محمد الوشيحي

من عمق المعارضة

ما يحدث الآن في المشهد السياسي الكويتي ليس إلا مسرحية طبق الأصل من مسرحيات الشوارع التي كانت شائعة في مصر في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي. ويقول المؤرخون الفنيون إن "الممثلين" كانوا ينتقلون من منطقة إلى منطقة ومن شارع إلى آخر، وكانت قصة المسرحية تختلف باختلاف المناطق والشوارع، وباختلاف ملابس المشاهدين ومستوياتهم، وقد يتغير مسار الفكرة إذا دبت خناقة في الشارع أو بكى طفل على ذراع أمه أو أو أو. ويقول آخرون إن فكرة المسرحية يرسمها المتجمهرون بصيحة أو تعليق، فيلتقطها منهم الثلاثي ويبنون عليها في الحال حواراتهم، على وقع تصفيق الناس وضحكاتهم، إذ يقف الثلاثي أحياناً بين الناس دون أن يكون لديهم فكرة أو موضوع للحديث عنه، ويتبادلون التعليقات والقفشات مع البسطاء المحيطين بهم، وكان الله غفوراً رحيماً.
الأمر ذاته هنا، طبعاً دع عنك الحكومة وسوالف الحكومة وضياع الحكومة، فهذا هو العادي، وتعال نشوف البرلمان ونضحك أو نبكي أو نلطم، أيها قبل، لتتأكد أنها مسرحية شارع قطفة أولى.
البرلمان تخصص في تحويل أقوال المعارضة وتصرفات شبان الحراك إلى "أفكار مسرحية"، فقانون حبس كل من يرفض الوقوف للعلم جاء رداً على تصرف النائب السابق محمد هايف، وحبس كل من يحتشد أمام قصر العدل أو في أروقته جاء رداً على تجمع الناس في قضية مسلم البراك، والمطالبة بعودة قانون التجنيد الإلزامي، مع تأييدي لعودته بعد تحسينه، جاءت رداً على تجمعات شباب الحراك السياسي، ورغبة في إبعادهم عن المشهد، وحجزهم في معسكرات الجيش، وغيرها الكثير من اقتراحات القوانين التي تتتبع المعارضة، وتراقبها "مان تو مان" أو "برلمان تو مان".
لا شيء أكثر من المراقبة اللصيقة للمعارضة ومناكفتها بطفولية باهتة، اللهم إلا طلب "زيادات للرواتب" وعلاوات وما شابه من الاقتراحات التي يتفوق فيها "عسكر العنزي" ومن شابهه من سيناتورات البرلمات.
ولأن بعض نواب هذا البرلمان الممجوج يمضون الليالي والأيام بحثاً عن تصرفات المعارضة لاستنباط فكرة منها وصياغة اقتراحات مضادة لها، سأكشف للنواب هؤلاء سراً لعلهم يتصرفون بسرعة ويبادرون بصياغة اقتراح بقانون بخصوصه، فقد اكتشفت أن عدداً من السياسيين المعارضين والنواب السابقين يعشقون "وجبة السباغيتي" بشكل مثير ولافت للنظر، أقول ذلك وأنا شاهد عيان، وليتكم شاهدتم كيف "يمخمخ" فلاح الصواغ وهو يأكلها، أو كيف ينسى فيصل المسلم الطاولة ومن عليها وتخنقه العبرة على السباغيتي، ولولا الحياء لضم الطبق على صدره وأطفأ الأنوار، وغيرهما كجمعان الحربش وفيصل اليحيى والطبطبائي والبرغش ووو…
خذوها مني، صوغوا اقتراحاً بقانون يمنع استيراد السباغيتي، وستهرول المعارضة للجلوس معكم على طاولة الطعام.
أما خالد الطاحوس، فيكفي صياغة اقتراح بقانون يمنع ارتداء القميص تحت الدشداشة، وأضمن لكم أن ينشق عن المعارضة ويرفع شعار "طاعة ولي الأمر"، وقانون منع القهوة سيدفع الكاتبجي الوشيحي إلى مباشرة إجراءات الهجرة.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *