سامي النصف

كالمستجير من الرمضاء بالنار!

في تونس وبعد وصول المعارضة للحكم، باتت بعض أطرافها متهمة بقتل المعارض البارز شكري بلعيد الذي لم يقتله ـ للعلم ـ نظام زين العابدين بن علي، وفي مصر أفتى أحد شيوخ الدين القريبين من إحدى الحركات السياسية المشاركة بالحكم بقتل زعماء المعارضة، وهي فتوى لم تصدر ابان حكم الرئيس حسني مبارك، وفي الكويت ذكر أحد ممثلي المعارضة أنهم سيصدرون، حال وصولهم للحكم، قانون «العزل السياسي» الذي سيتم من خلاله عزل وقمع وسجن، ولربما قتل معارضيهم، حيث ان التجربة تظهر أن قوانين العزل هي دائما المقدمة لطوفان الديكتاتوريات، ومنا لدعاة الحكومة الشعبية التي بدأت تظهر قمعيتها وهي خارج الحكم فما الذي سيحدث عندما تصل إليه؟! الارجح سنشهد أنهارا من الدماء واغتيالات وسجونا وبدء تكوين ظاهرة.. المهجرين الكويتيين في الخارج!

***

أكبر شعار ديكتاتوري شهده التاريخ وأتى ذكره في القرآن الكريم هو (ما أريكم إلا ما أرى) وهو شعار نراه مطبقا حرفيا لدى بعض القيادات السياسية المعارضة التي اعتزل بابا الفاتيكان ولم تعتزل، فإن قالت تلك الزعامات لا تعدلوا الدستور وجب على الجميع القول بصوت واحد «إلا الدستور»، وان غيرت رأيها وطالبت بتعديل الدستور لفرض الحكومة الشعبية ورفض أحكام المحكمة الدستورية.. إلخ، وجب على الأتباع والشباب منهم تحديدا القول بصوت واحد للقيادات الملهمة «الشور شورك يا يبّه، والراي رأيك يا يبّه»، فهل في هذه الممارسات أي ديموقراطية أو حرية رأي؟!

***

وقفنا مع تغيير نهج وقواعد العمل السياسي في الكويت لا مع تغيير الاشخاص، ومن ذلك رفضنا ورفض أغلب الشعب الكويتي معنا لقضايا الاستجوابات القائمة على «الشخصية» لا «القضية»، ومعها رفض نهج المطالب الشعبوية المدغدغة التي لا مثيل لها في تاريخ الأمم، لذا نتساءل عن مصلحة الكويت في تكرار وتطابق ما يحدث هذه الايام مع ما كان يحدث في السابق والذي رفضه ومجه الشعب الكويتي! وكيف يمكن لوم الآخرين على أمور يتم تكرارها اليوم؟ وكيف يمكن لمن يرفض أن يحاسب المجلس الحالي قبل أن يعطى الفرصة الكاملة للعمل وهو طلب محق، أن يحاسب الحكومة والوزراء قبل أن يمنحهم الفرصة الكاملة للعمل؟! نرجو أن نسمع أخبارا مفرحة عن سحب الاستجوابات وإعطاء الحكومة 6 أشهر «على الأقل» قبل المحاسبة لتعزيز الانجاز ودعم التنمية.

***

من قواعد اللعبة السياسية الخاطئة السابقة التي يؤمن بها بعض النواب السابقين وتسببت في مقاطعتهم للانتخابات الاخيرة الاعتقاد بأن من ربح الانتخابات عبر تحالفات الأربعة أصوات لن ينجح بدونها، وهو خطأ شائع فهناك من نواب المجلس المبطل الجدد من لو نزل ضمن نظام الصوت الواحد لنجح كون الحرمان من التحالفات مطبقا على الجميع وهي عملية نسبة وتناسب، ومن الممارسات الخاطئة القائمة في المجلس الحالي الاعتقاد بأن الناخبين لن يعيدوا انتخاب النائب إلا إذا ظهر لهم كل صباح عبر الاسئلة أو التصريحات أو الاستجوابات، والحقيقة أبعد من ذلك، فقد كانت هناك مجاميع من النواب يعاد انتخابها لحكمتها وصمتها وقلة حديثها أو ظهورها الاعلامي، وعملها الدؤوب في اللجان البرلمانية.

***

آخر محطة: (1) قضية يمكن حسابها بسهولة جدا.. الكويت أنجزت وتقدمت وأصبحت لديها ديموقراطية تحسد عليها من الآخرين عندما كان الفصل التشريعي المكون من أربع سنوات يمر دون استجواب واحد، حيث يبقى الوزير مدته كاملة ليخطط ويعمل ويبدع وينتج.

(2) الكويت تخلفت وتأخرت وأصبحت ديموقراطيتها القدوة السيئة التي تخوف بها الحكومات شعوبها عندما طغت الاستجوابات والسخونة السياسية على العمل الديموقراطي الكويتي وأصبح بقاء الحكومات والوزراء لا يزيد على أشهر قليلة.. للاخوة الافاضل في المجلس الذين دعمنا ومازلنا ولا نود أن يخيب الظن فيهم أن يقرروا أيا من المثالين السابقين سيقتدون به ويدخلون التاريخ من خلاله!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *