سامي النصف

12 سبباً لمحاربة الفساد!

بدأ الفساد في بعض دولنا العربية يتوغل ويتوحش ويتحول من ممارسة سيئة شاذة إلى ثقافة عامة مدمرة لا ترى غضاضة في ممارسة الفساد بأنواعه المختلفة كالفساد السياسي والاقتصادي والاداري والأخلاقي .. إلخ، حيث تسود مفاهيم مدمرة مثل ان الاوطان زائلة والأموال باقية، والمسؤول الذي لا يسرق، يسرق ابناءه ويحرمهم من الخير، وجميعها مقولات ومفاهيم وممارسات لا تسمع بها في الدول المتقدمة الباقية وشائعة في الدول المتخلفة الزائلة.
***

ولمحاربة الفساد أسباب عدة منها: (1) أن أموال الفساد التي تذهب للحسابات الخاصة للفاسدين وهي أحيانا بالمليارات والملايين تحرم منها الخزائن العامة التي تصرف منها الدول على التعليم والطرق والتنمية والصحة ..إلخ.

(2) يقضي الفساد على الروح الوطنية لدى النشء ويعدم الرغبة في التضحية لأجل الأوطان ويتحول الشعار العام إلى (أنا وبعدي الطوفان)!

(3) يدمر الفساد بأنواعه المختلفة روح العمل وقيم الخير في المجتمع من إتقان والتزام وتطوير للذات، فما دامت الأمور تتم بالواسطة والرشاوى فلم العناء والتعب؟!

(4) يضرب الفساد الاستقرار السياسي والأمني للأوطان، فليس هناك وعبر تاريخ الدول ما هو أكثر إثارة لحنق العامة وحتى الخاصة، الغني والفقير، من دعاوى الفساد والثراء غير المشروع، ولم تقم ثورة أو انقلاب أو ربيع الا وقد سبقه شيوع دعاوى الفساد بالمجتمع المعني!

(5) يضرب الفساد الاستقرار الاقتصادي للدول ويمنع تحولها إلى مراكز مالية، فأموال الاستثمارات العالمية جبانة ولا تأتي إلى بلدان متأخرة في مراكز الشفافية الدولية، لذا نجد ان المراكز الأولى في الشفافية تحصدها دائما دول مثل سنغافورة ولوكسمبورغ وسويسرا والامارات وقطر.

(6) يضاعف الفساد كلفة المشاريع العامة دون داع.

(7) يحطم الفساد المؤسسات العسكرية والأمنية التي يرتكز عليها استقرار الدول وتتحول بالعادة القيادة الفاسدة من الولاء إلى العداء للأنظمة طمعا في الحصول المباشر على الأموال العامة والدجاجة التي تبيض ذهبا.

(8) تحصد الدول المبتلاة بالفساد اسوأ تنفيذ للمشاريع العامة واغلاها ثمنا، فما دام الفساد والرشاوى والعمولات هي طريق الوصول للمناقصات، لا جودة العمل وسعره المناسب، تصبح الفضائح الكبرى مرتبطة بشكل دائم بالمشاريع الكبرى.

(9) تقوم في العادة الشركات الأجنبية الدولية التي تحرص على الشفافية التامة والأسعار المناسبة في بلدانها بتشجيع الفساد في دول العالم الثالث كي تصرف لها اسوأ منتجاتها بأغلى الاسعار والتي تتسبب عادة في استباحة الاموال العامة بالشراء باهظ الثمن ومرة بالكلفة العالية للتشغيل.

(10) يتسبب الفساد وتركيز الأذهان والأعمال على حصد الاموال في توالي النكبات السياسية والأمنية والاقتصادية على الدول المبتلاة كون لا احد يركز على مسار السفينة المشغولين بنهب خزائنها وبضائعها مما يتسبب احيانا في غرق سفن الأوطان!

(11) يدمر الفساد البيوت والعائلات كونه ينتقل بثقافته وقيمه من مؤسسات العمل إلى البيوت فيزيد جشع السكان من رجال ونساء وأبناء وتتحول علاقاتهم من الودّ والحب والرحمة إلى المنفعة المادية البحتة لذا يكثر الطلاق ويتفشى الفشل الدراسي.

(12) تتحول الدول المبتلاة بالفساد إلى أن يتعامل معها بعض مواطنيها على أنها «اوطان مؤقتة» اقرب للفنادق أو محطات الوقود التي تملأ السيارات منها خزاناتها ثم تتركها مسرعة وهي وصفة لا يمكن أن تعمر الأوطان.

***

٭ آخر محطة: (2) يتسبب الفساد للممارسين والغارقين فيه وكذلك للشرفاء الآخرين ممن يقلقهم حال وطنهم ومستقبل ابنائهم في الأمراض الجسدية والنفسية الخطيرة التي ترتبط عادة بالقلق فتتحول الموارد إلى علاج المرضى بالداخل والخارج بدلا من أن تصرف على التنمية.

(2) كما تتدهور الحالة التعليمية والثقافية والفكرية للمجتمع، فالاستاذ والطالب يلهثان لا خلف العلم والثقافة والابداع بل لتحصيل المال والمباهاة بالمظاهر الاستهلاكية من سيارات فارهة وملابس ماركات غالية.

(3) الخلاصة: الدول والمجتمعات العربية إما ان تقضي على الفساد او يقضي عليها الفساد آجلا أو عاجلا ولا يمكن ان تجتمع الوطنية والسرقة في جسد واحد، فمن يحب وطنه لا يسرقه، ومن يسرق وطنه لا يحبه.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *