مبارك الدويلة

الكويت.. لم تعدهي الكويت

الكويت اليوم ليست هي الكويت التي نعرف…!!
الكويت اليوم لبست ثوباً ليس لها…. وتوشحت رداء لا يناسبها…. واكتست بحلة ليست على مقاسها..!!
الكويت اليوم ليست هي كويت الأمس… كويت الآباء والأجداد التي عشنا فيها طفولتنا وشربنا من مائها ولفحنا سمومها!
كويت اليوم غريبة علينا نحن الذين سطر أجدادنا تاريخها، وحموا ترابها وبنوا بسواعدهم سورها!
كويت اليوم تغيرت على أهلها الذين يعرفونها، وتنكرت لهم، وأصبحوا فيها غرباء!! الخلاصة ان ما قاله الشاعر عنها قبل ستين سنة اليوم نعيشه واقعا ملموسا!
«دار يعيش فيها الغريب منعم
وتعيش فيها ام احمد العجافه
تدني عيال الناس وتقربهم
ووليدها تلعن ابو اسلافه»

اليوم حتى مؤسسة الحكم لم تعد هي هي التي نعرفها في علاقتها بجميع شرائح شعبها وانفتاحها عليهم! ففي كويت الماضي سواء قبل الدستور أو بعد الدستور كان الكويتيون اذا جار عليهم الزمان لجأوا الى الحاكم باعتباره الملاذ الاخير، اليوم أصبحت مخاطبة الحاكم مباشرة ربما تهمة يسجن عليها فاعلها!! مع تحفظنا على اختيار الكلمات التي تليق بمؤسسة الحكم.
اليوم حكومتنا غير… حكومة يديرها أكثر من راس… وأصبحت ملاحقة النشطاء السياسيين أولوية عندها، وبدلا من ان تستعجل مشاريع التنمية نجد وزارة الداخلية تستعجل إقرار المشاريع القمعية والمقيدة للحرية اليوم حتى مجلس الامة لم يعد هو المؤسسة التي نعرفها ممثلة للشعب الكويتي والمدافعة عن حقوقه في مواجهة استبداد المؤسسات الحكومية وأرباب العمل!! أصبح المجلس اليوم يشرع للتضييق على حرية الرأي ويطالب الحكومة بملاحقة النشطاء السياسيين ويدعم وزارة الداخلية في توجهاتها لقمع الحريات العامة، بينما المجالس التي نعرف كانت حاضنة لكل دعاة العمل الوطني والشعبي والحصن الحصين للدفاع عن المكتسبات الدستورية، بالأمس لم يكن يجلس على كرسي النيابة إلا الكويتي الذي يعرفه الكويتيون، اليوم يأتي فاشل… مزور… سيئ السمعة ويخدع الناس بانه كويتي وبسبب دعم من أحد أطراف الصراع يستغل تناقضات الدائرة ويفوز بالانتخابات! بل ويتفاخر بانه فاز من اول جولة! هل هذه هي الكويت التي نعرف؟!
كويت الامس كان الواحد فينا ينتقد الحكومة ويغلظ عليها القول ويرجع بيته ما يسأل الخادمة اغلقت الباب الخارجي أم لا! اليوم لا يأمن على نفسه وهو جالس في دار نومه يغرد مع هاتفه ان يتم استدعاؤه صبيحة اليوم التالي بتهمة المساس!!
كويت الماضي القريب لم يكن احد يناقش حق الاسرة بالحكم احتراماً للدستور الذي يؤكد هذا الحق وللاجماع الذي تناوبت عليه أجيال متعاقبة، أما اليوم فاصبحت السلطة نفسها تروج الى وجود من يرغب في التغيير وتوجه التهم للسياسيين بخلاف ذلك، حتى السلطة القضائية اصابها ما اصاب بقية السلطات من تشويه متعمد احيانا واحيانا بسبب تغير اهلها وانضباطيتهم والتزامهم حتى وصلنا الى المجاهرة بانتقادها، الخلاصة اننا نعيش اليوم في كويت غير كويتنا التي نعرف، لا من مؤسسة الحكم ولا من المؤسسة التشريعية ولا من السلطة القضائية!! لذلك لا نستغرب ان قلنا حتى الناس تغيرت امزجتهم واصبحت العودة الى الماضي ضرباً من الخيال.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *