عادل عبدالله المطيري

صناعة الصفقات السياسية

يجب أن تعي المعارضة والحكومة، أن السياسي الناجح هو الذي لا يغلق الباب في وجه المبادرات، بل يتركه دائما مواربا ليسمح له ولخصومه بفرصة للتراجع بكل وقار!

فالرجل السياسي البارع هو من يجيد صناعة الصفقات السياسية، كرجل الأعمال الناجح الذي يساوم ويضحي قليلا ليربح كثيرا، يقتنص الفرص ولا يضيعها.

فالعملية السياسية الناجحة هي العملية التي يكسب فيها كل الأطراف (الأغلبية – والأقلية) ولا يقصى منها أحد، وإلا تحولت إلى عملية أخرى لا تمت للسياسية بصلة!

لاشك إن أخطاء الحكومة لا يمكنني حصرها في مقالة لكثرتها، فالحكومة هي السبب الرئيسي بكل الأمراض الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يعاني منها المجتمع الكويتي، ولقد تعودنا أن تخطئ الحكومة، ولكن أن تخطئ المعارضة السياسية وتعطي المبرر للحكومة لتسحقها قانونيا وسياسيا فهذا الذي لم يكن متوقعا منها وخصوصا من المخضرمين في المعارضة.

فكما يقال بالأمثال «غلطة الشاطر بعشرة» فقد أخطأت المعارضة السياسية مرتين، مرة عندما اعتمدت الأسلوب الخطابي الحاد جدا للسلطات العليا، ومرة أخرى عندما ارتفع سقف مطالبها دفعة واحدة لمواجهة الفساد الحكومي.

الصراع بين السياسيين في الحكومة والبرلمان يجب ألا يكون «صراعا صفريا»، أي أن يكسب طرف كل شيء ويخسر الطرف الآخر كل شيء، لأن الصراعات الصفرية هي من أعنف أنواع الصراعات وعادة ما تكون بين القوى غير المتكافئة، وذلك لا ينطبق على الحالة الكويتية.

ويبدو أن كلا من المعارضة والحكومة للأسف يعتمد على سياسة سحق الخصم إلى أبعد الحدود، فالمعارضة لم تكتف بإزاحة الحكومة السابقة، بل لاحقتها قانونيا وشكلت لها لجان تحقيق، والآن الحكومة الحالية لم تكتف بإبعاد وإضعاف المعارضة بعد حل مجلس فبراير 2012 وأصدرت مرسوم القانون الانتخابي الجديد، بل أيضا وقعت بنفس الخطأ ولاحقت المعارضين قانونيا وصدرت بحق بعضهم أحكام بالسجن!

إن استقراء التاريخ السياسي في كل زمان ومكان يشير بما لا يدع مجالا للشك، الى أن احترام الخصوم السياسيين وإنصافهم أفضل بكثير من سحقهم واحتقارهم.

كل الكويتيين يأملون في أن يتدخل حكماء الكويت، لإدارة الأزمة السياسية المحلية بحنكتهم المعهودة، ومن أجل أن يتوصلوا إلى صفة سياسية مربحة لكلا الطرفين في الحكومة والمعارضة.

 

محمد الوشيحي

active mode

القانون في الكويت يفهم ويأكل ويشرب، ويميز بين العدو والصديق، وهو ابن ستين في سبعين، وتذكرت درساً، كنا تلقيناه أثناء الحياة العسكرية، عن الألغام، وتذكرت حديث المدرب عن نوعية من الألغام الفرنسية التي لا ينقصها إلا الزواج والتكاثر ورعاية أبنائها وتدريسها في مدارس خاصة.
كانت ألغاماً "بعقليات" أقرب إلى البشر، كما فهمنا من الشرح، فقد كانت تميز بين العدو والصديق، وتعرف سيارات العدو وعساكره وسيارات الصديق وعساكره. وكانت فكرة الألغام الذكية قائمة على شريحة كمبيوتر تُحفظ فيها تفاصيل كل الآلات والآليات والعساكر الصديقة، وتتم بعد ذلك برمجة الألغام وحقنها بهذه المعلومات والتفاصيل، وتدور المعركة، وتمر آلية تابعة للعدو فوق اللغم فلا يتعرف عليها اللغم (كل ما لا يتعرف عليه يعتبره عدواً)، فيتحرك من "وضعية النوم" sleep mode إلى "وضعية العمل" active mode، في جزء من الثانية، وينفجر، "بعد أن يشخر لسائق سيارة العدو: فاكرني نايم يا روح أمك" على ذمة اللواء عبدالمعين.
وفي حال مرور صديق، يعود اللغم إلى وضعية النوم: "بالسلامة يا باشا". كان اللغم فرنسياً، هذا صحيح، لكن أمه الفاضلة من "إمبابة"، فالفرنسيون أو من تربى على يد فرنسية لا يجيد "الشخر" أبداً.
وإذا كانت فرنسا صنعت ألغاماً بهذا الذكاء، فقد صنعت السلطة عندنا قانوناً "يشمّخ" بأظافره جلود المعارضة، ويعض بأسنانه أنوفهم، ويشد شعرهم، بعد أن يتحول إلى "وضعية العمل"، فإذا مر صديق السلطة إلى جانبه عاد إلى "وضعية النوم" وأشعل سيجارته ومد رجليه على الطاولة وأطفأ الأضواء وأسدل الستائر، و"بالسلامة يا باشا".
ويدخل القانون قريتنا، فنسرح شعره ونعطّره ونجلسه في صدر مجلسنا، ويدخل قرية السلطة فتشتري له طوقاً تضعه على رقبته، وترمي له عظماً، وتشممه رائحة مخداتنا فينطلق علينا غاضباً وينهش لحمنا.

حسن العيسى

لهيب يحرق الثقة

كل يوم يمر، والهوة بين السلطة والمواطنين تتسع وتكبر، فأمس الأول، وعلى أثر الأحكام الجزائية التي صدرت بحق النواب السابقين الداهوم والصواغ والطاحوس، تأججت نيران الغضب والسخط ضد السلطة، وشاهدنا صورتها في تجمُّع ديوان الصواغ والمسيرة التي أعقبته إلى ديوان الطاحوس، فقد أطلق المتجمعون هتافات قاسية ضد الأحكام القضائية بشكل خاص والسلطة الحاكمة بوجه عام، ولا أعلم بِمَ سيهتف المتجمعون بديوان مسلم البراك، وهو الذي سيكون في محكمة الجنايات يوم الاثنين المقبل بالتهمة ذاتها التي وجهت إلى زملائه الثلاثة وهي المساس بالذات الأميرية؟
هل يمكن للسلطة أن تحتوي الأزمة التي أخذت تكبر ككرة الثلج يوماً بعد يوم، وبعد كل قرار أو حكم حبس ضد مغرد أو ضد نائب سابق له ثقله الشعبي الكبير بين الناس، أم أن السلطة تراهن على عنصر الزمن، وأن المواطنين، بعد فترة، "يطخون" وسينسون، وكأن شيئاً لم يحدث، وبعدها تتكرم السلطة عليهم بما تجود بها أريحيتها من عطاءات مادية تكون بمثابة الأفيون المخدر لوعيهم وتطلعاتهم إلى المشاركة الحقيقية في السلطة! أو ربما يراهن أهل الحكم على تفكك الجماعات المعارضة لمرسوم الصوت الواحد الذي همّش شرائح عريضة من الشعب! يجوز، وهذا "الجواز" (الاحتمال) الذي قد يكون مهيمناً على فكر حكامنا هو الخطر على الدولة.
فليست قضية اليوم هي ما إذا كان المواطنون سيركدون وسيهدأون بعد فترة، طالت أم قصرت، أو أن المعارضة ستتوهج في أيام محدودة ثم يخبو نورها في أيام تالية، بكلام آخر هو تصور واهم أن المعارضة نفَسها قصير في غياب قيادة ذات نهج واضح قادرة على الحشد الشعبي دائماً.
 أزمة اليوم الخطيرة هي التباعد بين السلطة والشعب، وهي الجدار الذي يعلو يوماً تلو آخر عازلاً بين أغلبية المواطنين المهمشين سياسياً وسلطة الحكم، ففي كل الأحوال التي يمكن تصورها عن "ركود" المعارضين الساخطين بعد فترة، أو الرهان على تفسخ وانحلال هممهم، ذلك كله تصورات قاصرة، ورهانات خاسرة في النهاية، فالثقة المفترضة بين السلطة والشعب إذا تحطمت لا يمكن إصلاحها، وهذا ما على السلطة أن تعيه جيداً، ولا تراهن على المجموعات الضيقة للمطبلين الملتفين حولها، فليس هؤلاء مَن يصح المراهنة على ولائهم، ولا يجوز النظر إلى أن مصالحهم وشرههم هي مصالح الدولة ومستقبلها… فهل ستحتوي السلطة أزمةً خلقتها بداية، أم ستظل في مكانها تتفرج ساهمة على لهب يحرق الدولة بمن فيها؟

