبة، حيث ان ابقاء الفرنسي على جنسيته بعد حصوله على الجنسية الاميركية على سبيل المثال يعني انه سيدفع ضرائب دخل في البلدين بينما لو اكتفى باحداهما فسيصبح عرضة للضرائب في بلد واحد وسيعتبر سائحا او مستثمرا أجنبيا في بلده الثاني، في الخليج ومع نظام الدولة الريعية فإن ازدواجية الجنسية تعني ازدواجية المكاسب وتأخير دور منتظري الوظائف والرعاية السكنية على كثيرين، لذا يجب البحث عن حلول متدرجة كما ذكرنا في مقالنا السابق حتى لا تتضرر دولنا الخليجية أو مواطنوها المزدوجون أو غير المزدوجين.

آخر محطة:

1 ـ العزاء الحار لأسرة الزميل د.أحمد البغدادي في مصابهم الكبير، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

2 ـ فقد التيار التنويري العربي منذ بداية هذا العام 3 من كبار مفكريه هم د.محمد عابد الجابري من المغرب ود. نصر حامد أبوزيد من مصر ود.احمد البغدادي من الكويت ومازال في العام بقية.

3 ـ والعزاء الحار لأسرة الفلاح في فقيدتهم الشابة غنيمة محمد الفلاح التي ذهبت ضحية حادث سير مؤسف أثناء توجهها لمقر عملها، للفقيدة الرحمة والمغفرة ولأهلها وذويها الصبر والسلوان.

احمد الصراف

«آني أخو الراقصة لهاليب»

ولد الكاتب العراقي يونس حنون في عام 1958 وعمل طبيب أمراض باطنية، وللشك في ولائه لنظام صدام صدر أمر بمنعه من السفر حينها. وبعد انهيار حكم حزب البعث بدأ في الكتابة النقدية والساخرة، ولكن جهات متطرفة عدة طلبت منه التوقف عن الكتابة وإلا تعرض لتصفية جسدية، فهرب بجسده وعقله من الأحزاب الدينية ليعيش متخفيا في العاصمة الأردنية! ويمكن الإطلاع على مقالاته في موقع «الحوار المتمدن»!
كتب يونس حنون مقالا بعنوان «والله العظيم آني كافر» روى فيه قصة قريب له قبض عليه في عهد صدام بتهمة «التدين العلني»، أي الصلاة علانية كلما رفع الأذان! ومن كان في مثل وضعه وقتها كان يتهم بأنه إما تابع لحزب الدعوة وإما منتم للإخوان المسلمين، وكلا الانتماءين كان كفيلا بإرسال صاحبه للآخرة بتذكرة «ون وي». وقال ان قريبه أرسل للمعتقل وهناك سأله المحقق عن صحة التهمة فرد قائلا: سيدي صدقني، والله العظيم آني كافر!! فضحك المحقق من المفارقة في كلامه وتأكد بعدها أن التهمة ملفقة وأنه بريء، وأطلق سراحه، ولكن ليس قبل أن ينال «بسطة عراقية» مرتبة تخللتها بضع لكمات في المعدة وما تحتها و..، وإهانة كرامته، لكي يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على أي أمر يسيء للنظام.. إلى آخر المقال الطريف الذي يروي فيه طريقة معيشة قريبه بعد خروجه حيا من الاعتقال والتحقيق! وقد ذكرني عنوان مقاله المتناقض بنكتة قديمة عن رجل تورط في حادث مرور وما ان ترجل من مركبته حتى بدأت المعركة الكلامية بين الطرفين، وما ان بدأ التشابك، حتى توقف فجأة صاحب السيارة الثانية عن الصياح وتفرس في وجه صاحبنا متسائلا: «لحظة.. بالله عليك، ألست أنت أخو الراقصة «لهاليب»؟ وما ان سمع صاحبنا هذه «التهمة» حتى بدأ بلكم الآخر وتمزيق ملابسه دفاعا عن شرفه! تدخل هنا شرطي وسأل عن القصة، وأثناء قيام صاحبنا بالشرح قاطعه الشرطي متسائلاعما اذا كان هو شقيق الراقصة «لهاليب»! فاستشاط هذا غضبا وخرج الشرر من عينيه على الإهانة، ووجه لكمة قوية لأنف الشرطي الذي بدأ ينزف، وتصادف وقتها مرور ضابط دورية ففرق الجموع وسأل عما يجري، فبدأ صاحبنا بشرح طريقة وقوع الحادث وكيف أن خصمه والشرطي اتهماه بأنه(..) وهنا قاطعه الضابط وسأله عما إذا كان هو شقيق الراقصة «لهاليب»؟ فلم يتمالك صاحبنا نفسه ووجه لكمة قوية الى بطن الضابط الذي سقط على الأرض يتلوى من الألم، فتدخل جنود الدورية واعتقلوا الرجل ورموا به في السجن. وهناك سأله مأمور السجن عن تهمته، فقام هذا بشرح مشكلته، فقاطعه المأمور متسائلا عما إذا كان أخا أو قريبا للراقصة «لهاليب»؟ فلم يتمالك هذا نفسه من تسلق مكتب المأمور والقفز عليه يريد الفتك به، فتدخل الحراس وأشبعوا صاحبنا لكما ورفسا في كل أنحاء جسمه ورموه في زنزانة انفرادية ليبقى فيها إلى الأبد بعد حرق ملف قضيته!
مرت على صاحبنا سنوات وهو في معتقله، طالت لحيته خلالها بشكل كبير. وفي أحد الأيام سرت إشاعة بأن الحكومة تنوي القضاء على الجماعات الدينية، ولصعوبة التفريق بين المتهم والبريء منهم، قررت، اختصارا للوقت والجهد، إعدام كل صاحب لحية طويلة. لم يهتم صاحبنا بالخبر، فمن في السجن سيبقى في السجن، ولكن في فجر يوم تعيس اقتحمت القوات الخاصة السجن وبدأت بجرجرة كل صاحب لحية طويلة وكان من بينهم صاحبنا الذي سمعه الجميع وهو يصيح: «يا جماعة آني مظلوم، ما إلي دخل بالجماعات الدينية، اسألوا عني، آني أخو الراقصة لهاليب»!!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

