بالرغم من كثرة حَمَلة شهادات الاجتماع والتاريخ، المضروبة والصحيحة منها، بين «خريجي الدولة»، فإنه لا أحد منهم تقريبا اهتم بتوثيق العلاقة مع حاكم الكويت الشيخ مبارك الصباح (1840 – 1915)، الذي ينص الدستور على حكام الكويت يجب أن ينحدروا من ذريته! وقد دخلت الكويت في نزاع مع الدولة العثمانية في أول عهده، بعد لجوء أبناء شقيقيه الأكبر محمد والأصغر جراح، للبصرة، واصطفاف يوسف الإبراهيم معهما، وتحريضه الدولة العثمانية عليه، الأمر الذي دفع مبارك الصباح للاتصال بالمقيم السياسي البريطاني في بوشهر، وليقول له انه سيطلب حماية بريطانيا للكويت إن حاول العثمانيون التدخّل وإنهاء حكمه. وقد مالت إليه بريطانيا لرفضه قبول وجود حامية عثمانية في بلاده! ولكن الأمور هدأت بعد وفاة يوسف الإبراهيم في مارس 1906.
نشأت علاقة خاصة، وحميمة، بين مبارك الصباح وخزعل بن مرداو، توطدت مع الوقت، وكان للشيخ خزعل دور مهم في تاريخ الكويت، ولكنه أهمل، ككثير من الأمور الأخرى، وأكبر شاهد ما تعرض له قصره في دسمان من تلف ودمار! وقد اشتهرت حسينية معرفي، الأقدم في الكويت بـ «الخزعلية»، ويقال إنه هو الذي اقترح فكرة بنائها على عبدالكريم معرفي، وانه تبرع لها، ونسبتها له كانت بسبب استخدامه لها كمقر لاستقبال زواره، عندما كان يزور الكويت. والشيخ خزعل كان حاكما لمنطقة المحمرة، التي تسمى خرمشهر حاليا، من قضاء خوزستان، التي غزاها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب، وينتمي نسبه لقبائل بني كعب العربية، وسبق أن أسس والده، جابر بن مرداو، دولته التي لم تعمر طويلا، وكان ذلك في منتصف القرن الـ 19، وساعد في بقائها انهيار الدولة الصفوية، واعتراف ناصر شاه، القاجاري به حاكما للمحمرة، التي أصبح خزعل زعيمها بعد اغتيال أخيه الأكبر مزعل. وارتفعت أهمية المنطقة في عيون القوى الكبرى بعد اكتشاف النفط في مسجد سليمان، القريبة من إقليم خوزستان مع بداية القرن العشرين، فعزز الإنكليز علاقاتهم معه. ولكن صعود رضا شاه (بهلوي) للحكم، والد محمد رضا، بعد إطاحته بحكم القاجار، ورغبته في توحيد إيران وإخضاع أقاليمها لسيطرته، هدد حكم الشيخ خزعل، الذين لم يقف الإنكليز معه هذه المرة، كما أن صديقه الشيخ مبارك كان قد غادر الدنيا قبلها. وهكذا تمكن رضا شاه من الاستيلاء، أو استعادة عربستان من الشيخ خزعل عام 1925، وإنهاء دولته، ونقل مخفورا إلى طهران ليبقى فيها حتى وفاته.
لإقليم المحمرة، الأهواز، عدة تسميات، وأن كلمة أهواز، هي جمع من كلمة «حوز»، مصدر للفعل «حاز»، بمعنى الحيازة والتملك، وبالتالي تعني الحيازات! ولكنها تعني في الفارسية الحوض، والكلمة عربية، لأن المنطقة كانت تشتهر بالزراعة وانتشار أحواض الري بها، والأهواز هي نفسها الأحواز، فهكذا ينطقها الفرس، و«الأحواز» هي العاصمة، وأشهر مدن الإقليم الأخرى: المحمرة، وعبادان، الحويزة، وشوشتر وسوس، والفلاحية ومسجد سليمان وغيرها. كان الشيخ خزعل من اللاعبين الكبار في الخليج، وصديقا لكبار من ساهموا في صناعة تاريخ المنطقة، كالشيخ مبارك الصباح والسيد طالب النقيب.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com