علي محمود خاجه

دوائر رياض

رياض العدساني من أكثر نواب مجلس 2013 ظهوراً عبر وسائل الإعلام، وهو أمر لا بأس به بالطبع، إن كان ظهوره الإعلامي يحمل مضموناً جيداً يفيد الناس والمجتمع، إلا أن هذا الظهور المستمر بات يؤثر على ما يقدمه من أفكار واقتراحات، لأنه لا يعطيها حقها الكافي من البحث والدراسة. وأنا هنا لست بصدد الحديث عمّا كتبه العدساني حول التحالف الوطني رغم انتسابي إلى التحالف، لأنني أعتقد أن ما كتبه كلام مرسل للاستهلاك اليومي دون أدلة، ولا يستحق الالتفات أو الرد عليه أصلاً. حديثي اليوم عن الاقتراح الذي تقدم به النائب العدساني المتعلق بتعديل قانون الانتخاب، للتحول إلى نظام الدوائر الخمس بأربع أصوات يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوتين في دائرته وصوتين آخرين في دوائر غير دائرته، مبرراً هذا الاقتراح بأنه سيسهم في  الحد من المال السياسي ونقل الأصوات، والطرح الطائفي والفئوي والقبلي. قبل البدء بتبيان سوء اقتراح النائب رياض، لابد من الإشارة مجدداً إلى أن نقد الاقتراح المقدم من العدساني لا يعني بأي شكل من الأشكال القبول بالنظام الانتخابي الحالي، فهو سيئ جداً إن لم يكن الأسوأ بين الأنظمة الانتخابية التي مرت على المسيرة الديمقراطية في الكويت، ولكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال البحث عن نظام سيئ آخر لإنقاذنا من نظام سيئ قائم. لقد ادعى العدساني أن نظامه المقترح سيحد من المال السياسي، وأنا بأمانة لا أفهم كيف سيتحقق ذلك، فإن فرضنا أني ترشحت للانتخابات بنية استخدام المال السياسي، فإن اقتراح رياض سيتيح المجال لي بعرض المبالغ على ناخبي كل الدوائر بدلاً من أن يكون محصوراً على دائرة واحدة، كما أنه سيرفع من معدلات الشراء بحكم انخفاض مبالغ شراء الصوت لوفرة الأصوات بشكل أكبر، إن فتحت جميع الدوائر للمرشح، أما بالنسبة لما تفضل به العدساني بأن اقتراحه سيحد من نقل الأصوات، فهو أمر صحيح شكلاً، ولكن المضمون واحد، فاقتراح العدساني يريح الناخب والمرشح من النقل، ويتيح له التصويت لمرشحه من دون نقل للأصوات. أما مسألة الحد من الطرح الفئوي والطائفي والقبلي التي ادعى الأخ رياض أنها ستترتب على اقتراحه، فهي نكتة سمجة، شأنها شأن نكتة أن "الصوت الواحد" يحقق الوحدة الوطنية، وهو ما تطرقنا إليه في مقال قبل عام تقريباً، فهل ستتغير النفوس بتغير النظام الانتخابي؟ فلو كنت أنا الناخب الطائفي فاقتراح رياض أتاح لي اختيار أربعة مرشحين من أبناء طائفتي في ثلاث دوائر، وهو ما يعزز فرص الطائفيين والفئويين والقبليين، بل إن الفرعيات ستكون على نطاق الدولة لا الدائرة. الحل يا عزيزي رياض لا يكمن في نظام انتخابي كالذي تقدمت به، بل عليك أن تتجه إلى النظام البرلماني المتقدم الممثل في الانتخابات بناء على الأحزاب السياسية والبرامج التي تقدمها، هذا ما يجب أن نصبو إليه كنظام سياسي حقيقي يحقق الإصلاح المنشود، لذا أتمنى منك أخي الكريم أن تبحث وتدرس بشكل أفضل قبل تقديمك أي فكرة أو اقتراح بنية الإصلاح.

سامي النصف

التحالف مع الباشوات لا يمنع الثورات!

لقراءة التاريخ فائدة وحيدة هي انها تجعلك تتعلم من اخطاء الآخرين بدلا من التعلم من اخطائك، ويروي تاريخ منطقتنا الحديث ان الخطأ القاتل الذي قامت به الانظمة الملكية الدستورية في مصر والعراق وليبيا، التي كانت تنعم بانظمة ديموقراطية وحريات اعلامية هو اكتفائها بالتحالف مع باشوات الاحزاب ونخبها الاقتصادية دون النظر لشرائح المجتمع الاخرى ومعاناة حياتها اليومية.

***

ففي مصر الملك فاروق، اكتفى الملك بالدائرة الضيقة المكونة من باشوات الاحزاب الرئيسية الممثلة بالوفد والاحرار الدستوريين والسعديين وما يمثلونه من اقطاعيات زراعية واحتكارات صناعية وزراعية، وكانت لعبة الكراسي محصورة بهؤلاء دون ان ينتبه الملك للمياه التي تجري تحت الجسور، والتذمر الواسع لدى شرائح الشعب الاخرى، لذا ما ان حدثت الحركة المباركة، كما سميت بالبدء في 23/7/52 حتى انطلقت الملايين مؤيدة لها، وتمت محاكمة الباشوات في نوفمبر 53 ولم تخرج مظاهرة واحدة مؤيدة لهم.

