سامي النصف

الأمير مقرن وأمجاد فوق أمجاد

التهنئة القلبية للقيادة السياسية في المملكة العربية السعودية، ولشعبها العزيز، وللخليجيين والعرب والمسلمين كافة على اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حفظه الله، لسمو الأمير الملكي مقرن بن عبدالعزيز نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء، ولأبي فهد فكر ثاقب وذكاء حاد وبعد نظر للأمور يصاحبه عزم وقوة وجهد وعمل دؤوب لا يتوقف منذ الصباح حتى المساء للعمل والإبداع والانجاز.

***

ولا عجب، فالأمير مقرن هو الابن الأصغر لمن أسس المملكة المفخرة من رمال الصحراء، فوحَّد أبناءها وعزز أمنها ومنع حروبها وجعلها الرقم الصعب في المنطقة والعالم، إن عادت أضرت وإن صاحبت نفعت وإن وعدت أنجزت وليس مثلنا في الكويت من خبر وجرب الوعد الصادق والانجاز عندما قالها الراحل الكبير فهد بن عبدالعزيز مدوية عام 1990 «ترجع الكويت أو تذهب السعودية معها» ويا له من وعد عز مثله بين الدول، وقد سعى قائله جاهدا لتحقيقه فعادت الكويت خلال أشهر قليلة وبأقل كم من الضرر.

***

والأمير مقرن شخصية ودودة مغرمة بالعلم عُرف عنه التواضع والورع والبرغماتية، حيث يؤمن بحق بالرأي والرأي الآخر، كما ذكرت إحدى الصحف الأميركية الشهيرة أخيرا أنه محبوب شعبيا، فاسمه لم يرتبط قط بقضية فساد وأشهد شخصيا أنه لا يقبل الحديث في مجلسه وبين أصدقائه بمواضيع التجارة والبزنس كونه لا يتعامل بهما، وهناك في شخصه صلة بين الطهارة والطيارة، حيث بدأ حياته طيارا عسكريا مقاتلا، وقد أعطته تلك الوظيفة الدقة والجرأة في اتخاذ القرار الصعب ورؤية واضحة للأحداث المستقبلية.

***

ومعرفتنا الشخصية بسمو الأمير الملكي مقرن بن عبدالعزيز مكنتنا من معرفة شغفه بالمعرفة وعلوم الفلك والطيران وحبه للزراعة مع قدرة على تحفيز من يعمل معه ودعم ذاتي للعمل الجماعي وروح الفريق الواحد، فلم يتول مسؤولية إلا وأبدع بها، فعندما تولى إمارة حائل جعلها تحصد جائزة المملكة لسنوات عدة، والحال كذلك في تطويره الملحوظ لخدمات المدينة المنورة عندما تولى مسؤوليتها حتى أصبح القادم لها لا يشعر بالعناء، بل يود البقاء فيها لأطول مدة ممكنة، وقد صحبناه في زيارته لينبع على ساحل البحر الأحمر وهي تابعة لإمارة المدينة المنورة، فبقينا لما يقارب الاسبوع وسموه يفتتح المصانع الكبرى منذ الصباح حتى المساء حتى تعب بعض الاصدقاء وعادوا من حيث أتوا، وبقي بوفهد وشغفه الشديد للعلم والمعرفة يسأل هذا المدير ويستفسر من ذلك العامل عن تفاصيل عملهم.

***

آخر محطة: للكويت قيادة وشعبا مكانة خاصة جدا في قلب القيادة السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده سمو الأمير الملكي سلمان بن عبدالعزيز النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وسمو الأمير الملكي مقرن بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، أدام الله الود بين بلدينا لما فيه صالح شعبينا.

 

حسن العيسى

لماذا نعجز بعد الثورة؟!

في 9 يناير 1992 كتب الراحل د. فؤاد زكريا في "القبس"، تحت عنوان "الجزائر لماذا؟" الآتي: "… كلها أسئلة تقودنا إلى صميم المشكلة، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على أننا في عالمنا العربي والإسلامي، قد نكون قادرين على القيام بثورات رائعة، لكننا أقل قدرة بكثير في عملية البناء التي تعقب نجاح الثورة، فنحن نصل إلى أعلى المستويات في مواجهة الظلم والتمرد عليه، أي في مرحلة الهدم الذي لابد منه، أما في مرحلة البناء فإن الزمان يفلت من أيدينا، وتنطفئ شمعة النضال التي صاحبت عملية التصدي للمغتصب…".
لم يكن فؤاد زكريا يضرب الودع، ويقرأ الفنجان، قبل عشرين عاماً، بل كان يقرأ العقل العربي – الإسلامي في ذلك الوقت، والذي يبدو أنه لم يتغير بعد ربع قرن تقريباً، فقد قامت ثورات الربيع العربي، التي يختلف البعض على تسميتها "ثورات"، ويصفها بـ"تمردات" شعبية (أدونيس على سبيل المثال)، فتم إسقاط الأنظمة في تونس ومصر وليبيا، وتم عزل علي عبدالله صالح في اليمن، وفي سورية لم يسقط النظام ولم تسقط "الثورة" إنما بقي نهر الدماء يسيل فيها… إذاً أين المشكلة في عملية البناء بعد الثورة؟! ولماذا لا يستقر الحال في أم الدنيا وأم العرب؟ ولماذا تظاهرات ميدان التحرير والسويس، التي بدأت سلمية وانتهت بقنابل المولوتوف على مؤسسات الدولة وهناك رئيس منتخب شرعياً، ولم تمض عليه في منصبه ثمانية أشهر؟ وهل تستطيع القيادة المصرية بناء الاقتصاد المصري المحطم وإطعام ملايين الأفواه الجائعة في مثل هذه الظروف القلقة…؟!
من جهة أخرى، ماذا حدث في ليبيا؟! قتل الدكتاتور المرعب وقتلت معه وحدة الأرض الليبية. وانتشرت دويلات الميليشيات الجهادية والقبلية، وكل واحدة هي دولة قائمة بذاتها، أما الحكومة الشرعية فإنها بلا حول ولا قوة… تتفرج ولا تستطيع أن تعمل شيئاً من أجل احتكار سلطة العنف وإقامة دولة القانون…! أما اليمن "التعيس" فقد نسينا كل أخباره بعد زوال حكم علي عبدالله صالح، لكننا نعرف أن حاله أسوأ من ليبيا بكثير، دويلات قبلية وطائفية تنمو فيه من دون غذاء برميل النفط، كما هو الأمر في ليبيا… وصور أطفال يسحقهم الجوع يمكن أن تكون شعاراً مظلماً لليمن "السعيد".
أما سورية، وهي مهد وحاضنة القومية العربية، فإنها في طريقها لأن تكون مهد الحركة الجهادية المتطرفة، أو ستسلك في أفضل الظروف السكة اللبنانية بصيغة "لا غالب ولا مغلوب" أو الدرب العراقي كخيار قريب، وفي أسوأ الظروف هناك الدرب الصومالي لا قدر الله، أما تونس فلننتظر تجليات العقلانية عند حزب النهضة، فقد تبشر بالخير، فلهذه الدولة التراث البورقيبي، الذي يحد من التطرف الأصولي في النهاية.
لنعود لملاحظة الراحل فؤاد زكريا، واستغرابه  العجز العربي – الإسلامي عن بناء الدولة، وتقدمها بعد الثورة أو بعد التحرر من مغتصب السلطة المحلي الدكتاتور أو الأجنبي المستعمر! كي نفهم ملاحظة الراحل القيمة لنسأل أنفسنا، أولا: هل كان العرب المسلمون في يوم ما أمة واحدة؟! ونتحفظ هنا عن "الدول" الأموية والعباسية، ثم العثمانية، وما تم عقب ذلك من مرحلة التفكك والضياع القومي وخلق الدويلات العربية الحاضرة بالرسم على الرمال من قبل الاستعمارين البريطاني والفرنسي، فلم يكن هناك مفهوم لوحدة الهوية الثقافية كأساس لخلق الدولة – الأمة، ونستثني مصر وربما تونس والمغرب… في العالم العربي.
والسؤال الآخر: هل قامت طبقة وسطى تزيح جانباً "المسألة الشرقية"، أي تراث الدولة العثمانية لتقيم دولاً حقيقية، أم لم يحدث؟! فكل ما لدينا اليوم، هو الدول الريعية التي خلقت السلطات الحاكمة فيها "طبقتها الوسطى" كي تحيا الأخيرة على راتب الحكومة من دون ضريبة، وبالتالي من دون حرية ولا ديمقراطية…!
يبقى في النهاية التساؤل المشروع: عن دور دول الخليج في "الثورة المضادة"، ومحاولة إجهاض الثورة المصرية الآن، وهل هذا الاتهام من الكاتب سعد محيو صحيحاً تماماً أم لا…؟! ارجعوا لموقع الأستاذ سعد "الآن – غداً" لعل فيه الإجابة!

احمد الصراف

خيانة الإخوان العظمى

لماذا يصر بعض مشبوهي الاخوان المسلمين على أن ليس لحزبهم في الكويت علاقة باخوان مصر أو بالتنظيم العالمي؟ لماذا هذا الانكار والاصرار، على مدى أكثر من 20 عاما، على عدم وجود صلة تنظيمية أو مادية بينهم؟ وكيف ارتضوا قطع علاقة تعود جذورها لأربعينات القرن الماضي بكل هذه السهولة؟ لا بد ان أمرا جللا قد حدث بحيث دفع اخوان الكويت لانكار وجود اي علاقة لهم بالتنظيم العالمي، شيء بحجم الخيانة العظمى دفعهم لكل هذا الرفض والتمنع والتواري خلف تسميات ومسميات! والحقيقة أن في الأمر خيانة وموقفاً مخزياً يبلغ درجة الحقارة، ففي عز كارثة احتلال صدام حسين، البعثي المجرم، للكويت عام 1990وقفت كل فصائل الاخوان في صف صدام، وضد رغبة القوى الغربية الحرة في تحريرها. وكان بين هؤلاء بالطبع اخوان الكويت، وأسماء الذين شارك منهم في مؤتمر لاهور، باكستان، الذي عقد لنصرة صدام، معروفة، كما وضع البعض منهم توقيعاتهم الكريهة على البيان الختامي للمؤتمر الذي أدان محاولات الولايات المتحدة الاميركية، والقوى الغربية، والأمم المتحدة، طرد الجيش العراقي من.. وطنهم الكويت! وكان لمأمون الهضيبي، مرشد الاخوان حينها، دور محوري في توحيد مواقف جميع الفصائل، ومنهم اخوان الكويت ضد تحرير الكويت! كما كان لاخوان الكويت موقف خسيس ومخجل آخر عندما توجه وفد منهم الى الولايات المتحدة، خلال فترة الاحتلال، واجتمع بكبار مسؤولي وزارة الخارجية الاميركية، وعبروا لهم عن رفضهم لتدخل اميركا في عملية تحرير… وطنهم الكويت! وكانوا على علم تام بأن لا قوة في العالم بغير دعم الولايات المتحدة الكبير، بامكانها تحرير.. وطنهم الكويت من قبضة مجرم أفاق كصدام! ولو كان الاحتلال العراقي في حينه امرا مشرفا أو كان تاريخ صدام نظيفا، او كان هناك ولو بصيص أمل في أن تتحرر الكويت بغير قتال، لوجدنا لكل هؤلاء «الخونة» عذرا، لمواقفهم.. ولكن!!
وبالتالي من المخجل ان يعود أولئك أنفسهم، الذين وقفوا ضد قيام اميركا بتحرير.. وطنهم الكويت، والذين سبق أن أنكروا علاقة تنظيمهم المحلي بالتنظيم العالمي، وباخوان مصر، ليهللوا ويطبلوا لوصول من باعوا وطنهم لحكم مصر والتحكم برقاب شعبها، من خلال انتخابات لم يحصلوا فيها، بكل ما شابها من شبهة وتلاعب، الا على %42 من الاصوات، وهي نسبة لا يحلمون اليوم بالحصول على نصفها، بعد ان انكشفت اقنعتهم وبان زيفهم!
ان الدماء التي سالت ولا تزال تسيل يوميا في شوارع مصر، هم مسؤولون عنها، وحكمهم لمصر فاشل وساقط حتما، ولن ينجحوا في حكم شعب أسقط طاغية أكبر في أقل من شهر، فالنهاية آتية لا ريب في ذلك، وهي مصير كل من يعتقد انه، وحزبه، على حق، والآخرين جميعا لا أهمية لهم!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

عيد الجلوس على العرش

استقلت الكويت عن الانتداب البريطاني يوم 6/19. وكان تنصيب سمو الامير في ذلك الوقت يوم 2/25 وقد تقرر ان يتم دمج المناسبتين في يوم واحد ويسمى عيد الاستقلال، واتفق على ان يكون ذلك في يوم 2/25 من كل عام. يعني منذ ذلك الوقت لم يتم الاحتفال بعيد جلوس سمو الامير! فما الذي استجد ليتم اختيار المناسبة السابعة وليس غيرها لاحياء هذا الاحتفال؟!
اعتقد والله اعلم ان سموه حفظه الله يريد مناسبة ليعلن اخبارا سارة لشعبه تتوافق مع هذه الاحتفالات، والاخبار المتوقعة لابد ان تكون بمستوى الحدث، لذلك نحن ننتظر من اب الجميع ان يعلن مبادرة من جانب واحد للتصالح مع المعارضة السياسية في البلاد باسقاط جميع قضايا حرية الرأي والتعبير المرفوعة من الديوان الاميري ووزارة الاعلام على المواطنين من نواب وشباب الحراك وبعض المغردين. وهذه المبادرة المستحقة والمتوقعة ليست بغريبة على والد الجميع، خاصة اذا علمنا ان المحالين للمحاكم من ابناء هذا الوطن النجباء والذين لا يشك في اخلاصهم وولائهم لوطنهم واميرهم، ناهيك عن ان الناس بدأوا يلاحظون الانتقائية في تطبيق القانون! فإحداهن قالت ما لم يقل المحالون نصفه ولم تتم احالتها وهؤلاء نواب المجلس الحالي يخرجون من عند سموه ويصرحون بما قال وما دار في الاجتماع ولم نسمع ان احدا منهم تمت احالته كما حدث مع غيرهم، بل ان بعض النواب الحاليين تكلموا عن مسند الامارة ولم تعمل الحكومة في جلسة رفع الحصانة واجبها المنوط بها! كما ان احالة الناشطين سياسيا الى المحاكم في قضايا الرأي تؤثر سلبا في وضع الكويت الدولي امام لجان حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني العالمية! هذا امل وتوقع فهل يحدث ويتحقق؟!
• • •
• الهوس الذي اصاب بعض الدخلاء على العمل البرلماني ضد التيار الاسلامي بالكويت وصل الى مداه في الفترة الاخيرة! وحصل ان تقدم احد هؤلاء بسؤال برلماني الى وزير الداخلية يسأله عن استقدام جمعية الاصلاح لعدد من النساء اليتامى من الجنسية السورية ليمارس معهن المتعة والمسيار على حد قولهم!!! وطبعا هذا السؤال للتشويه ليس الا لان صاحبنا يعرف قبل غيره ان وزير الداخلية منع استقدام النساء السوريات الا لمن هي اقل من تسع سنوات شريطة ان والدتها موجودة في الكويت!
نائب اخر سأل عن الشركات التي استقدمت اعدادا كبيرة من الافغان المنتمين للقاعدة(!!) هكذا، على امل ان يصل الى معلومة يغرد فيها ضد الاسلاميين دهرا من الزمن!
انا لا اعترض على الاسئلة مهما كانت مقاصدها لكن اتمنى بعد ان تصلهم الاجابة ان يكونوا صادقين مع انفسهم على الاقل ويطلعوا الناس على نتائج متابعاتهم لهذه القضايا الامنية الحساسة، لا ان يتواروا عن الانظار خجلا مما قد يصلهم!!
• • •
• عتب علي بعض الاصدقاء من انني عنيف في كتابتي عن مجلس الصوت الواحد واداء نوابه، وللحقيقة فانني يوما بعد يوم اتأكد ان معظم هؤلاء النواب غير مؤهلين لتمثيل الشعب!! وكما قلت سابقا يصعب على الحكومة الاتفاق معهم على شيء! فعدم انسجامهم السياسي والخواء الفكري لدى البعض منهم يجعل التفاهم معهم امرا شبه مستحيل مهما كانوا خوش بوش مع الحكومة!! فهم امامهم خطان ومتورطون كيف يسلكونهما في الوقت نفسه! الاول مسعاهم لاسقاط القروض، وتورطهم بوزير المالية الذي سيكون سدا منيعا امام تحقيق هذا المطلب! والثاني محاولاتهم اليائسة لنبذ تهمة تبعيتهم المطلقة للحكومة على الخير والشر وهذه حاولوا علاجها بتهديدات جوفاء لاستجواب بعض الوزراء حتى وصل الامر الى ان احدهم ضرب موعدا محددا لتقديم استجوابه لوزير الداخلية، وكلنا يعلم انه اخر من يفكر باستجواب المعازيب، وفعلا فاجأنا بالامس باعلانه عزمه على تقديم استجواب لوزير المالية!! واخر صرعاتهم ما اعلنوه سابقا عن اصرارهم على مناقشة الاتفاقية الامنية وانها ستحظى بوقت طويل للنقاش، ثم نفاجأ بالامس بتصريح لمقرر لجنة الخارجية بان هذه الاتفاقية لم تحل لهم من الحكومة! مع انها معتمدة من مجلس التعاون باجماع دوله قبل شهر!
ختاما اوجه كلامي للمعارضة السياسية في البلاد فأقول ان الزمن وحده بعد الله كفيل باسقاط هذا المجلس ان لم تسقطه المحكمة الدستورية، فلا تستعجلوا.

سعيد محمد سعيد

إعلام «المخابرات العربية»… الوقح! (1-2)

 

أقصى ما استطاعت العديد من أجهزة الإعلام العربي الرسمية وتوابعها من مجاميع وحسابات تواصل اجتماعي وفضائيات ومواقع إلكترونية فعله في دول الثورات، وفق إجماع عدد كبير من كبار الإعلاميين والمثقفين العرب وكذلك الغربيين، هو أنها تمكنت بجدارة من أن تقول للمواطن العربي بلا حياء ولا خجل إنها «إعلام وقح موغل في الخزي»!

وبكل سرور وضيع، أحبت أن تظهر أمام الأنظمة التي تخدمها في صورة «إبليس الرجيم»، دناءة وسفالة وانعدام خلق وانحطاط إلى أدنى مستويات الخسة والنذالة.

ثمة ملامح وضيعة هي الأخرى مشتركة بين أجهزة إعلامية متعددة الاتجاهات في الوطن العربي، بعضها ذات صبغة رسمية ويتبع وزارات الإعلام، وبعضها الآخر متفرع منها وفق أسلوب «مجموعات الدعم والترانزيستر»، فيما بعضها الثالث له علاقة وثيقة بدول إقليمية وشخصيات وجماعات متشددة، وربطاً بذلك، أصبح الكثير من السياسيين والمثقفين الإعلاميين العرب يستخدمون مصطلح «إعلام المخابرات» في وصف أداء وأهداف ومهمات وأسلوب تلك الأجهزة التي بلغت في أكثر من دولة عربية، وعلى مسمع ومرأى ملايين المواطنين العرب، مبلغاً قذراً جداً في استخدام أسلوب الشتم وانتهاك الأعراض والتخوين والكلام البذيء والافتراء وتكتيك الفضائح المفبركة تقنياًً، للنيل من المعارضين والحقوقيين وقادة الرأي… حتى وصل الأمر إلى أن رئيساً مخلوعاً لإحدى الدول، لم يتوانَ لحظة في انتهاك أعراض «مواطناته»… في البلد الذي كان يحكمه! وقال كلاماًً عن نساء بلده لم يقله أي حاكم طاغية (غير مسلم) على مر التاريخ.

هكذا مستوى منحط من الخطاب الساقط في الإعلام العربي، لم يكن لينمو ويترعرع في وحل عفن لو لم يكن يتمتع بالدعم من الحكومات التي رضيت باستخدام منهج «إعلام التابلويد»، ولو كانت تلك الحكومات محترمةً أصلاً وتؤمن بتأثير الإعلام الممتلك للخطاب الوطني المحافظ على النسيج الوطني، والدافع في اتجاه الحفاظ على مصالح الأوطان بالكلمة المسئولة ودوره في الاستقرار السياسي والاجتماعي في آن واحد، لما رضيت أن تتعدد أدوار إعلامها السيئ وتوابعه – حتى في اللحظات الأخيرة التي سبقت سقوطها – كأجهزة إعلام زين العابدين بمسدس هالة المصراتي، وأنصار حسني مبارك بدفاع مرتضى منصور ووجبة تامر حسني في ميدان التحرير، وبوق المخلوع علي عبدالله صالح… عبدالرحمن فرحان، ومن لف لفهم، فالقائمة تطول.

بالطبع لم يقف المثقفون والإعلاميون والكتاب العرب المخلصون لأوطانهم مكتوفي الأيدي أمام هذا النمط الرديء من الإعلام الفاشل المستوحى من أفكار المخابرات البالية التي تعيش في غير زمان «شباب التغيير» في الوطن العربي طولاً وعرضاً، بل جاء التحرك مبكراً إثر قراءة دقيقة لمخاطر الانحطاط الذي تسير في طريقه الكثير من الأجهزة الإعلامية العربية! كيف؟ لنعد إلى شهر أبريل/ نيسان من العام 2011، حيث انعقد الملتقى الإعلامي العربي الثامن في دولة الكويت الشقيقة، وكان صريحاً في انتقاد هذه الممارسات، ووصف تعامل وسائل الإعلام العربية من خلال (تغطية ملونة لأحداث) الثورات ولجوئها إلى التعتيم على حقيقتها، وهو ما أثر على مصداقيتها لدى المواطن العربي، مشيرين إلى أهمية أن تتحول تلك الوسائل للأداء المتزن الذي يتميز بالمصداقية. ولعل أحد كبار الكتاب وهو الكاتب الصحافي سامي النصف أوجز كل ذلك بالقول حينها: «إن البلاد العربية بحاجة إلى تغيير، ولكن على الإعلام ألا يرتبط بالانتقام والتسويق الذي يعود بنا إلى مرحلة التأزيم وما صاحبها من إلقاء الناس في السجون وبيع أحلام وردية واستخدام الإعلام لتسويق الهزائم». (انتهى الاقتباس).

ولكن، إلى أي حد نجح «إعلام المخابرات العربي الفضائحي» في القيام بأدواره الخبيثة؟، والإجابة أيضاً طرحها في الملتقى وبكل وضوح، الإعلامي المصري وائل قنديل: «الإعلام العربي آخذ في التراجع، لذا أقام المواطن العربي إعلاماً خاصاً به حيث أصبحت وسائل الإعلام مجرد خوادم لأنظمة الحكم»، وتساءل عن تأثير المتغيرات العربية على الإعلام، لافتاًً إلى أن هذه المتغيرات بدأت تلقي بظلالها على الأنظمة لتعود بعد الثورة لتمجّد الثوار، مشيراً إلى خطورة هذا التوجه على الإعلام المصري في المراحل المقبلة».

بيد أن الكاتب السعودي يوسف الكويليت كان أكثر صراحةً بقول: «إن إعلام الدولة عبر السنوات الماضية، كان هو المسيطر تاركاً الأثر السلبي على الناس، وإن الشعوب العربية عاشت الإعلام المزيف والشعارات، لتوافر عناصر تشتري ذمم مجموعة من الصحافيين، الأمر الذي دفع الناس والشعوب إلى سب الإعلام المزيف». لكن بصيغة أخرى تحمل الانتقاد والتحذير في آن واحد، وضع الكاتب والإعلامي العراقي فايق الشيخ علي النقاط على الحروف بقوله إن عواصف التغييرات اجتاحت جميع الدول على مستوى العالم باستثناء الحكام العرب، فالاستعباد في الحكم ثابت والاستهانة بالشعب أيضاً، وهو ما أدى إلى ثورة الشعوب واصطدامها بالقوات المسلحة، حيث برز أن تهديد الشعوب لها شيء ثابت أيضاً، كما أن تزوير الانتخابات ثابت نتيجة قلة من المنتفعين من النظام.

هناك سؤال مهم: «هل ستتم مساءلة الإعلام الساقط وأبواقه وعناصره يوماً ما في الدول العربية التي فتتها الخطاب الوقح وأضر بنسيجها الوطني بتهمة الإضرار المتعمد بالاستقرار الوطني والنسيج والسلم الاجتماعي»؟…

للحديث بقية.