سامي النصف

حتى لا تبدأ الانفجارات في الكويت!

بعد انفجارات مصر ولبنان وتوازيا معها ما هو قائم في دول الربيع العربي، نخشى أن يمتد مخطط التدمير للمنطقة الآمنة الوحيدة في محيطنا العربي ونعني الخليج، ونخشى أكثر أن تكون الكويت دون غيرها المرشحة لمثل تلك الأعمال تكرارا لانفرادنا لعشرين عاما، أي منذ السبعينيات حتى غزونا بداية التسعينيات، بعدم مرور أسبوع دون تفجيرات واغتيالات وخطف طائرات ..الخ، وذلك بسبب تدخلنا الدائم في شؤون وصراعات الدول الأخرى، وهو ما يتكرر مرة أخرى هذه الأيام.

***

ففي حين اختطت الدول الخليجية منذ استقلالها مبدأ حكيما بالبعد عن التدخل في خلافات ونزاعات الدول الأخرى، انفردنا بمبدأ معاكس، فبدأنا منذ عهد استقلالنا الأول بمحاولة إنهاء الصراع المصري ـ السعودي في اليمن، فاخفقنا وحصدنا الكلمة الساخرة الشهيرة «الدول الكبرى ثلاث أميركا وروسيا والكويت»، ثم تدخلنا في النزاع الفلسطيني فلم ننجز شيئا وان حصدنا التفجيرات والاغتيالات التي تمت على أرضنا كلما اختلف فصيل فلسطيني مع آخر، والحقنا ذلك بإدخال أنفسنا في الصراع الأردني ـ الفلسطيني عام 1970، وأخرجنا ياسر عرفات بدشداشة كويتية من عمان التي عاث فيها فسادا فخسرنا بذكاء شديد الاثنين عرفات والملك حسين فعادونا إبان غزونا.

***

وتدخلنا في الحرب الأهلية اللبنانية ولم نوقفها أو ننجز شيئا وان تسبب تدخلنا كالعادة في التفجيرات والاغتيالات وخطف الطائرات الذي أصابنا ولم يصب غيرنا، وأغلق البلد وتضرر اقتصاديا بينما نعم الإخوة الحكماء والعقلاء في الخليج بالأمن فانفتحت وتقدمت وانتعشت اقتصاديا بلدانهم وتحولت إلى مراكز مالية عالمية، ومثل ذلك تدخلنا في النزاع اليمني فلم ننجز شيئا ولم نوقف حربا وان انقلب علينا الطرفان عبر مواقف رئيسيهما علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض إبان غزونا، كما تدخلنا في الحرب الأهلية السودانية فلم نوقفها وان انقلب علينا الرئيس البشير ووزير خارجيته علي سحلول عام 1990.

***

ولم نتعلم الدرس من كل ما سبق فتدخلنا بشكل سافر في الحرب العراقية ـ الإيرانية ولم نحصد إلا العداء الإيراني الصديق التاريخي للكويت الذي آلمه نصرتنا لمن غزا أرضه واستحل عرضه فحصدنا نتيجة لذلك التفجيرات وضرب الناقلات وخطف الطائرات، ثم انقلب علينا صدام فغزانا، وبذا خسرنا بذكاء شديد الجارين معا، ومعهما عراق الحاضر الذي يلومنا كل أطرافه من شماله إلى جنوبه بالتدخل في شؤونه، إن للتاريخ فائدة واحدة هي التعلم من دروسه، فهل تعلمنا شيئا؟!.. لا أعتقد.

***

آخر محطة: 1 – هل يمكن هذه المرة وكنوع من التغيير أن نمنع سياسة التدخل الرسمي أو الأهلي في أحداث دول الربيع العربي أمثال مصر وسورية كي لا يصيبنا ضررها مرة أخرى دماء ودموعا؟!

2 – الحكمة عمانية، عندما قاطعنا مصر إبان حكم السادات ووقفنا مع معسكر صدام والقذافي وعرفات، لم يقاطعوا وثبتت صحة موقفهم، وعندما ناصرنا طاغية بغداد إبان غزوه لإيران التزموا الحياد وثبتت صحة موقفهم، الأمر كذلك في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، فهل نتعلم من الحكمة العمانية؟! نرجو ذلك.

3 – سخرت السياسة القطرية الحاضرة الصراعات العربية لخدمة بلدهم، بينما سخرنا نحن بلدنا بالامس لخدمة الصراعات العربية، لذا ربحوا و..خسرنا!

 

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *