محمد الوشيحي

الحرب بين الشعب والطماطم

رسالة غاضبة صادقة معبرة وصلتني من مجموعة من "الكويتيين الحفّاي"(1)، كما عبروا عن أنفسهم، أنقل خلاصتها دون أن أسرّح شعرها أو أهندم ثيابها: "الطماط ين وقعد، نبي نقاطع الخضرة، اكتب للناس خلتحركون، الأسعار كلتنا". ولغير المتحدثين باللهجة الخليجية أترجم: "الطماطم أصيبت بالجنون (إشارة إلى الارتفاع الجنوني لأسعارها)، وسنقاطع الخضراوات، اكتب للناس كي يتحركوا، فالتجار التهمونا".
والطماطم "ين وطار" ليته "ين وقعد"، لكن ليش نكبّر القصة وهي صغيرة؟ على بركة الله، سنقاطع الخضراوات بدءاً من الغد، الجمعة. ومن يعتقد أن الطماطم، حتى لو ساندَتها بقية الخضراوات، لا يمكن الاستغناء عنها فهو واهم. الخبز والأجبان تنادي، والعيش (الرز) المسلوق عبقري وجميل، والبيض المسلوق "ماشبوشي"(2) على رأي اللبنانيين، ولن نموت.
ورحم الله جنون البقر أمام جنون الطماطم. وكان الله في عون البسطاء، من المواطنين والمقيمين، المدهوسين تحت عجلات جنون الأسعار، لكنهم يستحقون الدهس إذا لم يتحركوا ويرسموا خريطة الأسعار بأنفسهم.
ستستمر المقاطعة إلى يوم الخميس المقبل، وما لم تخفض الأسعار، فيتراجع سعر كرتون الطماطم الكبير إلى أقل من نصف دينار (سعره الآن أربعة دنانير) فسنعلن بدءَ التظاهرات أمام مبنى البرلمان تحت عنوان "تظاهرات الطماط"، وسنرفع – حينذاك – مطالبنا لتشمل محاسبة وزير التجارة برلمانياً، ومقاطعة تجار الخضراوات بعد أن ننشر أسماءهم وأسماء شركاتهم وعقودها في كل المجالات… وقد تهتز كراسي بعض المسؤولين بسبب "الطماط" وتظاهراته، وقد تتطور الأمور وتنتفخ فتهتز كراسي الحكومة كاملة، وقد تكتب الصحف المحلية والأجنبية بعد فترة: "الشعب الكويتي يسقط الحكومة بالطماطم"، وقد ترسخ نتيجة ذلك في ذهن الحكومة التالية فتشكّل لها كابوساً مرعباً، فتعقد اجتماعاتها، لو تكرر الأمر، في "شبرة الخضرة"، ما بين البقدونس والخيار، لتراقب بنفسها الأسعار عن قرب، وقد تصبح الطماطم سبباً لإعادة تلاحم هذا الشعب المفتت، الذي أيقن اللصوص و"اللهيبية" أن الوقت لدهسه وهرسه قد حان وآن.
وإذا كانت قوة شمشون الجبار في شعره، فلتكن قوتنا في بطوننا لتعرف الحكومة أن الاقتراب من أساسيات المطبخ يجلب الريح العاتية والعواصف الكاسحة، ويسبب تساقط الشعر والمناصب.
وستتحمل الصحف والفضائيات مسؤولياتها وستضع أيديها بأيدينا، فإن خذلتنا فلدينا من كتّاب الأعمدة من يضربون على زنودهم، و"يدقّون" صدورهم… وقبل هذا وذاك، ستشتعل المدونات، وستنتفض المنتديات والمواقع الإلكترونية، وستقرع الديوانيات الطبول.
وكنت، وماأزال، على تواصل مع إحدى الأسر البسيطة المتعففة، التي لا تعرف خطة التنمية، ولا تتابع معرض الكتاب، ولا تهتم بمن يرأس اتحاد كرة القدم… وما إن وصلتني رسالة "الحفّاي" حتى اتصلت بالأسرة تلك، وسألت: "شخباركم مع الطماط؟"، فأجابتني السيدة المتعففة ببساطتها المعهودة: "هذا غضب يا ولدي عسى الله يحمينا. الكويتيون بالتأكيد عملوا ما يغضب الله فانتقم منهم فرفع أسعار الخضراوات التي هي أحد جنوده". تفسير نقي مسالم لكنه يؤكد فداحة الأمر.
عوداً على بدء، سنقاطع الطماطم وبقية الخضراوات بدءاً من الغد، كما طلبتم، وسيتولى البسطاء هذه المرة القيادة، وسنتبعهم… على بركة الله.
***
الحفاي: أي حفاة الأقدام، والمقصود منها البسطاء أو الفقراء.
ماشبوشي: لا يعيبه شيء.       

احمد الصراف

متى يصمت الجهلة المتعصبون؟

لا يهمني أمر ابراء ساحتي من اتهامات الشعوبية والطائفية والعمالة لايران، واحيانا لاميركا وبريطانيا، فأنا أعرف من اكون ولمن يخضع انتمائي، وهذا يكفيني! أقول ذلك على الرغم من كل ما يربطني بالشعب الايراني من وشائج ومشاعر نفسية وعائلية، والتي لم تكن سببا لان ازور ايران اكثر من مرة واحدة خلال 40 عاماً! ولكن ما يقلقني حقا هو مصير ومشاعر كل جموع المواطنين الذين تعود اصول «اجداد اجدادهم» إلى إيران، والذين تدفعهم آلة التخلف والتعصب إلى الارتماء في احضانها هرباً من سيل الاتهامات والعمالة التي تكال إليهم يومياً، وما تتبعه «السلطة» من سياسة متعمدة في التعامل معهم بتفرقة واضحة، ومنعهم من العمل في جهات حكومية محددة!
وفي هذا الصدد يقول عبدالرحمن الراشد، رئيس تحرير جريدة الشرق الاوسط السعودية سابقاً، والكاتب فيها حالياً: «والحقيقة ان افضل كتيبة تعمل في خدمة ايران اليوم، ليست الجماعات الشيعية الموالية لايران في المنطقة العربية، بل الجماعات السنية المتطرفة التي تساعد ايران بشكل منهجي، بدفع مواطنيها الشيعة في مربع الشك والرفض، هذه الجماعات المتطرفة هي التي تخدم ايران باشاعة الخوف بين الشيعة في الخليج، ورمي شبابهم في احضان ايران». (انتهى).
وهذا الكلام دقيق وصحيح الى درجة كبيرة، فدفع المواطن الشيعي، بمصادفة تاريخية بحتة، إلى التطرف من خلال الشك في مواقفه، وتضييق سبل العيش امامه، وممارسة التمييز ضده، سوف يدفعه بالفعل إلى منح ولائه لاي طرف خارجي، وليس بالضرورة لايران، وبالتالي هناك خطر امني داخلي اكبر في اتباع هذه السياسة، من خطر تواجد «هؤلاء» في مؤسسات حساسة محددة، فمجرد وجودهم تحت المجهر كاف لمراقبتهم والتأكد من سلامة مواقفهم، كما هي الحال مع العاملين في وكالة الاستخبارات في اي دولة مثلا، والذين تخضع تصرفاتهم للمراقبة المستمرة. اما عدم تشغيلهم وتركهم قنابل متنقلة من غير معرفة او رقابة فهو الخطر بعينه، وهنا نحن لا نفترض ان كل شيعي مشكوك في تصرفه وولائه، بل قد يكون العكس هو الاقرب كثيراً للصحة، فنسبة وليس عدد من قاوم وقتل من الشيعة، وبالذات من الذين تتحدر اصول اجداد اجدادهم من ايران، تفوق نسبة اي مجموعة اخرى!
ويقول الزميل عبدالرحمن الراشد في مكان آخر من مقاله: «ومن المتوقع ان تعمد السلطات الايرانية الى وضع كل خططها للايقاع بأكبر عدد من المتعاطفين معها من الشيعة الخليجيين، واستخدامهم لاغراضها داخل دولهم، وايران في محنتها الحالية تعتقد انها لا تملك قوة تواجه بها اي هجوم اميركي الا قوة الفوضى والارهاب، وليس من المستغرب ابدا ان توقظ خلاياها في الخليج عندما تحين ساعة الصفر، وهنا سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن خلاياها هم شيعة فقط، بل بينهم سنة وعرب من جنسيات متعددة».

أحمد الصراف

سامي النصف

الرأي الآخر وحاكم كويتي لمصر!

أسوأ ما يمكن أن ينتهي إليه وضع أمة هو أن تعتمد على أذنها لا عقلها فتجري مع الجارين وتقف مع الواقفين كحال البقرة الشهيرة «شقرا» التي كلما انطلقت الخيل انطلقت معها حتى قيل «مع الخيل يا شقرا» ومن ذلك:

معروف أن الكويت مجتمع محافظ وقد جرت العادة منذ عقود طوال عند القبض على فتاة كويتية أن يؤخذ عليها «تعهد» ولا تسجل بحقها قضية تطبيقا للمبدأ الإسلامي الذي يحث على الستر لا الفضح وما قد ينتهي الأمر فيه بالقتل كما حدث مؤخرا في المملكة العربية السعودية عندما قبض على فتاتين تجلسان مع شابين في سيارتهما على هامش أحد الأفراح.

سجلت بحق الفتاتين قضية واستدعي والدهما في الصباح لتسلمهما فلحقه شقيقهما وأطلق عليهما النار وقتلهما عند باب المخفر وانهار الأب بعد فقدانه ابنتيه وابنه ومعرفته بالفضيحة الكبرى التي ستمس شرف العائلة إلى الابد، لقد تحرى رجل الأمن الكبير في الكويت بحكم خبرته وسنه المصلحة العامة والمفهوم الإسلامي بالستر بينما بحث آخرون عن المصالح الشخصية والبطولات الفارغة فانتهى الأمر بالفضيحة القائمة والإخلال الصارخ بالانضباط العسكري بعد استقواء الرتب الأقل بالنواب على الرتب الأعلى.

