محمد الوشيحي

أتاتورك.. والبرتقالة الزرقاء (٤ – الأخيرة)

هذه هي المقالة الأخيرة في هذه السلسلة، عقبالكم… وكما يفعل ساحر السيرك عندما يُدخل الحمامة في كمه الأيمن فتخرج الأرنب من كمه الأيسر، أدخلُ في نقاش حول أداء أسرة حاكمة كأسرة بني عثمان، وأنتقد فسادها وطغيانها، فأخرج من النقاش من الكم الأيسر "معادياً للإسلام"، ومن أعتى كفار قريش، وهنا مربط العقرب.
ولو وافقتهم على مبدأ "الدولة الإسلامية" لاختلفت معهم، بل سيختلفون هم بعضهم مع بعض، حول أي نوع من الإسلام يحكم الدولة، وأي فرقة وجماعة… ولك أن تأخذ هذه المعلومة وتعيدها إلي؛ انتشرت الجماعات الإسلامية في مصر في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، وكلها رفعت شعار "دولة الخلافة الإسلامية"، واتفقت كلها على تكفير الحاكم والحكومة، ثم انتقلت إلى مرحلة تكفير المجتمع، ثم بدأ كل منها بتكفير الجماعات الإسلامية الأخرى، فجماعتا "الجهاد" و"التوقف والتبين" كانتا تكفران "الجماعة السلفية"، والجماعات الثلاث هذه، ويا للضحك، تكفر "جماعة التكفير"، وبالطبع عاملتهم جماعة التكفير بالمثل وردّت هديتهم بأحسن منها فكفرتهم كلهم "طقة واحدة" وارتاحت، فجاء "الشوقيون" و"الشكريون" فكفروا كل ما سبق، فأصبحوا في فراغ، فقرروا تبادل التكفير بينهم (أظنه من باب تمضية الوقت)، فتم لهم ذلك، قبل أن يكفر أعضاء الجماعة الواحدة زملاءهم في الجماعة، كان مهرجاناً تكفيرياً رائعا، يشبه مهرجان "حرب الطماطم"، الذي يبدأ برمي الآخرين بالطماطم، إلى أن يفوز فريق، فيبدأ أعضاء الفريق بتبادل رمي الطماطم، إلى أن ينتصر واحد فقط. وبدلاً من "الفرقة الناجية" تحول الأمر إلى "الفرد الناجي".
ولن أتحدث عن تكفير السنة للشيعة وتكفير الشيعة للسنة، واستعدادهما "لتبادل الطماطم"، فهذه لا تحتاج إلى جماعات ودوخة رأس، هذه تأتي ومعها تكفيرها من المصنع.
ولا أريد أن أثقل عليك إذا طلبت منك أن تتلفت في كل الكرة الأرضية وتشير بإصبعك المباركة إلى دولة دينية متفوقة، أو حتى ناجحة بدرجة مقبول، في حين سأشير بإصبعي إلى عدة دول علمانية / مدنية ناجحة وبامتياز، وتم تكريمها ووُضِعت صورتها في لوحة الشرف.
وهنا معلومة قد تهمك، وهي أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب وكثيراً من مشايخ السعودية يرون أن الدولة العثمانية ترعى الشرك والبدع، لذا كفروها. وجاء في كتاب "تاريخ العربية السعودية" ما يؤكد أن العثمانيين هدموا القرى والمدن، وذكر المؤرخ الجبرتي أنهم قاموا بسبي نساء الوهابيين وغلمانهم ووو… ويرى بعض علماء السنة في نجد أن الدعوة الوهابية ليست خروجاً على الحاكم (الدولة العثمانية) لأنها كافرة. فعن أي دولة إسلامية نتحدث؟
وإذا كنت قد كتبت سابقاً ممتدحاً أداء أتاتورك، فإن مقالة الزميل المبدع فالح بن حجري، التي نشرها في جريدة سبر، دعتني إلى "التوقف والتبين" كما هو اسم تلك الجماعة الإسلامية المصرية التكفيرية، لإعادة حساباتي من جديد وقراءة مصادر عدة عن أدائه، وعن حال الدولة في عهده، على أن "شخص أتاتورك" ليس موضوعي، بل "نهج أتاتورك".
ولا يهمني إن كان أتاتورك من يهود الدونمة، كما ادعى خصومه فصدقهم البسطاء (اسمه مصطفى علي رضا)، ولن أتوقف عند موضوع شربه الخمرة، وتليف كبده، أو حتى تليف أنفه، ولن أغضب إذا كان ينتمي إلى الماسونية أو ينتمي إلى الإخوان المسلمين أو ينتمي إلى "جماعة البرتقالة الزرقاء" التكفيرية (لا تبحث عن اسم الجماعة في قوقل فلا وجود لها)، المهم هو الحرص على توفير أماكن العبادة للمؤمنين، على ألا يفرضوا رؤاهم المختلفة على شؤون البلد، وإقامة العدل، والنهوض بالبلد.
وعصارة رأيي: "الدين هو أقوى درع لحماية الحكم، وأقوى سيف لقتل الخصم" كما يرى حكام الدول الدينية. لذا يجب أن يُحفظ الدين بعيداً عن متناول الأنظمة الحاكمة، وعندذاك نستطيع تقييم هذا الحاكم وذاك وذياك بناء على أدائهم دون أن يخرجنا أحد من الإسلام.

احمد الصراف

الحق في الشك

لا تعرف مجتمعاتنا عادة أو فضيلة «الحق في الشك»the benefit of doubt، فنحن نميل للحكم المسبق على الأمور من واقع ما أمامنا من معطيات، دون انتظار الدليل، فهكذا نشأت اجيال واجيال على عدم الشك في القناعات والمسلّمات، والإيمان بما قيل لنا أو نعرف، دون الحاجة للبحث والتمحيص والسؤال، فهذه كلها أمور تتطلب مشقة لا طاقة للكثرين بها، وهنا لا أستثني نفسي، فلست بالواعظ ولا بالمثالي! و«الشك في المسلّمات» هو السر وراء الحضارة الغربية، والعامل الأهم! فنحن نلقي التحية على شخص نعرفه فلا يردّ علينا، فنستنتج أو نفترض أنه إما قليل ذوق أو أنه لا يود التعرف علينا، ولا نضع اي احتمالات أخرى تتطلب منا البحث فيها. وان بعثنا برسالة إنترنت ولم يردنا جواب، فغالبا ما نفترض بأن المرسل اليه يتجاهلنا، والشيء ذاته يسري على المكالمة الهاتفية، فعدم الرد نعتبره انعدام ذوق أو عدم الرغبة في التواصل او التكبر! وقد تكون جميع هذه الأمور صحيحة، ولكن علينا أن نخطو خطوة اضافية قبل اتخاذ القرار بقطع العلاقة أو الوصول لقناعة أو تكوين رأي مسبق.
بسبب سفري المتواصل، ولوجود من يود التحدث معي، من أصدقاء وقراء، فإنني غالبا ما أجد، عندما أعود للوطن، واحدا أو أكثر يلومني على تجاهلي مكالمته الهاتفية، أو رسالته، وحيث إنني عادة لا أتجاهل أي مكالمة، إلا لسبب قاهر وخارج عن إرادتي، فان لوم هؤلاء يحز في نفسي، واتخيل أن هناك آخرين لديهم الانطباع ذاته عني، وحيث إنني لا أعرفهم، ولا أود أن أوصف بالمتعالي أو المتجاهل لرسائل ومكالمات الآخرين، فإنني أود ان أوضح أن عتب هؤلاء مقبول، ولكن يجب أن يعطوني الحق في الشك، فعدم الرد قد يكون لأسباب لو علموا بها عذروني، فقد يتجاهل أحدنا مكالمة هاتفه قد ضاع، أو أن اسم المتصل لم يظهر على الشاشة، خاصة ان كان في الخارج. أو أن من اتصلت به يرقد في المستشفى، وفي الوقت نفسه أنت تصفه بقلة الذوق! وبالتالي نستحق جميعا الحق في الشك، وأن نعطي الآخر الحق نفسه، ولا نقفز لاستنتاجات خاطئة، دون دليل ملموس.
من المهم أن أشير هنا مرة ثانية الى أنني لا أقرأ عادة ما يكتبه القراء من تعليقات على مقالاتي على موقع القبس، وأفضل تسلمها عبر الإيميل الخاص، حيث المجال أكثر رحابة وحرية وسرعة ولا يخضع لرقابة أو مزاج محرر الصفحة على الانترنت.
كما أود أن أشير الى مستخدمي التويتر بأنني اصبحت ارسل مقالاتي عن طريق هذه الوسيلة، بناء على نصيحة اكثر من صديق، ولو أنني لا اقرأ عادة ما ينشر على التويتر من تعليقات وردود.
وأخيرا فإن عدم تلقي مرسل رسالة الإيميل ردا أو تجاوبا من المرسل إليه لا يعني أنه تجاهل الرسالة، فقد تكون قد ذهبت لصندوق البريد غير المرغوب فيه junk أو Spam، وهنا أيضا يحتاج المرسل إليه الحق في الشك، وتجنب الحكم المسبق عليه وعلى غيره.. دون دليل.

أحمد الصراف

احمد الصراف

البغدادي الكويتي والنجفي العراقي

في 8 أغسطس 2011 غادر دنيانا المفكر الكويتي أحمد البغدادي، دون أن يكمل رسالته التي نذر نفسه لها، ولو طالت به الحياة ورأى غزو الإخوان والملالي، لشعر بحزن أكثر مما كان يشعر به طوال حياته.
وبمناسبة اعتقال السلطات الإيرانية للمفكر النجفي أحمد القبانجي، نعيد هنا نشر مقالة البغدادي الذائعة الصيت «عجيبة العجائب»، التي سبق أن نُشرت في السياسة الكويتية بتاريخ 2009/11/2، يقول البغدادي: إن عجائب الدنيا سبع، ولكن أعجب منها الأمة المسلمة، ففيها ما لم تشهده أمة من الأمم، فهي الأمة الوحيدة التي ترى أنها التي على حق، في كل شيء، وأن الآخرين على باطل. وأنها الوحيدة التي تطلق سراح المسلم المجرم إن حفظ بعض سور القرآن. والوحيدة التي يمكن لرجل الدين فيها الإفلات من عقوبة التحريض على القتل إذا وصف أحد الخصوم بالمرتد. والأمة الوحيدة التي لا تقتل القاتل إذا أثبت أنه قتل مرتدا. والوحيدة التي تعامل القاتل بعقوبة مخففة إذا قتل ابنته، أخته أو زوجته من أجل الشرف. والأمة الوحيدة التي ورد في كتابها المقدس كلمة «اقرأ»، ومع ذلك تُعدّ من أقل أمم الأرض قراءة. أو بالأصح لا تقرأ. والوحيدة التي لا تزال تستخدم كلمة التكفير ضد خصومها المعارضين لرجال الدين والجماعات الدينية. والوحيدة التي تضع حكم الفتوى فوق حكم القانون، وتدعي بكل صفاقة أنها دولة قانون. والوحيدة التي لا تساهم حتى بصنع فرشاة أسنان، ومع ذلك تتشدق بحضارتها البائدة. والوحيدة التي تشتم الغرب وتعيش عالة عليه في كل شيء. والوحيدة التي تضع المثقف في السجن بسبب ممارسته حرية التعبير. والوحيدة التي تدّعي التديّن وتحرص على مظاهره رسميا وشعبيا، ومع ذلك لا يوجد بها أمر صالح. والوحيدة التي تعطي طلابها درجة الدكتوراه في مادة الدين (ويفترض أنه دين مكتمل)! والوحيدة التي لا تزال محكومة بكتب الموتى من ألف عام. والوحيدة التي يداهن فيها رجال الدين الحكام، ويسكتون عن أخطائهم حتى ولو كانت شرعية وضد الدين. والوحيدة التي لا تعترف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتحرم جميع الفنون الإنسانية، ولا تعترف سوى بفن الخط. (وبالدف آلة موسيقية). والوحيدة التي تشترك في دين واحد، ومع ذلك لا تتفق فروعها على رؤية واحدة لأحكام الدين. والأمة الوحيدة التي يهذر فيها رجل الدين كما يشاء، ثم يختم كلامه بـ«والله أعلم»، وكأن الناس لا تعلم ذلك. والوحيدة التي لا تزال تؤمن بإخراج الجن من جسد الآدمي حتى ولو كان ذلك عن طريق القتل. والوحيدة التي لديها جيوش وأرضها محتلة وتخشى القتال. والوحيدة التي ينطبق عليها وصف الخالق «تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى». والوحيدة التي تسأل في قضايا الدين وتبحث عن إجابات ترضيها منذ ما لا يقل عن ألف عام. والوحيدة التي لديها شهر صيام واحد في العام تتكرر فيه أسئلة الجنس أكثر من أسئلة العبادة. والأمة الوحيدة التي تصدق كل ما يقوله رجل الدين دون تحقيق علمي.. هذه الأمة، وبكل هذه الصفات الفريدة، ألا تستحق أن توصف بأنها «عجيبة العجائب»؟.. انتهى.
ونضيف لذلك أنها الوحيدة التي تحاضر فيها طبيبة منقبة بالكامل، ولا يظهر منها شيء، في جمع من الأطباء من ذكور وإناث، في محاضرة عن فوائد علاج السرطان بشرب بول الإبل، ولا يعترض أي وزير ولا وكيل أو طبيب على كلامها. 

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

نفرح أم نحزن؟

يعيش الكويتيون هذه الأيام أعيادهم الوطنية بمشاعر متفاوته، فالأغلبية قررت أن تعيش اللحظات السعيدة لهذه المناسبة، ولا يتذكرون إلا كل ما يضفي البهجة والسرور عليهم فهم يتذكرون الاستقلال عن الانتداب البريطاني، ويتذكرون تحرير الكويت من احتلال صدام الغاشم، ولذلك يحق لهم أن يفرحوا.
البعض له رأي آخر في هذه المناسبة ومشاعر مختلفة! فهو يرى أن فرحة الاستقلال أصبحت فاترة بعد أن تحول الاستقلال إلى مجاراتها لقوى خارجية تريد فرض أجندتها على الكويت وفقا لمصالحها وليس لمصالحنا، والتي كانت نتيجتها هذا العداء المستحكم بين الكويت الصغيرة، وبين أكبر جارتين، وهما العراق وإيران! ناهيك عن علاقة ربما تشوبها الريبة والشكوك مع السعودية وبعض دول الخليج! أما التحرير فهذا البعض يرى أنه فرحة تحققت في مرحلة من المراحل، تم على أثرها طرد المحتل الغاشم من أرض الكويت، ورجعت للكويتيين حريتهم بعد أن قرروا مصيرهم بإرادتهم، إلا أن هذه المرحلة لم تكتمل! فمنذ عدة سنوات أصبح الكويتي يشعر بأنه مقيد في حريته، مكبوت في مشاعره، محاسب على أنفاسه! فلم تعد الكويت هي الكويت التي يعرفها، ولم تعد الدار هي الدار نفسها التي كان يسكنها بوجدانه ومشاعره! أصبح الكويتي يعيش تحت هاجس الاعتقال في أي لحظة نتيجة رأي ذكره أو همس فيه أو تلفظ به! أصبح الكويتي يشعر بأنه تحت احتلال من نوع آخر.. احتلال للفكر والرأي! أصبح يشعر بأنه مقيد من جديد، ولكن ليس من قيود صدام وسجانيه، ولكن من قيود قوانين وقرارات جائرة تسببت في تقييد حريته على التعبير عما يختلج في نفسه! هذا الشعور أصبح عند العديد من الكويتيين في السنوات الأخيرة بعد أن كانوا يتفاخرون بالحرية عند أشقائهم من دول الخليج!
اليوم صرنا نسمع عبارة «احمد ربك انت في حال أحسن من غيرك»! وهي بلا شك كلمة حق أريد بها باطل! فغيري في حال تعيسة، فلا يجوز أن تقارنني فيه، وهناك من يقول «انظر إلى قطر، كيف تدافعون عنها وهي تسجن ابن الذيب»! ونسي أننا نثني على قطر في بعض مواقفها السياسية ودفاعها عن حقوق العرب والمسلمين في المحافل الدولية، ولا يعنينا ما تفعله قطر مع مواطنيها، فهم أدرى بحالهم، وكما أننا لن نقبل من الآخرين التدخل في شؤوننا الداخلية، فهم كذلك لن يقبلوا ما يكتبه الآخرون عنها!
إذن الكويتيون اليوم أمام مفترق طرق في موضوع الاحتفالات بهذه الأعياد في هذه الأيام بالذات، فهناك من يرى أن المسيرات التي تقام في الشوارع هي أسوأ تعبير عن الفرح بالاستقلال والتحرير! فأنت لا تشاهد إلا إغلاقا للشوارع الرئيسية، وتصرفات صبيانية، وتحرّش بالبنات، وتسكّع قبيح، وهناك من يرى أنها حرية تعبير عن فرحة مكبوتة منذ زمن! ووسيلة للترفيه!
> تغريدة أعجبتني من «سمو»: أيهما أصدق وأقوى تعبيراً عن حبك يا وطن: ما نراه الآن من مسيرات الرقص والغناء أم هؤلاء الذين خرجوا لتشرق شمسك من جديد (صورة مسيرة كرامة وطن)؟!
كما أعجبتني تغريدة من الدكتور المبدع نايف العجمي يقول فيها، موجها كلامه عمن أنكر مسيرة كرامة وطن: «أيها أولى بالإنكار، هذه المسيرات وما فيها من منكرات أم تلك؟!».
أما نحن فنقول: حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.

سامي النصف

شخصيات في الأحداث

سمو رئيس مجلس الوزراء والوزراء (عدا قلة منهم) هم الأفضل في الكويت، وهم كذلك اختيار صاحب السمو الأمير الذي أقوال بعض النواب مع سموه وأفعالهم عليه، حيث يطلب سموه التهدئة فيسخنون، والتركيز على التنمية فيهملون، واعطاء الوزراء الفرصة للعمل فيستعجلون ويتسابقون على الاستجوابات الكيدية المعرقلة للتنمية، ان أعدى أعداء مجلس الصوت الواحد لا يضرونه ويعملون على حله بأكثر من 10% من ضرر بعض المنضوين تحته، وتلك هي الحقيقة العارية الجلية التي تعيدنا لقصة الفلاح وصديقه الدب الشهيرة.. لقد أضحت النيران الصديقة أكثر كثافة وضررا على المجلس الحالي من.. النيران العدوة!

***

ما يقوم به الرئيس التاريخي لمجلس الأمة الأخ علي الراشد من جهد جهيد لإصلاح ذات البين بين السلطتين وبين النواب أنفسهم بدلا من نهج «شعللها شعللها، ولعها ولعها» الذي كانت تقوم به بعض رئاسات الماضي والتي أدت بالمجلس والبلد الى التهلكة وعرقلة أعمال التنمية والتنازع الذي أغرى الغزاة بنا عام 1990 يدعونا للدعوة إلى أن يكون الراشد هو الرئيس التوافقي لأي مجلس أمة قادم ـ طال الزمن أو قصر ـ وهذا للمعلومة الأمر القائم في الديموقراطيات المتقدمة، حيث البحث عن الاستقرار لذلك المنصب المهم ولا يكون عرضة للابتزاز حتى ان مجلس العموم البريطاني وهو الأقدم والأعرق في العالم يتم فيه «التوافق» لا «التنافس» بين الأحزاب على شخص رئيس البرلمان ولا يتم انزال منافسين أمامه في دائرته الانتخابية ولا يتغير شخصه بتغير حزب الأغلبية، اي قد تكون الأغلبية من حزب المحافظين ويبقى الرئيس من حزب العمال.

***

ليس مستغربا على الاطلاق ان يجدد العالم أجمع ومنظماته تكريم «الدكاترة» و«السفراء» عبدالعزيز البابطين نظرا لأعماله الجليلة في خدمة بلده والعروبة والإسلام والإنسانية جمعاء، الغريب جدا هو الجحود ونكران الجميل الذي عومل به بوسعود من بعض ابناء بلده عبر نزع «وقفه الخيري» الذي بناه من حر ماله وخصص «كل» ايراداته لأعمال الخير لا يدخل منها فلسا واحدا في جيبه، والتي ترفع اسم بلدنا وشعبنا عاليا بين الأمم، ويكفي قصة البابطين مع الصومال قبيل الغزو والتي رجحت ابان قمة القاهرة عام 1990كفة إدانة العدوان (بفارق صوت واحد فقط) ومن ثم مهدت الطريق أمام المجتمع الدولي لتحرير الكويت والذي ما كان له ان يتم لولا عبور تلك البوابة الاقليمية التي هي شرط للتدخل العسكري الدولي، نرجو رد القليل من جميل بوسعود عبر رد وقفه اليه وهذا مطلب الشعب الكويتي كافة الذي وصلت عطاياه إلى مشارق الأرض ومغاربها، ولا يجوز ان يبخل بقطعة أرض يخصص أكبر منها للجواخير والاسطبلات والقسائم الصناعية لأشخاص لم يعرف عنهم أعمال الخير التي يقوم بها بوسعود، ويحصدون العوائد المالية منها لهم شخصيا بينما لا عائد للبابطين من ذلك الوقف الخيري.. مبادرة نرجو ان يتبناها احد اعضاء مجلس الأمة الخيرين كي تحسب له في ميزان حسناته ويشكره عليها كل الخيرين من أهل الكويت.

***

آخر محطة:

(1) أسعد عادة كحال جميع الكتّاب بقراءة التعقيبات على المقال وأشهرها في العادة تعقيبات «أبوصالح القديم» الذي أشعر بأن المقال لا يكتمل الا بعد اضافة تعليقه المميز وكنت لا أعرف شخصه الكريم حتى التقيت ابنه في احدى المناسبات الاجتماعية وعرفني بنفسه وشخص والده.

(2) يوم الأربعاء الماضي أتت تعليقات وبعضها اتصالات من أقارب الأبطال عبدالله عايض مليحان العازمي ومطلق السنافي العازمي ومحمد دغيمان السرهيد المطيري وصالح عبدالله المزيني، فالشكر لمن عقب او اتصل، والشكر قبل ذلك لأجدادهم الأبطال ممن نرجو ان يكرموا من قبل الدولة وتحفر أسماؤهم في سجل الخلود.

احمد الصراف

حادي العيس وبابا الفاتيكان

تقول قصيدة جميلة ومجهولة المؤلف، سبق أن شدا بها ناظم الغزالي، وتعلق موضوعها بالعشق والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين:
«لما أناخوا قبيل الصبح عيسهمُ،
وحملوها وسارت بالهوى الإبل،
فأرسلت من خلال السجف ناظرها،
ترنو اليَّ ودمع العين ينهمل،
وودّعت ببنان زانه عنمُ،
ناديت لا حملت رجلاك يا جمل،
يا حادي العيس عرّ.جْ كي أودّ.عهم،
يا حادي العيس في ترحالك الأجل،
ويلي من البين ماذا حلَّ بي وبها،
من نازل البين حل البين وارتحلوا،
إني على العهد لم أنقضْ مودتهم،
يا ليت شعري بطول العهد ما فعلوا».
أكتب ذلك بمناسبة ما أبداه الأزهر، ومراكز دينية في إيران من سعادة، وإن مبطنة، لقرار البابا الاستقالة من منصبه! وتمنت هذه الجهات أن يكون البابا القادم أكثر تفهماً من سلفه، وهم هنا يشيرون لموقفه من الإسلام والمسلمين، عندما وصفهم عام 2006 باتباع دين يؤمن بالعنف! ولكن الغريب أن ناقدي البابا، ولسنا هنا حتما في معرض الدفاع عن موقفه، لم ينتبهوا يوما الى انهم وغيرهم من مؤسسات دينية إسلامية لم يعترضوا قط أو يحتجوا بصراحة وقوة على كل ما تعرض ويتعرض له مسيحيو تونس وليبيا والعراق ومصر، وأخيرا وليس آخرا سوريا، وغيرها من دول إسلامية، من اضطهاد وقتل وتشريد وتهجير. وفي هذا السياق كتب الزميل سامي البحيري مقالا معبرا نقتبس منه التالي: «أخذت أتخيل وأحلم، ماذا سيحدث للعالم لو استقال كل رجال الدين؟ هل ستنهار البورصات العالمية؟ الإجابة: بالطبع لا. هل ستتوقف حركة المطارات والقطارات فيه؟ الإجابة: لا. هل ستتوقف حركة البناء في العالم؟ الإجابة: لا. هل ستتوقف حركة البحث العلمي والاختراع في العالم؟ الإجابة: لا. هل ستتوقف الاتصالات والإنترنت؟ الإجابة: لا. هل ستتوقف المصانع عن العمل؟ الإجابة: لا. هل ستتوقف الصين عن غزو العالم بمنتجاتها؟ الإجابة: لا. هل ستتوقف محاصيل المزارع؟ الإجابة: لا. هل ستتوقف الدراسة في المدارس والجامعات؟ الإجابة: لا. هل سيتوقف البشر عن الإنجاب؟ الإجابة: لا. هل ستنتهي الأديان في العالم؟ الإجابة: لا. هل سيتوقف المؤمنون عن الصلاة والدعاء؟ الإجابة: لا. ومن دون لف ولا دوران، هل سيتوقف أي نشاط مفيد للبشرية إذا استقال كل رجال الدين في العالم؟ الإجابة: بالطبع لا. وهل يحتاج البشر وسيطا أو سمسارا أو وكيلا بينهم وبين ربهم؟ الإجابة: بالطبع لا. إذاً ما الذي سيتوقف اذا استقال كل رجال الدين في العالم؟ هل سيتوقف القتل باسم الدين؟ الإجابة: بالطبع نعم. هل ستختفي الكراهية بسبب اختلاف الأديان؟ الإجابة: بالطبع نعم. هل سيتوقف لابس الأحزمة الناسفة عن قتل الآخرين؟ الإجابة: بالطبع نعم. هل ستتوقف الفتاوى السقيمة؟ الإجابة: نعم. هل سيتوقف المرتزقون من الأديان عن العمل؟ الإجابة: نعم. هل ستنتهي مافيا توزيع تذاكر دخول الجنة؟ الإجابة: نعم. هل سيبدأ البشر في استخدام عقولهم بشكل أكبر؟ الإجابة: نعم. هل سيتوقف الخلط بين الدين والسياسة؟ الإجابة: نعم. هل سيتوقف بعض رجال الدين عن استخدام الدين للوصول للسلطة، (كما فعل مكاريوس والخميني والإخوان في مصر وغيرهم)؟ الإجابة: نعم. هل ستتحول دور العبادة إلى مراكز إشعاع علمي واجتماعي بدلا من مراكز بث الكراهية وتخويف الناس من النار وعذاب القبر والثعبان الأقرع؟ الإجابة: نعم! وأخيرا أقولها لرجال الدين: نحن لسنا في حاجة إلى وسطاء ليقربونا إلى الله أو ليعرفونا به، استقيلوا يرحمكم الله».. انتهى الاقتباس!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

أتاتورك… والبرتقالة الزرقاء (٣)

الحديث ما زال مستمراً عن أتاتورك والخلافة العثمانية، ومنه إلى مفهوم الدولة الإسلامية، وعن "القشورية" و"القشوريين"، وما أجمل كلمة "الخلافة الإسلامية" وما أحلى وقعها على الأذن، وما أسهل أن ينجر خلفها بسطاء الناس وحسنو النوايا. خذها مني وحاسبني، قل "الإسلام هو الحل" وستجد الآلاف يهتفون خلفك دون أن يتوقف كثيرهم أمام مبادئ "الدولة الإسلامية" أو حتى يقرأ عنها.
وأُصِبت بالحوَل والهزال عندما رأيت بعض شبان المعارضة هنا في الكويت، المطالبين بالحريات، يتباكون على الخلافة العثمانية ويلعنون آباء وأجداد أتاتورك الذي أسقطها وانسحب من أراضي الدول الأخرى ورفض احتلال شبر في بلدان الآخرين، ويتهمونه بالسبع الموبقات! وقبل أن أتحدث عن سهام اتهاماتهم الموجهة إلى سيرة أتاتورك، غير المنزه عن الخطأ، سأذكرهم بأن أتاتورك كان يرفع شعارات بعضها يشابه شعاراتهم، كـ"الحرية" و"لسنا عبيداً لبني عثمان" و"لماذا تبتلع الأسرة العثمانية خيرات البلد بلا حسيب ولا رقيب" و"يجب الحفاظ على أملاك الدولة من جشع أسرة بني عثمان وجلساء السلطان من التجار وزعماء الأسر الثرية الذين ابتلعوا كل شيء وتركوا الفقراء بلا أدنى متطلبات الحياة" وغير ذلك.
ويؤسفني أن أقول إن أصغر طفل من أسرة بني عثمان كان يرافقه موكب أكبر من مواكب حكام العرب في عصرنا الحالي كلهم، ويحزنني القول إن القرى التركية في العهد العثماني، حتى في أوج الخلافة، كانت أحقر من بيوت النمل وأكثر بؤساً من جحور الضبان، في حين يتمدد تنابلة السلطان والأسرة على الأرائك في القصور السلطانية، وكروشهم تتدلدل أمامهم، يتبادلون القهقهات ويتحدثون عن النساء، أيهن أجمل، العربية أم الفارسية أم التركية أم القوقازية أم الأوروبية أم أم أم، ويتباهون بأنواع الخيل، ويتبادلون أفخر أنواع العطورات… ومن يغضب فهو كاره للإسلام، يريد سقوط راية الإسلام، وهو بالتأكيد مندس من كفار أوروبا، وهو لا شك عميل أرسلته بريطانيا أو ألمانيا، أو كلتاهما معاً.
كانت الشعوب تحت راية الخلافة العثمانية عبارة عن عبيد بمستويات ومسميات مختلفة، وكان أحد لا يحلم مجرد حلم أن يتبوأ منصباً في الدولة ما لم يكن متذللاً لأحد من أبناء الأسرة العثمانية، وكانت الشعوب العربية تحت الخلافة العثمانية (أتحدث عن فترات أوجها ومجدها لا فترات وهنها وتفككها) تسبح في محيطات الجهل والفقر والجوع والفرقة والبؤس.
ويحكي لنا آباؤنا عن آبائهم بعض حكايات الجهل المضحك المبكي في أساسيات الإسلام، كـ"المحلل" في الزواج، إذ يطلّق الواحد منهم زوجته ثلاثاً فيمنعه الشرع عنها، فيلجأ إلى أحد رعاة الغنم أو الخدم، ويُدخله في الخيمة على طليقته، بعد أن يحذره من لمسها أو مجرد الاقتراب منها، إلى أن تشرق الشمس فيُخرجه من الخيمة، ويعود إليها، وأرجوك لا تسألني كي لا أسألك عن فترة العدة، فقد سقطت سهواً وجهلاً.
وبالتأكيد كل من يرفض تصرفات أفراد الأسرة العثمانية أو يحتج على فساد أصدقائهم وحاشيتهم فقد خرج من الإسلام وجزاؤه الخازوق المبين… ويأتي بعد ذلك القشوريون ليتباكوا على الدولة العثمانية الفاسدة لارتدائها قميص الإسلام.
وما زال الحديث مستمراً، وسأتحدث في المقبل من المقالات عن علمانية الدولة الأتاتوركية والفروقات بين الدولتين، العثمانية والأتاتوركية. مع التذكير بأن "العلمانية" تعني فصل الدين، أي دين، عن الدولة وليس فصل الإسلام عن الدولة، وأرجو أن يرحمنا من يدّعي أن العلمانية تم اختراعها لإسقاط الإسلام، فقد نشأت لمحاربة الكنيسة لا المسجد.

سامي النصف

انقسام وتقسيم

لم تطل فرحة جماعة الصوت الواحد بالانقسامات والانشطارات التي حدثت في معسكر أصحاب الأربعة أصوات، حتى تواترت الأنباء عن انقسامات أشد وأخطر في معسكر الصوت الواحد طالت حتى رئيس مجلس الأمة السياسي الخلوق علي الراشد، حيث انقسم النواب الى معارضين ومؤيدين للعودة السريعة لمسار التأزيم والتسخين والاستجوابات على «الهوية» وليس على القضية، أي استقصاد المسؤول لشخصه ثم البحث عن مبررات وادعاءات وأكاذيب لاستجوابه، وليس هناك ظلم وضرب لمصداقية المستجوب أكثر من هذا، ولو كانت هناك «لجان قيم» فاعلة في المجلس، لحاسبت وعاقبت مثل تلك التصرفات الطائشة والدافعة للفساد التشريعي.

***

مع سقوط الاتحاد السوفيتي أواخر الثمانينيات، انفصلت وانقسمت عنه جمهوريات كانت جزءاً من حكم القياصرة لقرون طوال، والحال كذلك مع انقسام وانشطار بعض دول الربيع الأوروبي ابان ثورتهم المخملية عام 89 والذي أصاب بلداناً مثل جمهوريتي يوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا، وكانت الوحدة قائمة بين مكونات تلك الدول تمتد بأطول كثيرا من وحدة دولنا العربية وآخرها وحدة اليمنيين.

***

وعليه فمنطق الأمور يرى أن دولنا العربية ذاهبة وبنسبة تقارب 100% الى الانقسام والانشطار، حيث ان حساب الدم والتفرقة والتمييز الذي تراكم عبر السنين بين مكوناتها كبير وثقيل جدا ولا يحتمل بقاء تلك المكونات ضمن دولة واحدة ولا ينحصر الأمر هنا بدول عربية كثر الحديث عن انقسامها مثل سورية واليمن والعراق وليبيا وما تبقى من السودان، بل يشمل ذلك الأمر أغلب الدول العربية الأخرى التي سينشطر البعض منها سريعا في الفترة الممتدة الى عام 2015 ثم يستكمل تقسيم الباقي قبل عام 2020 بالتأكيد.

***

وحتى لا نتهم الآخرين بالتآمر علينا، فالانقسام محتمل جدا لأغلب الدول الأوروبية، حيث سيصوت العام المقبل على انفصال اسكوتلندا عن بريطانيا، وهناك حركات انفصالية نشطة في روسيا (الشيشان وتترستان وانغوشيا وداغستان) وفرنسا (الباسك وكورسيكا) واسبانيا (الباسك وكاتالونيا والاندلس) وألمانيا (بافاريا) وبلجيكا (فيلمش) والتشيك (مورافيا) والدنمارك (غرين لاند) والبوسنة (دولتان للكروات والصرب)، وفي دول شمال أوروبا الثلاث فنلندا والسويد والنرويج هناك حركة شعب سامي «SAMI PEOPLE» الانفصالية المكونة من الشعوب الاصلية لتلك البلدان، وعلى ضفة الأطلسي الاخرى تحفل الولايات المتحدة بالحركات الانفصالية مثل الحركات المطالبة بانفصال ألاسكا بأقصى الشمال وانفصال الجنوب بأكمله، وخلق جمهورية تكساس على تخوم المكسيك، وبالطبع ستقوى أو تضعف تلك المطالبات الانفصالية في بلدانهم طبقا لما سيحدث في بلداننا ضمن مفهوم القرية الصغيرة التي تجعل الشعوب تتأثر ببعضها البعض، فإن تمت عمليات الانشطار هنا عبر حروب أهلية وبحور من الدماء، ضعفت مطالبات الانفصال هناك، وإن تمت عبر التراضي ونتج عنها دول جديدة مزدهرة ومتعاونة، قويت مطالبات الانفصال هناك.

***

٭ آخر محطة: كتب الكاتب الأشهر في العالم توماس فريدمان ضمن مقاله قبل أيام في جريدة «نيويورك تايمز» مشيرا لدراسة لعالم اقتصاد شهير في جامعة هارفارد والتي تربط التسامح الاجتماعي والسياسي بالنمو الاقتصادي، طالبا من الجمهوريين أن يتوقفوا عن مناكفة الحكم، وأن يتعاونوا مع الديموقراطيين عبر لجنة مشتركة لينعكس توافقهم السياسي على عملية النمو الاقتصادي.. ومنا لجهابذة التأزيم في المجالس الحالية والسابقة و.. اللاحقة!

 

احمد الصراف

هل نحن وطنيون؟

في كل عيد استقلال وتحرير يخرج الشعب الكويتي الوفي للتعبير عن «جميل» مشاعره تجاه وطنه، وليظهر مدى حبه لقيادته، وهذا أمر يبدو مدعاة للفخر، خصوصا عندما نقارنه بــ «برودة» مشاعر الغربيين تجاه مثل هذه المناسبات وعدم استعدادهم للتظاهر بسياراتهم في الشوارع لساعات، ربما لأن البنزين عندهم له ثمن ووقتهم أثمن! أو ربما لأنهم لم يكتشفوا حتى الآن مدى لذة رش الآخرين ومركباتهم بالرغوة السخيفة! كما أننا، بسبب حرارة مشاعرنا، نمتاز عنهم بقدرة واستعداد أكبر لأن نظهر «حبنا وولاءنا» الوطني الذي لا ينضب ولا ينتهي. ولكن هل المبالغة في اظهار المشاعر في الأعياد السياسية ورفع الاعلام على البيوت والمركبات وتزيين المباني، ووضع صور القيادة السياسية في كل مكان، وسماع وترديد الأغاني الوطنية، والصراخ بملء حناجرنا: «كويتي وأفتخر» دليل كاف على حب الوطن؟ فان كان الأمر كذلك، فلماذا لا نرى مثل هذه المظاهر «المباركة» في غالبية دول العالم؟ الحقيقة ان ما يقوم به الكثيرون في مثل هذه المناسبات الوطنية أمر جيد، وعفوي في غالبه، ولكن حب الوطن والقيادة ليس بتعليق الصور ولا برفع الأعلام، بل بالوفاء له والعمل لمصلحته، ان بالسلوك أو التصرف الصحيح، وبالمحافظة على المال العام، فما الذي يفيد الوطن والمواطن ان قام «محتفل» وطني غيور بتعليق مئات الأعلام على بيته وتغطيته بعشرات آلاف الصور والمصابيح الكهربائية وذهب في اليوم التالي لعمله، كعادته منذ عشرين عاما، متأخرا؟ وما حاجة الوطن والقيادة الى وطني غيور لا يرضى بأن يتكلم أحد عن وطنه وقيادته بسوء، ثم لا يكترث للطريقة التي يقود بها مركبته، ويزعج الآخرين، ولا بما تسببه رعونته من أذى للغير، أو بعدم اكتراثه بالوقوف في الأماكن المخصصة للمعاقين مثلا؟ لا نحتاج الى ذكاء أو دقة ملاحظة لنجد أن الأغلبية تتغنى بحب وطنها، هي الأغلبية نفسها التي لا تعرف «كوعها من بوعها» فيما يتعلق بالحب الحقيقي للوطن وحفظ مصالحه. فمن الذي يرتكب يوميا كل هذا الكم من مخالفات النظافة، ومن الذي يرمي أنقاضه على بيت غيره، ومن الذي يهدر كل هذا الماء والكهرباء، دون سبب، ومن الذي يعطل مصالح المواطنين في عمله، إما بتغيبه واما باهماله، ومن الذي يقبض مبلغا ويطلق سراح مجرم خطر يعالج في المستشفى، ومن الذي يغتصب الخدم في «نظارات المخافر» ومن الذي يهرب المخدرات للسجون ويبيعها في الشارع، أو يسهل دخول الهواتف النقالة وممنوعات أخرى للمساجين الخطرين؟ ومن الذي يخرب ذمم النواب ويبيع الشهادات المضروبة وآخر يشتريها، ويهدد الوزراء بالمساءلة، ويتلف البيئة بمخلفاته أثناء وبعد وضع خيمة بالية في الصحراء الجميلة؟ ومن التي لا تكترث لربط حزام الأمان وهي تقود مركبتها، وتصر على أن يجلس ابناؤها على الكرسي الأمامي من السيارة من دون حماية؟ أليس هؤلاء هم الذين نجدهم في الصفوف الأمامية من أي تظاهرة حب وطن، والذين لا يترددون في غلق الشوارع وعرقلة السير وتعطيل مصالح الناس، بحجة أن من «حقهم» الاحتفال بطريقتهم الخاصة بهذا الحب؟ وأخيرا وليس آخرا، مَن م.ن هؤلاء على استعداد للتطوع في عمل انساني من دون مقابل، من أجل وطنه؟ ….. ربما لا أحد من هؤلاء!.
***
ملاحظة‍: اشتكى الكثيرون من المستوى الفوضوي لكثير من مظاهر الاحتفال بالعيد الوطني، وما تضمنه من تشويه، وزينات اعتباطية، تفتقر الى الحد الادنى من الذوق، وتسيء للمناسبة ولمكانة الكويت، فهل هناك جهة مسؤولة هنا؟.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

لا تزعلين… خذي عندك

يبدو ان مقالاتي التي انتقد فيها مجلس الصوت الواحد وتصرفات اعضائه قد ازعجت بعض الزملاء من المقاتلين بشراسة من اجل انجاح هذا المجلس، وبالتالي انجاح مخططهم لتقليم اظافر المؤسسة التشريعية والغاء دورها الرقابي، ولقد كانت الزميلة اقبال الاحمد من اشد الناقدين لي بسبب مقالتي «مجلس تلاحقه اللعنات»، وحاولت تفنيد وجهة نظري دفاعا عن مجلس الصوت الواحد، وتزامنت مع مقالة للزميلة عزيزة المفرج في «الوطن» في الاتجاه نفسه، وحتى لاتكون المسألة بيننا سجالا من دون فائدة يضيع معه وقت القارئ الكريم، فانني سأذكر اليوم بعض ما قاله نواب هذا المجلس انفسهم عن مجلسهم وردده الاعلام! وخذي عندك بعضا منها:
ــــ نواف الفزيع لتلفزيون الراي: للاسف عدد كبير من النواب بات في جيب الحكومة!
ــــ حسين القلاف: ان ما قام به الراشد شديد القبح، ودمر البلاد ولم يبعد التأزيم! وقال في تصريح اخر: على رئيس مجلس الامة ان يطلع على ردة فعل الناس عليه وعلى الاعضاء الذين اتت بهم الحكومة!.
ــــ حسين القلاف اثناء خروجه من المجلس: لا يشرفني التواجد في هذا المجلس ولا مع نوابه! وقال: هذا المجلس خرطي!.
ــــ سعدون حماد للصحافة: اناشد سمو الامير حل مجلس الامة الحالي لتردي اوضاعه بعد ان فقد هيبته من خلال تأجيل الاستجوابات!.
ــــ عسكر العنزي: الحكومة ماسحة فينا البلاط!.
ــــ فيصل الدويسان: مجلسنا هذا مو بس ما يشمخ هذا حتى ما يدلدغ!.
عدا عن التصريحات المتكررة لبعض نواب هذا المجلس، مثل قول احدهم: الحكومة ما تعبرنا! وقول اخر: ما يفيد فيكم الا المجلس المبطل!.
اما المقالات فحدث ولا حرج! حتى ان اكثر الصحف دعما لمجلس الصوت الواحد، والتي سخّرت صفحاتها لانجاح مرسوم الضرورة خذي عندك ايتها الزميلة ماكتبه الزميل راشد الردعان عن مجلس «بو سوط!» وكيف انه خيب ظن المؤيدين له! اما الزميل احمد الدعيج فيكفي عنوان مقالته «خوش برلمان ياحليله»!.
اذن لم يكن مبارك الدويله هو الوحيد الذي انتقد مجلس بوصوت واحد او انتقد بعض النواب الطارئين على العمل السياسي، فتصرفات الاعضاء والحكومة تجعل الحليم حيران! حتى ان المؤيدين لهذه التركيبة وهذا التشكيل يجدون حرجا كبيرا في دعمهم لهم، ويضطرون احيانا الى انتقادهم بعنف، كما ذكر الزميل علي البغلي في مقالته صباح امس السبت في القبس، عندما قال عن تشكيل الحكومة «… اصبنا بخيبة امل»، ويسترسل «.. فالحكومة من اول نظرة لنا عليها كانت من فئة «شوف وجه العنز واحلب لبن»! انتهى كلام البغلي عن الحكومة، لكنه ينتقد اعضاء مجلس بوصوت بقوله «تأتي حكومة وجه العنز وتتعامل مع اعضاء المجلس الذي لا يملك معظم اعضائه اي خبرة وحنكة سياسية سابقة»!.
على كل حال: «ستبدي لك الايام ماكنت جاهلا.. ويأتيك بالأخبار من لم تزود».. والوعد جدام!
***
في مقالة سابقة الغى مقص الرقيب في القبس عبارة تدل تلميحا لا تصريحا عن كاتب زميل وجهت له عتابا على الادعاء ان النائب العام المصري الحالي من الاخوان المسلمين! واصبح سياق الحديث ان عاشق سمية هو من ادعى ذلك، والحقيقة ان الذي ذكر هذه المعلومة زميل اخر سقط اسمه من الرقيب سهوا!؟.
***
الاخوة في الحراك الشبابي والمعارضة السياسية يعملون من غير ترتيب اجندات متفق عليها من الجميع، مما يضعف النشاط وبالتالي يشوه العمل السياسي ويفقد ثقة الناس فيهم! لذلك لابد من التنسيق والاتفاق على الانشطة، ان كنا فعلا نريد النجاح لهذا التحرك، والا سيقول الناس انكم تتحركون وفقا لاهواء وطموح وتصفية حسابات بين القوى السياسية.
***
اعلنت احدى الصحف عن القبض على خلية ارهابية من بعض المصريين تخطط للانقلاب على الحكم، وان هذه الخلية مرتبطة بالاخوان المسلمين! ثم جاء النفي من الجهات الرسمية لتقول ان هذا الخبر مختلق وغير صحيح!؟ اتمنى من الزميلة التي نشرت هذا الخبر الملفق ان تحترم ميثاق المهنة، ومن اهم بنوده مصداقية نقل الخبر واحترام عقول القراء.