سامي النصف

أيها السادة.. الشعب يريد الاستقرار!

الاستجواب الناسف للاستقرار السياسي ليس اختراعا كويتيا صرفا كي ندعي أننا سبقنا الآخرين به، وبذا نعلم كيفية استخدامه بأفضل مما يعلمون، الاستجواب أيها السادة هو أداة دستورية موجودة في كل الديموقراطيات ومنها الديموقراطية الكويتية في أيامها العاقلة والحكيمة والمنجزة الأولى التي جعلت من ديموقراطيتنا القدوة الحسنة في عالمنا العربي، حتى أحرجت الطغاة والقمعيين أمثال صدام والقذافي ومن لف لفهم أمام شعوبهم.

***

لقد بدأ انحراف أداة الاستجواب عن أهدافها الخيرة تحديدا في 24/6/1986 عندما بدأت عملية تسابق و«قنص» نيابي للمسؤولين وصلت الى الدعوة لاستجواب أربعة وزراء في ذلك اليوم المشؤوم (المواصلات، المالية، النفط، التعليم)، وكان دخان حرائق مصافي النفط المفجرة يملأ سماء الكويت، وناقلات نفطنا التي تمثل مصدر رزقنا الوحيد تضرب في عرض البحر، وحرب شبه جزيرة الفاو قائمة على حدودنا نشهد نيرانها ونسمع أصوات مدافعها، فأتى الحل غير الدستوري بعد أسبوع من ذلك اليوم الذي غاب فيه العقل وانتهت به الحكمة.

***

مع التحرير وعودة الديموقراطية دخل «فرسان» جدد للميدان تم تربيتهم من قبل بعض المخضرمين، لا على التهدئة والعقل والحكمة بعد أن تسبب خلافنا بغزونا، بل على كيفية تصنع الغضب وافتراض سوء النوايا وتعلية الصوت وتقديم الاستجوابات على «الهوية» حتى لو تسببت في تخلف البلد وتأخره، وتم غض النظر في الوقت ذاته عن السراق والمتجاوزين واستقصاد الشرفاء والمنجزين.. يا للعجب!

***

لذا يقولها الشعب الكويتي اليوم بصوت عال وبعد التجارب المريرة التي مر بها: «الشعب لا يريد الاستجواب» و«الشعب يريد الاستقرار»، كي ينهض البلد ويسعد كحال جيرانه المستقرين سياسيا، إن لمجلس الأمة دورا تشريعيا وما أكثر كذلك التشريعات الخاطئة الموروثة عن مجالس التأزيم وعدم الانجاز السابقة التي تحتاج الى إلغاء أو تعديل، وثقوا أيها السادة بأن أحدا لن يرمي هذه المرة «العقل» ومعها «العقل» من على الرؤوس للمستجوب، فقد انتهى عهد الخداع والدغدغة الى الأبد!

***

آخر محطة: أيها السادة.. كيف نقيم الحجة عليهم إذا كنتم تفعلون ما يفعلون وتؤزمون كما يؤزمون وتستجوبون على الهوية كما يستجوبون، وتظلمون كما كانوا يظلمون، وتحكمون الأهواء وتبعدون الأكفاء والأمناء والإصلاحيين.. كما يفعلون؟! لست أدري.

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *