علي محمود خاجه

سنوات الضياع

عذرا لكل من يقرأ، وبتجرد شديد فإن محصلة دروس الغزو الآثم هي صفر أو أقل من ذلك بقليل، ولنسترسل قليلا في القول على الصعيدين الحكومي والشعبي.

ففي إطار الدولة مثلا، التي كانت تعتمد قبل الغزو على سياسة الدينار في كسب الحلفاء، فقد اتضح لنا في تلك المحنة أن تلك السياسة فاشلة، والدليل أن أغلبية الدول التي ساندتها الكويت بدينارها كانت هي خط المقاومة الأول ضد أي قرار لمصلحة الكويت في فترة الغزو، واليوتيوب يوفر لكم توثيقا مهما لما حدث في الجامعة العربية في فترة الغزو، ولكن هل تغير هذا الأمر بعد الغزو؟ قطعا لا، ومازلنا بسياسة دينارنا التي أثبتت فشلها.

تحالفت الدولة قبل الغزو مع قوى الظلام الرافعة لشعار الدين أملا منها في أن يكون هذا الحليف هو ملاذها الآمن، والمحصلة وقوف حليف الحكومة قبل الغزو ضد أي تدخل أجنبي لتحرير الكويت، والمحصلة أيضا استمرار الدعم الحكومي لتيارات الظلام.

باركت الحكومة سياسة فرّق تسد التي انتهجتها قبل الغزو، وكان الخوف الأكبر من الحكومة نفسها في فترة الغزو أن ينصرف أولئك المفترقون كل لمذهبه وعقيدته، ولولا وجود العقلاء ممن سعت الحكومة إلى تفريقهم لما نجح مؤتمر جدة، وهو صك التحرير بلا أدنى شك. لتعود بعد الغزو وتستمر في مباركتها للتفرقة إن صدقنا فعلا بأنها لا ترعاها أيضا، فتغيرت وجوه المفرقين نعم، لكن لم تتغير رسائل الفتنة.

ميزة تتمناها الأمم كلها بأن يكون لها ذكرى تاريخية تثبت العصيان المدني لقلة قليلة استطاعت أن تسبب صداعا مزمنا لرابع أقوى جيش في العالم حينذاك، اختلطت فيها دماء كل الكويتيين من رجال ونساء وطوائف وعوائل وقبائل، لتؤرخ الحكومة كل ذلك بشارع واحد صغير يحمل اسم الشهداء دون أي رمز أو على الأقل نصب للمقاومة أو ذكر لأسمائهم، والاكتفاء بشهيد واحد تخصص له المناطق والمدارس والمباني، نعم نحبه ونحترمه ولكن لا نرضى طبعا باختزال كل الأبطال فيه وحده.

أما على الصعيد الشعبي، فلم تفد تلك الكارثة وتوحيدها للناس في استخلاص العبر، فمازال الخونة يحوزون ثقة الناس، وأقصد بالخونة من وقف ضد الكويت من الكويتيين بالغزو أو من سرق الكويت من الكويتيين بالغزو، فكان ردنا عليهم بأن ننصبهم ممثلين لنا والمفضلين لدينا كوسيلة للإعلام.

ولم نكتف بذلك، بل إن كل الأخطاء التي تكررها الحكومة، وقد سطرت بعضا منها فقط أعلاه، لا نحرك ساكنا لتقويمها وتغييرها كي تقودنا للأفضل.

كاذب من يقول إننا تعلمنا طوال تلك السنوات، فالأمر الوحيد الذي تعلمناه هو ألا نتعلم.

خارج نطاق التغطية:

اتصال من صديق ذكر لي أن الدراما في تلفزيون الكويت لها معايير وشروط هي ما تجعل بعض الأعمال تبتعد عنها، وحسب ما سمعت فإن تلك المعايير جيدة ومعقولة، لذلك أستثني المجال الدرامي من مقالي السابق.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

الغزو ودروس ما بعد العشرين

كي لا تضيع دماء شهدائنا هباء منثورا، وحتى لا نحكّم القلب والعاطفة فيما يجب أن نحكّم فيه العقل والحكمة، وحتى لا نترك أحداث ماضينا تدمر حاضرنا ومستقبل أبنائنا، هناك قائمة من الأمور التي يجب أن نعيها ونتعلمها استفادة من دروس العشرين عاما على كارثة الغزو ومنها:

1 ـ رغم قسوة العدوان وبشاعته إلا أن علينا أن نعي أن هذا ما يحدث دائما في الحروب والغزوات، فالنظرة المتأنية لتاريخنا الحديث وما قام به النازيون في أوروبا، أو الجيش الياباني في شرق آسيا، ستعلمنا أننا لسنا أول أو آخر دولة غزيت على الأرض وعليه فعلينا أن نعمل ما عملوه من إصلاح شأنهم مع جيرانهم ومع من غزاهم وتبادل المنافع بين بلدانهم كوسيلة لمنع تكرار الحروب وقد نجحوا في مسعاهم الذي يستحق أن نكرره.

2 ـ التوقف عن تكرار المقولة الضارة الخاطئة التي تدعي أن هناك مطالبة عراقية دائمة بالكويت كونها تبرر ما قام به المجرم صدام وتعطيه صك الغفران التاريخي كونه لم يعمل إلا ما ندعي أنها مطالبة دائمة لشعبه، لقد طالب الملك غازي بوحدة عربية تضم 6 دول بينها الكويت، كما طالب نوري السعيد بوحدة ثلاثية للأردن والعراق والكويت، أما المعتوه قاسم والمجرم صدام فهناك آلاف القرائن الدالة على اعترافهما الكامل بالكويت ولم يزد ما قاما به عن محاولة إشغال الداخل بافتعال إشكال مع دولة الكويت.

3 ـ العمل على الانفتاح الكامل على العراق ـ والسعودية وإيران ـ وإلا فكيف سنفعّل مشروع المركز المالي الواعد الذي سيجعل الخدمات وإعادة التصدير بديلا عن النفط، وكيف سنستفيد من مشروعي أكبر ميناء وأكبر مطار شحن إذا لم تكن حدودنا مفتوحة على مصراعيها مع الجيران عبر العلاقات الحسنة والودية معهم؟.. إن علينا أن نكرر ما حدث بين ألمانيا وفرنسا وأميركا واليابان حيث استبدلوا الصراع السياسي بالتعاون الاقتصادي.

4 ـ التوقف عن اعتبار أي مقولة شاذة لنائب أو كاتب صدامي وكأنها تمثل شعب العراق كافة ثم ترك الباب واسعا لمن يستغل تلك المقولة المدسوسة لادعاء البطولات الفارغة ومحاولة إساءة العلاقة مع العراق وكأننا تحولنا مرة أخرى لدولة كبرى قادرة على حشد الملايين على الحدود مع الجيران.

5 ـ العمل ببراغماتية شديدة ومنهاجية الغرف المغلقة لمعالجة الملف العراقي وتفريغه من الشحنات المتفجرة ضمنه عبر مبدأ «الأخذ والعطاء» المعروف فلدينا ما نريده من العراق (الأمن المستقبلي الدائم وفرص التصدير والاستثمار) ولدى العراق ما يريده منا (الديون والتعويضات وإشكال شركة طيرانه) والمفروض أن نجند ونستخدم أفضل العقول الكويتية والعربية والأجنبية للعمل مع الجانب الكويتي المفاوض لإنهاء جميع الملفات العالقة بأكبر قدر ممكن من الاحتراف والسرية.

6 ـ العمل المفتوح ضمن الداخل العراقي عبر الاستثمار الجيد والمدروس في البنى الأساسية، واستقطاب الساسة والمفكرين والإعلاميين العراقيين المؤثرين دون النظر لماضيهم ماداموا امنوا ببناء مستقبل أفضل للكويت وللعراق فلا مصلحة لنا قط في عداء أي من الأطياف السياسية والاجتماعية والدينية العراقية مع رفع شعار «عفا الله عما سلف».. و«اللي فات مات».

آخر محطة:

 1 ـ نشرت جريدة «بوسطن غلوب» في عدد امس مقالا للدكتور جون تيرمان مدير الدراسات الدولية في جامعة «ام اي تي» الشهيرة ذكر فيه ان حرب 2/8/90 لم تنته حتى اليوم.

2 ـ لا يستحق خالد المريخي لا الجنسية الكويتية ولا السعودية، فآخر ما يريده البلدان الشقيقان هو من يحاول إساءة العلاقات الأخوية بينهما عبر الفرقعات الصحافية المغرضة، وللمعلومة الكويت والسعودية وبقية دول الخليج لا تسمح بازدواجية الجنسية والقضية ليست محصورة في الكويت، وقد تناقلت الأنباء أن القاتل المقتول في مصر الذي تعدى على شقيقتيه كان سعوديا وأسقطت الجنسية عنه بعد حصوله على الجنسية القطرية.

احمد الصراف

دهن الهواء بالديكو

حصلت شركة مقاولات غير محلية على عقدين كبيرين يتعلق أحدهما بإنشاء مستشفى جابر، الذي هللت بعض الجهات الرسمية لما أنجز منه حتى الآن، ولكن يبدو أن هناك محاولة ما للتغطية على المشاكل التي تواجه المقاول، ويقال إن هناك معركة بينه وبين المياه الجوفية التي تتدفق بشكل خارج عن قدرة أجهزة السحب لديه، وهي المشكلة نفسها التي سبق أن واجهت مقاول «محطة ضخ مشرف»، لكن هنا المساحة أكبر بكثير! وعلى الرغم من أن الوزارة دفعت للمقاول ثلاثين مليون دينار تقريبا، فإن العمل يسير ببطء مثير للقلق، ومن الواضح افتقاده التكنولوجيا المناسبة. ويقال أيضا ان الوزارة مطالبة تعاقديا بدفع مبلغ 7 ملايين دينار شهريا للمقاول وفق برنامج العمل، وعلى الرغم من مرور 6 أشهر فلا يزال المشروع يراوح مكانه، ولم ينفذ سوى غير شيء يسير! وهنا نتمنى أن يفيدنا طرف ما بحقيقة الوضع، وعدم ورود شيء يعني صحة شكوكنا!
المهم هنا ليس موضوع هذا المقاول أو غيره، بل لكي نبين حجم وجملة المعوقات التي تواجهها خطة التنمية العملاقة، ففشل مثل هذا المقاول، بكل ما يمثله من حجم كبير، في إنجاز مشروع كلاسيكي، على الرغم من ضخامته، يعطي فكرة عن العجز المخيف الذي يعانيه الجهاز الإداري الحكومي، الذي يفتقد أموراً عدة. كما تشكو الدولة من ترهل القوانين المنظمة للمناقصات ولمتابعة المشاريع وأنظمة ملاحقة المخالفين والسراق! فغالبية، إن لم يكن جميع، «موظفي» الدولة الكبار، وبالذات في وزارة الأشغال، الذين نجحوا في سرقة مئات الملايين من أرصدة المشاريع الحكومية بطريقة مباشرة أو غير ذلك، والذين بالإمكان تحديدهم بسهولة، حيث يقوم عدد منهم بإدارة ملايين الكثير من الشركات المساهمة، لم يعاقب أحد منهم بخصم يوم من راتبه، وهذا كاف لتشجيع غيرهم على تكرار السرقة في المشاريع القادمة، و«ما في حد أحسن من حد»، وهم شبه محصنين من المساءلة، نقول هذا على افتراض أن كل المخاوف الهائلة التي تقلق ضمير كل مواطن ومقيم شريف، من احتمالات هبش جزء كبير من المبلغ المرصود، وهذا لا خلاف كبيراً عليه، لا صحة لها، لكن الخوف كل الخوف أن ينتهي الحفل ببضعة مشاريع تصلح لذر الرماد في العيون والسخام في الوجوه! فخطة التنمية، في جانبها الأكبر، لا تكمن في شراء معدات واستيراد أدوات، بل في أعمال بناء وتشييد ضخمة تشمل البنيتين الفوقية والتحتية، فما الجهات التي ستقوم بأعمال التنفيذ وهناك شح في الشركات المميزة، وأين الجهاز الإداري المشرف؟ ومن يملك حق الاعتراض على المخالفات والسرقات ومن سيحاسب المخطئ ويوقفه عند حده؟! عشرات الأسئلة الصعبة التي لا يرغب الكثير من المسؤولين، ليس فقط في الإجابة عنها، بل وحتى التفكير فيها، فالرغبة في الصرف وإعلانه للعالم أجمع من خلال عقود مليونية هما الشيء المهم في هذه المرحلة، وهذا يذكرني بقصة الهيئة الفاشلة العليا لإعادة النظر في القوانين وأسلمتها التي صرفت في بداية تأسيسها مئات آلاف الدنانير على شراء هدايا ثمينة جدا وتوزيعها على كبار موظفي الحكومة وبعض مديري الشركات المساهمة، وكان أحد هؤلاء صديقا يعمل مديرا لقسم الكمبيوتر في أحد المصارف! فما جدوى قيام هيئة دينية بتوزيع هدايا على مدير إدارة كمبيوتر؟ وهل هي بحاجة إلى الدعاية لنفسها وشراء ولاء أو سكوت الآخرين عن «خمالها»؟ ألا تكفي أعمالها، التي لم يتحقق منها شيء طوال 17 عاما، لتدل عليها؟
نقول ذلك بمناسبة ما أشيع عن توقيع الوزير الشيخ أحمد الفهد الصباح عقداً مع شركة علاقات عامة عالمية بمبلغ 6.5 ملايين دينار للترويج لخطة التنمية! وعلى الرغم من أن الوزير أكد أن العقد لم يوقع وسيمر بالقنوات الدستورية، فإنه لم ينف نية التعاقد، وهذا يدفعنا للتساؤل عن جدوى الاستعانة بشركة علاقات عامة للترويج لخطة التنمية؟ ألا يكفي ما سينفذ من أعمال ضخمة كدليل على سلامة النهج، أم أننا بحاجة إلى جهة «ذكية ومتمرسة» للقيام بمهمة تجميل القبيح ودهن الهواء؟!

أحمد الصراف