احمد الصراف

يا حكومة.. شكراً

يعتقد البعض أن ما يكتب في الصحافة لا يلقى اهتماما من الجهات المعنية، وبالذات الحكومية، وأن لا جدوى من الكتابة والشكوى والتظلم، وهذا غير صحيح بالمطلق، فأمور كثيرة يتم تنفيذها وإنجازها بعد فترة، وبصمت، وهذه طبيعة العمل الحكومي، وبالتالي يجب ان نخفف من توقعاتنا قدر الإمكان في قدرة الأجهزة المترهلة على العمل بالسرعة المطلوبة، وأن نضع امورا عدة في الاعتبار قبل اصدار حكم قد يكون جائرا، فما ينشر من شكاوى ومقترحات في الصحافة المحلية، والأمر يسري على أي دولة، كثيرا، وأكثر من قدرة اي إدارة على التجاوب معه، خصوصا أنه ليس كل ما يكتب يستحق الاهتمام، أو أن يكون وراء الكتابة غرض شخصي. كما أن الإدارة الحكومية بطيئة في حركتها عادة بسبب بيروقراطيتها، حتى عند وجود رغبة قوية في التجاوب مع الشكوى او المقترح! وهنا نجد أن امورا يتم تنفيذها بعد فترة تجاوبا مع ما كتب، ولكن من دون ضجة. ومثال على ذلك مشكلة طريق النويصيب، شارع 290، والتي وقعت فيه، خلال السنوات العشر الأخيرة، حوادث كثيرة، وكانت حصيلة كل عام عددا من الوفيات البريئة والغالية، وهذا الطريق يؤدي إلى شاليهات ومنتجعات وإدارات حكومية بحرية وامنية عديدة وهو مستخدم طوال الأسبوع، وبخاصة خلال العطل والأعياد. ولتلافي مخاطر الطريق وتنبيه مستخدميه قام مواطن غيور، وبمبادرة شخصية منه، بوضع لوحات إرشادية عليه تحذر من السرعة والتجاوز، والانتباه للمنعطفات الخطرة، وقد كلفه ذلك مبلغا كبيرا، نظرا لجودة المواد التي استخدمها في صناعة تلك اللوحات وتثبيتها بطريقة جيدة! وهنا انتبه «ربعنا» البنغال لما لتلك اللوحات من قيمة، فقاموا بخلعها من أماكنها وبيعها كألمنيوم خردة، وخلال ستة اشهر لم يتبق من تلك اللوحات الإرشادية غير القواعد الاسمنتية! وهنا اضطر الرجل لاستبدالها بلوحات أخرى، ولكن من نوعية أقل جودة بكثير. وبعد مطالبات عدة من قبله، والكتابة عن الموضوع، تحركت معدات وزارة الأشغال وبدأت العمل بذلك الطريق الحيوي، لجعله أكثر أمانا لمستخدميه، وهذا يصب في مصلحة راحة الجميع وسلامتهم، وفي إنقاذ ارواح المواطنين والمقيمين.
وكمثال آخر على اهتمام «الحكومة» بما ينشر في وسائل الإعلام ما تطرق له وزير البلدية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، الشيخ محمد العبدالله، من أن الحكومة مهتمة بما صرح به الوزير السابق شعيب المويزري لوسائل الإعلام (ومنها «قناة اليوم» التي لم نستطع حتى الآن بلع مبررات إغلاقها) عن السرقات والتجاوزات المالية الكبيرة في المال العام. وقال الشيخ محمد ان اتهامات المويزري خطرة وسيتم التحقيق فيها والتحقق مما ورد على لسانه! ونتمنى ألا ننتظر طويلا لسماع رد الحكومة على تلك الاتهامات، هذا إذا لم يتم خنقها ودفنها!

أحمد الصراف

سامي النصف

البحث عن أبوأحمد الكويتي!

قبل القبض على سليمان أبوغيث بأسابيع قليلة عرض في الولايات المتحدة ودور السينما في العالم الفيلم الوثائقي ZERO DARK THIRTY والذي يحكي قصة الوصول الى أسامة بن لادن وقتله عبر تتبع موظفة في المخابرات المركزية الاميركية لأخباره وعدم إيمانها بأنه يعيش في كهوف في أفغانستان محاطاً بالمسلحين، حيث لا يستطيع من ذلك المكان النائي أن يدير شبكة الارهاب في العالم، وكان لديها يقين بأنه يعيش في إحدى المدن، حيث الفضائيات والإنترنت.

