سامي النصف

يانكي جو هوم..!

مع الأيام الأولى لتحرير بلدنا عام 1991 شاهدت كاريكاتيرا بإحدى الصحف الأميركية الكبرى تضمن صورة لمتظاهرين في الكويت يحملون لافتات كتب عليها «يانكي جو هوم» أي: أيها الأميركان عودوا إلى وطنكم، وجندي أميركي يقول لزميله: «أبهذه السرعة؟!».

ظننا ان الأمر طرفة أو نكتة آنذاك حتى قرأت ما كتبه أحد الزملاء الأفاضل في عدد «عالم اليوم» الصادر امس الجمعة ونحن لا نزال نعيش الذكريات العشرينية للغزو الصدامي الغاشم، وأتى ضمن المقال: «ان الظرف الدولي والوضع الإقليمي مناسب جدا للقيام بإلغاء الاتفاقية الأمنية المبرمة مع أميركا»، وان تلك الاتفاقية ـ حسب قوله ـ ليست قدس الأقداس أو سر الأسرار.

ثم يستشهد الكاتب بنفس الآيات الكريمة التي استشهدت بها التيارات المتأسلمة المنحرفة التي اجتمعت في بغداد 9/1/1991 بضيافة ورئاسة «عبدالله المؤمن» صدام حسين وحاولت أن تحرف الكلم عن مواضعه لتبرير العدوان، وقد رد على تخرصاتهم آنذاك علماء المملكة العربية السعودية وعلى رأسهم الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وعلماء الأزهر والسيد الخوئي، وفيما بعد استخدمت نفس الدعاوى من قبل الإرهابي ابن لادن لمنع القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة من حماية المملكة وتحرير الكويت، لذا بودنا أن نرى ردودا من الاخوة منضوي التيارات الإسلامية الكويتية بكافة ألوان طيفها السني والشيعي حول ما أتى في ذلك المقال.

ومادمنا في سيرة الغزو وذكرياته أرى لزاما ان يتم عقد لقاء متلفز مع شاهد العصر الأخ الفاضل عبداللطيف الروضان الذي حضر ودوّن لقاء الشيخ سعد العبدالله رحمه الله مع عزة الدوري وسنجد ضمن تلك المحاضر ما يسر ويثبت قوة حجة المفاوض الكويتي إبان المؤتمر الأخير قبل الاجتياح.

ونرجو أن نرى ونقرأ ونسمع كذلك شهادة شخصيات حضرت مرحلة وأحداث «الحكومة الكويتية في الطائف» وكيف كان التواصل مع المقاومة في الداخل والتحرك الديبلوماسي في الخارج، ومتى بدأ تحديدا الإعداد لمرحلة التحرير وما حدث إبان تلك الحقبة المهمة غير المدونة من تاريخ الكويت.

كما علينا ألا نتردد في عقد لقاءات حتى مع بعض آمري الحرس الجمهوري مثل الفريق الركن رعد الحمداني قائد فيلق «الفتح المبين» الذي شارك في الغزو والذي كتب في كتاب صدر له عام 2007 بأنه استُدعي الساعة 11 صباح يوم 19/7/1990 وأبلغ انهم سيحتلون الكويت ومن ثم لم يكن لمؤتمر جدة بين الشيخ سعد العبدالله وعزة الدوري في 31/7/1990 ولقاء السفيرة الأميركية ابريل غاسبي وصدام في 24/7/1990 أي تأثير مهما كانت الردود والمواقف على قرار الغزو المتخذ سلفا.

آخر محطة:

أرى ان لبنان الشقيق يسير في طريق محفوف بالمخاطر وسينتهي بأحداث جسام ولن تختلف نتائج زيارات القادة العرب له وحسن نواياهم المؤكدة نحوه عن زيارات القيادة العربية للكويت قبيل عدوان 2/8/1990 الغاشم.

احمد الصراف

ونحن أيضاً ما عندنا شرف

لأسباب فنية بحتة سبقنا الزميل العزيز عبداللطيف الدعيج في رفض العرض «السخي» الذي تقدم به النائب السابق وعضو مكتب حركة «حدس» الذراع المستترة لحركة الإخوان المسلمين في الكويت، التابعة للتنظيم العالمي للإخوان، والمتعلق بتوقيع ميثاق شرف بين «الصحافيين والإعلاميين وكتاب الزوايا وجميع العاملين في الحقل الصحفي والإعلامي»!
ولكن، قبل رفض العرض بصورة نهائية، دعونا نحدد أولا عدد المدعوين لتوقيع مثل هذا الميثاق، الذي يتكلم عنه السيد المهندس الدويلة. وبعملية حسابية بسيطة نجد أن الرقم يتجاوز الخمسة آلاف شخص من مختلف الشرائح والجنسيات والخلفيات والثقافات والديانات والانتماءات السياسية والعرقية والقبلية! كما يتطلب الأمر كذلك الوصول أو الاتفاق على تحديد ما يعنيه «الشرف»!! فقد تختلف قيم الشرف لدى الإخوان عنها لدى غيرهم، وهكذا، وهذا التفاوت الكبير في تفسير ما تعنيه الكلمة بدقة من مجتمع لآخر ومن جنسية لأخرى وحتى من بيت وما يجاوره، يجعل من العرض وعدمه سواء لاستحالة تطبيقه، وإن طبق فلا نضمن أن يلتزم به أحد، لأن لكل طرف تفسيره، فما الجدوى من مثل هذا الاقتراح الهلامي؟
ثم يبرر الزميل القسري اقتراحه بأن هذه الخطوة أصبحت ضرورية بعد أن انتشر الفجور في الخصومة، وأخذنا نقرأ عبارات غير موجودة في قاموس الأدب، واتهامات باطلة! وهذا قد يكون صحيحا، ولكن ألم يشارك السيد الدويلة اخيرا في نشر هذه اللغة التي يستنكرها الآن؟ ولماذا لم يبادر بطرح هذا الاقتراح عندما كان في الرؤية؟ ولماذا لا تتبنى حركة «حدس» الاقتراح، ولها ما لها من دلالة على جمعية الصحافيين وجمعيات «نهف عام» ومجلس الأمة والحكومة!
أنا يا سيدي، من ناحيتي، لست بخائف من الفجور في الخصومة مع غيري، ولا تهمني الكلمات التي تكتب في حقي والتي تفتقد قلة الأدب، فالأواني تنضح دائما بما فيها، ولا أكترث للطعن في ذمتي المالية، فأنا أعرف كم هي نظيفة، وليس لأحد عليّ فلس واحد، وآخر دين كان بذمتي يعود لعام 1966، ولم أتاجر بانتماءاتي السياسية ولم استغل حصانتي البرلمانية في تهديد الآخرين مقابل الحصول على بعض الامتيازات، ولم أساوم الحكومة يوما على عقد أو صفقة، وبيتي بناؤه صلب ولا أخاف أن يرمى بحجر، وشرفي، بأي تفسير تشاء، يعود أمره لي شخصيا ولا علاقة لأحد به، والقضاء هو الفيصل فيما بين من يسيء لي أو لأي من العاملين في حقل الإعلام بشكل عام، وبالتالي، من منطلق كل هذه المعطيات، أرفض اقتراحك، جملة وتفصيلا، ولا يهمني من يخوض في سيرتي فليس لدي ما أرغب في التستر عليه. أتمنى أن تكون رسالتي قد وصلت.

أحمد الصراف