احمد الصراف

البغدادي الكويتي والنجفي العراقي

في 8 أغسطس 2011 غادر دنيانا المفكر الكويتي أحمد البغدادي، دون أن يكمل رسالته التي نذر نفسه لها، ولو طالت به الحياة ورأى غزو الإخوان والملالي، لشعر بحزن أكثر مما كان يشعر به طوال حياته.
وبمناسبة اعتقال السلطات الإيرانية للمفكر النجفي أحمد القبانجي، نعيد هنا نشر مقالة البغدادي الذائعة الصيت «عجيبة العجائب»، التي سبق أن نُشرت في السياسة الكويتية بتاريخ 2009/11/2، يقول البغدادي: إن عجائب الدنيا سبع، ولكن أعجب منها الأمة المسلمة، ففيها ما لم تشهده أمة من الأمم، فهي الأمة الوحيدة التي ترى أنها التي على حق، في كل شيء، وأن الآخرين على باطل. وأنها الوحيدة التي تطلق سراح المسلم المجرم إن حفظ بعض سور القرآن. والوحيدة التي يمكن لرجل الدين فيها الإفلات من عقوبة التحريض على القتل إذا وصف أحد الخصوم بالمرتد. والأمة الوحيدة التي لا تقتل القاتل إذا أثبت أنه قتل مرتدا. والوحيدة التي تعامل القاتل بعقوبة مخففة إذا قتل ابنته، أخته أو زوجته من أجل الشرف. والأمة الوحيدة التي ورد في كتابها المقدس كلمة «اقرأ»، ومع ذلك تُعدّ من أقل أمم الأرض قراءة. أو بالأصح لا تقرأ. والوحيدة التي لا تزال تستخدم كلمة التكفير ضد خصومها المعارضين لرجال الدين والجماعات الدينية. والوحيدة التي تضع حكم الفتوى فوق حكم القانون، وتدعي بكل صفاقة أنها دولة قانون. والوحيدة التي لا تساهم حتى بصنع فرشاة أسنان، ومع ذلك تتشدق بحضارتها البائدة. والوحيدة التي تشتم الغرب وتعيش عالة عليه في كل شيء. والوحيدة التي تضع المثقف في السجن بسبب ممارسته حرية التعبير. والوحيدة التي تدّعي التديّن وتحرص على مظاهره رسميا وشعبيا، ومع ذلك لا يوجد بها أمر صالح. والوحيدة التي تعطي طلابها درجة الدكتوراه في مادة الدين (ويفترض أنه دين مكتمل)! والوحيدة التي لا تزال محكومة بكتب الموتى من ألف عام. والوحيدة التي يداهن فيها رجال الدين الحكام، ويسكتون عن أخطائهم حتى ولو كانت شرعية وضد الدين. والوحيدة التي لا تعترف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتحرم جميع الفنون الإنسانية، ولا تعترف سوى بفن الخط. (وبالدف آلة موسيقية). والوحيدة التي تشترك في دين واحد، ومع ذلك لا تتفق فروعها على رؤية واحدة لأحكام الدين. والأمة الوحيدة التي يهذر فيها رجل الدين كما يشاء، ثم يختم كلامه بـ«والله أعلم»، وكأن الناس لا تعلم ذلك. والوحيدة التي لا تزال تؤمن بإخراج الجن من جسد الآدمي حتى ولو كان ذلك عن طريق القتل. والوحيدة التي لديها جيوش وأرضها محتلة وتخشى القتال. والوحيدة التي ينطبق عليها وصف الخالق «تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى». والوحيدة التي تسأل في قضايا الدين وتبحث عن إجابات ترضيها منذ ما لا يقل عن ألف عام. والوحيدة التي لديها شهر صيام واحد في العام تتكرر فيه أسئلة الجنس أكثر من أسئلة العبادة. والأمة الوحيدة التي تصدق كل ما يقوله رجل الدين دون تحقيق علمي.. هذه الأمة، وبكل هذه الصفات الفريدة، ألا تستحق أن توصف بأنها «عجيبة العجائب»؟.. انتهى.
ونضيف لذلك أنها الوحيدة التي تحاضر فيها طبيبة منقبة بالكامل، ولا يظهر منها شيء، في جمع من الأطباء من ذكور وإناث، في محاضرة عن فوائد علاج السرطان بشرب بول الإبل، ولا يعترض أي وزير ولا وكيل أو طبيب على كلامها. 

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

نفرح أم نحزن؟

يعيش الكويتيون هذه الأيام أعيادهم الوطنية بمشاعر متفاوته، فالأغلبية قررت أن تعيش اللحظات السعيدة لهذه المناسبة، ولا يتذكرون إلا كل ما يضفي البهجة والسرور عليهم فهم يتذكرون الاستقلال عن الانتداب البريطاني، ويتذكرون تحرير الكويت من احتلال صدام الغاشم، ولذلك يحق لهم أن يفرحوا.
البعض له رأي آخر في هذه المناسبة ومشاعر مختلفة! فهو يرى أن فرحة الاستقلال أصبحت فاترة بعد أن تحول الاستقلال إلى مجاراتها لقوى خارجية تريد فرض أجندتها على الكويت وفقا لمصالحها وليس لمصالحنا، والتي كانت نتيجتها هذا العداء المستحكم بين الكويت الصغيرة، وبين أكبر جارتين، وهما العراق وإيران! ناهيك عن علاقة ربما تشوبها الريبة والشكوك مع السعودية وبعض دول الخليج! أما التحرير فهذا البعض يرى أنه فرحة تحققت في مرحلة من المراحل، تم على أثرها طرد المحتل الغاشم من أرض الكويت، ورجعت للكويتيين حريتهم بعد أن قرروا مصيرهم بإرادتهم، إلا أن هذه المرحلة لم تكتمل! فمنذ عدة سنوات أصبح الكويتي يشعر بأنه مقيد في حريته، مكبوت في مشاعره، محاسب على أنفاسه! فلم تعد الكويت هي الكويت التي يعرفها، ولم تعد الدار هي الدار نفسها التي كان يسكنها بوجدانه ومشاعره! أصبح الكويتي يعيش تحت هاجس الاعتقال في أي لحظة نتيجة رأي ذكره أو همس فيه أو تلفظ به! أصبح الكويتي يشعر بأنه تحت احتلال من نوع آخر.. احتلال للفكر والرأي! أصبح يشعر بأنه مقيد من جديد، ولكن ليس من قيود صدام وسجانيه، ولكن من قيود قوانين وقرارات جائرة تسببت في تقييد حريته على التعبير عما يختلج في نفسه! هذا الشعور أصبح عند العديد من الكويتيين في السنوات الأخيرة بعد أن كانوا يتفاخرون بالحرية عند أشقائهم من دول الخليج!
اليوم صرنا نسمع عبارة «احمد ربك انت في حال أحسن من غيرك»! وهي بلا شك كلمة حق أريد بها باطل! فغيري في حال تعيسة، فلا يجوز أن تقارنني فيه، وهناك من يقول «انظر إلى قطر، كيف تدافعون عنها وهي تسجن ابن الذيب»! ونسي أننا نثني على قطر في بعض مواقفها السياسية ودفاعها عن حقوق العرب والمسلمين في المحافل الدولية، ولا يعنينا ما تفعله قطر مع مواطنيها، فهم أدرى بحالهم، وكما أننا لن نقبل من الآخرين التدخل في شؤوننا الداخلية، فهم كذلك لن يقبلوا ما يكتبه الآخرون عنها!
إذن الكويتيون اليوم أمام مفترق طرق في موضوع الاحتفالات بهذه الأعياد في هذه الأيام بالذات، فهناك من يرى أن المسيرات التي تقام في الشوارع هي أسوأ تعبير عن الفرح بالاستقلال والتحرير! فأنت لا تشاهد إلا إغلاقا للشوارع الرئيسية، وتصرفات صبيانية، وتحرّش بالبنات، وتسكّع قبيح، وهناك من يرى أنها حرية تعبير عن فرحة مكبوتة منذ زمن! ووسيلة للترفيه!
> تغريدة أعجبتني من «سمو»: أيهما أصدق وأقوى تعبيراً عن حبك يا وطن: ما نراه الآن من مسيرات الرقص والغناء أم هؤلاء الذين خرجوا لتشرق شمسك من جديد (صورة مسيرة كرامة وطن)؟!
كما أعجبتني تغريدة من الدكتور المبدع نايف العجمي يقول فيها، موجها كلامه عمن أنكر مسيرة كرامة وطن: «أيها أولى بالإنكار، هذه المسيرات وما فيها من منكرات أم تلك؟!».
أما نحن فنقول: حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.