عادل عبدالله المطيري

صناعة الصفقات السياسية

يجب أن تعي المعارضة والحكومة، أن السياسي الناجح هو الذي لا يغلق الباب في وجه المبادرات، بل يتركه دائما مواربا ليسمح له ولخصومه بفرصة للتراجع بكل وقار!

فالرجل السياسي البارع هو من يجيد صناعة الصفقات السياسية، كرجل الأعمال الناجح الذي يساوم ويضحي قليلا ليربح كثيرا، يقتنص الفرص ولا يضيعها.

فالعملية السياسية الناجحة هي العملية التي يكسب فيها كل الأطراف (الأغلبية – والأقلية) ولا يقصى منها أحد، وإلا تحولت إلى عملية أخرى لا تمت للسياسية بصلة!

لاشك إن أخطاء الحكومة لا يمكنني حصرها في مقالة لكثرتها، فالحكومة هي السبب الرئيسي بكل الأمراض الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يعاني منها المجتمع الكويتي، ولقد تعودنا أن تخطئ الحكومة، ولكن أن تخطئ المعارضة السياسية وتعطي المبرر للحكومة لتسحقها قانونيا وسياسيا فهذا الذي لم يكن متوقعا منها وخصوصا من المخضرمين في المعارضة.

فكما يقال بالأمثال «غلطة الشاطر بعشرة» فقد أخطأت المعارضة السياسية مرتين، مرة عندما اعتمدت الأسلوب الخطابي الحاد جدا للسلطات العليا، ومرة أخرى عندما ارتفع سقف مطالبها دفعة واحدة لمواجهة الفساد الحكومي.

الصراع بين السياسيين في الحكومة والبرلمان يجب ألا يكون «صراعا صفريا»، أي أن يكسب طرف كل شيء ويخسر الطرف الآخر كل شيء، لأن الصراعات الصفرية هي من أعنف أنواع الصراعات وعادة ما تكون بين القوى غير المتكافئة، وذلك لا ينطبق على الحالة الكويتية.

ويبدو أن كلا من المعارضة والحكومة للأسف يعتمد على سياسة سحق الخصم إلى أبعد الحدود، فالمعارضة لم تكتف بإزاحة الحكومة السابقة، بل لاحقتها قانونيا وشكلت لها لجان تحقيق، والآن الحكومة الحالية لم تكتف بإبعاد وإضعاف المعارضة بعد حل مجلس فبراير 2012 وأصدرت مرسوم القانون الانتخابي الجديد، بل أيضا وقعت بنفس الخطأ ولاحقت المعارضين قانونيا وصدرت بحق بعضهم أحكام بالسجن!

إن استقراء التاريخ السياسي في كل زمان ومكان يشير بما لا يدع مجالا للشك، الى أن احترام الخصوم السياسيين وإنصافهم أفضل بكثير من سحقهم واحتقارهم.

كل الكويتيين يأملون في أن يتدخل حكماء الكويت، لإدارة الأزمة السياسية المحلية بحنكتهم المعهودة، ومن أجل أن يتوصلوا إلى صفة سياسية مربحة لكلا الطرفين في الحكومة والمعارضة.