علي محمود خاجه

غيروا العقلية

وصل سعر المتر للأراضي السكنية في المناطق التي تبعد عن مدينة الكويت بما لا يزيد عن ١٥ كيلومتراً إلى ١٠٠٠ دينار للمتر المربع تقريباً، وهو ما يعني ٣٥٠ ألف دينار للأرض التي تبلغ مساحتها ٣٥٠ متراً مربعاً… بمعنى أن المواطن بحاجة إلى توفير ٥٠٠ دينار شهرياً لمدة ٣٠ سنة من عمره كي يتمكن من شراء أرض ما لم تزد الأسعار أكثر… وطوال هذه المدة هو يدفع إيجاراً سكنياً يعادل ما يجب أن يجمعه خلال الثلاثين عاما.
وأصبحت زيارة الجمعية التعاونية تتطلب ما لا يقل عن خمسين ديناراً كل عشرة أيام تقريباً لسد الحاجات الأساسية للأسر الصغيرة بعدما كانت هذه الخمسين تكفي لمدة شهر في أوقات سابقة. وازداد عدد المستشفيات والعيادات الخاصة هرباً من تردي الخدمات الصحية وطول الانتظار المصاحب لزيارة الطبيب الحكومي بعدما كان المشفى الخاص هو مكان للولادة في أغلب الأحيان. وازداد كذلك عدد الحضانات والمدارس الخاصة، وأصبحت بديلاً أساسياً عن رياض الأطفال والمدارس الحكومية بعدما كانت المدارس الحكومية هي الأصل في انتساب التلاميذ والمدارس الخاصة هي الاستثناء حتى وقت قريب. أتكلم هنا عن حاجات أساسية كالمأوى والعلاج والغذاء والتعليم، ولن أتطرق لا لحريات ولا ترفيه ولا غيرها من أمور مهمة أيضاً. بمعنى أننا بعد ٦٠ عاماً من تصدير النفط كثروة غيرت موازين الاقتصاد في العالم، ومنحتنا مصدر دخل أساسياً ومهماً عالمياً، وبعد خمسين عاماً من دستور ديمقراطي جعل من الشعب صانعاً للقرار نعاني بشكل أكبر مما كان عليه الوضع قبل النفط في حاجاتنا الأساسية!
أعلم وتعلمون أن مشكلتنا ليست النفط وأمواله أبداً، وأعلم وتعلمون أيضاً أن سيادة الأمة والديمقراطية ليست سبباً أيضاً في تردي الحال، لكننا رغم هذا وذاك نتراجع لأن هناك عصا ثابتة مزروعة في دولاب التقدم والتطور والبناء، عصا يمسكها كل فاسد وكل كاره للديمقراطية أملاً في أن يكرهها الناس ويطالبوا بإلغائها، وهو ما لم يحدث طوال نصف القرن الماضي، ولن يحدث أبداً في الكويت.
لقد أثبتت التجربة بل التجارب أن المجتمع الكويتي رغم اختلاف توجهاته وتنوعها فإنه ديمقراطي ولا يرتضي سوى الديمقراطية، بل إنه وفي أشد محنة على الإطلاق أثناء الغزو العراقي عندما ضاع البلد وسلبه الغزاة لم يشترط على الحكم سوى الديمقراطية.
لقد أثبتت التجربة والمحيط الإقليمي للكويت أن الثروة دون ديمقراطية لن تصنع وطناً متقدماً، ولن تبني مجتمعاً، وأثبتت التجربة عالمياً أيضاً أن الديمقراطية- بدون ثروات مادية- تساهم في تطور البلدان ونموها وجعلها في مصاف الدول المتقدمة، ونحن نملك ثروة وهيكلاً للديمقراطية، وتجربة نصف قرن من عرقلتها دون جدوى.
لقد آن الأوان لجعل هذه الديمقراطية تسير وفق مفهومها وطريقها السليم دون عراقيل، فتجربة وأدها لم تأتِ بجديد، ولم تثنِ الناس عنها رغم كل المحاولات، لندع هذه الديمقراطية تتطور وتزدهر فتنصلح الحال ويتحقق الرضا من الجميع.

سامي النصف

الشعب يريد إصلاح الدستور!

يقلم:

لا يصح لأحد من النواب الأفاضل ان يدعي انه مع الخطوة الإصلاحية التاريخية لصاحب السمو الأمير التي تمثلت في اصدار مرسوم الصوت الواحد ثم يقوم بعد ذلك بالعودة لمسار التأزيم والسخونة السياسية التي تعرقل وتعطل تقدم البلد، فالمرسوم ـ للعلم ـ لم يقصد منه مناكفة زيد أو إرضاء عبيد بل خلق قواعد جديدة للعبة السياسية تبتعد بها عن مسارها السابق المليء بالتأزيم والإخفاق إلى مسار جديد يؤهلنا للحاق بركب الدول المجاورة والمتقدمة.

* * *

والاستجواب ـ للعلم ـ ليس حقا شخصيا بل هو حق دستوري لا يجوز التعسف فيه او إساءة استخدامه وهو ما كنا نعتقد انه من ثقافات الماضي التي سادت ثم بادت، لنكتشف انها ثقافة قائمة وباقية ومستمرة تتم على معطى الخلافات والانتقامات الشخصية والمكاسب المالية والتجارية، فاما تتجاوز القوانين والمصلحة العامة لأجلي أو أضعك على المنصة وليذهب البلد وتنميته إلى الجحيم.

ان الحل الوحيد للتأزيم المستمر الذي لا حل غيره والذي يمنع حل المجالس المتكرر هو إصلاح وتعديل الدستور الى ما هو أفضل عبر الأخذ بمقترحات يطالب بها الشعب وتوقف وتمنع الفساد التشريعي الذي تسببت فيه الاستجوابات الكيدية عبر وضع حد أدنى لمن يحق لهم التقدم بالاستجواب مع التقيد بالضوابط التي أتت ضمن حكم المحكمة الدستورية الصادر عام 2006، وإعطاء دور لمكتب المجلس في الاستجواب للتأكد من عدم كيديته وصحة صياغته وانه موجه للمسؤول المعني بالاستجواب فلا يوجه للرئيس ما هو ضمن اختصاصات الوزير.. الخ.

* * *

وهناك معادلة وحقيقة مهمتان.. المعادلة هي ان ثلث الشعب الكويتي المقاطع للانتخابات ضد مجلس الأمة الحالي، وهذا أمر معروف بالضرورة، فثلثا الشعب الكويتي شاركوا في الانتخابات الأخيرة تعبيرا عن اعتراضهم على مسار التأزيم والاستجواب والتسخين السابق ومن ثم سيصبحون بالتبعية ضد المجلس الحالي، اذا ما عمل على تكرار مسار المجالس التأزيمية السابقة، وتبقى الحقيقة وهي ان الشعب الكويتي قد كلّ وملّ ولم تعد تستهويه الاستجوابات ولا يرى اي بطولة فيها.. فهل وصلت الرسالة.. نرجو ذلك!

* * *

آخر محطة: بعيدا عن الأزمات ولوعة الكبد التي ما كان لها ان تتم ونحن نحتفل بأعيادنا الوطنية، اذهب الى الأحمدي هذه الأيام في المساء فستجد انها تستحق ان ترشح كإحدى أجمل مدن العالم، لذا فالشكر الجزيل لمحافظها المثقف د.إبراهيم الدعيج الصباح وللجهة المعنية في مؤسسة البترول.

احمد الصراف

البنك والنملة

تعلمت من عملي المصرفي، الطويل نسبيا، الشيء الكثير، ومن ذلك طريقة وضع تقديرات الموظفين السنوية التي على أساسها تتم مكافأتهم وترقيتهم، وفقا للعقلية الغربية، وكيف ان افضل موظف ليس ذلك الذي يداوم في الموعد المقرر، أو يؤدي عمله بهمة أو يتعاون مع زملائه أو يتصرف بأدب مع العملاء، فبالرغم من اهمية هذه الأمور، فان الموظف الذي يحتاج لأقل قدر من الرقابة والمتابعة من رؤسائه هو الأفضل! ومن وحي هذه القاعدة، قام أحد القراء بارسال الحبكة القصيرة التالية، وقال انها من «التراث الكويتي الحديث»!. كانت هناك نملة مجتهدة تتجه صباح كل يوم لعملها بكل همة ونشاط وسعادة، ومن دون تأخير. وكانت تنتج وتنجز عملها وتساعد اخواتها أحيانا في عملهن وتتعاون معهن، وكانت كثيرة الحركة قليلة الكلام، ولما رآها الأسد تعمل بكل تلك الكفاءة والنشاط، من دون أن تكون تحت اشراف اي جهة؛ قال لنفسه: اذا كانت النملة تعمل بكل هذه الطاقة من دون رقابة أحد، فكيف سيكون انتاجها لو عين لها مشرف يبين لها نقاط ضعفها ويسهل لها ما قد يصادفها من معوقات ويقدم لها ما قد تحتاج له من نصائح. وهكذا قام الأسد بتكليف صرصور للعمل كمشرف على أداء النملة، فكان أول قرار اتخذه الصرصور هو وضع نظام البصمة للحضور والانصراف. كما قام بتوظيف زوجته الصرصورة لكتابة التقارير عما تقوم النملة بانتاجه، وقام أيضا بانتداب عنكبوت لادارة الأرشيف والرد على المكالمات التلفونية! وبالفعل بدأ انتاج النملة بالارتفاع في الاسبوع الأول، وان بنسبة طفيفة. ابتهج الأسد بأداء الصرصور وطريقة اشرافه الدقيقة فطلب منه تطوير طريقته أكثر ودعم تقاريره الشهرية برسوم بيانية وتحليل المعطيات لعرضها على مجلس الادارة، فاشترى الصرصور جهاز كمبيوتر وطابعة ليزر، وعيَّن الذبابة مسؤولة عن قسم نظم المعلومات. ولكن ما ان انتهى الأسبوع الاول من النظام الجديد حتى اصبحت النملة تشعر بالاختناق والضيق من زيادة الجوانب الادارية في النظام الجديد والاجتماعات التي كان عليها حضورها وما تسبب فيه كل ذلك من تعطيل عملها وهبوط انتاجيته من خلال تضييع ثمين وقتها في السخيف من الأمور، فبدأ انتاجها بالتباطؤ، عندها شعر الأسد بوجود مشكلة في الأداء، فقرر تغيير آلية العمل في الادارة وقام بتعيين الجرادة، لخبرتها في التطوير الاداري، للنظر في المشكلة، فكان أول قرارات الجرادة شراء أثاث جديد وسجاد من أجل راحة الموظفين، كما عينت مساعداً شخصياً لوضع الاستراتيجيات التطويرية واعداد الميزانية. ولكن تبين لاحقا أن المصاريف الادارية قد ارتفعت بشكل هائل بدرجة لا تتناسب ابدا مع الزيادة الطفيفة والمؤقتة في انتاج النملة، وهنا قرر الأسد، وبعد اجتماعات مكثفة بين مختلف الكوادر، واستشارة كبار السن من الخبراء في مجلس الادارة، التدخل شخصيا ووجد أن من الأفضل الاستعانة بأحد البيوتات الاستشارية العالمية بهدف دراسة تقليص النفقات غير الضرورية وجعل الادارة اكثر رشاقة، فقامت الدار الاستشارية بتكليف بومة للعمل كمستشار تنظيمي ومالي، وبعد ثلاثة أشهر من الدراسة المعمقة رفعت البومة تقريرها الى الأسد، وذكرت فيه بأن الادارة تعاني العمالة الزائدة غير المنتجة غالبا، فشكرها الأسد وقرر فصل النملة لتوفير راتبها الكبير!
***
• ملاحظة: قرار الحكومة باستملاك مجمع الصوابر السكني، وإخلائه من سكانه، يعني ان الكويت «ستتميز» (!!) عالميا بكونها الوحيدة التي لا يسكن مواطنوها في عاصمتها!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com