وسؤالنا للناخبين الكويتيين من إناث وذكور وهم المسؤولون عن تصرفات نوابهم: هل يرضون بترسيخ مبدأ «تسجيل» القضايا على الفتيات الكويتيات عند أي زلة ومن ثم فضحهن وتدمير سمعة عائلاتهن دون ذنب، أم الأخذ بمبدأ «التعهد» والستر الذي استفادت منه فتيات كثيرات خلال السنوات الماضية حتى أصبح البعض منهن الآن زوجات وأمهات وربما جدات؟! وشخصيا لم اهتم بالسؤال حتى عن أسماء أطراف القضية من ضباط ومتهمين، فالقضية أكبر من المتاجرة السياسية والتصيد والمزايدة.

تتميز إدارة المعهد التطبيقي ممثلة بالدكتور يعقوب الرفاعي وطاقمه المساعد، بالكفاءة الشديدة وطهارة اليد المتميزة، وقد سكب د.الرفاعي الماء البارد على من أراد الصيد في الماء العكر عندما أعلن الدكتور أنه لا مناقصة تتم في المعهد دون الشفافية المطلقة وعرضها على الجهات الرقابية وبذلك سحب البساط من الباحثين عن البطولات وخلق الأزمات.

الوضع الحالي في إدارة الجامعة لا يقبله أحد، وقد كان الواجب إما التمديد لأربع سنوات للدكتور الفهيد خاصة أنه لا مأخذ عليه فيما يخص كفاءته أو أمانته عدا أنه لا يخضع لضغوط بعض النواب، أو أن يتم في المقابل إخباره قبلها بوقت كاف بعدم التمديد وإعطاؤه تفرغا علميا كحال نوابه واختيار البديل له لتتم عملية التسلم والتسليم المعتادة، الأمران لم يتما وقد يكون الخيار الأفضل ضمن المعطى القائم أن يمدد للفهيد أربع سنوات مع طلب وضع استقالته تحت تصرف الوزيرة لتفعيلها في الوقت الذي تراه مناسبا وهذا أضعف الإيمان.

آخر محطة :

 1 ـ أتتني ردود كثيرة على سلسلة مقالات الأستاذ هيكل وسأحاول تخصيص أحد المقالات المستقبلية لتلك الردود.

2 ـ بعيدا عن ترهات هيكل التاريخية فقد تعرضت مصر قبل 6 عقود لحالة من الاختلاف الشديد وعدم الاستقرار السياسي وكان أحد الاقتراحات التي طرحت آنذاك لتوحيد الصفوف وترسيخ الاستقرار، مفاتحة شخصية كويتية معروفة كملك على مصر وسنتناول تلك الحقيقة التاريخية واسم تلك الشخصية في مقال قادم.

3 ـ وإلى الحاضر فقد اقترب عام 2011 ولم يتصاعد الدخان الأبيض فوق أرض الكنانة حول القيادة القادمة التي نتمنى أن تكون تمديدا للرئيس مبارك كي يستخدم خبرته وحكمته ونفوذه واتصالاته الدولية لحل معضل مياه النيل الخطير الذي يهدد الشعب المصري بالعطش والمنطقة بالحروب والتشتت والانقسام.

احمد الصراف

الهيلق والفكر الخرب (2 – 2)

ورد عن الشيخ يوسف بن عيسى في كتابه «صفحات من تاريخ الكويت» ص 65: الهيلك: ليس لهذا الاسم اصل بالعربية، وانما هو اصطلاحي ومعناه ان خلقا من اهل فارس اصابتهم مجاعة وجاء عدد كبير منهم الى الكويت وسموا بهذا الاسم (!!) وهذه المجاعة حدثت سنة 1285هـ، وانتهت سنة 1288هـ. وقد قام اهل الكويت بالاعمال الجليلة من اطعام المساكين وانقاذهم من التهلكة. وقد بلغت الحالة ببعض اهل فارس ان باعوا بناتهم، وشربوا الدم، وممن صارت لهم شهرة طيبة بالاطعام، سالم بن سلطان، وعبداللطيف العتيقي، ويوسف البدر، ويوسف بن صبيح، وبيت ابن ابراهيم.
ثم جاء المرحوم حمد السعيدان ليقول في موسوعته ص 1610 «سنة الهيلك»: سنة ارّخ بها الكويتيون حدوث مجاعة عظيمة في فارس والجزيرة العربية (!) حيث عمت المجاعة المنطقة ثلاث سنوات عجاف، من 1868 حتى 1871 (!) وهاجر كثير من ابناء فارس والقحطان الى الكويت، وقام المحسنون هنا بنثر الطعام في الاسواق والطرقات، وقد اشتهر من اولئك المحسنين يوسف البدر، يوسف الصبيح، عبداللطيف العتيقي، سالم بن سلطان وبيت معرفي وبيت ابن ابراهيم وغيرهم.
وهناك مراجع أخرى عديدة تتداخل وتتضارب أحداثها وتواريخها مع ما ذكرناه أعلاه، وفيها تتنوع أسماء المحسنين والمناطق التي قدم منها «الهيلق»، فتارة تذكر مناطق نجد والجزيرة العربية، وتارة فارس أو إيران أو المنطقتين.. وهكذا!
فإذا كنا بكل هذا الضياع والاختلاف وعدم الدقة في رواية أحداث جسام وقعت قبل أقل من 150 عاما بكثير، وتمثلت في مجاعة مخيفة ضربت الكويت ومناطق مجاورة عدة لأكثر من 1000 يوم، فكيف يمكن أن نصدق أن هناك من يمتلك المعرفة والحقيقة عن أحداث أكثر جسامة وضبابية وقعت قبل 1500 عام، في زمن لم يكن يعرف القراءة فيه الا قلة القلة، ومن قرأ منهم لم يكن بكاتب ومن كتب فليس بالضرورة صادقا وخالياً من المآرب؟ وكيف يمكن أن نصدق أن هؤلاء الذين اختلفوا اليوم على ما سبق أن اختلف عليه الملايين ممن سبقوهم بقرون وقرون، على أحداث شديدة التضارب والاختلاف هم فعلا حسنو النية خالون من كل هدف خبيث، وعجبي لمن يصر على السير وراءهم ويصدق اقوالهم.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

