لأنها وغيرها كثير على ما يبدو، عجزت عن التخلص مما ألم بها من بلاء، فلم تجد إلا وسيلة واحدة، وهي صعبة على أية حال، للاتصال بإحدى القنوات الفضائية التي تقدم للناس بعض ما يطلق عليهم (مشايخ) يساعدون الناس بالرقية الشرعية وهم لا يتقنون قراءة كتاب الله، وبالأذكار، وهم بالكاد يتذكرون النصوص بدقة، والأهم من ذلك، يتلاعبون بعقول الناس من قبيل… «اقرئيها يا أختي 126 مرة في اليوم لمدة أسبوعين، وإن شاء الله ستنالين مرادك، واتركي عنوانك لدى المخرج حتى أرسل لك حجاباً يخلصك من شرور السحر».
هل تعلمون ماذا يجب أن تقرأ تلك 126 مرة في اليوم؟ آية قرآنية كريمة، ولا بأس في ذلك، لكن أن تقرأها امرأة مريضة وكبيرة في السن 126 مرة، فهذا يشق حتى على الشاب اليافع السليم، والغريب أن الشيخ، وكذلك المتصلة، ومقدم البرنامج ذاته، لم يفكروا في مدى قدرة المريضة على فعل ذلك خصوصاً حين تكون الآية الكريمة طويلة نصاً.
المشكلة ليست في أولئك المشايخ… المشكلة في المشايخ والعلماء المعتدلين الذين يتوجب عليهم تكثيف تحذير الناس من مثل تلك المتاجرات باسم الدين وباسم القرآن الكريم.
ذات مرة، أعلنت للقراء الكرام بأنني تمنيت لو استطعت الحديث مع أولئك الناس الذين يمتلكون قدرات خارقة في قراءة المغيبات وفك السحر والحسد والإبداع في صياغة الطلاسم حتى يتمكنوا من فك العمل الذي أصيبت به بلادنا، فيكشفون الشياطين الذين يحومون حول هذه الأرض الطيبة، ويكشفون لنا اللصوص وسراق قوت الناس، ويحذروننا من الجن والعفاريت التي لا ترى بالعين المجردة لأنها تعيش في سرية تامة وتنوي بالبلد وبالناس شراً!
وحين أصل الى واحد من أمثال أولئك، ارجوه رجاءً حاراً أن يكتب لي طلسماً أو حجاباً فأقوم بنسخه أكثر من 700 ألف نسخة فأوزعه على البحرينيين، ولربما حصل غير البحرينيين على ما زاد منه ليلبسه الجميع حفظاً من الشياطين ورجماً لمن يكيد كيده ويناصب جهده، ولا داعي بعد ذلك لأن نكون صريحين في الحديث عن مشاكلنا وملفاتنا وقضايا البلد الحساسة منها وغير الحساسة، ولنرمِ كل شيء على الجن والعفاريت والسحر، ونكتفِ بلبس الأحجبة لنحجب عن عقولنا وقلوبنا كل طرق الوصول الى بر الأمان.