حتى عمل الخير.. منعوه

لا انت راحمني.. ولا مخلي رحمة الله تنزل علي!! أستغفر الله من هذا القول، لكن ما يحدث هذه الايام من جدل غير مبرر بشأن جمع التبرعات في رمضان يجعل المرء في حيرة من موقف الليبراليين في الكويت الذين ضغطوا على الحكومة لاتخاذ خطوات تقيد مساعدة المحتاجين ولا تعطي الفرصة لبذل الخير وعمل المعروف في الفقراء والمساكين!
بعد احداث 2001/9/11 استغل خصوم الظاهرة الدينية الحدث ومارسوا كل انواع التشكيك واستغلوا الضعف الامني للمجتمعات الاسلامية، وشوهوا اعمال الخير والتبرعات التي اصبح الاصل في جمعها انها تذهب الى الارهابيين والى جماعة القاعدة وابن لادن، وسكتنا طوال تلك الفترة لان التيار في هذا الاتجاه كان قويا وقبلنا مرغمين بكل القيود وانواع المراقبة على العمل الخيري لادراكنا سلامة المسيرة. وظهر مفهوم الاستقطاعات الموثقة من وزارة الشؤون ومنع الجمع النقدي في الاماكن العامة وحتى في المساجد، وشنّ غلمان بني علمان حملة مستعرة على كل مظاهر العمل الخيري، حتى شككوا في الحصالة عند الكاشير واكشاك اللجان الخيرية في الجمعيات التعاونية فأزالوها من الوجود، لانها في نظرهم القاصر ترمز الى الارهاب! ووصل الامر الى لجان تحقيق ومتابعة من وزارة العدل الاميركية تأتي بشكل دوري وتجتمع مع ممثلي الجمعيات الخيرية للتأكد من التزامهم بضوابط الحكومة الاميركية في جمع التبرعات في الكويت!! وبعد كل زيارة تصدر وزارة العدل الاميركية بيانا تؤكد فيه سلامة اجراءات اللجان الخيرية، يتبعه بيان رسمي من وزارة الشؤون بتأكيد ذلك لان الجمع النقدي توقف.. وكل تبرعات تكون غير نقدية، اي باستقطاع من الحساب الى حساب الجمعية الخيرية، مختوما بختم الوزارة وبرقم متسلسل!! فهل كان هذا كافيا!!
اليوم.. ومع نفحات الشهر الفضيل.. حيث ينتظر الفقراء كرم الاغنياء.. وتنتظر الاسر المتعففة نظرة اهل الخير إليهم في شهر الخير.. الشهر الذي تسمو فيه الروح عن الرذائل.. وتتزكى الانفس بالفضائل.. اليوم تصدر الحكومة قراراً تمنع فيه التبرعات في المساجد في رمضان مع ان الجمع لهذه التبرعات بالاستقطاعات الموثقة وليس النقدية!!
اعتقد ان السبب احد امرين لا ثالث لهما: إما انه صدر من نفسية لا تحب الخير للناس ولا تتمناه لهم، ولا هي قادرة اصلا على فعل الخير!! وإما انه ضغوط بعض التيارات الطائفية التي تعمل ما تشاء في مساجدها الخاصة من دون ان يتجرأ واحد من الاوقاف او الشؤون «يوطوط» عند بابهم وهنا تكون المصيبة اعظم.. يا ناس.. يا حكومة.. الكويت لم يتبق فيها الا عمل الخير فلا تقطعوه.
***
• لفتة:
مات احمد البغدادي.. اسأل الله له الرحمة.. وان يغفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر.. والموت عبرة لكل عاقل… وحق لا مفر منه.. «إنا لله وإنا اليه راجعون».

مبارك فهد الدويلة