كلنا نتعاطف مع أبطال قصة الحب في «ساهر الليل»، وسنمنّي النفس بنهاية سعيدة مفرحة تجمع الأحباب بعضهم مع بعض، متخطين جميع العقبات التي ستواجههم وكسر حاجز الطبقة الاجتماعية، وكلنا في الوقت نفسه نستنكر الخيانات المتكررة في «زوارة خميس» ونشمئز مما يحدث من إهانة للروابط الأسرية، وأعتقد أن القادم سيكون أشنع. في رمضان أفضِّل الابتعاد عن السياسة، فالناس سئمت منها، حتى الساسة أنفسهم يبدو أن تأثير الصوم عليهم يصيبهم بلوثة، ولا يوجد أبلغ من تصريح النائب الدويسان للتدليل على ما أقول، فالنائب الموّقر يريد منحة مالية لمن يتزوج الثانية شرط أن تكون كويتية للقضاء على العنوسة، ولا أعلم لماذا كلما أردنا أن نعالج مشكلة لا بد أن يكون للمال يد فيها؟ فيأتي رمضان مثلاً فنجد من يريد صرف راتب شهر إضافي يعيننا على الصوم مع أن المفترض أن يقل الأكل في رمضان! نقدم الرواتب والكوادر لكل مهنة على الرغم من أننا نشكو كثرة العاملين وقلة الإنتاج. عموماً عودة إلى الدويسان الذي نسي أن الزواج الثاني يدمر أسراً بأكملها ويرفع معدلات الطلاق، غير أنه على ما يبدو يفضل كلمة المطلقة على كلمة غير المتزوجة، ولكن كما قلنا الصوم وعمايله… إلا أنني كما قلت لن أكتب عن السياسة والسياسيين باستثناء ما بدأت به المقال. مسلسلان كويتيان يعرضان على قناة «أبوظبي» لفَتا انتباهي وكسباني مشاهداً لهما، هما مسلسل «ساهر الليل» ومسلسل «زوارة خميس»؛ الأول، يتحدث عن حقبة السبعينيات وأسجّل للمخرج إعجابي لتمكنه من تصوير تلك الحقبة بشكل جيد مع بعض الهفوات كصوت مشاري العفاسي في الأذان في الحلقة الثانية عشرة تحديداً. على أي حال، فإن هذا المسلسل يطرح قصة ثلاث أسر كويتية إحداها محدودة الدخل ويقع أبناؤها في قصة حب شاعرية هادئة جميلة مع فتيات من الأسرتين الميسورتَي الحال، وهو ما سيشكل المعضلة بالتأكيد في القادم من الحلقات. أما «زوارة خميس» فهو ينقل حال أسرة كويتية كبيرة الحجم بمشاكلها وقضاياها وهمومها، ولعلّي أجد أن التركيز على الخيانة الزوجية أحد أبرز خيوط هذا المسلسل والتي يعتقد البعض أن بها من التطرف في الطرح الشيء الكبير. وأعتقد أن الدراما لا بد أن تبالغ في الأمر قليلاً كي تصلح للمشاهدة. عموماً، فأنا لست ناقداً فنياً ولا صاحب اختصاص كي أقيّم العملين درامياً بقدر ما أريد أن أوصل فكرة معينة تختمر في ذهني ولا أجد لها إلا إجابة واحدة. فكلنا سنتعاطف مع أبطال قصة الحب في «ساهر الليل»، وسنمنّي النفس بنهاية سعيدة مفرحة تجمع الأحباب بعضهم مع بعض، متخطين جميع العقبات التي ستواجههم وكسر حاجز الطبقة الاجتماعية، وكلنا في الوقت نفسه نستنكر الخيانات المتكررة في «زوارة خميس» ونشمئز مما يحدث من إهانة للروابط الأسرية، وأعتقد أن القادم سيكون أشنع. والسؤال هو: ما دمنا نتمنى أن ينتصر الحب وما دمنا نكره الخيانة وتحديداً الزوجية جميعنا وليس الغالبية، فلماذا إذن توجد هذه المشاكل في مجتمعنا؟ لماذا نمزق القصص الحقيقية التي نعيشها ونلعب دائماً دور الأشرار في الحياة ونرفضها في المسلسلات؟ لماذا تتخم البيوت بقصص الخيانة ونحن نشمئز منها؟ لا أجد إجابة إلا أننا جمعٌ منافق، يدين الشيء ويمارسه، يكره الشيء في الخيال ويفعله في الواقع، اسألوا أي شخص تصادفونه إن كان سمع بخيانة زوجية أم لا؟ اطرحوا على أي شاب أو فتاة إن كانا سمعا أو عاشا قصة حب تحطمت على صخور الطبقة أو المذهب أو العائلة أم لا؟ هذا ما نحن عليه وهذا ما نعيشه، ولن تتغير مسلسلاتنا وكآبتها ما لم يتغير المجتمع، فالفن جريدة العصر، يقدم أحوالها وقصصها إلينا، ولن تفرحنا أعمالنا الفنية ما لم نتخطَّ هذا النفاق الذي نعيشه.