محمد الوشيحي

احمد الفهد سيشربك قريباً


هو أحمد الفهد، أو الشيخ أحمد الفهد (بالإذن من النائب عادل الصرعاوي الذي يذكرنا بلاعب نادي الفحيحيل في الثمانينيات، المدافع الأسمر العملاق ربيع سعد، ذي القلب الجميل النقي، الذي يطلب منه المدرب مراقبة المهاجم طوال المباراة فيراقبه طوال الحياة). وكم من شيخ لا يُرى بالعين المجردة، في حين يسد أحمد الفهد الشمس بكتفيه، وإذا «تمغّط» اصطدمت كفّاه بالنظام الشمسي. وكم من شيخ يمشي على الرصيف، في حين «يتمشى» الفهد في منتصف «الهاي وي» إما لتنظيم السير أو للخبطته، بحسب ما يُطلب منه. وهو صياد يرمي شباكه في عرض المحيط، إذ لا تشبعه أسماك السلمون الصغيرة.

وهو في الشأن المحلي نجم شباك من الطراز الهوليوودي، ذو حضور سينمائي لافت ولا شكري سرحان أيام عزه. وهو لفرط ثقته بنفسه ينام وأبواب بيته مفتوحة على مصاريعها، ولفرط هيبته تسرح إبله في الفلاة بلا رعاة، كما كان يفعل فرسان البادية الأشداء. وهو كائن من خيال، يرأس اجتماعات خطة التنمية في البنك المركزي، ثم يجد متسعاً من الوقت لحضور حفلة طهور في الجهراء. وهو بسبعة أذرع، لذا يشاهده الناس يحمل سبع بطيخات، وللدلالة على تمكّنه يداعب الكرة برجله ورأسه كما يفعل «رونالدينهو» دون أن تقع بطيخة واحدة.

وجوده في الحكومة أعطى صورة مغشوشة لكتلة العمل الوطني، وأظهر بعض أعضائها بمظهر المعارضين، وهم ليسوا كذلك. ولولا وجود الفهد لما استطعنا تمييز بعض نواب «العمل الوطني» عن النواب عسكر والخنفور ودليهي.

وللفهد هواية جميلة، هواية تربية صغار النواب (سأطلق عليهم اسم «بتوعه»)، إذ يدربهم على القفز من خلال فتحة الإطار المحترق، ودحرجة الكرة لإضحاك الجماهير، وبضربة سوط واحدة يصطف بتوعه بعضهم وراء بعض ويدورون في الحلبة، وبضربة سوط ثانية يغادر بتوعه الحلبة فيبقى هو وحيداً في المنتصف، فينحني للجمهور ويفتح يديه بطريقة مسرحية على وقع التصفيق، ويغادر فتُزال الخيمة.

وهو يتعامل مع بتوعه كما كان يتعامل الديكتاتور السوفياتي ستالين مع أنصاره المخلصين من صغار الموظفين (مع الفارق)، إذ يختم ستالين على ظهر كل مخلص من أنصاره، فيستمتع المخلص بكل شيء في الدولة بالمجان، ويدخل الحانة ويحتسي ما شاء، وإذا جاءته الفاتورة خلع قميصه وأشار إلى «ختم الزعيم» فتحال الفاتورة إلى «الرئاسة»، ويدخل السوق ويشتري ما شاء ويخلع قميصه، ووو… كذلك حال «بتوع» الفهد.

وكان إلى وقت قريب، كلما عثرت بغلة في الكويت استنجدت الحكومة به، فيفرك بلورته السحرية فيتعبّد الطريق، وتسير القوافل بأمان. وإذا اشتعلت حرائق في الغابات، استنجدت به الحكومة، فيفرك بلورته السحرية فتنطفئ الحرائق… واستمرت الأوضاع على هذا سنوات… لكن دوام الحال من المحال يا صاحبي.

إذ قرر الرئيسان، رئيس الحكومة سمو الشيخ ناصر المحمد ورئيس البرلمان معالي جاسم الخرافي، الاستحواذ على «بتوعه» الذين ربّاهم وصرف عليهم دمَ قلبه. ونجحا في ذلك، وها هما اليوم يحكّان «ختم الزعيم» ليمسحاه من على ظهور «البتوع» كي يضعا ختميهما مكانه.

وقريباً جداً، ما لم ينتبه الفهد، سيشاهد الناس في جميع دور العرض الشيخ أحمد الفهد بلا ختم ولا بطيخة ولا سوط. وستتحرر كفّاه، وسيكون بإمكانه حينئذ الانضمام إلى أقرب فرقة شعبية للتصفيق و»الشربكة»، وحدة وحدة وحدة جك جك جك جكجك.

هوَ ذا أحمد الفهد، وهيَ ذي الكويت… هو نائب رئيس الوزراء اليوم، وغداً قد تقرأ اسمه في كشوفات الباحثين عن عمل. وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء. 

حسن العيسى

تحت يد الشيخ أم تحت أيديهم؟

أين ستودع أموال مدينة ألف ليلة و"نيلة" للصندوق الوطني المقترح للتنمية، ومن سيشرف على صرف الأرقام الفلكية المقدرة له لخدمة مدينة الأحلام القادمة؟ لم يعد سراً خافياً، فهناك معركة داخل بطن الحكومة بين وزير ووزير، بين وزير المالية الشمالي والشيخ أحمد الفهد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، وهي معركة أيضاً بين البنك المركزي ومعه البنوك المحلية من جهة، ومن يريد أن تكون أموال الصندوق بيد الحكومة وتحت إدارة الشيخ أحمد الفهد.
كل طرف في دولة "اغنم زمانك" له حجة وسند، أما مستقبل أولادنا فله الله…! المؤيدون لاستقلال الصندوق ووضعه تحت يد الحكومة أو تحت إشراف الشيخ أحمد، مثل النائبة رولا دشتي، يقولون إن البنوك المحلية غير قادرة على حمل هذا الثقل، فالحكومة مثلاً أودعت أربعة مليارات دينار لدى البنوك كضمان ولتحريك الائتمان، فماذا فعلت البنوك لزيادة التمويل للقطاع الخاص… لا شيء… فالانكماش على حاله والوضع الاقتصادي "مكانك راوح"، وتقول محامية الصندوق الوطني رولا دشتي لجريدة "الأنباء": "هناك تشويه منظم لفكرة مساندة الحكومة في تمويل هذه المشاريع، وهو (تقصد التشويه) لخدمة مصالح خاصة وقطاع بعينه…"! وكأن ما صرحت به رولا أمر جديد على الكويت… فالدولة، ومنذ زمن بعيد، كلها مفصلة على مصالح وقياسات البعض من جماعات إن "حبتك عيني ما ضامك الدهر".
أما المعارضون لولاية الحكومة على الصندوق أو فكرة خلقه من الأساس، ومنهم من أهل الحكومة ومنهم اقتصاديون وتجار وبنوك، فيقولون إن إنشاء مثل هذا الصندوق يعد سلباً لصلاحيات البنك المركزي في الرقابة على الائتمان، ويضعف النظام المصرفي، والصندوق يفتح أبواب التعدي على المال العام، وذكر الاقتصادي جاسم السعدون لجريدة "الجريدة": "أن الصندوق سيخلق منافسة غير شريفة بين الحكومة والقطاع الخاص… فالشركة التي تملك حظوة تمويلها سيكون أسهل من التي لا تملك مثل هذه الحظوة… وسيستخدم الكيان الجديد كمركز لتوظيف سيئ يرتكز على مصالح شخصية وعائلية وقبلية وطائفية كشروط توظيف أكثر من الكفاءات نفسها، وقد يشمله الفساد نظراً إلى محسوبية التوظيف والولاء لغير جهة العمل…".
أياً كان الأمر… فلا يبدو أن هناك اتفاقاً قريباً لتقسيم كعك العيد لمشروع مدينة الأحلام، لكنه من المؤكد في نهاية المطاف أن أصحاب النفوذ المؤلفة قلوبهم  سيقولون مثلما قاله هارون الرشيد: "امطري يا سحابة حيثما شئت فسيصلنا خراجك…" أما أولادنا فسيقولون غداً: كفاية… فقد غرقنا بخرابك…!