***

يبدأ الفيلم بعمليات تعذيب يقوم بها جهاز المخابرات الاميركية للأسرى الذين قبض عليهم في أفغانستان، وهو تعذيب يجعله الفيلم مبرراً في محاولة لمنع عمليات التفجير والقتل والتخريب التي تقوم بها منظمة القاعدة الإرهابية في العالم، وتظل عمليات التعذيب تلك لا تقارن على الإطلاق بما يحدث في زنزانات الانظمة الثورية العربية، حيث يخرج المعذبون في الأرض من الزنازين الى.. المقابر الجماعية!

***

تدور قصة الفيلم حول ملاحقة العميلة «مايا» لمكان أبوأحمد الكويتي كي تصل من خلاله الى أسامة بن لادن وتبعث بأحد عملاء المخابرات لزيارة شاب كويتي صديق له، حيث حصل منه على رقم هاتف والدة أم أحمد الكويتي المقيمة في الكويت بعد أن تمت رشوته بسيارة رياضية فاخرة، وعن طريق اتصالها بولدها تم تحديد مكانه ومكان بن لادن وقتلهما.

***

آخر محطة:

(1) يعرض في دور العرض العالمية الفيلم الوثائقي «حراس البوابة» الذي يتحدث من خلاله 6 من كبار رجال الأمن الإسرائيلي حول القضية الفلسطينية ويوصون بإعطاء الفلسطينيين حقوقهم والقبول بدولتهم.

(2) لا يمكن فهم ما تقوم به حركات شبابية مقنعة مثل «البلاك بلوك» و«البلاك ماسكز» دون مشاهدة فيلم «فانديتا» الذي هو إعادة حديثة لقصة «جاي فوكس» وقناعه الشهير ومحاولته في عام 1606 تفجير البرلمان البريطاني مع مجموعة من الفوضويين.

احمد الصراف

الملاك ود. شتتي

في مواجهة كل خطابات الكراهية وشعارات رفض الآخر، كتب لي القارئ ن. الملاك يقول إنه كان في زيارة عمل لمدينة بنغالور الهندية، عاصمة التقنيات الدقيقة والعالية في الهند، وهناك سمع، عن طريق الصدفة، بوصول 25 طفلاً عراقياً، تتراوح أعمارهم بين السنتين والثمان سنوات لمستشفى الدكتور «شتتي» لجراحة أمراض القلب. وقال إنه قرر، انطلاقاً من حسه الإنساني والوطني، زيارة المستشفى، بالرغم من كل ما سيعانيه بسبب طول وسوء حالة الطريق للمستشفى، للالتقاء بهؤلاء الأطفال وذويهم، وما إن وصل إلى هناك حتى شعر بأن الأمر كان يستحق كل ما تعرض له من مشقة، فقد نجح في رسم الكثير من البسمات على وجوه متعبة ومريضة تشعر بحنين لوطنها وأهلها، وبحاجة إلى التشجيع وبث الأمل فيهم، كما قام بالمساعدة في ترجمة متطلبات مرافقي الأطفال المرضى لإدارة المستشفى. وقال الملاك إنه سعد كثيراً بلقاء مدير مشروع المستشفى الدكتور الكبير «دافي شتتي» Dr. Davi Shetty والذي سبق أن كان طبيباً للأم تريزا قبل رحيلها! ومن منطلق حسه الإنساني تبرع بعلاج قلوب أولئك الأطفال العراقيين دون مقابل. وقال الملاك إنه سعد جداً بلقاء ذلك الدكتور، والذي كان يقوم بعمله بروحية لم ير مثلها، وعرف عنه أنه عادة ما يسأل مرضاه، أو ذويهم، عن ديانتهم، قبل إجراء العملية، فإن كان مسلماً بدأ العملية بالبسملة المعتادة، وإن كان مسيحياً يبدأ باسم الاب والابن والروح القدس، وإن كان من أي ديانة أخرى، حتى لو كان هندوسياً، أي معتقده هو، فلا يقول شيئاً، ويباشر بالعملية! ويقول إنه وجد في فناء المستشفى ثلاثة مبان صغيرة، الأول لمسجد، والثاني لكنيسة، والثالث لمعبد هندوسي! وانه شاهد الكثير من موظفي أو زائري المستشفى يدخلون معبدهم ويخرجون منه وهم يبتسمون، ويلتقون في الفناء المشترك ويتصافحون بسلام ومودة وليس بينهم أي نوع من العداء أو الكراهية، وتساءل، وهو العراقي الذي أحرق التطرف الديني والطائفي قلب بلاده وقطع شرايين وطنه، تساؤلاً بحرقة، يا إلهي، أين نحن من هؤلاء البشر؟
لعلم الصديق الملاك فإن د. دافي (مواليد 1953) جراح قلب شهير، ونال تدريبه في مستشفى «غاي» العالمي في بريطانيا، وكانت أول عملية قلب له مع طفل لم يتجاوز الـ 9 أيام من عمره، انتقل بعدها إلى مدينة بنغالور الهندية في نهاية الثمانينات، وأسس مستشفى مانيبال الخيري، وقام والد زوجته، وهو طبيب عالمي معروف ويحمل الاسم نفسه، بتمويل عملية بناء المستشفى، والذي تم تأسيسه على فكرة أن في الإمكان إجراء عمليات قلب بأقل من تكاليفها الحالية العالية من خلال اتباع أساليب إدارة حديثة واستخدام أفضل للمعدات الطبية الغالية، وإطالة عمرها الافتراضي وتقليص النفقات. وقد لاقت فكرته المتمثلة في بناء مستشفيات عملاقة في جزر قريبة من الولايات المتحدة، وإجراء عمليات قلب فيها بربع كلفتها في أميركا، لاقت معارضة شديدة، وخلقت ضجة كبيرة. ويقول د. شتتي إنه بصدد جعل خدماتهم متوافرة في كل ركن من القارة الهندية! وهكذا نرى بشراً يعملون وينتجون ويخترعون ويقدمون مختلف الخدمات مجاناً لغيرهم، وأغلبنا يكتفي بالجلوس على مؤخرته، وشتم ولعن وتكفير العالم!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

