ما يقدم من أعمال درامية اليوم ليس من ابتكار داوود حسين أو غيره، فأمهات أعمالنا كـ «درب الزلق» و«الأقدار» ضمت الهندي غلام والمصري فؤاد بن سعيد باشا وزواج قحطة من نبوية المصرية ومهدلي الذي لا يتقن العربية وغيرهم، مروراً بالكثير من الأعمال التلفزيونية التي رسّخت واقع المجتمع بوضوح بأنه مجتمع مختلط يضم الكثير من الجنسيات. شخصية الهندي والشامي والمصري والعراقي والإيراني وبالطبع الخليجي، كلها شخصيات ومجتمعات أثرت في تكوين هوية المجتمع الكويتي، بل لا تكاد تخلو عائلة كويتية من أواصر ترابط مع إحدى هذه الدول والمجتمعات، فهم إما أن يكونوا جيراناً لنا تنقلوا أو نزحوا إلى الكويت وإما أن أعمالنا ارتبطت بهم كالتجارة والتعليم وغيرها. ولو استثنينا روابط الدم التي تجمع الغالبية العظمى بهم، فإننا لن نستطيع أن ننكر حقيقة أننا في حياتنا اليومية مجبرون قسراً على التعامل معهم فهم يشكلون ثلثي تعداد الكويت العام. أسوق هذه المقدمة الطويلة لتفنيد فكره سمجة برأيي تلك التي تعتقد أن تقديم أعمال تلفزيونية تتمحور حول شخصيات أجنبية محيطة يعد تصديراً للثورة والأفكار الدخيلة على مجتمعنا! أولاً: إن كان عمل تلفزيوني قوامه 30 حلقة يهدف إلى التسلية هو ما سيفرِّق المجتمع، فإن هذا المجتمع هش ضعيف بائس من الممكن أن تهزه ثلاثون ساعة تلفزيونية، وهو بحاجة إلى إعادة تهيئة بدلا من منع عرض مسلسل. أما ثانياً: فإن ما يقدم اليوم من أعمال ليس من ابتكار داوود حسين أو غيره، فأمهات أعمالنا كدرب الزلق والأقدار ضمت الهندي غلام والمصري فؤاد بن سعيد باشا وزواج قحطة من نبوية المصرية ومهدلي الذي لا يتقن العربية وغيرهم، مروراً بالكثير من الأعمال التليفزيونية التي رسّخت واقع المجتمع بوضوح بأنه مجتمع مختلط يضم الكثير من الجنسيات شخصياً جدتي رحمها الله إيرانية الجنسية ولست الكويتي الوحيد في ذلك بلا أدنى شك، لذا فإنني إن شاهدت عملاً عن جدة إيرانية أو أخوال من نفس الجنسية فإنني بالتأكيد سأراه أمراً واقعياً لا علاقة له لا من قريب أو بعيد بعقول ضحلة تعتقد أن إيصال تلك الشخصيات عبر الإعلام المرئي مخطط ومدبر لتفريق المجتمع وتقسيمه، وإن كان حقاً كما تقوله تلك العقول، فهو بكل تأكيد سيعيدنا إلى «أولاً» السابق ذكرها. ختاماً، فلو أنجبت نبوية من قحطة فإن أخوال أبناء قحطة سيكونون مصريين، ولو أنجبت زوجة مهدلي الإيرانية فإن أخوال أبناء مهدلي سيكونون من الإيرانيين، فهل كان الأمر مدبر من حقبة الأقدار ودرب الزلق لنشر الثقافات الدخيلة على المجتمع كما يفكر بعض العقول؟! إن كانت تلك أفكار مثقفينا والنخبة، فعلينا السلام.
اليوم: 9 أغسطس، 2010
أصيلة الأصيلة ومحمد بن عيسى
شاركت قبل أيام في مهرجان «أصيلة» الثقافي الدولي بالمغرب، ولذلك المهرجان الرائع قصة تستحق أن تروى سمعتها ذات ليلة في حفل عشاء أقامه السفير المغربي الصديق محمد بلعيش على شرف صديق الكويت الوزير المثقف محمد بن عيسى.
فقد قرر بن عيسى قبل 32 عاما ان يحيل قريته الصغيرة «اصيلة» إلى تظاهرة فكرية عالمية يلتقي خلالها مثقفو ومفكرو وساسة واقتصاديو وإعلاميو الشرق بالغرب، والشمال بالجنوب وقد اضطر آنذاك إلى أن يرهن منزله للحصول على المال اللازم للبدء وقد سمع الملك الحسن الثاني بذلك المشروع الواعد فدعمه واستمر الدعم الملكي حتى هذه الأيام، حيث يحضر ويشارك في فعالياته كثير من الوزراء والمستشارين المغاربة.
وتطل «اصيلة» ومنازلها البيضاء والزرقاء على مياه المحيط الاطلسي وتبعد 40 كم عن المدينة الشهيرة «طنجة» التي يمكن لك وأنت جالس على شواطئها أن ترى الساحل الاسباني الذي يبعد حوالي 10 كم عنها وهناك عبارات سريعة تحمل الركاب والسيارات وتعمل بشكل منتظم بين الساحلين.
ومن الأنشطة التي كان بها حضور كويتي مكثف ندوة «الديبلوماسية والثقافة» التي شارك فيها مدير عام المعهد الديبلوماسي السفير عبدالعزيز الشارخ ود.ندى المطوع ود.هيلة المكيمي، ومما قلته في مداخلتي بتلك الندوة ان هناك علاقة وثيقة بين الديبلوماسية والثقافة، حيث إن الاثنتين بديلتان عن الحروب فعندما تتوقف الديبلوماسية تبدأ الحرب، كما لا يمكن لحرب أن تقع بين عاصمتين لديهما مراكز ثقافية فاعلة تتبادلان خلالها المعرفة وتشجعان انفتاح شعوبهما على بعضهم البعض كما حدث في حقبة ما بعد الحرب الكونية الثانية بين العواصم الأوروبية التي اشتهرت تاريخيا بالعداء والحروب المتواصلة بينها.
وضمن فعاليات «الأدب في دولة الإمارات» تم التطرق إلى الخوف على عروبة دول الخليج والى «نقمة» النفط وكان ردنا أن هناك مفاهيم شديدة الخطأ بين المشرق والمغرب، حيث يعتقد بعض المغاربة ـ وبعض العرب ـ أن هناك خوفا على الخليج بسبب وجود جاليات آسيوية فيه، كما يعتقد بعض المشارقة ـ وبعض العرب ـ أن هناك خوفا على عروبة المغرب بسبب حديث بعض أبنائه بالفرنسية ورأيت أنه لا خوف على الإطلاق على عروبة الخليج أو على عروبة المغرب العربي، كما رأيت أن النفط «نعمة» كبرى على الخليجيين والعرب وأن علينا جميعا أن نفخر بمنتج ومصدر ثروة العرب الأول، ونعني النفط، كما تفخر الدول الأخرى بمنتجاتها الزراعية والصناعية ولا تخجل منها أو تعتبرها نقمة.
آخر محطة:
1 ـ الشكر الجزيل للشيخة الفاضلة موزة المسند على تبرعها السخي للمطربة صباح بمائة ألف دولار ونرجو ألا تصرف الشحرورة المبلغ على… عملية تجميل أخرى!
2 ـ سأل صحافي ذات مرة قلب الدفاع العراقي الأسبق دوغلاس عزيز عن أفضل دفاع في العالم فأجاب يجي «بعدي» المصري هشام يكن، وسأل أمس مراسل «رويترز» المالكي عن رئيس الوزراء القادم للعراق فأجاب: «لا يوجد هناك مرشح أفضل مني» والتواضع اخضر ولا أحمر..؟!
3 ـ عائلة الخباز هي من أقدم العائلات الكويتية ويسجل التاريخ أن أول حسينية في الكويت أقيمت في ديوانية سيد علي الخباز عام 1851م لذا نرجو عدم صحة ادعاء إسقاط الجنسية عن أحد أبنائها لحصوله على جنسية بلد لا يمت له بصلة.
حيبر طلوني
قمت وصديق بالتباحث مع جهة فنية في بلد عربي لتكليفها بإنجاز مشروع ما مقابل أتعاب محددة. وعند الانتهاء من التفاصيل وبعد تحضير الاتفاقية للتوقيع النهائي، وبعد مراجعة محامي الطرفين لكل بنودها، اكتشفت وصديقي أن أحد بنودها ينص على أن يتحمل الطرف الاول -اي نحن- كل الرسوم والبراطيل والرشاوى التي يقوم الطرف الثاني بدفعها لمختلف الأطراف الأخرى المعنية بإنهاء إجراءات المشروع الإدارية! وهنا نظرت وصديقي بعضنا لبعض بدهشة ورفضنا التوقيع على العقد، لأنه كفيل بـ«خراب بيوتنا»، فنحن هنا مطلوب منا توقيع اتفاقية تحتاج إلى حمل طابع رسمي لتصبح قانونية، والموافقة على بنودها بذلك البند الغريب يشكل صك إدانة واضحا بحقنا، متى ما أرادت أي جهة الإضرار بنا! وهنا ضحك الطرف الأول بصوت عال وطمأننا بأن الموضوع «عادي وشرعي» ومنسجم مع «أصول التعامل في بلده». وهنا قام وأحضر ملفاً يتضمن عقوداً مماثلة لعقدنا وتحمل تواقيع أكبر القوم وأكثرهم دسماً، كدليل على ان الأمر عادي وليس فيه ما يريب!
لا أريد الاستطراد أكثر لحساسية الموضوع لجهة ما، ولكن ما أريد قوله إن الأمور في الكويت في طريقها لأن تصبح شيئاً يماثل وضع تلك الدولة، الذي لا يختلف كثيراً عن أوضاع بقية دولنا العربية والإسلامية المباركة، وسبب شكوكي اننا ونحن في الطريق، وردتني مكالمة من أحد مديري مصلحة تجارية كانت تخصني، وتخليت عنها، مع بقية المصالح الأخرى قبل فترة بسيطة، لرغبتي في التفرغ للكتابة، اتصل ليبلغني بأنه يواجه مشكلة مع إحدى الشركات الحكومية الكبرى، وانني سبق أن تدخلت قبل سنوات وحللت ما يماثلها مع شركة أخرى! وتتلخص المشكلة في أن حارس بوابة الشركة الحكومية التي تقوم المصلحة بتزويدها بالبضائع يرفض السماح لمركبات صاحبنا بتجاوز البوابة قبل دفع «المقسوم» أو الرشوة، وبخلاف ذلك، فإن على عمالها نقل البضائع على أكتافهم لمسافة طويلة إلى داخل المخازن! وكيف انه قام بالاتصال بمسؤول أمن تلك الشركة للشكوى على الحارس، فلم يلق تجاوباً، بل وجد تشجيعاً بضرورة تطييب خاطر الحارس وإعطائه ما يريد لأنه، حسب قوله، إنسان فقير ومؤمن!
من الواضح هنا ان هذا الحارس، بحكم تواضع عمله، لا يمكن أن يتجرأ على مثل هذا التصرف والمخاطرة في طلب رشوة لو لم يكن مطمئناً لوضعه، وبأنه لن يُطرد إن كشفت ألاعيبه، ولابد أنه مسنود أو رأى ما يماثل تصرفه ممن يرأسه الذي شاهد الأمر ذلك مع من هو أعلى منه، وهكذا حتى نصل إلى رأس الشركة!
نعود ونكرر.. إننا بحاجة إلى الأخلاق أكثر من حاجتنا إلى مظاهر التدين، وخاصة الكاذبة منها، فمن الصعوبة بمكان العيش في مجتمع بلا أخلاق، ولكن من السهل العيش في مجتمع بلا تدين! وأمامنا مثالان، دولنا الحبيبة والطيبة من جهة ومجموعة الدول الاسكندنافية.. من جهة أخرى!
أحمد الصراف