***

في العراق الملكي، وبدلا من تعلم الدرس القاسي من مصر، تم تكراره حيث اعتمد الوصي عبدالاله على تحالفه مع الباشا نوري السعيد وحزبه وبقية باشوات الاحزاب الاخرى، وكان يعتقد مخطئا بأن هؤلاء هم كل العراق من أقصى شماله الى جنوبه، وان حصد تأييدهم يغني عن حصد تأييد ملايين الشعب الاخرى حتى تكشفت حقائق الحياة المرعبة في صيف 58 وسالت الدماء انهارا وذهب الوصي ضحية ايمانه بكلمة نوري باشا السعيد الشهيرة بأن «دار السيد مأمونة» ولم تكن الدار مأمونة بل تصدعت جدرانها من كثرة الاخطاء حتى.. انهار المبنى.

***

في ليبيا لم يتم تعلم الدروس مما حدث في مصر والعراق واليمن، فبقي الملك الزاهد ادريس السنوسي يرى الشعب من منظار نخبه ومقربيه، وزين له هؤلاء أن الشعب سعيد بما يرى وانه ليس بالامكان خير مما كان، لذا لم ير احد الجمر تحت الرماد حتى انتهى الامر بكارثة الفاتح من سبتمبر 69، ودفع الجميع الثمن، وحانت ساعة الندم عندما لا ينفع الندم.

***

آخر محطة: (1) ومن دروس تاريخ العرب السياسي الحديث، لم يثر حنق الشعوب المعنية مثل فضيحة الاسلحة الفاسدة في مصر، وتجاوزات مجلس الاعمار في العراق، وروائح عمولات مشروع طريق طرابلس – بنغازي في ليبيا فهل من مدكر؟!

(2) في حين كان الباشوات في تلك الدول يتصارعون على الصفقات من ابراجهم العاجية كانت حرارة الأرض من تحتهم تعلو وتزيد مع مرور الحقب والازمان حتى وصلت لدرجة الغليان.. فانفجر البركان!

 

 

 

 

 

 

احمد الصراف

أشغال وأعياد

تشكو الدولة، من ضمن ما تشكو من أمراض وأورام، من عجز وزارة الأشغال شبه التام، عن تنفيذ كل ما هو مطلوب منها من مشاريع حيوية، إن بسبب طول الدورة المستندية أو تعدد جهات الرقابة. ولا تزال إدارات حكومية عدة تقبع في مكاتبها نفسها منذ نصف قرن. وتأخير إقرار الكثير من المشاريع الحيوية يتناقض أحياناً مع ما نراه من استعجال في تنفيذ غير المستعجل منها.
ومن جهة اخرى، تقوم جميع دول العالم تقريبا، بالاهتمام بقدماء المحاربين فيها، وتكريم شهدائهم، وإقامة النصب التذكارية التي تخلد أعمالهم، وحتى الجندي المجهول لم يحرم من نصب تذكاري يخلد أعمال مئات الآلاف منهم، الذين سقطوا في ميادين مختلف المعارك، دفاعا عن مبدأ، أو وطن.
كما تهتم كل دول العالم تقريبا بالعناية بأسر شهدائها وتكريم أهاليهم، ومنها الكويت التي قامت فور تطهيرها من الاحتلال الصدامي، بتعيين شخصية رفيعة لترؤس لجنة الأسرى والشهداء، وهذا أقل ما ينبغي القيام به اتجاههم. وقد مررت قبل أيام أمام مبنى ضخم في منطقة أرض المعارض، قد تتجاوز تكلفته عدة ملايين من الدنانير، يخص أبناء الشهداء. وبالرغم من تقديرنا العميق للدور الكبير الذي قام به شهداء الوطن، وما كان لبطولات الكثيرين منهم من دور في تكاتف دول العالم «الحر» معنا، ومساعدتنا في التخلص من حكم صدام الحقير، فان المنطق يقول ان أصغر ابن شهيد قد تجاوز اليوم سن الرشد بسنوات، وبالتالي من العدل جدا التعامل معهم على هذا الأساس. وإن كان من الضروري، لأسباب خاصة، استمرار تقديم المساعدات المادية لهم، بعد أن اصبحوا في سن العمل، فإن هذا يمكن القيام به بسهولة من خلال الإدارة المختصة في وزارة الشؤون، حينها ينتفي الغرض من إقامة مبنى بهذه الضخامة والكلفة لأسر الشهداء، مع ما قد يتسبب فيه وجود مثل هذا المبنى الضخم من احتمال تعقد معاملات ابناء الشهداء وأسرهم! فهذا المبنى الذي سيحتاج مستقبلا لمدير عام، أو موظف بدرجة وزير أو وكيل وزارة، سيتطلب جيشا صغيرا من المساعدين والموظفين والسعاة لمساعدته في صرف مكافأة أو رواتب أسر الشهداء، وما يعنيه ذلك من تطلب كل معاملة لعشرات التواقيع والأختام، وكتابكم وكتابنا! هذا غير ما يعطيه المبنى من انطباع غير مريح بأننا نتوقع غزوا آخر، وبالتالي علينا إنشاء جهاز دائم لأبناء الشهداء ليهتم بمن سيأتي منهم مستقبلا! وأعتقد أننا ربما نكون الدولة الوحيدة التي لأسر الشهداء، وبعد 24 عاما، مبنى خاص بهم!
هذه وجهة نظر، ونتمنى على الجهة المعنية توضيح ما قد يكون خفي علينا.

من القلب: ننتهز فرصة حلول أعياد الميلاد المجيدة لنتقدم، بقلوب يملأها الحب والعرفان، لجميع الإخوة المسيحيين بالتهنئة الصادقة والحارة بهذه المناسبة السعيدة، والشكر لكل ما قدموه، وسيقدمونه لنا. كما نعتذر عن نشر إعلان التهنئة في القبس، كما اعتدنا وبعض الاخوة والأخوات عليه في السنوات الأخيرة، وذلك لوجودنا في الخارج. وكل عام والجميع بخير.

أحمد الصراف