محمد الوشيحي

active mode

القانون في الكويت يفهم ويأكل ويشرب، ويميز بين العدو والصديق، وهو ابن ستين في سبعين، وتذكرت درساً، كنا تلقيناه أثناء الحياة العسكرية، عن الألغام، وتذكرت حديث المدرب عن نوعية من الألغام الفرنسية التي لا ينقصها إلا الزواج والتكاثر ورعاية أبنائها وتدريسها في مدارس خاصة.
كانت ألغاماً "بعقليات" أقرب إلى البشر، كما فهمنا من الشرح، فقد كانت تميز بين العدو والصديق، وتعرف سيارات العدو وعساكره وسيارات الصديق وعساكره. وكانت فكرة الألغام الذكية قائمة على شريحة كمبيوتر تُحفظ فيها تفاصيل كل الآلات والآليات والعساكر الصديقة، وتتم بعد ذلك برمجة الألغام وحقنها بهذه المعلومات والتفاصيل، وتدور المعركة، وتمر آلية تابعة للعدو فوق اللغم فلا يتعرف عليها اللغم (كل ما لا يتعرف عليه يعتبره عدواً)، فيتحرك من "وضعية النوم" sleep mode إلى "وضعية العمل" active mode، في جزء من الثانية، وينفجر، "بعد أن يشخر لسائق سيارة العدو: فاكرني نايم يا روح أمك" على ذمة اللواء عبدالمعين.
وفي حال مرور صديق، يعود اللغم إلى وضعية النوم: "بالسلامة يا باشا". كان اللغم فرنسياً، هذا صحيح، لكن أمه الفاضلة من "إمبابة"، فالفرنسيون أو من تربى على يد فرنسية لا يجيد "الشخر" أبداً.
وإذا كانت فرنسا صنعت ألغاماً بهذا الذكاء، فقد صنعت السلطة عندنا قانوناً "يشمّخ" بأظافره جلود المعارضة، ويعض بأسنانه أنوفهم، ويشد شعرهم، بعد أن يتحول إلى "وضعية العمل"، فإذا مر صديق السلطة إلى جانبه عاد إلى "وضعية النوم" وأشعل سيجارته ومد رجليه على الطاولة وأطفأ الأضواء وأسدل الستائر، و"بالسلامة يا باشا".
ويدخل القانون قريتنا، فنسرح شعره ونعطّره ونجلسه في صدر مجلسنا، ويدخل قرية السلطة فتشتري له طوقاً تضعه على رقبته، وترمي له عظماً، وتشممه رائحة مخداتنا فينطلق علينا غاضباً وينهش لحمنا.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *