سامي النصف

ليس من الذكاء أن تجدع أنفك بيدك

في البدء العزاء الحار للعم خالد يوسف المرزوق ولعائلتي المرزوق والغانم الكريمتين على فقيدهم الشاب المغفور له بإذن الله خالد وليد المرزوق فللفقيد المغفرة والرحمة ولأهله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

لو كنت تملك جوهرة باهظة الثمن ثم قمت بوضعها في يدك وسألت 10 من المارة ان كانت لأحدهم، فسيجيبك على الأرجح 9 منهم بأنها قطعا له والخطأ هنا ليس منهم بل منك كونك سألته هذا السؤال وأظهرت بالتبعية شكك في امتلاكك وحيازتك لجوهرتك.

من ذلك ما يسأله بعض الكويتيين بحسن نية لاخوة عراقيين سواء كانوا مواطنين بسطاء لا يفقهون شيئا في السياسة والتاريخ أو حتى ساسة أو اعلاميين أو مفكرين أو مثقفين محترفين، ان كانوا يعتقدون ان كانت الكويت لهم او ان كانوا يقبلون أو لا يقبلون بترسيم الحدود بين البلدين الذي قامت به سلطة دولية محايدة هي الأمم المتحدة، وبالقطع الإجابة عن هذا السؤال لن تختلف عن الإجابة عن سؤال ملكية الجوهرة المكنونة في الفقرة السابقة والخطأ والعتب ليس على من أجاب بل على من سأل.

فلم نسمع قط بمثل تلك الأسئلة توجه على سبيل المثال من قبل اللبنانيين للاخوة السوريين رغم انهم كانوا دولة واحدة حتى عام 1943 ولم يتبادلوا السفارات إلا قبل فترة قصيرة، كما اننا لم نسمعها من السوريين تجاه المصريين الذين كانوا يمثلون معهم بلدا واحدا (1958 ـ 1961) أو من الأردنيين تجاه العراقيين (ضمهم الاتحاد العربي عام 1958) أو من قبل الفلسطينيين تجاه الأردنيين الذين شكلوا معهم دولة واحدة حتى عام 1967 ومازالوا يشكلون نصف الشعب الأردني.

ان الكويت بعكس كل الأمثلة السابقة لم تكن قط في حالة واحدة او اتحاد مع العراق او تابعة له او حتى مطلبا من مطالب شعبه الشقيق الذي لديه ما يكفيه من أرض ومن ثروة، وبدليل انك لا تجد تلك المطالبة في مانفوستات وبرامج الأحزاب العراقية الكثيرة التي نشأت بعد استقلال العراق الشقيق عام 1932 أو حتى أحزاب ما بعد انقلاب عام 1958 كالحزب الشيوعي أو حزب البعث الذي رفض مطالبات قاسم عام 1961 وتبادل السفارات عام 1963، أو الأحزاب الكردية، كما لا تجد المطالبة بالكويت في الشعر الشعبي العراقي أو حتى الأعمال الأدبية والقصصية العراقية، فلماذا نخلق في الكويت شيئا من عدم يسيء لعلاقاتنا المستقبلية مع العراق الشقيق ونصبح كمن يجدع أنفه بيده فيضر نفسه؟!

ومما يزيد الطين بلة والكذب بهتانا وزيفا ما يردده البعض منا كلما سخنت الساحة السياسية وكوسيلة للمناكفة من ان رجال مجلس 1938 دعوا لضم الكويت للعراق ويستشهد بمذكرات المرحوم خالد العدساني (!)، والحقيقة ان تلك الدعاوى الكاذبة لم يقل بها حتى قاسم وصدام او يستشهدا بها، كما ان مذكرات العدساني وأوراق ومحاضر رجال المجلس الأحياء منهم والأموات لم تقل بتلك الفرية التي تبرر لصدام دعاواه وقبلها أفعاله، ان من يردد ذلك القول يمهد الأرض لمطالبات لاحقة تقوم على مبدأ «وشهد شاهد من أهلها» وأول المستشهدين بتلك الأقوال رجل كل العصور عدنان الباججي الذي قال بها في شهادته الكاذبة على العصر في لقائه مع المذيع أحمد منصور.

آخر محطة:

التقدير لمسؤول مركز خدمة المواطن في ضاحية اليرموك النقيب عبدالله الهاجري على كفاءته في العمل وحسن إدارته للمرفق ومنها للأعلى.

احمد الصراف

حملان الكويت وكماشاتها

تكمن مشكلة الكويت في موقعها الجغرافي الفريد، فهذا الموقع، إضافة إلى أنه وفر لها ثروة هائلة تتمثل في البترول الكامن في جوف أرضها، لكنه وضعها كذلك بين أضلاع كماشة فريدة مكونة من ثلاثة أضلاع تتمثل في جيرانها العمالقة في وزنهم البشري والجغرافي والسياسي! وبالرغم من أن الكويت كانت مسالمة عادة، فان طموح بعض حكامها دفعها أحيانا لأن تذهب خارج حدودها خدمة لحليف أو دفاعا عن حق تؤمن به أو ردا لاعتداء، أو درءا لخطر. ويمكن اختزال تاريخ أخطر الاعتداءات على الكويت ووجودها ضمن فترة زمنية تمتد الى سبعين عاما من عام 1920، عندما هاجم الإخوان الوهابيون الكويت من شمالها، يبغون الإطاحة بحكمها، وحتى 1990عندما غزت قوات صدام الكويت من شمالها أيضا واحتلتها لسبعة أشهر.
ولكن عندما يستعرض المراقب العادي من أمثالنا الأحداث والاعتداءات الجسام التي تعرضت لها الكويت بين هذين التاريخين، والتي يأتي على رأسها محاولة اغتيال رمز الشرعية في عام 1985، يشعر بمدى ما في هذا العالم من تعسف وظلم لا يمكن فهمه بسهولة، خاصة عندما تضطر الدولة لأخذ جانب طرف ضد آخر، كما حدث في الحرب العراقية ـ الإيرانية، حيث كانت خيارات الكويت شبه معدومة، وعندما قررت الإدارة الأميركية التخلص من نظام صدام، كانت الكويت نقطة انطلاق قواتها. ويتساءل البعض إن كانت الكويت، بكل تاريخها الخير (!) قد تعرضت لكل هذا الكم من الاعتداءات فما هو حال البقية؟ ولا ندعي هنا أننا أقل ظلما من غيرنا، أو أكثر رحمة منهم.
في 1972 اغتيل حردان التكريتي، نائب رئيس الجمهورية ووزير الدفاع السابق العراقي، من قبل نظام بلاده البعثي (البكر وصدام). وفي 1974 تم احتلال السفارة اليابانية في الكويت، وتفجير مكاتب شركة التأمين الأميركية، وتكرر الاعتداء في 1976 وبعدها بأيام انفجرت قنبلتان في جريدة الأنباء. وفي عام 1977 خطف مسلحون بقيادة «أبو سائد» طائرة كويتية أثناء رحلتها من بيروت إلى الكويت ليستسلموا في سوريا. وفي 1978 اغتيل رئيس مكتب منظمة التحرير علي ياسين. وفي 1980 نجا وزير خارجية إيران صادق قطب زاده، الذي أعدم بعدها في وطنه بتهمة الخيانة، من محاولة اغتيال. وفي 1981 اختطفت طائرة كويتية من مطار بيروت من قبل جماعة «أبناء الصدر». وفي 1982 اغتيل السكرتير الأول في سفارتنا في الهند مصطفى المرزوق، وفي العام نفسه اغتيل الدبلوماسي نجيب السيد الرفاعي في مدريد.
وفي 1984 بدأت عمليات قصف الناقلات النفطية الكويتية. وفي ذات العام اختطفت الطائرة الكويتية «كاظمة»، وبعدها بعام تم اغتيال الدبلوماسي العراقي هادي سعيد ونجله في الكويت. والذروة كانت في تفجير موكب الأمير الراحل جابر الأحمد في 1985 وتبعتها تفجيرات المقاهي الشعبية. وفي 1986اختطفت الطائرة الكويتية «الجابرية»، ثم وقع الغزو في 1990/8/2 وتحقق التحرير وجرت بعدها بأيام محاولة اغتيال النائب السابق حمد الجوعان، وتبعتها المحاولة الآثمة لاغتيال النائب السابق عبدالله النيباري وحرمه..!
ووقعت أثناء ذلك وبعدها جملة اعتداءات على حياة فنانين كبار وعلى مؤسساتهم، إضافة لمحال بيع الأشرطة الغنائية، وعلى العاملين في أماكن الترفيه كالسينمات والسيرك الروماني وعلى متاجر السيخ وأرواحهم وبعض البهرة المصلين. وتم الكشف على كميات كبيرة من الأسلحة في عدة أماكن، والقبض على شبكة خططت لاغتيال الرئيس بوش في الكويت.
نكتفي بهذا القدر من العمليات الإرهابية التي تعرضت لها الكويت، والتي استطعنا الحصول عليها من الإنترنت، ولا شك أن هناك أحداثا أكثر لا تقل خطورة، ولا أعتقد أن جهة قامت بتوثيق هذه الأحداث ووضعها في إطارها المناسب، فمما لا شك فيه أننا لم نكن في جميع الأحوال، كحكومة وشعب، قطيعا من الحملان أو الملائكة!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

التناقض والتطرف عندهم

قبل أكثر من عشرين عاماً.. كتب أحدهم في زاويته يقول: ما جاءنا هذا الغبار الا بعد انتشار ظاهرة الملتحين في الكويت! وقبل تسعة عشر عاماً كتب أحدهم ينسب غزو صدام للكويت الى انتشار المد الاسلامي فكراً وسلوكاً في العالم الإسلامي! وهكذا لا يجد خصوم التيار الإسلامي تبريراً لضعفهم وتفسيرا لتخاذلهم إلا تعليق العتب على هذا التيار وهذه الدعوة!
واليوم يكتب أحدهم مفسراً ظاهرة انحدار الخطاب السياسي في مجتمعنا بانه نتاج التربية الدينية التي تربينا عليها في السابق، بل ويدعي زوراً ان «الحرامية والمفسدين والقتلة والمجرمين هم الذين يتزايدون ويتكاثرون بشكل متواز مع التدين»! وهذا بلا شك تطرف في الفكر وشذوذ في تفسير الظواهر الاجتماعية.
ومن غرائب الطرح العلماني لهؤلاء في تفسير الظاهرة الدينية التعميم غير المبرر! وأقصد تعميم سلوك فردي على الجماعة! فإذا قام شاب ملتحٍ أو امرأة منقبة بسلوك غير عادي أرجعوا سبب هذا التصرف الى التربية الدينية التي تلقاها في بيته او مدرسته او جماعته! وكم سمعناهم يطالبون باجراءات تتعارض مع ما يعلنونه من مبادئ في الحرية والمساواة! ولا أظن انني احتاج الى عناء كثير لتأكيد هذا التناقض بين أفكارهم التي ينادون بها علنا ومطالباتهم للحكومة بالتضييق على خصومهم كإغلاق جمعياتهم وتقييد المنابر وكبت الآراء في صحفهم! فعندما يكون الحدث لهم فالأمر يتصل بحرية الرأي وحرية الاعتقاد، وعندما يكون الحدث لخصومهم فالويل والثبور وعظائم الامور ان سكتنا عنهم وتركناهم يخربون أفكار ابنائنا وينشرون خزعبلاتهم!!
حتى كلمة «اسلامي» استكثروها عليهم! فهم متأسلمون! او جماعات الاسلام السياسي، وهذه اخف الالفاظ التي اطلقوها عليهم. يرفضون الدروشة والتقوقع في زوايا المسجد، واذا تحدثنا في الشأن العام ثاروا واتهمونا بتسييس الدين! أمرهم عجيب!!
لم يجدوا من الحق ما يتهمون خصومهم به.. فلجأوا الى الباطل وتلفيق التهم وتحريض السلطة عليهم، ومن يقرأ لهم يظن أنهم شعبة من أمن الدولة او قسم خاص بالمباحث السياسية ولا يظن انهم اصحاب فكر ورأي سياسي!
ركزوا على الحركة الدستورية الاسلامية في مقالاتهم و«جلّبوا» في سالفة الانتماء للاخوان المسلمين، ولما لم يجدوا في تاريخ الحركة الدستورية إلا كل ما هو مشرق فتحوا تاريخ الاخوان في مصر نقلا من ملفات ومذكرات زكي بدر واحمد سالم علهم يجدون ضالتهم.
فماذا كانت النتيجة؟ انشغال الناس والصحافة بالتهم والرد عليها، وانشغلت النخبة المثقفة في المجتمع بالرد على الخصوم. لذلك كانت الحاجة الى ميثاق شرف نترفع فيه عن سفاسف الامور ونتفرغ لبناء هذا المجتمع الصغير بعد ان تفتت وانقسم وتشرذم.
***
لفتة: ذكرى الغزو الغاشم تذكرنا بأهمية تكوين علاقات جيدة مع جيراننا، ويجب ألا تذكرنا بأن العراق جار سوء، كما ذكر البعض، قدرنا أن هؤلاء جيراننا، فاذا كان في العراق آلاف الصداميين ففيه ايضا ملايين ضد صدام.

مبارك فهد الدويلة