رضيتم أم أبيتم.. شعبنا متديّن ومحافظ

بعد إعلان وزارة الاعلام عن اسباب منع 25 كتابا من دخول معرض الكتاب العربي وجب على الجميع ان يسكت ويغلق ملف الاعتراض على هذا المنع – هذا بالنسبة الى المتطرفين من اصحاب الفكر الليبرالي – اما عقلاء الناس وعامة المثقفين فعليهم ان يقفوا للوزارة وقرارها اجلالاً واكباراً واحتراماً.
ذكرت الوزارة في بيانها ان الكتب الخمسة والعشرين منعت للاسباب التالية: إما تطاولت على الذات الالهية او تعرضت للانبياء والصحابة!! او انها كتب اباحية!! واخيراً فيها اساءة لدولة الكويت او الدول الشقيقة!! اذا كانت هذه مبررات المنع فما الذي يزعج البعض من ذلك؟!
رابطة الادباء رابطة لم يدخلها عضو مجلس ادارة ملتزم بالفكر الاسلامي الحركي منذ تأسست الى اليوم، بل كانت بيتا للقوميين والعروبيين منذ سنوات طويلة!! اصدرت بيانا اوضحت فيه ان الاساءة الى الكويت في بيان اتحاد الكتاب العرب ليس لها ما يبررها، لان قرار المنع لم يكن واسعا او مقصودا فيه كتاب بعينه، فكل كاتب ممن ذكرت اسماؤهم منع له كتاب واحد واجيزت له عشرات الكتب!! اذن الكاتب بحد ذاته غير مقصود، وجاء بيان رابطة الادباء انتصاراً لاحدى المؤسسات الحكومية الكويتية (وزارة الاعلام) وانطلاقا من واجبها المهني وليس لان «الافكار المتحجرة مسيطرة عليها» او انها تخضع لتيار ديني معين!!
المتطرفون من اصحاب الفكر الليبرالي لم يعجبهم قرار وزارة الاعلام التوضيحي ولا بيان رابطة الادباء المنطقي، فشنوا هجوما لاذعا على الجميع وفي جميع الاتجاهات، ووجدوها فرصة لاستمرار النيل من التوجهات الاسلامية والمحافظة في هذا البلد.
واقول للزملاء الخصوم من اصحاب هذا الفكر: ان الكويت مهما قلتم عنها ومهما رأيتم منها تظل بلداً اسلامياً محافظاً بأغلبية اهله وساكنيه!! قد تشاهدون هنا وهناك بعض مظاهر التحلل من بعض السلوكيات لكنها تظل شاذة ونادرة، اما اغلبية سلوكيات اهلها فتنطلق من موروثهم الديني والاجتماعي، ولعل ما حدث في الايام الماضية من احداث اظهر المعدن الاصيل لهذا الشعب المحافظ المتدين.
ان مواقفكم من منع الكتب فضحت لديكم نفسية الحقد الدفين على الظاهرة الدينية والكره الشديد للارث التاريخي للتقاليد الاسلامية وثوابت العقيدة، فاستروا على ما تبقى لديكم من سمعة طيبة واحترام الاخرين لكم.

***

لفتة كريمة
«اذا لم تستح فاصنع ما شئت».
(حديث شريف)

مبارك فهد الدويلة

محمد الوشيحي

«بو عزّوز» الهندوراسي

إلى الحضانة الفرنسية، اصطحبت المدعو "بو عزّوز"، الطفل الطاعن في الشر، صديق الدم وجليس الكوارث، واسمه سعود الوشيحي ذو الشعر الأكرت والأعوام الثلاثة. وهو ابن محمد الوشيحي الذي يجري البحث عنه الآن في مصر، كما يقول أحد المحامين، والذي دوّخ الداخلية المصرية السبع دوخات، وعلى وشك الثامنة. وهو (أي بو عزّوز) ابن حفيد حسين الوشيحي أول مَن جسّد وحدة الخليج العربي على أرض الواقع، عندما طاردته الكويت والسعودية فلجأ إلى البحرين. وهو حفيد حفيد عايض الوشيحي الذي طاردته الدولة العثمانية بعد أن كرّ على موكب "الكومندان العثماني" وطعنه وقتل مساعده، ولاذ بالفرار إلى هذه اللحظة، ويبدو أنه لايزال يجري هارباً إلى اليوم، وربما وصل إلى الهند وتزوّج ورزقه الله بأبناء هندوس، وربما توقف في إيران للاستراحة، فراقت له إحدى النساء فتزوّجها وأنجب أبناء انضمّوا لاحقاً إلى الباسيج، أو ربما اتجه جنوباً إلى اليمن، حيث أجداد الأجداد، فتزوج فأنجب مجموعة من الحوثيين، أو قد يكون اتجه غرباً إلى السودان، فتزوج فأنجب مجموعة من الانفصاليين أنصار "جون غارانغ"… الله أعلم.
اصطحبتُ ابن المطاريد هذا إلى الحضانة الفرنسية وأنا أرفع صوتي بأهازيج الحرب وهو يردد خلفي: "جيناكم والموت جاكم، جيناكم ننتف لحاكم"، اصطحبته وكلّي أمل أن يتعلم الموسيقى وثقافات الشعوب المحترمة وأسباب تطورها، ويتفهم طبيعة اختلاف الأديان والمذاهب والطوائف، فلا يحمل عُقَداً ولا ضغينة على أحد، وكلي عشم أن يُصبح ليبرالياً، فيتهمه أقرباؤه أبناء المدارس الحكومية بالانسلاخ من جلده و"التلزّق" بالحضر، على اعتبار أن "الحضر" هم الذين اخترعوا الليبرالية وهم ملّاكها الحصريون (من بين كل الحضر ستجد سبعة ليبراليين بحق وحقيق، والبقية أدعياء ومزوّرون في أوراق الليبرالية وتجار شنطة، ومن بين كل البدو ستجد تسعة ليبراليين حقيقيين لا غير، ليبراليتهم "منقّبة" لا يظهر منها إلا عيناها، خشية أن يتبرأ منهم أقرباؤهم، ومن بين الشيعة كلهم ستجد ليبرالياً واحداً فقط هو الكاتب أحمد الصراف… آخر قطعة).
وفي قاعة الاستقبال شاهد بو عزوز مجموعة من الأطفال مع أمهاتهم، فاقترح عليّ فكرة: "أطقّهم؟" أي أضربهم؟، فرفضت اقتراحه رغم وجاهته، وتمعّنت في وجوه ضحايا المستقبل، وقرأت عليهم الفاتحة مقدماً، وأدرت عينيّ في المبنى أتفقده قبل وقوع الأضرار… لكن لحسن حظ الضحايا والمبنى اعتذرَت إدارة الحضانة عن عدم تسجيله لامتلاء الفصول، فالتفتّ إليه وقلت بصوت "ينتّع" لم يتبقّ منه إلا قطرتان لا ثالث لهما: "مشينا، وسألحِقك برياض الحكومة ومدارسها، كي تتخرج طائفياً، فتقتل أحدهم وتهرب إلى "الهندوراس" وتتعرف على لصوص استثماراتنا المقيمين هناك".  

حسن العيسى

على هامش الغفران

في رد الراحل الموسوعي لويس عوض على محمود شاكر وجلال كشك وغيرهما حين هاجموا وانتقدوا كتابه "على هامش الغفران" كتب لويس عوض تلك الكلمات في مقدمة كتابه رداً عليهم، ولعلها- بعد نصف قرن- تصير إبرة في عضل الأولياء الصالحين على معرض الهباب الكويتي القادم، فكتب لويس "… بقي أمامنا شيء واحد جدير بأن ينظر فيه: وهو أن المنهج الذي التزمته في هذه الدراسة عن أدب الآخرة بصفة عامة وعن رسالة الغفران بصفة خاصة، وهو من أولويات الأدب المقارن، هو في ذاته مصدر إزعاج للمحافظين من الأدباء والعلماء، لأن معناه فتح باب الاجتهاد من جديد في دراسة تراثنا، وهو ما لا يطيقه المحافظون لأنه قمين بأن يخلخل كثيراً من آرائنا، ومعتقداتنا الخاطئة الثابتة عن التراث. وهم ينسون أن الازدهار الأكبر في الفكر العربي إنما اقترن بفتح باب الاجتهاد على مصراعيه أيام مجد العرب في الدولة العربية الكبرى خلال القرون الأربعة الأولى للهجرة، وأن انتكاسة العرب بعد الدولة العباسية الثانية لم تقترن بتفككهم السياسي فحسب، بل اقترنت أيضاً بإغلاق باب الاجتهاد منذ آل السلطان إلى المماليك والأتراك، لا ريب بسبب هذا الضعف السياسي ذاته: فالضعيف في ميكانيكية الدفاع عن النفس، وحده هو الذي يخشى الفكر الحر والبحث الحر ويرتعد أمام العلم والعقل والتجدد بوثبات الخلق وبالرؤيا الرحيبة الآفاق. والضعيف وحده، في جزعه على ذاته، هو الذي يخشى محاكمة النفس ومواجهة النفس ونقد النفس، وإحصاء ما يملك حقاً من عدة وعتاد، ويؤثر أن يعيش في عالم من أوهام الكمال وأكاذيب الفردانية المأثورة عن جنة المجانين…".
إذن، الضعفاء المفتقدون الثقة بالذات عند لويس عوض هم الذين يخشون ويهابون الرأي الآخر، والفكر الآخر. يخافون أن يخطوا ولو خطوة واحدة خارجين من سجون ثوابت يقينهم المطلق الذي أملي وفرض عليهم، ثم قاموا بدورهم، بإملائه وفرضه على الأجيال التي تليهم، وأخذوا يراوحون في مكانهم، يدورون كمعتوهين في دائرة التخلف والجمود. فالجديد يهز قناعتهم الراسخة، والجديد يزلزل الأساطير التي تضج في وجدانهم. الآخر، والإبداع، والتجديد، كلها تنقلهم من عالم الوهم والخرافة إلى عوالم البحث عن الحقيقة، والقلق الإنساني الكبير، وهو قلق الوجود الذي يخافونه وترتعد فرائضهم من نبشه… فليبقوا في مستنقعاتهم الآسنة، فولاتهم كذبوا عليهم وقالوا لهم إن مستنقعهم هو قصر السعادة بداية ونهاية… وصدق العبيط حدوتة "كان ويا ما  كان".