علماني طلع من طوره

سأدخل بالموضوع مباشرة، وسأنقل لكم مقتطفات من بعض ما كتبه احد الذين يتفاخرون بفكرهم العلماني ونهجهم الليبرالي! لنقف على حقيقة بعض هؤلاء المتفيهقين ادعياء الثقافة واحترام الرأي الآخر!
صاحبنا يطرح تساؤلا ثم يجيب هو عنه: لماذا قطع اخوان الكويت علاقتهم باخوان مصر؟! ثم يخرج بالاستنتاج التالي:- لابد ان امرا جللا قد حدث… شيء بحجم الخيانة العظمى!! ثم يفجر المفاجأة التي اوحى له بها عقله الباطن، وهي ان السبب هو موقف التنظيم العالمي للاخوان المسلمين من الغزو العراقي للكويت ودعمهم لصدام!! وبما ان الزهايمر يصيب كبار السن فان صاحبنا فاته اننا ذكرنا هذا السبب قبل عشرين عاما عندما اعلنا تأسيس الحركة الدستورية الاسلامية وانفصالنا تماما عن تنظيم الاخوان الدولي، وبدلا من ان يثني على هذا الموقف، الذي يؤكد ان الولاء للوطن عندنا فوق كل المصالح الحزبية وان مصلحة الكويت فوق كل اعتبار، اسمعوا ما ورد على لسان قلمه من عبارات لم تتعود عليها صفحات القبس، واستغرب كيف مرت على الرقيب او المستشار القانوني الذي لايفوت لنا حرفا واحدا عابرا ان كان يمس بالآخرين:
«ان في الامر خيانة وموقفا مخزيا يبلغ درجة الحقارة».. «كما كان لاخوان الكويت موقف خسيس ومخجل» وقوله عن اخوان الكويت وغيرهم من الاخوان:»…. لوجدنا لكل هؤلاء الخونة عذرا « ولم يجرؤ عاقل طوال العقدين الماضيين على اتهام اخوان الكويت- آنذاك- بالخيانة او حتى ينتقد موقفهم البطولي من الغزو، لان كل اهل الكويت قيادة وشعبا ـ سواء كانوا في الداخل صامدين او في الخارج لاجئين ـ كانوا الشاهد الرئيسي على المواقف المشرفة للتيار الاسلامي بشكل عام وللاخوان بشكل خاص.
الغريب ان صاحبنا دلل على سوء نيته وبطلان سجيته بحوادث اصبحت بايتة!! واصبحت اعادتها وتكرارها والاستشهاد بها «امرا يفشل» مثل حضور العم عبدالواحد امان الى مؤتمر لاهور لدعم صدام حسين، وهذا يؤكد ضحالة الكم الثقافي عند صاحبنا، خصوصا انه سبقه بهذا الموضوع اثنان من زملائه من التيار نفسه، ولأن العم لم يحضر المؤتمر فقد رفع قضايا على من اتهمه وكسبها في درجات التقاضي! ثم يكرر زميلنا الاسطوانة المشروخة عن ادعاء الشيخ سعود الناصر، غفر الله له، ان عبدالله العتيقي وطارق سويدان واسماعيل الشطي زاروا الخارجية الاميركية بالغزو، وكان هو مرافقا لهم وانهم طلبوا من الخارجية دعم احدى الجمعيات الاسلامية التي تعمل لدعم تحرير الكويت مبلغا من المال!! وفات المثقف الفلتة ان الثلاثة كتبوا نفيا للواقعة حتى قال العتيقي في رده انه لم يلتق سعود الناصر طوال حياته، اما طارق السويدان فكانت مقابلته مع تركي الدخيل قاصمة لمن ادعى بذلك، بينما استغرب اسماعيل الشطي من حديث الشيخ فقال كيف يحدث هذا وقد تم تكريمي من قبل القيادة السياسية باحتفال رسمي واستلمت درعا مكتوبا عليها: لمواقفك البطولية في الدفاع عن الوطن؟!
ملحوظة قبل الاخيرة…. الوفد الذي زار الخارجية الاميركية بالغزو كان الوفد الشعبي الكويتي برئاسة الشيخ محمد صباح السالم!
ملحوظة اخيرة… التيار السياسي الوحيد الذي تلي بيانه في مؤتمر جدة دعما للحق الكويتي في تحرير ارضه، هم الاخوان المسلمون..!! فاتق الله يا هذا وخلك في الاقتصاد عل وعسى ان يطلع منك شيء نفهمه ويفيد القارئ.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذا الغلو في الخصومة مع من يخالفنا بالرأي؟! لماذا يتعمدون الكذب والافتراء وقلب الحقائق عن موقف اخوان الكويت من الغزو؟! لماذا لا يعبرون بالحجة والمنطق بدلا من كلام مرسل اثبت الوقت بطلانه؟!
انها خيبة يجرها افلاس لتيار استعمل كل الوسائل المتاحة لاثبات مصداقيته دون جدوى! حتى اصبح يشاهد قواعده تتهاوى الواحدة تلو الاخرى.

محمد الوشيحي

من عمق المعارضة

ما يحدث الآن في المشهد السياسي الكويتي ليس إلا مسرحية طبق الأصل من مسرحيات الشوارع التي كانت شائعة في مصر في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي. ويقول المؤرخون الفنيون إن "الممثلين" كانوا ينتقلون من منطقة إلى منطقة ومن شارع إلى آخر، وكانت قصة المسرحية تختلف باختلاف المناطق والشوارع، وباختلاف ملابس المشاهدين ومستوياتهم، وقد يتغير مسار الفكرة إذا دبت خناقة في الشارع أو بكى طفل على ذراع أمه أو أو أو. ويقول آخرون إن فكرة المسرحية يرسمها المتجمهرون بصيحة أو تعليق، فيلتقطها منهم الثلاثي ويبنون عليها في الحال حواراتهم، على وقع تصفيق الناس وضحكاتهم، إذ يقف الثلاثي أحياناً بين الناس دون أن يكون لديهم فكرة أو موضوع للحديث عنه، ويتبادلون التعليقات والقفشات مع البسطاء المحيطين بهم، وكان الله غفوراً رحيماً.
الأمر ذاته هنا، طبعاً دع عنك الحكومة وسوالف الحكومة وضياع الحكومة، فهذا هو العادي، وتعال نشوف البرلمان ونضحك أو نبكي أو نلطم، أيها قبل، لتتأكد أنها مسرحية شارع قطفة أولى.
البرلمان تخصص في تحويل أقوال المعارضة وتصرفات شبان الحراك إلى "أفكار مسرحية"، فقانون حبس كل من يرفض الوقوف للعلم جاء رداً على تصرف النائب السابق محمد هايف، وحبس كل من يحتشد أمام قصر العدل أو في أروقته جاء رداً على تجمع الناس في قضية مسلم البراك، والمطالبة بعودة قانون التجنيد الإلزامي، مع تأييدي لعودته بعد تحسينه، جاءت رداً على تجمعات شباب الحراك السياسي، ورغبة في إبعادهم عن المشهد، وحجزهم في معسكرات الجيش، وغيرها الكثير من اقتراحات القوانين التي تتتبع المعارضة، وتراقبها "مان تو مان" أو "برلمان تو مان".
لا شيء أكثر من المراقبة اللصيقة للمعارضة ومناكفتها بطفولية باهتة، اللهم إلا طلب "زيادات للرواتب" وعلاوات وما شابه من الاقتراحات التي يتفوق فيها "عسكر العنزي" ومن شابهه من سيناتورات البرلمات.
ولأن بعض نواب هذا البرلمان الممجوج يمضون الليالي والأيام بحثاً عن تصرفات المعارضة لاستنباط فكرة منها وصياغة اقتراحات مضادة لها، سأكشف للنواب هؤلاء سراً لعلهم يتصرفون بسرعة ويبادرون بصياغة اقتراح بقانون بخصوصه، فقد اكتشفت أن عدداً من السياسيين المعارضين والنواب السابقين يعشقون "وجبة السباغيتي" بشكل مثير ولافت للنظر، أقول ذلك وأنا شاهد عيان، وليتكم شاهدتم كيف "يمخمخ" فلاح الصواغ وهو يأكلها، أو كيف ينسى فيصل المسلم الطاولة ومن عليها وتخنقه العبرة على السباغيتي، ولولا الحياء لضم الطبق على صدره وأطفأ الأنوار، وغيرهما كجمعان الحربش وفيصل اليحيى والطبطبائي والبرغش ووو…
خذوها مني، صوغوا اقتراحاً بقانون يمنع استيراد السباغيتي، وستهرول المعارضة للجلوس معكم على طاولة الطعام.
أما خالد الطاحوس، فيكفي صياغة اقتراح بقانون يمنع ارتداء القميص تحت الدشداشة، وأضمن لكم أن ينشق عن المعارضة ويرفع شعار "طاعة ولي الأمر"، وقانون منع القهوة سيدفع الكاتبجي الوشيحي إلى مباشرة إجراءات الهجرة.

احمد الصراف

الفكر الديني وإشارة المرور

عقد أول مؤتمر دولي لمنظمة السياحة والطرق في باريس عام 1900، وتم خلاله، وما تبعه من مؤتمر آخر عقد في روما بعدها بفترة وضع أسس أو اشكال أول علامات أو لوحات الطرق الإرشادية الرئيسية، سواء تلك التي تبين المنحنيات والتحذير منها، أو التي تبين مناطق مرور القطارات، وضرورة التوقف عندها. وبالتالي يمكن القول ان غالبية لوحات المرور، الدولية والرئيسية، يعود تاريخها لمائة عام فقط! هذا من جانب، ومن جانب آخر دار صراع خفي في العراق بين جماعتين دينيتين رئيسيتين، تدعي كل واحدة بأنها أحق من الأخرى، حسب تفسيرها الديني، وأنها على صواب! ويعتقد الكثيرون أن تخلف العراق ناجم عن صراعه الطائفي! ولكن لو قسمنا العراق، المتخلف والمنهار في كل حقل، إلى دولتين، واحدة لكل فريق فهل سنحصل على دولتين متقدمتين خاليتين من الأحقاد والحروب المذهبية والاختلاف الديني، وبالتالي متقدمتين علميا وفكريا؟ الجواب بالنفي طبعا! فلدينا دول «خالصة» مذهبيا، وغنية بمختلف الموارد، ومع هذا تشكو تقريبا من كل أعراض التخلف، ولم تشفع لها وحدانية مذهبها في أن تكون أفضل من تلك المتعددة المذاهب والديانات والثقافات! وبالتالي فإن المشكلة في العراق ليست طائفية، كما يحب البعض تصوير الأمر، ولا في اختلاف العقائد ولا في تعددها، ولا في موالاة هذا لذلك، والآخر لغيره، بل في الفكر الديني الذي سمح بوجود مثل هذه الاختلافات، ولرجال الدين، والمتاجرين به والمستفيدين من الاختلافات، الذين مهدوا بمكرهم وسوء نواياهم لهذه الاختلافات لتزداد ولتشحن النفوس وتشعل مكامن الحقد فيها! ولو نظرنا مثلا لإشارات المرور التي يتبعها ما يقارب النصف مليار سائق في العالم، لوجدنا أنها تنظم حركة سائقي المركبات وأماكن وقوفهم وانتظارهم، وتلفت نظرهم لمخاطر الطريق ومطباته وطريقة استخدام الشارع بشكل لا يضايق الآخرين، ولا يشكل خطرا على حياتهم وحياة غيرهم من سائقين ومشاة، التي استقر العرف الدولي عليها، وقبلها، منذ اكثر من مائة عام من دون اختلاف أو تعدد في التفسير والشرح والاستنباط فيما يعنيه هذا الشكل في هذا البلد، مقارنة ببلد آخر. فلو أخذنا مثلا لوحة: ممنوع الوقوف، التي تحمل حرف P داخلها وعلى الحرف خط يقطعه بالعرض «/» لوجدنا أن جميع سائقي العالم يعرفون أنها تعني شيئا محددا لا يمكن الاختلاف عليه. ولو قمنا بإزالة الخط فالمعنى سيكون العكس، وهذا ما يعرفه الهندي الأمي، الذي لا يعرف غير التكلم بلغته، والصيني الأمي الذي لا يعرف غير لغته والعربي الأمي، الذي لا يعرف غير لغته، ولو كانوا أنصاف متعلمين، مشاة أو سائقي مركبات، في أي بقعة على الأرض من جبال الهملايا حتى صحارى سيبيريا! فإذا كان بإمكان عقول سبعة مليارات من البشر أن تتفق على معنى إشارة مرور واحدة على الأقل، فكيف نعجز، بعد أكثر من ألف عام عن الاتفاق على الصحيح من معتقداتنا والسليم في طريقة عباداتنا؟!

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

علي محمود خاجه

«والله السبب مو النتيجة»

سأستسلم وأقول إن جميع المقترضين لم يقترضوا لقضاء إجازة أو سيارة فارهة أو مضاربة بالأسهم، بل اقترضوا لتلبية احتياجات أساسية لا غنى عنها كالسكن والتعليم والصحة، لم تكفهم رواتبهم وغلاء المعيشة لتغطية هذه التكاليف، فاقترضوا واكتووا بنار الفوائد والاستقطاع الشهري من رواتبهم. وسأتجاوز أيضاً عن قضية اختفاء العدالة في قضية إسقاط القروض أو فوائد القروض، وأعتبرها قضية مفصلية تثقل كاهل عدد كبير من المواطنين ولا بد من معاملتهم معاملة خاصة دون النظر إلى من لم يأخذوا أي قرض أو سددوا التزاماتهم. وسأقر أيضا بأن المستوى التعليمي والأكاديمي لنواب مجلس ديسمبر بلغ مستوى مرموقا وعالياً إذا ما قورن بمجالس سابقة. قبلت بكل ذلك ولكن هل من عاقل يخبرني كيف تخلصنا معالجة النتيجة من الأسباب؟ فإن أسقطت القروض أو فوائدها فهل ستتحقق الاحتياجات الأساسية التي افترضنا أن المواطنين اقترضوا من أجلها؟ كيف ستُحل المشكلة الإسكانية بإسقاط القروض أو الانحدار التعليمي أو التردي الصحي؟ الواضح بل الواضح جداً أن نواب ديسمبر بل أي نائب سابق أو حالي طالب بإسقاط القروض هو شخص لا يملك رؤية ولا حلولا لمشاكل البلد، بل هو أسوأ من كل حكومات الكويت أيضا ويدفع الرشوة من أموال الدولة للوصول إلى المجلس مجدداً بحجة أنه ساهم في إسقاط القروض. أعلم جيدا ويعلمون أن حلول مشاكلنا سهلة وفي شتى المجالات، فتحرير أراضي الدولة وتحويل الكويت إلى مدن منفصلة بهيئاتها وجامعاتها ومبانيها الحكومية دون الحاجة إلى التوجه إلى مدينة الكويت كل يوم كفيل بحل المشكلة الإسكانية وإعادة أسعار العقار إلى وضعها المعقول، ونملك الأموال للقيام بذلك بكل يسر، لكن لا أحد يفعل ذلك. وأعرف جيدا أن ٦ مستشفيات إضافية تغطي مختلفة مجالات العلاج توزع على كل محافظة كفيلة بتخفيف الطوابير واللجوء إلى المستشفيات الخاصة وتوفير العلاج اللازم في أسرع وقت، ونملك المال لتحقيق ذلك بأسرع وقت لكن لا أحد يقوم بذلك. وأعي جيداً أن تقويم المناهج ورفع مستوى المعلم سيجعلان أولياء الأمور ينصرفون عن التعليم الخاص، ويعودون إلى المدارس الحكومية، وهو أمر لا يتطلب إلا أصحاب اختصاص يقومون انقلاب الهرم التعليمي الذي تحدث عنه الراحل أحمد الربعي في بداية التسعينيات، ومن الممكن أيضا تحقيق ذلك بفترة وجيزة، ولكن لا أحد يقوم بذلك. كل ما يحدث اليوم من الحكومات والمجالس المتعاقبة هو جعل المواطنين أسرى لهم، وتثقل كاهلهم الديون لتلبية أهم الاحتياجات، فيسدد المجلس أو الحكومة ديونهم من أموال الدولة، ويشعر المواطن بالعرفان تجاه المجلس أو الحكومة فيجدد لهم البيعة، ويقترض مجدداً وتدور الدائرة مجدداً، وهو ما يريده كل متنفع من منصبه. كما قلت في مقالات سابقة فإن أزمتنا "أزمة أخلاق" و"سيستم غلط"، وطالما نحن منصرفون عن تعديل هذين الأمرين فلن تستقيم الحال.