احمد الصراف

المهاجر المجهول

هذه كلمات كتبها مواطن مصري هاجر إلى أميركا، ونشرها على الإنترنت، ولطرافتها قمت بنقلها هنا بتصرف: «… علمتني أميركا أن أنام بدري لكي أصحو بدري، لكي أتوجه لعملي بدري، لكي أؤدي عملا أستحق عليه راتبي. وتعلمت في أميركا أن العمل عبادة قولا وفعلا، وأن ‏الشعوب الكثيرة الكلام والشعارات لا يوجد لديها وقت للعمل والإنتاج، و‏تعلمت في أميركا ومارست لأول مرة في حياتي العمل التطوعي لمصلحة المجتمع الذي أعيش فيه، وأن التبرعات إلى جانب العمل الخيري هما من دعائم المجتمعات الإنسانية، وأن التبرعات ممكن أن توجه لأعمال كثيرة، ولا تقتصر على إنشاء دور العبادة، ورأيت جامعات ومستشفيات بنيت بأموال تبرعات من أغنياء ومتوسطي الحال.
و‏تعلمت في أميركا أن قيمتك في المجتمع نابعة من عطائك وعملك ومجهودك وثروتك الناتجة عن العمل، ولم أسمع شخصا طويلا عريضا يصرخ ويقول لك: إنت عارف إنت بتكلم مين؟ وإذا سمعتها فلا بد أن قائلها من رجال العصابات. لم يسألني أحد في أميركا: إنت إبن مين في مصر أو في أميركا، ولم يسألني أحد عن ديانتي أو شهادتي أو اصلي وفصلي، السؤال الوحيد الذي كان يوجه إلي يتعلق بطبيعة عملي وطريقة كسبي لعيشي. وعندما قررت ابنتي السفر لأوروبا للدراسة، عملت لستة أسابيع في الصيف لتسدد لي ثمن التذكرة، وعلمتني درسا آخر عندما شاهدتها تعمل في محل ستاربكس، ‏وتقوم بخدمة الزبائن وغسل الأطباق وتنظيف المحل، تأثرت للحظة على ما اعتبرته بهدلة لابنتي، ‏بمفهومي القديم، ثم ما لبثت أن شعرت بالفخر، لأنها فعلت ما لم أستطع فعله وأنا في سنها، وقمت بإعطائها «‏بقشيش» ‏خمسة دولارات مقابل فنجان قهوة ثمنه دولاران ونصف الدولار، وتعجب زملاؤها في المحل، وقالوا لها ‏الراجل ده ساب بقشيش خمسة دولارات على فنجان قهوة، فردت ابنتي قائلة: ‏ما تستغربوش أصله أبويا‏! وتعلمت في أميركا أن أحترم العمل اليدوي والعامل، مهما كان بسيطا، وتعلمت أن أخدم نفسي في البيت والعمل، وأن أتواضع إذا حضرت اجتماعا في الشركة مع الرئيس، فلا يمكن أن تميزه عن أي عامل إن لم تعرفه من قبل، فلكل واحد دوره في الاجتماع. كما تعلمت أن الحظ لا يطرق سوى أبواب المجتهد، وأن أفخر بعملي وأحبه‏، ‏تعلمت أن الكذب هو بوابة الشرور، وأن الصدق منجاة، وأن الإنسان صادق حتى يثبت كذبه، وانني مواطن حقيقي لأنني أشارك في اختيار الرئيس وكل المسؤولين من بعده في ولايتي، واشعر أن ما أدفعه من ضرائب يعود لي في شكل خدمات متنوعة، وان أميركا ليست الجنة على الأرض، ولكن أهلها يسعون إلى أن تكون كذلك، وهم يخطئون حينا ويصيبون أحيانا أخرى، ولا يخشون الاعتراف بأخطائهم. كما تعلمت في أميركا أن المرأة نصف المجتمع بحق، وأنها قد تكون مفترية على الرجل أحيانا ربما للانتقام لبنات جنسها المقهورات في بلاد أخرى، وأن أميركا تفوقت بعلمها وابتكار أبنائها عبر مائتي عام، وتعلمت أن الفرق بين التخلف والتقدم هو في التعليم وتشجيع التفكير الحر والابتكار، وعندما زرت بعض الجامعات الأميركية، ودخلت معاملها وتعاملت مع طلابها وطالباتها عرفت سر قوة أميركا، وأن الأقليات هم جزء من نسيج أي وطن، وأنها لم تصل بعد إلى كل ما تصبو إليه في القضاء على التفرقة العنصرية، وتعترف بأنها مازالت موجودة، لقد تم إنجاز الكثير في طريق القضاء عليها، وما اختيار أوباما رئيسا إلا أكبر دليل على هذا.
و‏تعلمت في أميركا أن القوانين سنت لكي تطبق على الجميع، وأن الذين يشرعون منتخبون، وأن القائمين على تنفيذها موظفون في خدمة الشعب، و‏تعلمت أن الفساد موجود في أميركا، ولكن المجتمع يحارب الفاسد ولا يرحب به! وتعلمت أن أحب أميركا، وان أخلص لها، فقد أعطتني أكثر مما أعطيتها.
* * *
ملاحظة: أرسل الشاعر حمود البغيلي رسالة هاتفية يطلب منا عدم النقل من الإنترنت، فأجبته بأخرى قائلا: لست بحاجة للنقل من الإنترنت فلدى محرر القبس 15 مقالا للنشر، وبالتالي لست بحاجة للنقل، ولكن إن رأيت نصا جميلا على الإنترنت يستحق مشاركة القراء فيه، فما العيب في ذلك؟ ولم يرد العزيز حمود علينا حتى الآن!

أحمد الصراف