احمد الصراف

الهيلق والفكر الخرب (1 – 2)

الهيلق كلمة محلية كويتية، تطلق أحيانا على نوعية المساكين والجياع، كما تطلق على السنوات العجاف التي مرت على الكويت والمناطق المحيطة بها في عام 1867، والتي قاسى منها الجميع لفترة طويلة، وكان الكويتيون يؤرخون أحداث يومهم ومواليدهم بما قبل أو بعد سنة الهيلق. وبالرغم من أهمية الحدث فإن مراجع تاريخية مهمة لم تتطرق اليه، كما نجد تضاربا واضحا في مراجع أخرى. ففي كتاب «تاريخ الكويت» لأحمد أبو حاكمة، لم يرد للحادثة ذكر، بالرغم من أهميتها. وكذلك الأمر في رد المؤرخ حمد الجاسر على أبو حاكمة. ولكن المؤرخ عبدالعزيز الرشيد ذكر الهيلق في كتابه «تاريخ الكويت» ص 95 في معرض حديثه عن الحوادث الشهيرة. وفي «الويكيبيديا»، أو الموسوعة الحرة، نجد ان سنة «الهيلق» هي التي حلت فيها على الكويت مجاعة، وكان ذلك في عهد الشيخ عبدالله بن صباح الصباح سنة 1867. وتعني الكلمة الهلاك أو الهلك. وفي تلك السنة وما تلاها تعرضت الأقاليم المجاورة لإمارة الكويت لجفاف هائل لم يكن بالحسبان. وكانت الكويت متحصنة ولديها إمكانية العيش ومقاومة الجفاف فأصبحت قبلة هؤلاء المنكوبين. وكانت يد الخير تنتظرهم حيث أمدّ الخيّرون الجياع بالمال والطعام والمأوى، وبقي بعض هؤلاء في الكويت طوال فترة المجاعة، واستقروا بها وعاد البقية الى أوطانهم. وقد أرّخ الكويتيون تلك المجاعة التي عمت المنطقة ثلاث سنوات عجاف، من 1868 حتى 1871، وبلغت فارس التي هاجر الكثير من أبنائها إلى الكويت، وقام المحسنون هنا بنثر الطعام في الاسواق والطرقات، وقد اشتهر منهم عبداللطيف العتيقي، يوسف البدر، يوسف الصبيح، سالم بن سلطان وبيت ابن ابراهيم.
وفي الشبكة الوطنية على الإنترنت ورد أن الهيلك (بالكاف) جزء من تاريخ الكويت، وهي سنوات عجاف، وفي نجد أطلقوا عليها سنوات «المسغبة»، وأن المجاعة ضربت مناطق من إيران بعد أن انحبس المطر عنها سنوات، وأن المجاعة ضربت الكويتيين واضطرتهم الى أكل(!) دماء البهائم التي تذبح ابتداء من سنة 1285، ولم تنته المجاعة الا في سنة 1288، وكان لرجلين من أفاضل الكويتيين والاثرياء يد بيضاء في تلك الازمة الشديدة، وهما يوسف البدر ويوسف الصبيح، اما الاول فكان يفرج كربات المعوزين والمحتاجين بما يبذله لهم من المال، واما الثاني فاتخذ له بيتين احدهما في الكويت والثاني في الزبير يأوي اليهما الفقراء، وكان يقوم في كليهما بمد ما يحتاجه الاحياء من طعام وكسوة وتجهيز من يتوفى منهم. وكتب الشاعر الاخرس قصيدة في هذين الرجلين بعث بها الى احد من آل المخيزيم قال فيها:
«ان الكويت حماها الله قد بلغت باليوسفين مكان السبعة الشهب
تالله ما سمعت أذني ولا بصرت عيني بعزهما في سائر العرب
فيوسف بن صبيح طيب عنصره اذكى من المسك ان يعبق وان يطب
ويوسف البدر في سعد وفي شرف بدر الأماجد لم يغرب ولم يغب».

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

حكومة الوحدة

«وحدة وطنية» هي شعار المرحلة، ومعظم رافعيها هم ممن مزقوا الوحدة أصلا، ولكي نلعب «عالمكشوف» ونكشف جميع الأوراق لنجيب عن التساؤلات الآتية ونعرف من مزّق الوحدة: من المسؤول عن بعثرة الوحدة الوطنية بالتجنيس العشوائي في العقود الماضية لغاية سمجة كريهة، وهي ترجيح موازين القوى السياسية لمصلحتها لبرهة من الزمن؟ ومن الذي منح العشوائيين الضوء الأخضر لتجاوز أي نص قانوني سارت عليه الكويت، فتمخضت تلك عن ثقافة اللا قانون والكثرة والاحتماء وراء القبيلة والعائلة والطائفة؟ ومن الذي قرر أن يقسم الكويت إلى خمس وعشرين دائرة قوامها التكدس المذهبي والقبلي والعائلي فجعلوا من الدسمة والرميثية وكيفان وخيطان دوائر مستقلة قائمة بذاتها؟ ومن الذي فتح الباب على مصراعيه للتيارات السياسية القائمة على المذهب الواحد وأغلقها أمام كل تيار شمولي؟ ومن الذي أغلق كل جمعيات النفع العام وحل إداراتها إلا جمعية الإصلاح الاجتماعي في فترة سابقة؟ ومن الذي أقر مناهج للأطفال تقر قتل المشرك وتنص في درسها التالي على أن من يجلس بجانبه من ملّة المشركين؟ ومن الذي يرفض ويأبى أن تتصدر أسماء الشهداء شوارع الكويت لتحكي للتاريخ عن اللحمة الوطنية الحقة في فترة الغزو؟ ومن الذي قسم الكويت طائفيا وعائليا وقبليا رغم محاولة الإصلاح في الدوائر الانتخابية الخمس، فجعل دائرة للمطران والرشايدة وأخرى للعجمان والعوازم وواحدة للشيعة وثانية للسنّة؟ ومن الذي يمد الجهلة والمفرقين من أبناء المجتمع بكل المواد الإعلامية لتعزيز وسائلهم الإعلامية وقنواتهم؟ ومن الذي «يتشاطر» على أن يبقى المعرض دون كتاب ويحجر الفكر وفي الوقت ذاته يقف متفرجا على كل رسائل نصية بغيضة تملأ القنوات الفضائية؟ بإمكاني أن أكمل التساؤلات إلى آخر الصفحة، وبإمكان غيري إضافة أكثر من ذلك، والسبب واحد ومعروف ومحدد، فإن كنا نريد الإصلاح فالمصارحة قبل المصالحة كما قال المرحوم الفذ أحمد الربعي، اعترفوا بأخطائكم قبل أن تهددونا بنفاد صبركم، قوّموا اعوجاجكم قبل أن تدعوا إلى الضرب بيد من حديد. لن نقبل منكم أي كلمة إصلاح مادمتم وعلى مدار خمسين عاما ترسخون الانقسام ولم تتغيروا بعد، ولن تنطلي علينا أي حيلة مسكنة وآنية، اعترفوا أولا وسيفتح باب الإصلاح تلقائيا بعدها. خارج نطاق التغطية: افتتح استاد جابر بكيفه، يريد تغيير مقر الاتحاد الكويتي لكرة القدم بكيفه، يشارك بالبطولات ويتخذ القرارات بكيفه، يعاقب ويكرم ويسلم أملاك الدولة ويوزعها بكيفه، كل هذا وهو غير شرعي بالنسبة للحكومة كما تدعي، فماذا لو كنت شرعيا يا طلال؟

سامي النصف

الرجل الذي فقد عقله

انتقم أدباء وصحافيو مصر من قيادة عبدالناصر السلطوية عبر رواية الأديب ثروت أباظة الشهيرة «شيء من الخوف» التي تحولت إلى فيلم سينمائي يستحق المشاهدة حيث أسقطوا عليه شخصية الطاغية عتريس وعلى مصر شخصية فؤادة، وردّد الناس آنذاك العبارة الشهيرة «زواج عتريس من فؤادة باطل».. للدلالة على أن حكم عبدالناصر لمصر غير شرعي كونه أتى بالانقلاب لا بالانتخاب الشرعي.

وإذا كان أدباء مصر قد انتقموا مرة من عبدالناصر فقد انتقموا من هيكل عشرات المرات في كتبهم ورواياتهم التي تحولت إلى أفلام سينمائية والتي صورته بصورة الصحافي الانتهازي وغير الأخلاقي في تعامله مع الآخرين، فهو محور قصة فتحي غانم «الرجل الذي فقد ظله» وهو «محفوظ عجب» في رواية موسى صبري «دموع صاحبة الجلالة»، وهو «خالد عزوز» في «ثرثرة فوق النيل» و«عامر بك» في «ميرامار» و«رؤوف علوان» في «اللص والكلاب».

ولم يكن أدباء وصحافيو مصر بعيدين عن الواقع فيما ذكروه وصوروه، فقد تبنت السيدة روز اليوسف الأستاذ هيكل في بداياته فأمم لها المجلة المسماة باسمها، وعينه صحافي مصر الأول محمد التابعي مديرا لتحرير مجلته «آخر ساعة» فأفلسها وتحول التابعي لصحافي صغير في دار أخبار اليوم، وفي ذلك يروي ناصر الدين النشاشيبي أنه رأى التابعي الكبير يجلس ينتظر هيكل مع حارس عمارته تذللا له، كما رآه يُلطع عند سكرتيرة هيكل لساعات وساعات، أما الأخوان أمين اللذان بنى خيره من لحم أكتافهما حتى أنه سمى ابنه عليا على اسم علي أمين، فقد تفنن في إيذائهما حتى أخرج أحدهما مطرودا من مصر ورمى الثاني في سجونها بأبشع تهمة.

وبعد منع هيكل من الكتابة في صحافة مصر فتحت له الصحف الكويتية أبوابها لينشر مقالاته وكتبه في حقبتي السبعينيات والثمانينيات في حين لم يثق به صدام قط، إلا أنه غدر بنا إبان الغزو الغاشم وتبنى وجهة نظر الطاغية كاملة حتى عاب عليه مؤرخ مصر العظيم «عبدالعظيم رمضان» ذلك الأمر وقال ان هيكل يرى الأحداث بعين صدام ويسمعها بأذن طارق عزيز، كما رد عليه عدد كبير من كبار كتّاب مصر أمثال د.عبدالمنعم السعيد ود.جلال كشك وحنفي المحلاوي، ومعهم المؤرخ العراقي المعروف د.سيار الجميل الذي قال ان هيكل «يتوهّم» حدوث الأشياء فيصدّقها ويكتبها خاصة إذا كان شهودها أمواتا، فهو يذهب إلى فرنسا فيتصوّر أنه التقى رئيسها ويذهب إلى اسبانيا فيتخيّل أنه التقى ملكها.. الخ، أما كشك فقد قارن بين ما يكتبه هيكل في كتابه المطبوع بالإنجليزي وكتابه المطبوع بالعربي واكتشف أنه وبالقرائن والأدلة، يكذب كثيرا في كتبه الموجهة للقارئ العربي.

وضمن كتاب لهيكل «حرب الخليج» يتبنى بالكامل دعاوى المؤرخ الصدامي وليد الأعظمي كما يتبنى الوثيقة التي أعلنها إعلام لطيف نصيف لإثبات تواطؤ الكويت مع المخابرات الأميركية عبر الرسالة المفبركة من مدير عام أمن الدولة آنذاك اللواء فهد الفهد لوزير الداخلية الشيخ سالم الصباح، وقد التقيت قبل مدة قصيرة باللواء المتقاعد الفهد وذكّرته بتلك الرسالة فكذّبها بالكامل، وقال انه لم يكن فعلا موجودا في الكويت بتاريخ إرسالها كما عُرف عنه أنه لا يستخدم أسلوب الرسائل في القضايا الهامة بل يتحدث بها شفاهة، وأضاف أنه لم يجر، عرفا، في الكويت مخاطبة الوزير بـ «سمو» كما أتى في الرسالة المزعومة مما يدل على كذبها كما انها نصت على انني اصطحبت معي للقاء السلطات الأميركية ضابط مباحث الأحمدي وهو أمر مستهجن حيث ان إدارة أمن الدولة مليئة بالضباط المختصين الأكفاء فما الحاجة لضابط غير مختص من خارج الدائرة؟!

آخر محطة:

(1) أقر هيكل – وللمرة الأولى – إبان شهادته في محكمة تعذيب مصطفى أمين عام 76 وردا على سؤال المحامي شوكت التوني، بأنه تعرض لمحاولة اغتيال في زمن عبدالناصر عندما أطلقت عليه جهة «أمنية»، حسب قوله، رصاصتين أثناء خروجه من جريدة الأهرام مع مرافق له مما قد يعني أن هيكل قرر أن يتغدى بعبدالناصر قبل أن يتعشى به، وفي أربعينية عبدالناصر كتب مقاله الشهير «عبدالناصر ليس أسطورة» الذي كان بمثابة السكين الأولى في جثمان عبدالناصر ثم وقف مع الرئيس السادات في صراعه مع القيادة الناصرية آنذاك، فإذا كانت هذه أفعال من يدعي ود وحب عبدالناصر فماذا ترك لأعدائه أن يفعلوا؟!

(2) وددنا حقا من هيكل، وقد بلغ أرذل العمر، أن يراجع مسيرته وأن يكفّر عن أفعاله وأكاذيبه تجاه الآخرين لا أن يتمادى فيها ويضيف لها ادعاءات زائفة وكاذبة أخرى.