سامي النصف

سحر المغرب

الآن وبعد تأسف الخارجية الكويتية واعتذار تلفزيون الوطن والتصريح الايضاحي والمهدئ لرئيس مجلس ادارته الزميل وليد الجاسم والذي اظهر ان المسلسل الناقد كان يستهدف بعض السلبيات في المجتمع الكويتي لا غيره من المجتمعات، نرجو ان يغلق ذلك الملف بعد ان اظهرت ردود الفعل مقدار حب واحترام وتقدير الكويت الشديد للمغرب قيادة وشعبا.

وللمغرب مواقف مشرفة لا ننساها ككويتيين ومن اهمها استدعاء الملك الحسن الثاني رحمه الله للسفير الكويتي في المغرب ظهر يوم الغزو مباشرة للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء المغربي التي ادانت الغزو الصدامي الغاشم لبلدنا، كما لم نلق من الشعب المغربي الصديق طوال السنين الا كل حب وود في الحل والترحال.

وبعيدا عما جرى مؤخرا فلدينا فهم خاطئ في الكويت مضمونه ان كل الامور قابلة للهزل و«التنكيت» والواقع ان هناك قضايا في الحياة جدها جد وهزلها جد كذلك، والواجب ان نكون حذرين جدا في تناولها في مجالسنا ودواويننا ـ داخل الكويت وخارجها ـ او ضمن أعمالنا الدرامية حتى لا «نزعل» اخوة واشقاء واحباء لا يتقبلون ذلك النوع من المزاح والسخرية.

وليس مقبولا ان يكون لدينا ازدواجية في المعايير فاذا ما تعرض لنا احد من منضوي السلطة الثانية (نواب الشعب) او الرابعة (الاعلاميين والصحافيين) في دولة اخرى ثرنا وغضبنا وهددنا وتوعدنا رغم علمنا ان من صرح ليس مسؤولا حكوميا، اما اذا حدث العكس فنتعذر بأننا غير مسؤولين عما قيل لعدم صدوره من جهة رسمية مخولة.

وللمغرب سحر خاص يعكسه جمال طبيعته وتنوع تضاريسه من شواطئ وجبال وسهول وصحراء، اضافة الى طيبة شعبها وحسن معاملته للضيوف والسواح والزائرين، وجده وابداعه في عمله، اما غير ذلك فهو صور نمطية كاذبة عند بعض المشارقة عن المغاربة وعند بعض المغاربة عن المشارقة وقد تعرضنا لذلك في مقالنا «أصيلة الأصيلة» في 9/8/2010 عندما ذكرنا «ان هناك مفاهيم شديدة الخطأ بين المشرق والمغرب» واعتقد ان علينا كعرب ان نصحح تلك المفاهيم الخاطئة عن بعضنا البعض قبل ان نحاول تحسين صورتنا لدى الآخرين.

آخر محطة:

«لو كان الكويتيين ينظرون للمغربيات بنظرة سوء لما تزوجن كويتيين وتزوج كثير من الكويتيين مغربيات، ان اخواننا الكويتيين ـ والله العظيم ـ يحترموننا بالزاف ونحن عزيزون عليهم لذا خلوا قلوبكم رطبة وعواشركم مبروكة» ما سبق هو رد من مغربية متزوجة من كويتي ضمن ردود منتدى صحيفة «هسبرس» المغربية واسعة الانتشار.

احمد الصراف

قصة لندنستان

كنت دائم الشك، كغيري، في أسباب تسامح سلطات بريطانيا مع الأصوليين الإسلاميين المقيمين فيها، وخاصة من العرب الذين لجأوا اليها هربا من بطش حكوماتهم، بالرغم من كونهم مصدر إزعاج مستمر للسلطات وخطرا دائما على المجتمع البريطاني، إضافة إلى ما يتكلفه دافع الضرائب من مبالغ ضخمة للصرف عليهم وتوفير الحراسة لهم ولأسرهم الكبيرة، حيث يعيشون جميعا عالة على مؤسسات الضمان الاجتماعي! وزادت شكوكي في السنوات التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر بعد أن ازدادت شراسة الأصوليين، ومنهم ناشطون سياسيون وأئمة مساجد ودعاة، في التصريح بمعاداتهم للغرب. كما بينت الكثير من الأحداث الإرهابية التي وقعت في بريطانيا أن غالبية مرتكبيها كانوا، بطريقة أو بأخرى، على صلة بهؤلاء الدعاة والأئمة الذين لم يترددوا يوما في إظهار احتقارهم للمجتمع البريطاني وعاداته، وعندما كانوا يسألون عن سبب بقائهم فيها مع كراهيتهم لها كانوا يردون بالقول انهم هناك لقضاء الحاجة، كمن يدخل المرحاض لقضاء حاجة!
ولكن شكوكي تأكدت، إلى حد ما، مع صدور كتاب «العلاقات السرية، تواطؤ بريطانيا والإسلام المتشدد» للباحث والكاتب البريطاني مارك كيرتس، الذي يقول فيه انه فكر في كتابه بعد التفجيرات الدامية التي تعرضت لها لندن في عام 2005، وانه قضى أربع سنوات في دراسة الوثائق السرية في الأرشيف البريطاني التي أفرجت عنها الحكومة. ويقول كيرتس في كتابه ان تمويل بريطانيا لحركة الإخوان المسلمين في مصر بدأ منذ عام 1942، وان الحكومة المصرية كانت تصرف لهم إعانات بإيعاز من البريطانيين، كما كانت سفارتهم تدفع لهم مباشرة، وان حسن البنا لم يعارض قيام سلطات شركة قناة السويس، الفرنسية البريطانية، ببناء مسجد «ضرار» في مدينة الإسماعيلية، مهد الإخوان.
وفي عام 1956 ومع العدوان الثلاثي، نشطت اتصالات البريطانيين بالإخوان ضمن مخطط الإطاحة بناصر أو اغتياله. ووفق الوثائق، فإن جماعة البنا كانوا الأكثر حظا لتشكيل الحكومة الجديدة بعد إسقاط نظام عبد الناصر. وأثبت الباحث أن الجماعة تواطأوا في منتصف الخمسينات مع لندن لاغتيال ناصر! وفي رد على سؤال لجريدة «الشرق الأوسط» بمناسبة صدور كتابه، قال ان علاقات الإخوان بلندن زادت قوة مع صعود المد القومي في مصر في السنوات 1952 – 1970، وتمثلت آخر أشكال تعاون بريطانيا مع الجماعات الأصولية، وربما الشيعية هذه المرة، في قيام بعضها بتأمين خروج آمن لقواتها من البصرة عام 2009.
وقال المؤلف ان لندن طالما رعت مؤتمرات للجماعات الأصولية، وخاصة تلك التي كانت معارضة لحكم صدام حسين، ومنهم الإخوان. كما رعت مؤتمرات جماعات معارضة للنظام السوري وعلى رأسهم الإخوان. ويؤكد كيرتس أن لندن لا تزال تستخدم القوى الأصولية، وتحرص على تطوير علاقاتها مع إخوان مصر وسوريا ودول أخرى، لتأمين نفسها عند تغيير نظام الحكم في القاهرة أو دمشق.
ويقول الباحث ان الحكومة البريطانية غيرت مواقفها من أصوليّي الحركات الإسلامية وطردت البعض وسجنت أو قيدت حركة آخرين بعد أن أصبحت نفسها هدفا للإرهاب، بعد أن كانت توصف بــ «لندنستان» لاحتضانها المستمر للجماعات الأصولية، فقد كان التفاهم في السابق أن السلطات تتيح للجماعات الراديكالية العمل في بريطانيا بحرية طالما أنها غير مستهدفة، وهو ما يسمى «ميثاق الأمن»، الذي كان بمنزلة ضوء أخضر من «الخارجية» البريطانية للإرهاب في جميع أنحاء العالم. إلا أنه أعرب عن اعتقاده أنه من الممكن تفسير التسامح الحالي من جانب النخبة البريطانية مع الجماعات المنشقة لرغبتها في استغلال هذه الجماعات في مصلحة سياساتها الخارجية، وهذا ما قام المؤلف بتوثيقه في كتابه، حيث يقول ان هذا التسامح يمكن أن يساعد كدعامة أو بطاقة تفاوض مع حكومات أخرى! وأن لبريطانيا مصلحة دائمة في الحفاظ على الانقسامات في منطقة الشرق الأوسط وجعلها تحت سيطرة سياسية منفصلة، ويعد ذلك إحدى صور سياسة «فرّق تسد» الدولية التي كان يُنظر إليها على أنها مهمة من أجل ضمان أنه لا يوجد هناك أي قوة فاعلة وحيدة في الشرق الأوسط مسيطرة على المنطقة، لاسيما ثروات النفط، ضد رغبات لندن أو واشنطن. وهذا شعار يتكرر في ملفات الحكومة على مدار عقود كثيرة.

أحمد الصراف